رأى

العودة

استمع الي المقالة

بقلم: محمد محسوب السنباطي

نستيقظ في صباح أحد الأيام وقد انطفئت لمعة أعيننا وصاحبتنا رغبة في الجلوس بأحد أركان غرفتنا المظلمة يملؤنا ذلك الشعور بأن كل شيء من حولنا لا لون له ولا طعم، مفضلين البقاء في السرير والتحديق بجدران الغرفة ليست لدينا أدنى رغبة أو حماسة لأداء أى عمل … شعور لا يمكن تفسيره إلا أنه استراحة محارب بعد صراعٍ دام في بحر الحياة ألقت بنا فى نهايته .على بر فقدان الشغف.

الشغف هو الدافع الذي يمتلكه الإنسان، والرغبة الملحة التي تحفزه إلى إنجاز عمل ما، فالشغف يملأ الإنسان بالطاقة والحيوية ويزيد إيمانه بقوته وقدرته على النجاح والوصول وتحقيق الأهداف، وفي مرحلة ما يفقد الإنسان كل تلك المشاعر ويعيش في حالة فقدان الشغف، حيث تغلب على الإنسان مشاعر الإحباط والتعب والإرهاق، ويشعر وكأنه عاجز عن الاستمرار في طريق تحقيق أحلامه أو حتى عاجز عن مواصلة حياته اليومية، فهو حالة من الملل وقلَّة الحماسة وعدم القدرة على لمس السعادة حتى في الأشياء التي كانت مصدراً لها في الماضي.

هذه المرحلة من أخطر المراحل التي تصيب الإنسان وذلك لأنها تصل به إلى حالة من العدمية ومن عدم الإحساس بأي شيء يحيط به ولا حتى بالوقت الذي يمضي؛ إذ إنها حالة من الضياع وكأن أسوأ ما يمكن أن يحدث قد حدث الآن بالفعل ستشعر أنك بحاجة إلي الجلوس وحيداً وبعيداً، وكأن أحدهم أطفأ النور داخلك.

إن الأسباب التي تقف وراء فقدان الشغف كثيرة ومتعددة ومختلفة من شخص إلى آخر؛ لذلك لا يمكن حصرها في مجموعة محددة من الأسباب أو في سبب واحد، فغالباً ما يكون الوصول إلى هذه المرحلة ناتجاً عن مجموعة كبيرة من العوامل والأسباب المتراكمة التي أدت في النهاية إلى فقدان الإنسان شغفه، ومن هذه الأسباب:

• الفشل: عندما يتكرر فشل الإنسان لأكثر من مرة في إنجاز هدف أو رغبة ما؛ فإنَّه يبدأ فقدان الثقة بنفسه، كما يشعر بالإحباط، ويرسم في نفسه تصوراً على أنّه شخص فاشل ولن يتمكَّن مهما بذل من جهد أن يحقق أحلامه وأهدافه، وهذا ما يدفعه إلى الانعزال والتوقف عن القيام بأي شيء.

• رفع سقف توقعات الإنسان وعدم القدرة على الوصول إلى تلك التوقعات مهما تقدم وتطور، وبالطبع هذا من شأنه توليد شعور الإحباط وقلة الإنجاز؛ مما يسبب فقدان الشغف بمتابعة الطريق.

• الملل: تحقيق الأهداف والوصول إلى نتائج مرضية لا يحدث بسرعة، بل يحتاج إلى وقت طويل وجهد مستمر ومتواصل، ولكنَّ بعض الناس يشعرون بالملل في منتصف الطريق؛ وذلك بسبب الصعوبات التي يواجهونها للمتابعة، فيسيطر عليهم الإحساس بالعجز؛ مما يمنعهم من التقدم والاستمرار في طريقهم.

• تكرار الأعمال اليومية وسيطرة الروتين نفسه على حياة الإنسان أحد الأسباب الهامة لفقدان الشغف، فالإنسان يشعر بأنَّ حياته ليس لها أي معنى، وأنَّه على علم مُسبق بكل ما سيحدث معه في اليوم التالي.

• غياب الأهداف: حالة من التشتت يعيشها الناس الذين لا يملكون هدفاً بسبب عدم القدرة على الإنجاز، وهذا سيكون سبباً رئيساً للشعور بالإحباط. فالحقيقة أنه عندما يغيب هذا الحافز ستصبح أهدافنا مجرد أمنيات لا قدرة لنا على تحقيقها.

• الاستمرار بمقارنة حياتك مع حياة الآخرين الذين تمكنوا من تحقيق أهدافهم، وهو ما يجعلط تشعر بأنكالوحيد الذي عجزت عن تحقيق هدفك، وهذا يؤثّر بشدة في ثقتك بنفسك وفي رغبتك في تحقيق أحلامك.

• التعب والإرهاق وفقدان الطاقة بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها الإنسان تُفقده الشغف.

• ومن أخطر ما يحدث أن يكتشف الإنسان بعد رحلة طويلة من التعب أن ما يبحث عنه لن يجده في نهاية هذا الطريق الذي يسلكه، وأنّ ما يبحث عنه هو شيء آخر تماماً.

يؤدي فقدان الشغف إلى مجموعة من الآثار النفسية السيئة، فيصبح الشخص أكثر عصبية وأكثر حقداً، كما تزيد لامبالاته ويصبح عاجزاً عن اتخاذ القرارات ويبتعد عن الناس، وفي بعض الحالات يفكر جدياً في الانتحار؛ لذلك لا بد من البحث عن طرائق العلاج للتخلص من هذه الحالة بأسرع وقت قبل أن تمتد الآثار وتتغلغل في حياة الشخص وتخربها، ومن هذه الطرائق:

• عليك أن تعرف ما تحبه فعلاً وما تريد تحقيقه، ويجب أن تضع أهدافاً عملية وقابلة للتحقيق.، لا تصعب الأمر عليك ولا تحاول الوصول بسرعة؛ بل ضع في حسبانك أن الرحلة طويلة.

• حاول تقسيم هدفك لمجموعة من الخطوات؛ كلما نجحت في خطوة، فسوف تأخذ دافعاً وتشجيعاً لتقوم بالخطوة الأخرى.

• النوم لفترات كافية هام جداً للحفاظ على نشاطك وطاقتك، ومن ثم تزيد قدرتك على العمل والإنجاز.

• ابتعد عن الأشخاص السلبيين الذين لا يتوقفون عن التذمر ونشر الطاقة السلبية، واستبدلهم بأشخاص إيجابيين يعطونك التشجيع والتحفيز الذي تبحث عنه.

• إذا كانت حياتك مملة وفيها الكثير من الروتين، فابحث عن طرائق جديدة ونشاطات غريبة عن أسلوب حياتك لتضفي بعض المتعة إلى حياتك؛ كأن تذهب في رحلة مفاجئة وتمضي وقتاً مسلياً دون عمل أو مسؤوليات.

• لا تتعب نفسك كثيراً، ولا تجعل تحقيق إنجازات كثيرة هاجساً بالنسبة إليك، وتقبل أخطاءك وعدم قدرتك على النجاح دائماً، فهذا لا يعني أبداً أنَّك فاشل.

اعلم جيدا صديقي أن السعادة لا تحتاج إلى الكثير من الإنجازات العظيمة، فأحياناً تستطيع إيجاد سعادتك في فعل أشياء بسيطة كمشاهدة فيلم أو الذهاب في رحلة أو قضاء الوقت مع الأصدقاء، لا ترهق نفسك كثيراً وتضيع حياتك وأنت تحاول صنع المستحيل، بل على العكس استغل كل يوم يمر لصالحك، اجعل أي نشاط مهما كان بسيطاً سبباً لسعادتك، فحياة أي شخص مهما بدت مثالية، سيكون فيها جانب سلبي لا تعرفه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى