رأى

أوروبا واليمين المتطرف … هل لا يزال الطريق بعيدا؟

استمع

علاء زياد

اثارت انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت في 27 دولة أوروبية في أوائل شهر يونيو الجارى (6-9 يونيو) تخوفات عديدة بشأن هيمنة الأحزاب اليمنية المتطرفة على مقاعد البرلمان الأوروبي بما يحمله ذلك من مخاطر على مستقبل الاتحاد ذاته وعلى سياساته ومواقفه الداعمة للملفات الأكثر اهتماما في عالم اليوم مثل التغيرات المناخية والهجرة وغيرها من الملفات التي تشهد تباينا في الموقف بين الأحزاب اليسارية وأحزاب الوسط من جانب وبين الأحزاب اليمنية المتشددة من جانب آخر.

والحقيقة أن هذا التخوف رغم مبرراته مع الصعود في أعداد المقاعد التي حصدتها الأحزاب اليمنية المتطرفة في تلك الانتخابات التي أدلى فيها نحو 185 مليون ناخب بأصواتهم، إلا أن النتائج النهائية كشف عن أن هذا التخوف لا يزال في مرحلة الإنذار المبكر، بمعنى أن التهديد لم يصبح أمرًا واقعًا اليوم وذلك لأن الائتلاف المكون من الأحزاب المؤيدة للتكتل الأوروبى لا تزال تحافظ على أغلبيتها فى البرلمان، حيث حصل على 403 مقاعد من أصل 720، بنسبة تصل إلى حوالى 56٪ من جميع المقاعد وهو ما يؤمن له الأغلبية، ويتكون هذا الائتلاف من حزب الشعب الأوروبى (من يمين الوسط) والذى فاز بـ 148 مقعدا كأعلى مجموعة فى البرلمان الأوروبى بزيادة قدرها 7 مقاعد عن نتائجه فى انتخابات 2019، وجاء بعده الحزب الاشتراكى الديمقراطى (من يسار الوسط) وحصل على 139 مقعدا، وبذلك يكون قد خسر مقعدا واحدا مقارنة بنتائجه فى الانتخابات الماضية، ومجموعة تجديد أوروبا الليبرالية التى منيت بخسارة فادحة تقدر بـ 22 مقعدا إذ فازت بـ 80 مقعدا، بعد أن كانت تملك 102 مقعد فى انتخابات 2019، بل يمكن ان يزيد هذا الائتلاف إذا اضفنا له تحالف حزب الخضر الذى يملك 52 مقعدا بعض خسرته عشرين مقعدا بعدما كان لديه 72 مقعدا فى انتخابات 2019. في مقابل ذلك، نجح الائتلاف اليمينى المتطرف بزيادة عدد مقاعده، من خلال ما حققته مكوناته الرئيسية والتي تشمل (تكتل المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، ومجموعة الهوية والديمقراطية)، فقد حصد تكتل “المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين”، 73 مقعدا بزيادة قدرها 5 مقاعد عن انتخابات 2019، في حين خسرت جموعة الهوية والديمقراطية مقعدا واحدا حيث فازت بـ 58 مقعدا. وما يعزز من قوة هذا الائتلاف، ما يمكن ان نطلق عليهم الأحزاب القادمة جديدا إلى البرلمان الاوروبى والتي تنتمى إلى تيار اليمين المتطرف على غرار حزب فيدس المجرى بزعامة رئيس الوزراء فيكتور أوربان، والذى تشير التقديرات إلى أنه حصل على 10 مقاعد، وحزب البديل من أجل ألمانيا والذى حصد 16 مقعدًا فى البرلمان الأوروبى، إلى جانب ما حصدته الأحزاب اليمنية المتطرفة في فرنسا والتي سيصل عدد نوابها في البرلمان الأوروبي 29 نائبا.

وعليه، يمكن القول إن الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبي رغم احتفاظ التيارات الداعمة للتكتل الأوروبي ولقضايا التغيرات المناخية وغيرها، بالأغلبية التي تمكنها من اتخاذ القرارات إلا انه من المهم الاخذ في الاعتبار امرين مهمين: الأول، ان ما جرى في هذه الانتخابات مؤشر خطر على مستقبل التكتل الأوروبي في الانتخابات القادمة إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه او ازدادت سوءا واخفقت الأحزاب اليسارية والوسط في الخروج من تلك الأوضاع بشكل يشعر به المواطن الأوروبي، بما قد تشهد معه الانتخابات القادمة سيطرة من جانب الأحزاب اليمنية. الأمر الثانى، إن القضايا محل الاختلاف بين توجهات الأحزاب اليسارية والوسط من جانب واليمينية المتطرفة من جانب آخر سوف تشهد معارك شديدة داخل أروقة البرلمان الأوروبي بما قد يؤدى إما إلى بطء حسمها أو تعطيلها كليةً، وهو ما قد يؤثر سلبا على صورة الاتحاد الأوروبي وقراراته ومواقفه تجاه ما تشهده الساحة الدولية اليوم من قضايا وأزمات.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى