بقلم: أحمد مصطفى
أصابت المناظرة الرئاسية لعام 2024 العديد من الأمريكيين بخيبة الأمل والإحباط من جو بايدن ودونالد ترامب اللذين تعرضا لانتقادات بسبب أدائهما في المناظرة. ويجادل المنتقدون بأن أياً من المرشحين لا يصلح لتولي منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وأن مشاركتهما ستضفي الشرعية على نظام سياسي معطوب ومختل. ومع ذلك، يرى آخرون أن مقاطعة الانتخابات لن تفيد سوى المرشح الذي يحظى بأكبر عدد من المؤيدين المخلصين ولن تعالج المشاكل الأساسية التي أدت إلى الوضع الحالي للسياسة الأمريكية.
تتشكل الانتخابات الرئاسية لعام 2024 لتكون قضية مثيرة للجدل ومثيرة للانقسام، حيث يتمتع كلا المرشحين بتقييمات عالية غير مواتية. من الأهمية بمكان أن يظل الأمريكيون على اطلاع وانخراط ونشاط في العملية السياسية، حيث تعتمد صحة ديمقراطيتنا ورفاهيتها على المشاركة والانخراط الفعال للمواطنين من جميع مناحي الحياة.
أثارت المناظرة الرئاسية الأمريكية في 27 يونيو 2024 مخاوف كبيرة بشأن حالة الديمقراطية في الولايات المتحدة. فقد ركزت المناظرة على قضايا لا تهم الأمريكيين العاديين كثيرًا، مثل عدم المساواة في الدخل، والرعاية الصحية، والتعليم، والتغير المناخي. ويثير دعم المرشحين الثابت لإسرائيل تساؤلات حول نفوذ اللوبيات الكبرى والشركات العملاقة في السياسة الأمريكية، إذ لطالما اتُهم اللوبي الإسرائيلي بممارسة نفوذ غير متناسب على السياسة الخارجية الأمريكية.
ويثير غياب القادة السياسيين المخضرمين على منصة المناظرة مخاوف بشأن كفاءة الأفراد الذين يسعون لتولي أعلى المناصب في البلاد والتأثير المفسد للمال السياسي. كما اتسمت المناظرة بآراء وخطاب متطرف، مما زاد من تآكل الثقة في العملية الديمقراطية. إن فشل المرشحين في إدانة وجهات النظر المتطرفة وتعزيز الوحدة والتسامح خلال المناظرة هو فرصة ضائعة لرأب الانقسامات في المجتمع الأمريكي.
أخيرًا، سلطت المناظرة الضوء على الفساد المستشري للمال السياسي في السياسة الأمريكية، حيث أدى نفوذ اللوبيات الكبرى والشركات العملاقة إلى نظام مزور لصالح الأثرياء وأصحاب العلاقات الجيدة. ويثير قبول المرشحين لمساهمات الحملات الانتخابية من هذه المجموعات تساؤلات حول قدرتهم على تمثيل مصالح الأمريكيين العاديين والتمسك بمبادئ الديمقراطية.
ترشيحات قادة الاتحاد الأوروبي تسلط الضوء مرة أخرى على معضلة القيادة في أوروبا
قوبلت ترشيحات أورسولا فون دير لاين من يمين الوسط في ألمانيا، وأنطونيو كوستا من الحزب الاشتراكي في البرتغال، وكاجا كالاس من الحزب الليبرالي في إستونيا لمناصب رفيعة المستوى في الاتحاد الأوروبي بالنقد والجدل. ويرى المنتقدون أن هذه الترشيحات تمثل فشلًا في تمثيل المشهد السياسي المتنوع للاتحاد الأوروبي ومصالح مواطنيه.
إحدى نقاط الخلاف الرئيسية هي خلفية هؤلاء السياسيين، بما في ذلك مزاعم الفساد والمحسوبية. فعلى سبيل المثال، واجهت فون دير لاين انتقادات لدورها في فضيحة تتعلق بعقود استشارية بملايين اليورو، بينما اتُهم كوستا بالمحسوبية وسوء إدارة الأموال العامة خلال فترة توليه منصب رئيس الوزراء. من ناحية أخرى، واجهت كالاس انتقادات بسبب النفوذ السياسي لعائلتها والتضارب المحتمل في المصالح.
بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك مخاوف بشأن تأثير الصهيونية في عمليات صنع القرار في الاتحاد الأوروبي. ويجادل بعض النقاد بأن هذه الترشيحات قد تمثل تحولًا نحو موقف أكثر تأييدًا لإسرائيل في الاتحاد الأوروبي، وربما على حساب علاقاته مع فلسطين. وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص بالنظر إلى دور الاتحاد الأوروبي كوسيط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وأهمية اتباع نهج متوازن ومتكافئ.
وأخيراً، تعرضت ترشيحات هؤلاء السياسيين لانتقادات بسبب افتقارهم إلى الشهرة والظهور العلني. وعلى الرغم من أنهم قد يتمتعون بخبرة وخلفيات سياسية قوية، إلا أنهم غير معروفين أو معترف بهم على نطاق واسع من قبل مواطني الاتحاد الأوروبي. وهذا الافتقار المحتمل للدعم العام والشرعية قد يقوض قدرتهم على قيادة الاتحاد الأوروبي وتمثيله بفعالية.
ومن المثير للاهتمام أن هناك تقارير من مجلة بوليتيكو تفيد بأن هذه الترشيحات ربما تكون قد تأثرت بواشنطن، وأن الاتحاد الأوروبي أصبح يتأثر بشكل متزايد بالولايات المتحدة. ويثير ذلك تساؤلات حول استقلالية الاتحاد الأوروبي وسيادته، وما إذا كانت هذه الترشيحات تعكس حقًا مصالح مواطنيه وقيمهم. وقد كشفت مجلة بوليتيكو عن العلاقة بين وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية واختيار فون دير لاين كرئيسة للمفوضية الأوروبية وعلاقتها بإحدى شركات العلاقات العامة الأمريكية رفيعة المستوى “ماكينزي وشركاه”.
إيران بعثت رسالة قوية وديمقراطية إلى المنطقة والعالم من خلال انتخاباتها الرئاسية التنافسية
أجرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية انتخابات وطنية ناجحة في 28 يونيو 2024، على الرغم من التحديات الكبيرة والعقوبات الغربية. وأدت الوفاة المفاجئة للرئيس السابق، إبراهيم رئيسي، الذي لم يمضِ على توليه منصبه سوى عامين، إلى إجراء الانتخابات. وقد حرصت الحكومة الإيرانية على إجراء عملية انتخابية حرة ونزيهة، مما يدل على التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون.
وقد شارك في الانتخابات ستة مرشحين مؤهلين تأهيلاً جيداً، تم فحصهم من قبل مجلس صيانة الدستور، ويمثلون مجموعة متنوعة من الآراء والخلفيات السياسية. اتسمت الحملة الانتخابية بالحيوية، حيث ناقش المرشحون الاقتصاد والعدالة الاجتماعية والسياسة الخارجية وتأثير العقوبات الغربية على الإيرانيين. وعلى الرغم من العقبات، أقبل الإيرانيون بأعداد كبيرة للإدلاء بأصواتهم، مظهرين بذلك إيمانهم بالعملية الديمقراطية وتصميمهم على تشكيل مستقبل بلادهم.
إن قدرة إيران على إجراء الانتخابات بنجاح على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها هي شهادة على قوة ومرونة مؤسساتها الديمقراطية. فعلى الرغم من التاريخ المعقد والضغوطات الداخلية والخارجية المختلفة، حافظت إيران على ديمقراطية فاعلة تمثل إرادة شعبها بحق. وكانت انتخابات 28 يونيو 2024 دليلاً واضحاً على ذلك، حيث مارس الإيرانيون حقهم في التصويت وشاركوا في عملية حرة ونزيهة.
أردوغان يرغب في لقاء بشار الأسد مرة أخرى
ينطوي اللقاء المرتقب بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السوري بشار الأسد على آثار استراتيجية وسياسية واقتصادية وطاقوية مهمة بالنسبة إلى المنطقة التركية-السورية والمجتمع الدولي. ويمكن أن يؤدي التقارب بين البلدين إلى زيادة الاستقرار والأمن الإقليميين، حيث ساهم الصراع بينهما في صعود الجماعات المتطرفة مثل تنظيم “داعش” وتأجيج أزمة اللاجئين.
ومن الناحية السياسية، يمكن أن يشير الاجتماع إلى تحول في المشهد السياسي الإقليمي، حيث كانت تركيا من أشد المنتقدين لنظام الأسد ودعمت جماعات المعارضة في الصراع السوري. وقد يكون لهذا الأمر تداعيات على قوى إقليمية أخرى، مثل إيران والسعودية وقطر، التي اتخذت هي الأخرى مواقف متعارضة في الصراع.
ومن الناحية الاقتصادية، يمكن أن يفتح التقارب فرصاً جديدة للتجارة والاستثمار بين تركيا وسوريا، حيث أن البلدين لديهما تاريخ طويل من التعاون الاقتصادي. ويمكن أن تؤدي استعادة العلاقات الدبلوماسية إلى استئناف التدفقات التجارية والاستثمارية، مما يعود بالفائدة على كلا البلدين، ولا سيما سوريا التي عانت من أضرار اقتصادية كبيرة بسبب النزاع.
على صعيد سياسات الطاقة، يمكن أن يؤدي الاجتماع إلى شراكات جديدة في مجال الطاقة وتطوير بنية تحتية جديدة، مثل خطوط الأنابيب والمصافي، مما يعزز دور تركيا كمركز للطاقة ويعزز أمن الطاقة فيها. وعلى الصعيد العالمي، يمكن أن يكون للاجتماع آثار على سياسات القوى العظمى والعلاقات الدولية، حيث كان الصراع السوري نقطة خلاف رئيسية بين روسيا والولايات المتحدة.
في الختام، فشلت المناظرة الرئاسية الأمريكية في 27 يونيو 2024 في معالجة قضايا حرجة مثل دعم المرشحين لإسرائيل، والآراء المتطرفة، ونقص الخبرة، وقبول المال السياسي من اللوبيات والشركات الكبرى. يطالب الأمريكيون بمزيد من الشفافية والمساءلة في العملية السياسية لضمان سماع أصواتهم وتمثيل مصالحهم. وقد قوبلت ترشيحات أورسولا فون دير لاين وأنطونيو كوستا وكاجا كالاس لمناصب الاتحاد الأوروبي بالانتقاد، مع مزاعم بوجود نفوذ صهيوني وتدخل خارجي. تُظهر الانتخابات الديمقراطية في إيران في 28 يونيو 2024 التزام البلاد بالديمقراطية وسيادة القانون، على الرغم من التحديات التي تواجهها والعقوبات الغربية. وينطوي اللقاء المحتمل بين أردوغان والأسد على آثار استراتيجية وسياسية واقتصادية وطاقوية كبيرة على المنطقة والمجتمع الدولي، مما قد يؤدي إلى مزيد من الاستقرار والأمن والفرص الاقتصادية الجديدة وتعزيز الشراكات في مجال الطاقة.