بقلم: د. أحمد مصطفى
تنبع أهمية عاشوراء من التمسك بكلام ووصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم
تكتسب معركة كربلاء ويوم عاشوراء أهمية كبيرة في التاريخ الإسلامي، بسبب تمسك الإمام الحسين حفيد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بتعاليم جده صلى الله عليه وآله وسلم فيما يتعلق بأهمية الشورى وانتخاب الأفضل والأقدر على القيادة. لقد كانت تصرفات الإمام الحسين في كربلاء دليلاً على التزامه الثابت بالتمسك بمبادئ العدالة والمساواة والحكم الرشيد التي كانت أساسية في تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاته على أهمية الشورى، وحثّ المجتمع الإسلامي على التشاور والتوافق في الأمور المهمة، لا سيما تلك المتعلقة بالحكم والقيادة وخصوصا في حجة الوداع. وشدد على أهمية انتخاب الأكفأ والأصلح لقيادة المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية أو العائلية (أهل الثقة). وقد كان موقف الإمام الحسين في كربلاء ردًا مباشرًا على انتهاك هذه المبادئ من قبل الخليفة الأموي يزيد بن معاوية الذي وصل إلى السلطة عن طريق التوريث وليس عن طريق الانتخاب على أساس الجدارة.
لم يكن رفض الإمام الحسين لمبايعة يزيد تمردًا لذاته، بل كان موقفًا مبدئيًا ضد الطغيان وتآكل القيم والمبادئ التي عمل النبي جاهدًا على غرسها في المجتمع الإسلامي. كانت أفعال الإمام الحسين بمثابة تذكير قوي بأهمية التمسك بالعدالة حتى في مواجهة المعارضة الساحقة.
كما تسلط أحداث كربلاء ويوم عاشوراء الضوء على تضحية وتفاني الإمام الحسين وأتباعه الذين كانوا على استعداد للتضحية بحياتهم دفاعًا عن مبادئهم. لقد أصبح استشهاد الإمام الحسين وأصحابه رمزًا قويًا للمقاومة ضد الظلم والاضطهاد، مما ألهم أجيالًا من المسلمين للدفاع عن معتقداتهم والنضال من أجل عالم أفضل.
دار الإفتاء المصرية تقر بأن قدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى يثرب كان في شهر ربيع الأول وليس في المحرم
ذكرت دار الإفتاء المصرية، وهي المؤسسة المصرية المعنية بإصدار الأحكام والفتاوى الشرعية، أن قدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنورة كان في شهر ربيع الأول. ومع ذلك، فإن الحدث التاريخي لصيام العاشر من محرم، الذي يرتبط بنجاة النبي موسى، أصبح موضوع جدل بسبب التناقض بين التقويمين اليهودي والإسلامي. التقويم اليهودي، والمعروف أيضًا بالتقويم العبري، هو تقويم قمري شمسي، مما يعني أنه يعتمد على كل من مدار القمر حول الأرض ومدار الأرض حول الشمس. من ناحية أخرى، التقويم الإسلامي هو تقويم قمري بحت، حيث تعتمد الأشهر فيه على دورات القمر فقط.
أما التقويم اليهودي فيحتوي على 12 شهرًا وشهرًا إضافيًا يُضاف كل سنتين أو ثلاث سنوات، مما يجعله تقويمًا قمريًا شمسيًا. لهذا السبب، لا يتوافق التقويم اليهودي تمامًا مع السنة الشمسية، ويمكن أن ينحرف عن التقويم الميلادي لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع بالنسبة للتقويم الميلادي. في المقابل، يحتوي التقويم الإسلامي على 12 شهرًا قمريًا فقط، ولا يضيف أي أيام إضافية لتعديل السنة الشمسية. وهذا يعني أن التقويم الإسلامي يتغير قبل 11 يومًا تقريبًا كل عام بالنسبة للتقويم الميلادي.
أدى التباين بين التقويمين إلى جدل حول التاريخ التاريخي لـ صوم العاشر من محرم، الذي يحتفل به المسلمون كيوم حداد على استشهاد الإمام الحسين، حفيد النبي محمد. ووفقًا لبعض العلماء، فإن صيام العاشر من محرم يقع في نفس يوم عيد الغفران اليهودي، الذي يعتبر أقدس يوم في التقويم اليهودي. وبناءً على هذا التفسير، فإن صوم العاشر من محرم كان سيقع في شهر تشرين الثاني في التقويم اليهودي.
ومع ذلك، يرى علماء آخرون أن صوم العاشر من محرم وقع قبل يوم الغفران بعشرة أيام، مما يجعله يقع في شهر إثانيم أو بول في التقويم اليهودي. ويستند هذا التفسير إلى رواية عن الإمام جعفر الصادق، الذي ذكر أن صوم العاشر من محرم يوافق اليوم الذي صامه النبي موسى قبل مواجهة فرعون/ عيد الفصح. ووفقًا للتقويم اليهودي، فإن شهر بل يتوافق مع شهر شعبان في التقويم الميلادي، وهو الشهر الذي تلقى فيه النبي موسى الوصايا العشر.
يسلط الجدل الدائر حول التاريخ التاريخي لـ صوم العاشر من محرم الضوء على تعقيدات التوفيق بين أنظمة التقويم المختلفة وفهم السياق التاريخي للشعائر والأعياد الدينية. فبينما حسمت دار الإفتاء المصرية مسألة تاريخ وصول النبي محمد إلى المدينة المنورة، لا يزال الجدل حول تاريخ صوم العاشر من محرم غير محسوم، وقد يتطلب الأمر مزيدًا من البحث والتحليل للوصول إلى إجابة قاطعة. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أهمية هذا الحدث في التاريخ الإسلامي، ولا يزال المسلمون في جميع أنحاء العالم يحتفلون به كرمز للتضحية والشجاعة والتفاني.
كربلاء هي مدينة تقع في العراق حاليًا، وكانت موقعًا لـ معركة كبرى وقعت في عام 680 م، أو 61 هجريًا بالتقويم الهجري. دارت هذه المعركة التي عُرفت باسم معركة كربلاء بين قوات الخليفة الأموي يزيد بن معاوية ومجموعة صغيرة من أنصار الإمام الحسين حفيد النبي محمد عليه الصلاة والسلام. وعلى الرغم من أنهم كانوا أقل عددًا بكثير، إلا أن الإمام الحسين وأصحابه قاتلوا بشجاعة، لكنهم قُتلوا في نهاية المطاف ومثّلت القوات الأموية بجثثهم.
إن مأساة كربلاء مهمة في التاريخ الإسلامي لعدة أسباب. أولًا وقبل كل شيء، إنها تمثل نهاية فترة الخلفاء الراشدين، الذين كانوا الخلفاء الأربعة المباشرين للنبي محمد ويعتبرون على نطاق واسع القادة الراشدين للمجتمع الإسلامي. بعد وفاة الخليفة الرابع، سيدنا علي بن أبي طالب، وقع خلاف حول من ينبغي أن يخلفه، وتولت السلالة الأموية السلطة في نهاية المطاف. كانت معركة كربلاء لحظة محورية في هذا الصراع على السلطة، حيث أظهرت المدى الذي كان الأمويون على استعداد للذهاب إليه للحفاظ على حكمهم.
والسبب الآخر الذي يجعل مأساة كربلاء مهمة جدًا هو أنها تسلط الضوء على مبدأ العدالة في الإسلام. فقد قُتل الإمام الحسين وأصحابه ظلمًا، وكان قتلهم انتهاكًا واضحًا لمبادئ العدل والإنصاف التي هي من صميم العقيدة الإسلامية. إن إحياء ذكرى عاشوراء، وهو اليوم الذي وقعت فيه معركة كربلاء، هو بمثابة تذكير بأهمية الوقوف مع الحق حتى في مواجهة الشدائد.
وأخيرًا، تكتسب مأساة كربلاء أهميتها من تأثيرها العميق على الثقافة والتقاليد الإسلامية. فقد ظل المسلمون يحيون ذكرى أحداث كربلاء ويحزنون عليها لقرون، ولا تزال ذكرى الإمام الحسين وأصحابه مصدر إلهام وتحفيز للمسلمين في جميع أنحاء العالم. إن إحياء ذكرى عاشوراء هو وقت للتفكير والحداد والتوبة، وهو بمثابة تذكير قوي بقدرة الإنسان على الخير والشر على حد سواء.
إن حوادث الإبادة الجماعية التي تحدث يوميًا في غزة عبر جيش الدفاع الإسرائيلي الصهيوني تشبه حادثة كربلاء
إن الصراع الدائر في غزة وحوادث العنف وإراقة الدماء التي يرتكبها جيش الدفاع الإسرائيلي الصهيوني في الآونة الأخيرة تتشابه بشكل صارخ مع حادثة كربلاء التاريخية واستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في عاشوراء، العاشر من محرم. فالشعب الفلسطيني، مثل الإمام الحسين وأتباعه، يواجه قوة جائرة وظالمة تسعى للقضاء عليه وتجريده من حقوقه وكرامته وإنسانيته.
وبنفس الطريقة التي وقف بها الإمام الحسين وأصحابه ضد طغيان وظلم الخليفة الأموي يزيد، يقاوم أهل غزة الاحتلال الظالم والوحشي لأرضهم من قبل القوات الإسرائيلية. إن تصرفات الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك استخدام القوة المفرطة وغير المتناسبة والقصف العشوائي والهجمات على المناطق المدنية، تذكرنا بالطريقة التي استهدف بها الجيش الأموي الإمام الحسين وأنصاره في كربلاء.
إن عنف الجيش الإسرائيلي في غزة، بما في ذلك مجزرة خان يونس، هو محاولة لسحق روح المقاومة والصمود لدى الشعب الفلسطيني. ومع ذلك، فكما أن استشهاد الإمام الحسين لم يؤدِّ إلا إلى تقوية عزيمة أتباعه وإلهام الأجيال القادمة، فإن معاناة الشعب الفلسطيني وتضحياته لن تذهب سدى.
إن دروس كربلاء، التي تسلط الضوء على أهمية الوقوف من أجل العدالة والحق والحرية، هي أكثر أهمية من أي وقت مضى في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويجب الاعتراف بمعاناة الشعب الفلسطيني واضطهاده، وخاصة في غزة، ومعالجتها. ويجب على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات لحماية حقوق الشعب الفلسطيني وحياته، والعمل من أجل تحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.
وختامًا، فإن كربلاء وعاشوراء حدثان مهمان في التاريخ الإسلامي بسبب التزام الإمام الحسين بوصية جده رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالشورى والإجماع واختيار أفضل العناصر للحكم. وتُعد هذه الأحداث بمثابة تذكير بأهمية العدل والمساواة والحكم الرشيد، وإلهام المسلمين في جميع أنحاء العالم للعمل من أجل مجتمع أفضل وأكثر عدالة. تُعد مأساة كربلاء، على الرغم من الاختلافات حول تاريخ وصول النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، أحد أهم الأحداث في التاريخ الإسلامي. لقد تركت شجاعة وتضحية الإمام الحسين وأصحابه، إلى جانب الظلم الذي واجهوه، أثرًا لا يمحى في الثقافة والتقاليد الإسلامية. إن إحياء ذكرى عاشوراء هو الوقت المناسب للمسلمين للتفكير في هذه الأحداث، وتذكر أهمية العدل والإنصاف، وتجديد التزامهم بالوقوف إلى جانب الحق. وتشترك أحداث غزة وكربلاء في موضوع المقاومة ضد الظلم والطغيان والظلم. إن دروس كربلاء والإمام الحسين تشكل مصدر إلهام وقوة للشعب الفلسطيني وجميع الساعين إلى العدالة والحرية.