بقلم: أحمد مصطفى
أثارت مذبحة النصيرات، الحدث المأساوي، مقاومة قوية ضد إسرائيل والغرب في أوساط الشعب الفلسطيني والعربي المسلم. وعلى الرغم من الخسائر في الأرواح والعنف، لا تزال المقاومة صامدة ومصممة. لقد واجه الشعب الفلسطيني والعربي المسلم محنًا كبيرة على مدى عقود، لكنه أظهر صمودًا وتصميمًا على النضال من أجل حقوقه وتقرير مصيره. ولا تقتصر المقاومة على النضال ضد إسرائيل والغرب فحسب، بل هي أيضاً من أجل العدالة والحرية والمساواة. إن المقاومة هي انعكاس نضالهم من أجل حقوق الإنسان الأساسية والكرامة.
يجب على المجتمع الدولي الاعتراف بـ التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني والعربي المسلم واحترامها واتخاذ خطوات ملموسة لمحاسبة إسرائيل والغرب على أفعالهم. إن استخدام القوة والعنف لقمع المقاومة ليس حلاً ولن يؤدي إلا إلى مزيد من إراقة الدماء وعدم الاستقرار في المنطقة. إن المقاومة الفلسطينية والعربية الإسلامية لن ترهبها المجازر، بل ستزيد من عزمها على مواصلة النضال من أجل العدالة والحرية.
الدبلوماسية العربية والإسلامية ليست قوية بما يكفي لتسوية القضية الفلسطينية
لطالما كان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قضية خلافية في العلاقات الدولية، حيث بُذلت جهود ومبادرات دبلوماسية عديدة قادتها الدول العربية والإسلامية والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة. وقد أسفرت العديد من هذه الجهود عن اتفاقيات وقرارات قبلتها كل من إسرائيل والقيادة الفلسطينية.
فقد وضعت اتفاقات أوسلو، الموقعة في عام 1993، إطارًا للمفاوضات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية وأدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية. وعرضت مبادرة السلام العربية، التي اقترحتها جامعة الدول العربية في العام 2002، على إسرائيل تطبيع العلاقات مع جميع الدول العربية مقابل الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة وإيجاد حل عادل للاجئين الفلسطينيين.
ومع ذلك، لم يتم التوصل بعد إلى اتفاق سلام نهائي وشامل. ومن التحديات الرئيسية التي تواجه الدبلوماسية العربية والإسلامية غياب الوحدة بين مختلف الأطراف المعنية. فالقيادة الفلسطينية منقسمة، حيث تسيطر حماس على قطاع غزة والسلطة الفلسطينية على الضفة الغربية. كما أن الدول العربية والإسلامية نفسها ليست موحدة دائمًا في مقاربتها للصراع، حيث تقوم بعض الدول بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بينما تحافظ دول أخرى على موقف متشدد.
كما ساهم تأثير الجهات الخارجية، مثل الولايات المتحدة، في تأجيج الصراع. فقد زادت سياسات الحكومة الإسرائيلية المتشددة تجاه الفلسطينيين، إلى جانب التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وحصار غزة، من صعوبة التوصل إلى اتفاق سلام.
ما هي وسائل الدبلوماسية التي يمكن أن يلعبها العرب والمسلمون مع الغرب للوصول إلى دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة؟
تمثل قضية الدولة الفلسطينية تحدياً دبلوماسياً معقداً وطويل الأمد بين الدول العربية والإسلامية والقوى الغربية. ويتطلب تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والمستقلة مقاربة متعددة الأوجه تستخدم مختلف وسائل الدبلوماسية. فبإمكان الدول العربية والإسلامية بناء وتعزيز التحالفات مع الدول الغربية المتعاطفة مع القضية الفلسطينية، مثل العمل من خلال المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة أو بناء علاقات مع الدول الغربية من خلال المحادثات والمفاوضات الثنائية.
الدبلوماسية العامة، التي تنطوي على استخدام وسائل الإعلام والمنصات لتشكيل الرأي العام والتأثير على صانعي القرار في الغرب، هي وسيلة رئيسية أخرى للدبلوماسية. ويمكن للدول العربية والإسلامية أن تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات الإلكترونية لنشر المعلومات والحجج المؤيدة لإقامة الدولة الفلسطينية، مع التعامل مع وسائل الإعلام الغربية لضمان تمثيل وجهة النظر الفلسطينية بشكل عادل.
الدبلوماسية الاقتصادية وسيلة أخرى للدبلوماسية بالنسبة للدول العربية والإسلامية. فبإمكانها استخدام نفوذها الاقتصادي لتحفيز الدول الغربية على دعم القضية الفلسطينية، وذلك باستخدام الموارد كورقة مساومة وتعزيز التجارة والاستثمار مع الدول الغربية الداعمة. ويمكنهم أيضًا استخدام قوتهم الاقتصادية لمعاقبة الدول الغربية غير الداعمة للقضية الفلسطينية.
وأخيرًا، يمكن استخدام الدبلوماسية العسكرية لتحقيق أهداف، بما في ذلك بناء القدرات العسكرية لردع التدخل الغربي وحماية مصالحهم، وبناء تحالفات وشراكات مع دول أخرى لكسب الدعم للقضية الفلسطينية.
لماذا تمثل إسرائيل وليس نتنياهو مسألة حياة أو موت بالنسبة للغرب في الشرق الأوسط؟
إن إسرائيل، من وجهة نظر الغرب، دولة ديمقراطية ومزدهرة في منطقة تتسم بالاستبداد وعدم الاستقرار والتخلف، هي حليف أساسي للغرب في الشرق الأوسط. كما أن استقرارها وأمنها ضروريان لمصالح الغرب الاستراتيجية وأمن الطاقة، فهي قريبة من الممرات البحرية الحيوية وموارد الطاقة. توفر قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والابتكار في إسرائيل فرصاً كبيرة للتعاون الاقتصادي والعلمي.
كما أن إسرائيل شريك حيوي للغرب في مكافحة الإرهاب والتطرف، حيث تلعب قدراتها الاستخباراتية والعسكرية دورًا حاسمًا في هزيمة تهديدات مثل داعش والقاعدة والميليشيات المدعومة من إيران. وهي تشارك الغرب قيم الحرية وحقوق الإنسان وسيادة القانون التي يتبناها الغرب، مما يجعلها شريكًا موثوقًا به.
كما أن إسرائيل لاعب حاسم في جهود الغرب لاحتواء التهديد الإيراني وإدارته، حيث أن قدراتها العسكرية والاستخباراتية وموقعها الجيوسياسي يجعلها شريكًا لا غنى عنه في مواجهة طموحات إيران النووية وتوسعها الإقليمي ودعمها للإرهاب.
ومع ذلك، فإن التحديات التي تواجه إسرائيل والغرب في الشرق الأوسط أعمق وأعمق من أن يتم اختزالها في شخصية أو تصرفات زعيم واحد. فخطوط الصدع الجيوسياسية والانقسامات الأيديولوجية والتهديدات الأمنية في المنطقة تتطلب مقاربة استراتيجية طويلة الأمد تتجاوز فترة ولاية أي زعيم بعينه.
لماذا يعتبر الغرب نتنياهو بطلًا صهيونيًا وبالتالي يدعمون حكمه في إسرائيل؟
غالبًا ما يُنظر إلى بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، على أنه بطل الصهيونية، وهي الحركة القومية التي تدعو إلى إقامة دولة يهودية في أرض إسرائيل التاريخية. وقد أكسبه موقفه الثابت بشأن أمن إسرائيل، الذي يتماشى مع وجهات نظر السياسيين المحافظين والمدافعين عن تحالف قوي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، دعم السياسيين المحافظين والصهاينة المسيحيين.
كما أن تاريخه الشخصي، فهو مولود لعائلة يهودية فرت من أوروبا خلال الهولوكوست، قد شكل صورته كبطل صهيوني. وقد أثرت تجاربه كجندي في جيش الدفاع الإسرائيلي وكضحية للإرهاب على آرائه حول أمن إسرائيل والحاجة إلى دولة يهودية قوية. كما نجح نتنياهو أيضًا في تقديم نفسه كبطل للحقوق اليهودية وتقرير المصير، ومعارضة معاداة السامية وحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها.
وقد أكسبه هذا الموقف دعم الجاليات اليهودية في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، يرى المنتقدون أن سياسات نتنياهو ساهمت في استمرار الصراع مع الفلسطينيين واعاقت احتمالات التوصل إلى حل سلمي. كما تسبب موقفه المتشدد بشأن قضايا مثل بناء المستوطنات ووضع القدس في توتر مع المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة.
لماذا حذرت الولايات المتحدة إسرائيل من مهاجمة جنوب لبنان بعد إطلاق كريات شمونة الأسبوع الماضي؟
ينبع التحذير الأمريكي الأخير لإسرائيل بشأن هجوم محتمل على جنوب لبنان في أعقاب الهجوم الصاروخي الذي شنه ”حزب الله“ على كريات شمونة من التقاء عدة عوامل. أولاً، تريد الولايات المتحدة، باعتبارها حليفاً رئيسياً لكل من إسرائيل ولبنان، الحفاظ على الاستقرار الإقليمي ومنع التصعيد. ومن المرجح أن يؤدي التوغل الإسرائيلي الواسع النطاق في لبنان إلى اندلاع صراع أوسع نطاقاً، الأمر الذي قد يجذب لاعبين إقليميين آخرين ويزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط المضطرب أصلاً.
ثانياً، تدرك الولايات المتحدة الديناميكيات السياسية المعقدة داخل لبنان، حيث يتمتع حزب الله بنفوذ كبير. وقد يؤدي الرد الإسرائيلي القوي إلى تعزيز موقف حزب الله وتقويض سلطة الحكومة اللبنانية، مما قد يدفع البلاد نحو مزيد من عدم الاستقرار. وأخيراً، تشعر الولايات المتحدة بالقلق من احتمال نشوب صراع إقليمي أوسع نطاقاً. فقد تؤدي تصرفات إسرائيل إلى سلسلة من ردود الفعل، مما قد يؤدي إلى هجمات انتقامية من حزب الله وحلفائه التي حذر منها النائب نواف الموسوي على قناة الميادين، الأمر الذي قد يوسع الصراع إلى خارج حدود لبنان.
للحرب في غزة لها تأثير سلبي قوي على الانتخابات الأمريكية والغربية القادمة
لقد كان الصراع في غزة قضية مثيرة للجدل وذات تداعيات كبيرة على السياسة والأمن الدوليين. فمع اقتراب الولايات المتحدة والديمقراطيات الغربية الأخرى من الانتخابات، ستؤثر الحرب في غزة بشكل كبير على نتائج هذه الانتخابات. وقد هيمنت أعمال العنف والأزمة الإنسانية في غزة على عناوين الأخبار وأثارت جدلاً عاماً مكثفاً، مما شكل ضغطاً على القادة السياسيين لإتخاذ موقف واضح من هذه القضية.
في الولايات المتحدة، أصبحت الحرب في غزة نقطة خلاف رئيسية في السباق الرئاسي، حيث يتبنى المرشحون من كلا الحزبين وجهات نظر متباينة بشكل حاد حول الصراع. ومن المرجح أن يكون لهذا الانقسام تأثير قوي على سلوك الناخبين، حيث من المتوقع أن يبني الكثير من الناس أصواتهم على موقف المرشح من غزة.
في أوروبا، حيث يوجد تقليد قوي لدعم حقوق الفلسطينيين، من المرجح أن يكون الصراع قضية رئيسية في السباقات الانتخابية القادمة. ومن المرجح أن يحصل المرشحون الذين يتخذون موقفاً مؤيداً للفلسطينيين على دعم الناخبين المهتمين بحقوق الإنسان والقانون الدولي، في حين أن أولئك الذين يدعمون الإجراءات الإسرائيلية قد يواجهون انتقادات وردود فعل عنيفة.
في الختام، أحرزت الدبلوماسية العربية والإسلامية تقدماً في معالجة الصراع الفلسطيني، لكن لا يزال ينقصها اتفاق سلام شامل. ويتأثر الصراع بغياب الوحدة، والجهات الفاعلة الخارجية، وسياسات الحكومة الإسرائيلية. يتطلب الحل القابل للتطبيق مقاربة شاملة تعطي الأولوية للحقوق الفلسطينية وتقرير المصير. وهناك حاجة إلى نهج متعدد الأوجه، بما في ذلك التحالفات مع الدول الغربية، والدبلوماسية العامة، والدبلوماسية الاقتصادية، والدبلوماسية العسكرية. وسيواصل الغرب التعامل مع إسرائيل كشريك رئيسي لمعالجة تحديات المنطقة وتشجيع التوصل إلى حل سلمي من وجهة نظرها. يتأثر الدعم لحكم نتنياهو في إسرائيل بعوامل سياسية ودينية واستراتيجية. ستؤثر الحرب في غزة على الانتخابات القادمة في الولايات المتحدة والديمقراطيات الغربية الأخرى.