رأىسلايدر

وزير الخارجية بدر عبد العاطى.. وشاهد على العصر

استمع الي المقالة

عبدالمنعم مبروك يكتب

تنتظر وزير الخارجية الجديد السفير الدكتور/ بدر عبد العاطى ملفات كثيرة شائكة ومعقدة فى إقليم مضطرب يحيط بمصر .. ملئ بالبؤر الساخنة بفعل فاعل، وهو المستعمرون الجدد تحت عنوان “قديم جديد” وهو سايكوس بيكو 2 وهم المستعمرون أنفسهم المستمرون منذ عشرات السنين فى نهب ثروات المنطقة العربية بدولها المختلفة فى منطقة الشرق الأوسط، ومن بينها مصر التى تمثل مركز العالم جغرافيًا وتاريخيًا.

نقول إن الوزير الجديد تنتظره تحديات جسام فى شمال مصر؛ حيث قطاع غزة “ينتحر” بفعل العدوان الإسرائيلى الأحمق وإرهاب الدولة والقتل المنظم للأطفال والنساء، وحرب الإبادة، وحرق الأخضر واليابس لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما ترفضه مصر بشدة … وهناك فى غرب مصر ليبيا المقسَّمة التى دمرتها الحرب الأهلية بالتدخلات الإقليمية والدولية فضلاً عما يجرى فى جنوب مصر بالسودان الشقيق من حرب أهلية شرَّدت الملايين من أبناء الشعب السودانى الشقيق، والذين لجأ منهم جانب كبير إلى مصر؛ لأنها الدولة المضيفة دائمًا للأشقاء.

ان المشاريع الاستعمارية الجديدة التى تجرى فى عالم مضطرب بين الشرق والغرب وحروب بالوكالة كلها مشاريع تسعى لتدمير المنطقة وضرب الأمن القومى العربى والمصرى فى القلب، ومن هذه المشاريع المشروع الغربى الجديد الذى يسعى لتكريس هيمنة إسرائيل على المنطقة وسط صراع للنفوذ فى مقابل مشاريع أخرى، منها المشروع الإيرانى والمشروع التركى فى عالم بزغت فيه التعددية القطبية الجديدة اقتصاديًا وسياسيًا فى مواجهة القطب الأوحد الذى هيمن على العالم بعد انتهاء الحرب الباردة، وهو الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه التعددية ظهرت بوضوح من خلال التنافس الروسى والصينى مع الولايات المتحدة والغرب على المنطقة؛ خاصة بعد حرب روسيا مع الغرب على الأرض الأوكرانية، وقدوم الأساطيل الحربية للولايات المتحدة إلى المنطقة فى مياه البحر الأحمر والبحر المتوسط بعد الحرب المجنونة فى غزة التى دمَّرت فيها إسرائيل البشر والحجر.

وإلى جانب هذه البؤر الساخنة والمشتعلة حول مصر هناك ملفات مياه النيل وسط توقف المفاوضات مع إثيوبيا إلى جانب ملفات العلاقات المصرية الأوربية التى حقق فيها السفير بدر عبد العاطى قبل تعيينه وزيرًا للخارجية بصمات كبيرة تحت إشراف الوزير السابق سامح شكرى من خلال العمل الدؤوب والدبلوماسية النشطة التى أفرزت تعاونًا أكبر من جانب أوربا مع مصر، وتفهمًا كبيرًا لدور مصر من جانب الاتحاد الأوربى وأهمية دورها المركزى والاستراتيجى فى المنطقة؛ حيث كان السفير عبد العاطى سفيرًا لمصر لدى الاتحاد الأوربى فى بركسل لعدة سنوات، وقبلها سفيرًا لمصر فى برلين … والرجل كان يعمل فى صمت وإدراك ووعى لمخططات النيل من الأمن القومى المصرى قبل أن يصبح وزيرًا للخارجية بثقة كاملة من القيادة السياسية بصرف النظر عن السهام المسمومة التى وُجِّهت إليه لتشويه صورته فور الإعلان عن تعيينه وزيرًا للخارجية، وهى سهام وَجِّهت إلى غيره من أعضاء الحكومة الجديدة برئاسة المهندس مصطفى مدبولى قبل إعطاء الفرصة للوزراء الجدد للعمل حتى نحكم عليهم..!

عشت حياتى الإعلامية والصحفية فى العمل مع وزارة الخارجية كشاهد على عصر الدبلوماسية المصرية العتيدة وكمحرر دبلوماسى متابع لنشاط مصر السياسى والدبلوماسى ونشاط الخارجية المصرية لأكثر من ثلاثين عامًا مع وزراء خارجية مصر الراحلين السادة: كمال حسن على، د. بطرس غالى، د. عصمت عبد المجيد – رحمهم الله – وبعدهم السادة: عمرو موسى، أحمد ماهر، أحمد أبو الغيط، نبيل العربى، محمد العرابى، محمد كامل عمرو، نبيل فهمى وصولاً إلى الوزير السابق سامح شكرى، ولهم منا جميعًا كل الاحترام والتقدير على أدائهم المتميز فى خدمة مصالح مصر الداخلية والخارجية بفضل الدبلوماسية المصرية العريقة التى تنفذ السياسة الخارجية التى تضع خطوطها العريضة القيادة السياسية للدولة المصرية.

من هؤلاء الدبلوماسيين المتميزين والسفراء الذين عايشتهم واقتربت منهم السفير بدر عبد العاطى وزير الخارجية الجديد الذى عرفته عن قرب قبل أكثر من خمسة وعشرين عامًا؛ حيث كان مديرًا لشؤون فلسطين بالخارجية المصرية كمستشار، ثم منصب وزير مفوض؛ حيث عمل كمتحدث رسمى للخارجية فى عهد الراحل أحمد ماهر، وبعده أحمد أبو الغيط، ثم تدرج فى المناصب حتى أصبح سفيرًا لمصر فى ألمانيا من 2015 حتى 2019، وبعدها سفيرًا لمصر لدى الاتحاد الأوربى فى بروكسل حتى اختياره وزيرًا للخارجية.

قال عنه السفير الدكتور مصطفى الفقى فى حفل تكريمه قبل سفرة إلى ألمانيا بحضور السيد عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، ولفيف من السفراء والدبلوماسيين “إن الدكتور بدر عبد العاطى هو رجل عصامى دؤوب ونشيط، ومن تلاميذ السيد عمرو موسى” وأنا أضيف لما قاله الدكتور الفقى بأن السفير بدر عبد العاطى رجل طيِّب القلب به سماحة، ودود فى معاملة الآخرين من زملائه الدبلوماسيين وغير الدبلوماسيين … والرجل برؤيته الدبلوماسية والسياسية الواعية ، وبوعيه بما يحيط بمصر من تحديات كان لا يبخل عن رجال الإعلام الدبلوماسى – ومنهم كاتب هذه السطور- بإعطائهم الحقائق والمعلومات المناسبة لما يدور حول مصر فى العالم عندما كان متحدثًا رسميًا للخارجية المصرية، وهو ما يعنى إدراك الرجل بأن الإعلام والدبلوماسية وجهان لعملة واحدة، وقد رافقت السفير عبد العاطى فى الكثير من المؤتمرات الدولية وزيارات وزير الخارجية لعواصم العالم، كما كان الحال مع من سبقه من المتحدثين الرسميين الأشاوس فى المؤتمرات الدولية التى يتواجد فيها مع وزير الخارجية بالخارج، وهم الوزراء المحترمون الذين تشرفت بمرافقتهم جميعًا كمراسل صحفى دبلوماسى لتغطية المؤتمرات الدولية واجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك سنويًا كممثل للإعلام المصرى، وكذلك فى مؤتمرات القمة ومؤتمرات منظمة الوحدة الإفريقية فى أديس أبابا، والتى أصبحت بعد ذلك منظمة الاتحاد الإفريقى، وجولات وزراء خارجية مصر وطوافهم بعواصم العالم فى أوربا وآسيا وأفريقيا والولايات المتحدة والدول العربية؛ من أجل خدمة مصالح مصر العليا باعتبار أن الدبلوماسية هو الخادم الأمين لمصالح مصر الداخلية مع دول العالم وتجمعاته المختلفة.

أقول عن معرفتى الجيدة بالسفير بدر عبد العاطى واقترابى منه كثيرًا لسنوات طوية كمتابع للشأن الدبلوماسى المصرى … إنه رجل دمث الخلق، شديد التواضع، محب لمن حوله، يقدس العمل … ورأيته دائمًا شعلة نشاط دبلوماسى ويتمتع بخبرة واسعة فى الشؤون العربية والدولية.

ولمن لا يعرف وزير الخارجية الجديد الدكتور بدر عبد العاطى عليه الرجوع إلى إسهاماته الفكرية فى مجلة السياسة الدولية المصرية العريقة، والتى كانت توفر له مساحة لنشر مقالاته المتميزة حول هموم مصر الداخلية والخارجية، ودورها الإقليمى والدولى.

أعود فأقول عن قناعة إن الوزير الجديد الدكتور بدر عبد العاطى – بجذوره الصعيدية – من الدبلوماسيين الذين يتمتعون بأكبر قدر من النشاط والهمة والوعى، وأستطيع وصفه بالدبلوماسى “المقاتل” من أجل مصر، ودليل ذلك أن الرجل كان أحد مساعدى الوزير المحترم سامح شكرى، وكان الرجل صاحب بصمة ودور فى دفع التعاون الأوربى المصرى الذى أفرز دعمًا ماليًا واقتصاديًا لمصر خلال الشهور الماضية من خلال وجوده كسفير لمصر فى بروكسل عاصمة الاتحاد الأوربى، ونذكر من ذلك أيضًا المؤتمر المصرى الأوربى الأخير بالقاهرة، والذى عقد برئاسة الرئيس السيسى لخلق فرص أفضل للاستثمار والدعم الاقتصادى لمصر إيمانًا بدورها المحورى فى المنطقة لركيزة للأمن والاستقرار فى عالم يموج بالأنواء والعواصف التى تهدد مصر والمنطقة برمتها … كان الله فى عون الرئيس السيسى ووزير خارجيته الجديد الدكتور بدر عبد العاطى مع تمنياتى له بالتوفيق فى خدمة مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى