يوسف حسن
بعد أكثر من عقد من الأزمة والحرب، ما زال مستقبل سوريا غامضاً ومليئاً بالتحديات المعقدة التي لن تقتصر آثارها على الشعب السوري وحده، بل ستمتد لتشمل دول الجوار والمنطقة برمتها. ومع تصاعد الحديث عن مرحلة جديدة في سوريا، فإن هذه المرحلة قد تكون أكثر خطورة وتعقيداً، خاصة في ظل تنافس المصالح الداخلية والخارجية. ورغم إمكانية تشكيل نظام سياسي جديد، إلا أن هذا النظام، أياً كان شكله، سيواجه صعوبات كبيرة في ظل الاعتداءات الإسرائيلية، الطموحات التركية، والتدخلات الأجنبية الأخرى.
خطر الصراعات الداخلية وتفجرها
من المعلوم أن الجماعات التي تعمل على إسقاط حكومة بشار الأسد هي في الغالب ميليشيات مسلحة مدعومة من جهات خارجية، ولا يمكن اعتبارها ممثلة حقيقية لإرادة الشعب أو حركات سياسية وطنية أصيلة. ومع التناقضات الأيديولوجية الواضحة بين هذه الجماعات، يبدو أن الصدام بينها أمر حتمي. وعليه، فإن استخدام السلاح لتصفية الخلافات السياسية سيبقى السيناريو الأكثر ترجيحاً، مما يفتح الباب أمام اشتعال حرب أهلية قد تطول لسنوات. هذه الحرب لن تكون محصورة داخل سوريا فقط، بل ستشهد تدخلات مباشرة من القوى الإقليمية والدولية، خاصة الداعمين الرئيسيين لهذه الجماعات الذين سيعملون على تحقيق أجنداتهم الخاصة.
النتائج: كارثة على دول الجوار والمنطقة
في حال اندلاع الصراعات الداخلية في سوريا، فإن دول الجوار ستكون أول المتضررين. إذ إن تفكك سوريا إلى مناطق طائفية وقبلية سيشكل تهديداً مباشراً لاستقرار هذه الدول. تدفق اللاجئين بأعداد هائلة، وانتشار الجماعات الإرهابية، وازدهار تهريب الأسلحة والمخدرات، هي نتائج حتمية لهذه الفوضى. تركيا، لبنان، الأردن، والعراق، التي تعاني أصلاً من أزمات اقتصادية وأمنية متفاقمة، ستواجه تحديات جديدة قد تفوق قدراتها.
من جهة أخرى، فإن جماعة الإخوان المسلمين التي تدعمها تركيا بقوة ستستغل هذه الفوضى في سوريا لتوسيع نفوذها في دول الجوار. يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد تحركات نشطة لهذه الجماعة نحو زعزعة استقرار الأردن ومصر، حيث تسعى أنقرة لاستخدام الإخوان كأداة لتعزيز نفوذها الإقليمي. هذه التحركات لن تكون مجرد تهديد للأمن القومي لهاتين الدولتين فحسب، بل ستؤدي إلى إشعال المزيد من الأزمات في منطقة الشرق الأوسط برمتها.
سوريا الجديدة: مركز للصراعات الإقليمية والدولية
بناءً على هذه التطورات، يرى المراقبون أن “سوريا الجديدة” قد تصبح بؤرة صراعات طويلة الأمد، حيث ستتداخل المصالح الإقليمية والدولية، ما يجعل الوصول إلى حلول سلمية أمراً بعيد المنال. إذا لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل جاد لوضع حد لهذه الفوضى، فإن المنطقة بأكملها ستبقى رهينة الفوضى وعدم الاستقرار لسنوات قادمة.