رأىسلايدر

شهر سبتمبر يشهد أحداث هامة 

استمع

أرشيف..

د.أحمد مصطفى يكتب

من المقرر أن يقوم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة تركيا في 4 سبتمبر 2024، لعقد اجتماع حاسم مع نظيره رجب طيب أردوغان. وستكون القمة منصة محورية لتشريح الديناميكيات الجيوسياسية ومعالجة مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الوطني والإقليمي. ويهدف الزعيمان إلى تنسيق الجهود لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وهو ما يتطلب براعة دبلوماسية والتزاماً مشتركاً بالمبادئ الإنسانية.

وتتمتع مصر، بدورها التاريخي كوسيط في نزاعات الشرق الأوسط، والبنية التحتية والنوايا الحسنة لتسهيل إحراز تقدم ملموس في المفاوضات، في حين أن تركيا، بقربها من المنطقة وسجلها الحافل في تقديم المساعدات الإنسانية، تقدم منظوراً فريداً من نوعه.

ومن المرجح أن يحتل الأمن الإقليمي مركز الصدارة، حيث تعتبر كل من تركيا ومصر لاعبين رئيسيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وستتم مناقشة الوضع السياسي والأمني في ليبيا بشكل متعمق، بما في ذلك دعم عمليات السلام التي تقودها الأمم المتحدة والجهود المبذولة للحد من نفوذ الجهات الفاعلة من غير الدول.

ومن المتوقع أن تكون العلاقات الاقتصادية بين الدولتين محط تركيز، حيث من المحتمل أن تتعزز التجارة الثنائية والاستثمار بشكل كبير إذا ما تم وضع المبادئ التوجيهية الصحيحة. وقد يسعى الرئيس السيسي إلى تعزيز التعاون الاقتصادي من خلال مناقشة المبادرات المشتركة في مجال الصناعات النسيجية والزراعة والتكنولوجيا.

وسيتناول الزعيمان أيضاً أزمة اللاجئين، حيث تستضيف تركيا ملايين السوريين الفارين من الحرب في سوريا، بينما تعاني مصر من تدفق اللاجئين من القرن الأفريقي والبلدان المنكوبة عسكرياً في الشرق الأوسط. وقد تكون المفاوضات حول إدارة تدفقات اللاجئين وسياسات اللجوء جزءاً هاماً من المحادثات.

وعلى الصعيد النووي، من المرجح أن تتطرق المناقشات إلى البرنامج النووي الإيراني وعزم تركيا على توسيع قدراتها في مجال الطاقة النووية. وإذا أعربت مصر عن قلقها بشأن هذه الأنشطة، فقد يعمل البلدان معًا على إيجاد حل سلمي يحقق أهداف الطاقة مع إعطاء الأولوية للاستقرار الإقليمي.

قمة منتدى فوكاك في بكين 5-6 سبتمبر 2024

تُعد قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي (فوكاك)، المتوقع عقدها في بكين يومي 5 و6 سبتمبر 2024، حدثًا هائلًا في العلاقة بين الصين والقارة الأفريقية. هذا التجمع الذي يُعقد مرة كل سنتين، والذي بدأ في عام 2000، كان منذ ذلك الحين محوريًا في تعزيز الشراكة الاستراتيجية والتعاون متعدد الأطراف بين الصين والعديد من الدول الأفريقية التي تواجه تحديات وأهدافًا مشتركة. واعتبارًا من هذا التاريخ، ينبع الترقب الذي يحيط بقمة فوكاك من الفهم بأنها ستوفر على الأرجح منصة للحوار الشامل وتماسك السياسات، سعياً إلى توسيع العلاقات الثنائية وتعزيز العلاقات التجارية ومعالجة القضايا العالمية الحرجة ذات الصلة بأفريقيا والصين

في عام 2024، ستساهم الصين بوجهات نظرها الفريدة وأطرها المبتكرة لمعالجة التطلعات الاجتماعية والاقتصادية لأفريقيا. ستركز قمة هذا العام على كيفية مساعدة الصين في عملية التحول في أفريقيا، لا سيما في المجالات الرئيسية للصحة والتعليم ومكافحة الفقر والتنمية الخضراء والاتصال الرقمي. وتحوم التوقعات حول دور الصين في تقديم تكنولوجيات جديدة، وآليات للدعم المالي، والتعاون في تطوير البنية التحتية، وتبادل الخبرات في مجال التخفيف من حدة الفقر بنجاح لتعزيز قدرات الدول الأفريقية على تحقيق التنمية المستدامة.

علاوة على ذلك، تخلق قمة منتدى فوكاك فرصًا مثمرة لأصحاب المصلحة المتعددين، بما في ذلك المنظمات الدولية الأخرى والمستثمرين والخبراء الأكاديميين والقادة المدنيين. وقد تقوم هذه الجهات بصياغة مشاريع استثمارية وبرامج وشراكات ذات صلة تعزز التقدم الاقتصادي والاجتماعي داخل أفريقيا. كما يمكن للمشاريع المشتركة التي تعززها هذه الشراكات التعاونية أن تسفر عن حلول مربحة للجميع تساهم في زخم العولمة، وتوازن بين الحاجة إلى التنمية الاقتصادية مع احترام مبادئ الاستدامة البيئية والنمو الشامل.

وتتمثل الميزة الرئيسية المتميزة التي يحملها منتدى التعاون المالي والاقتصادي في نهجه الشامل والمرن في تعددية الأطراف. فهو يعترف بالاحتياجات والظروف الفردية لكل مشارك ويتكيف معها، مبتعدًا عن النهج المتعالي الذي تتبعه بعض القوى الجيوسياسية التقليدية. وفي الوقت الذي ترعى فيه بيئة للحوارات المفتوحة والتفاهم المتبادل، فإنها تسهل أيضًا المبادرات المشتركة على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف. ومع استمرار تعرض العالم لحالات عدم اليقين والتحديات العالمية مثل تغير المناخ، والتعافي من الجائحة، والصراعات العالمية، تصبح منطقة فوكاك الحيوية أكثر أهمية من أي وقت مضى.

وبينما نتطلع إلى سبتمبر 2024، يترقب القادة الأفارقة وأصحاب المصلحة الأفارقة هذا الاجتماع المؤثر بفارغ الصبر. ومن المأمول أن تكون قمة فوكاك بمثابة نقطة تحول حاسمة في العلاقات الأفريقية الصينية. فهي لا تعد بالتعاون الاقتصادي فحسب، بل تعد أيضًا بمناقشات حول السياسات والاستراتيجيات المدفوعة فيما يتعلق بالقطاعات الحيوية، وترغب في تبادل فرص الإصلاح والابتكار، ومشاركة تجربة الصين في التنمية، والأهم من ذلك السعي إلى إيجاد أرضية مشتركة وازدهار مشترك. ويرتكز هذا الأمل على الإيمان بأن التعاون يمكن أن يؤدي إلى نظام عالمي أكثر إنصافًا، حيث لا تكون التنمية لعبة محصلتها صفرية بل خارطة طريق مشتركة نحو مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.

إن القمة المقبلة تمثل مناسبة سعيدة أخرى تلتقي فيها الصين وإفريقيا كعضوين متحابين في أسرة واحدة. وهي أيضا أكبر حدث دبلوماسي تستضيفه الصين في الأعوام الأخيرة ويحضره أكبر عدد من الزعماء الأجانب”. وأن العديد من الزعماء الأفارقة، فضلا عن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، سيقودون الوفود إلى القمة، مشيرا إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة سيكون ضيفا خاصا في القمة، وستشارك المنظمات الدولية والإقليمية ذوات الصلة كمراقبين.

وإن قمة العام الجاري ستتضمن مأدبة ترحيبية ومراسم افتتاح وأربعة اجتماعات رفيعة المستوى حول حوكمة الدولة، والتصنيع والتحديث الزراعي، والسلام والأمن، فضلا عن التعاون عالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق. ويتضمن جدول أعمال القمة المؤتمر الثامن لرواد الأعمال الصينيين والأفارقة، وغيرها من الأنشطة ذوات الصلة.

وسيتناول الرئيس شي في كلمته الرئيسية أفكارا ومقترحات جديدة لبناء مجتمع مصير مشترك رفيع المستوى بين الصين وإفريقيا، وسيعلن عن إجراءات وتدابير جديدة للتعاون العملي مع إفريقيا. وستعتمد القمة أيضا وثيقتين ختاميتين، إحداهما إعلان والأخرى خطة عمل، لبناء توافق كبير بين الجانبين ورسم مسار لتنفيذ التعاون الصيني-الإفريقي عالي الجودة في الأعوام الثلاثة المقبلة.

ومنذ تأسيس منتدى التعاون الصيني-الإفريقي قبل 24 عاما، التزم المنتدى دائما، خاصة في العصر الجديد، بمبدأ التشاور المستفيض والمساهمة المشتركة والمنافع المتبادلة. وأضاف أن المنتدى شهد إنجازات ملحوظة، وأصبح علامة بارزة في التعاون الصيني-الإفريقي ومثالا رائعا لتعزيز التعاون الدولي مع إفريقيا وتعميق التعاون بين بلدان الجنوب العالمي.

وستعمل قمة العام الجاري ستعمل على صياغة توافق واسع النطاق بين الجانبين لمواجهة التحديات وإنشاء منصة لتشارك فرص التنمية. وستنتهز الصين هذه القمة كفرصة مهمة للتعاون مع إفريقيا في رحلة جديدة نحو التحديث، والارتقاء بمجتمع المصير المشترك بين الصين وإفريقيا، وكتابة فصل جديد للصداقة بين الشعب الصيني وشعوب القارة الإفريقية، مع توليد زخم قوي لدفع التحديث العالمي.

الانتخابات الرئاسية الجزائرية السبت 7 سبتمبر

تنطوي الانتخابات الرئاسية الجزائرية المزمع إجراؤها في الأيام المقبلة على تداعيات حاسمة بالنسبة للمراقبين المحليين والدوليين على حد سواء. ويمثل هذا الحدث الانتخابي المرتقب، المنغمس في سياق من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والعلاقة المتوسطة مع إرث الربيع العربي، منعطفًا محوريًا في التاريخ السياسي الجزائري. فهذه الانتخابات ليست مجرد عملية طقوسية بل تتسم بمضامين متعددة الأوجه

فتاريخيًا، غالبًا ما قوبلت الانتخابات في الجزائر بالتشكيك في نزاهتها، إذ غالبًا ما كانت الانتخابات في الجزائر مشوبة بمزاعم التلاعب ومحدودية الحرية السياسية. وينبثق هذا السيناريو من خلفية فسيفسائية تتذبذب فيها ثقة الشعب في الحكومة. ومع ذلك، تأتي هذه الانتخابات مع وعد بالقطيعة مع الماضي. وقد يكون إشراك مرشحين مختلفين من أطياف سياسية أوسع نطاقًا بمثابة علامة فارقة في الديمقراطية الوليدة داخل البلد الواقع في شمال أفريقيا. إن البصمة التي تركتها انتفاضات 2019 المعروفة باسم الحراك، والتي تمحورت بقوة حول المطالبة بالتغيير السياسي الجذري، كان لها صدى عميق بين الجماهير، مما يجعل الانتخابات المقبلة بوتقة أمل وترقب.

ومن العوامل الحاسمة التي من المتوقع أن تؤثر بشكل كبير على المشهد الانتخابي هو تمكين الشباب. فمع وجود أكثر من 70٪ من السكان الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا، وبالنظر إلى انخفاض نسبة مشاركتهم تاريخيًا، تمثل الانتخابات فرصة هائلة لتجديد شباب الديمقراطية الجزائرية. ويحرص هؤلاء الشباب الجزائريون المتأثرون بشدة برؤية الربيع العربي للمشاركة المدنية، على تحدي السردية التقليدية وتشكيل مستقبل البلاد بشكل استباقي. وتضيف صحوتهم السياسية بعدًا جديدًا للديناميكيات الانتخابية، مما قد يؤدي إلى نتائج غير مسبوقة.

ومن الناحية الاقتصادية، تواجه الجزائر مزيجاً من التحديات المالية والحاجة إلى الإصلاح. فقد كان اعتماد البلاد الكبير على عائدات النفط، وارتفاع تكاليف المعيشة، وأزمة البطالة من القضايا الأساسية التي ساهمت في إثارة الاستياء الشعبي. وبالتالي، لا تكمن أهمية هذه الانتخابات في التنافس على القيادة السياسية فحسب، بل أيضًا كاستفتاء على الإدارة الاجتماعية والاقتصادية والإصلاح. وسيتحمل الرئيس المنتخب العبء الهائل المتمثل في التخفيف من حدة المشاكل الاقتصادية والاستجابة في الوقت نفسه للتحولات السياسية المنشودة.

أما على الساحة الدولية، فتتم مراقبة نتائج الانتخابات باهتمام بالغ لأنها تؤثر على الديناميكيات الإقليمية. وتشترك الجزائر في تحالفات وخصومات استراتيجية مع جيرانها، وبالتالي فإن أي تغيير في القيادة يمكن أن يؤثر على العلاقات الدبلوماسية والأمن الإقليمي. وينتبه المجتمع الدولي، ولا سيما الدول الأوروبية، إلى الاتجاه الذي تختاره الجزائر، نظراً لأهميتها كمورد للغاز الطبيعي ولاعب أساسي في سياسات البحر الأبيض المتوسط.

في ضوء كل هذه العوامل، قد تكون الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقبلة نذير تغيير كبير. وقد يبرز التحول نحو هيكلية حكم أكثر ديمقراطية، وشباب واعٍ ومشارك سياسيًا، وتمييز حقيقي في الإدارة الاقتصادية واستراتيجية النمو الوطني كمكونات أساسية في مشهد ما بعد الانتخابات. وبالتالي، من المهم ألا يُنظر إلى هذه الانتخابات على أنها مجرد عملية سياسية روتينية، بل كمحفز محتمل لتجديد الهوية الوطنية والمواءمة مع المعايير الديمقراطية العالمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى