دبلوماسى يكتب
اكراد تركيا يبلغون نسبة كبيرة من عدد السكان ، ويتركزون في مساحة كبيرة من أرض تركيا في منطقة بجنوب شرقها.. وعاصمتهم مدينة ديار بكر، الجميلة، ولهم لغتهم الخاصة بجانب اللغة الام التركية.. كما يلعبون دورا مؤثرا في الاقتصاد التركي، ويعيشون في مساواة تامة كمواطنين أتراك.. ويشغلون مناصب كبري في الدولة وفي جميع أجهزتها..
في عام ١٩٩٦ ، شغل الكردي حكمت شيتين بالانتخاب مركز رئيس البرلمان التركي.. وكان سياسيا ومفكرا كبيرا.. وكان محبا ومقدرا لمصر..
مشكلة تركيا مع اكرادها مع بداية ان قامت حركة كردية انفصالية وكونت حزب عسكري *حزب العمال الكردستاني الانفصالي* برئاسة عبدالله أوجلان .. وفي إطار الصراع التاريخي التركي السوري ، فتحت سوريا حدودها مع تركيا، ٩٠٠ كم ، وسمحت ويسرت لهم إقامة معسكرات تدريب عسكري ، كما استضافت مؤسس الحزب اوجلان، ومنحته كافة التيسيرات والدعم ليمكن لأفراد حزبه من القيام بغارات عسكرية متواصلة علي تركيا..
وبذلت تركيا جهودا سلمية هائلة مع دول العالم ومنهم مصر من خلال الرئيس مبارك شخصيا لإقناع سوريا بتسليم زعيم الحزب عبدالله أوجلان الي تركيا باعتباره مجرم حرب وإغلاق معسكرات التدريب العسكري للحرب والتوقف عن امدادة بالسلاح..
وحاول الرئيس مبارك ، مرارا وتكرارا اقناع حافظ الأسد بذلك ، إلا أنه كان ينكر هذه الادعاءات.. وفي أكتوبر ١٩٩٨ ، نفذ صبر تركيا من سوريا ، ومما يسببه حزب العمال الكردستاني الانفصالي من خسائر هائله في الأرواح والاقتصاد، وبدأت تمهد بأنها ستقوم بعملية عسكرية بنفسها في سوريا لهدم معسكرات التدريب والقبض علي زعيم الأكراد الأتراك الانفصالين..
وفي افتتاح الدورة البرلمانية يوم ١ أكتوبر ١٩٩٨، أعلن الرئيس التركي سليمان ديميرل، أن عجلة الحرب ضد سوريا بدأت تدور وسط تصفيق هائل من أعضاء البرلمان – وكنت حاضرا ، من باقي السفراء الأجانب هذه الجلسة.. وغادرت الجلسة مسرعا الي السفارة وابلغت الوزير بتقديري *أن العملية العسكرية التركية ضد سوريا علي وشك الوقوع*.
وتمت فورا اتصالات علي أعلي مستوي بين مصر وتركيا في محاولة لنزع فتيل الحرب.. وحضر الرئيس مبارك الي أنقرة، واجري مباحثات شديدة الصعوبة مع صديقه رئيس تركيا سليمان ديميريل.. ورغم تأخر الوقت غادر مباشرة الي دمشق، لمباحثات مع حافظ الأسد، كانت أشد صعوبة مما جري مع ديميريل..
وتم الموافقة علي الايقاف الفوري للنشاط العسكري للحزب الكردي التركي الانفصالي ، وأن تعقد مباحثات سياسية عسكرية بين تركيا وسوريا.. ساهم فيها من خلف الستار الوزير عمرو موسي لحل الكثير من العُقدْ..
واخيرا، تم الإعلان عن اتفاق تركي سوري لفك معسكرات التدريب الكردي وتسليم زعيمهم أوجلان.. فيما سمي باتفاق *أدنا* وهي مدينة مشهورة تقع بين الدولتين واجريت فيها مفاوضات الاتفاق..
وفي ديباجة الاتفاق تم توجيه شكر خاص للرئيس مبارك والي مصر.. وبعدها دعوة الرئيس مبارك لزيارة أنقرة، حيث مُنحَ أعلي وسام *قلادة اتاتورك*..
وكانت بداية مرحلة مزدهرة في العلاقات السورية التركية.. ولكن بعد عدة سنوات ومع حركة التاريخ، أعادت سوريا نفس اللعبة ضد تركيا مستخدمة ورقة إيواء الأكراد الأتراك الانفصاليين وتقديم كل التسهيلات الممكنة لهم..
وعاد الأمر كما كان عليه الحال تاريخيا بلعب سوريا ورقة الأكراد ضد تركيا، وهو ما يمثل لتركيا مخاطر أمن قومي وعبئ اقتصادي هائل لحماية حدودها ومنع انفصال الأكراد ، الذين عادوا وشكلوا كيانا قويا في سوريا..
هذه للأسف احد الأوراق التي حاولت بها سوريا أن تلعب لعبة قوة..
حفظ الله مصر وجيشها الوطني العظيم وشعبها الأصيل وقت الشدة ورغم كل الصعوبات.