رئيس التحريرسلايدرسياسة

نكبة فلسطين ..أمس.. اليوم.. والغد.. لطالما… نائمة 😭

نظام حيازة الأراضى في العهد العثماني وراء توسيع الاستيطان الصهيونى فى فلسطين

استمع الي المقالة

بقلم: رئيس التحرير

أختلف تماماً مع من يردد عبارة “إنتهاء الإحتلال”، سواء يقصد البريطاني أو الفرنسى أو الإيطالى أو البرتغالى.. إلخ. لأن الإستعمار نجح فى خلق عناصر ليست وطنية مناضلة تعى معنى الوطن والعِرضْ وإنما فقط نهم الابتزاز والشهوة والغريزة الجنسية وهؤلاء أمسوا رُعاة وطن فى الشكل لكنهم أسوأ من الإستعمار الصانع لهم.. وبالتالى العالمين العربي والإسلامي لم يتحررا وهذا سر سقوطهم سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، فلسطين أنموذجاً فى ظل الصمت المريب للإنسانية العالمية.

فأول حروب العرب مع إسرائيل، دارت عقب إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان قيام إسرائيل، منتصف مايو/أيار 1948، وأودت بحياة آلاف الجنود من الطرفين، وانتهت بهزيمة العرب، فأطلقوا عليها حرب “النكبة”.

كان سعي اليهود لإقامة وطن لهم في فلسطين سببا رئيسيا لهذه الحرب، فقد سعوا -بمعاونة دول غربية- لتفريغ فلسطين من سكانها العرب، وإقامة دولة إسرائيل، وهو ما أكده عضو الكنيست الإسرائيلي السابق يشعياهو بن فورت بقوله “لا دولة يهودية بدون إخلاء العرب من فلسطين ومصادرة أراضيهم وتسييجها”.

وانتهج الاستيطان اليهودي فلسفة أساسها الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، بعد طرد سكانها الأصليين بحجج ودعاوى دينية وتاريخية مزعومة، والترويج لمقولة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.

وقد سعت “الحركة الصهيونية” في النصف الثاني من القرن التاسع عشر للسيطرة على أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية، كما دعا المبشرون الأميركيون اليهودَ إلى العودة إلى أرض صهيون (فلسطين)، وكان أولهم راعي الكنيسة الإنجيلية القس جون ماكدونالد سنة 1914.

وشهدت فترة الدولة العثمانية أولى مراحل الاستيطان، ولا سيما بعد انعقاد مؤتمر لندن عام 1840. واستمرت هذه المرحلة حتى عام 1882، وأطلق البعض عليها اسم “الاستيطان الروتشيلدي”، نسبة إلى المليونير اليهودي البريطاني ليونيل دي روتشيلد، الذي تولى إنشاء المستوطنات في هذه الفترة، حتى وصل عددها إلى 39 مستوطنة يسكنها 12 ألف يهودي.

ورغم عدم ترحيب الدولة العثمانية بالاستيطان اليهودي في فلسطين، إلا أن نظام حيازة الأراضي فيها في العهد العثماني ساعد على توسيعه، حيث استغلت المنظمات اليهودية العالمية كل الظروف لتكثيف الاستيطان وترحيل يهود العالم إلى فلسطين.

وبعد صدور وعد بلفور سنة 1917، الذي كان يقضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، ودخول فلسطين تحت الانتداب البريطاني، نشطت المؤسسات الصهيونية، ولعبت حكومة الانتداب دورا كبيرا في تمكين اليهود من السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية.

وبحسب aljazeera، تعتبر مرحلة الانتداب البريطاني المرحلة الذهبية للاستيطان، حيث دخلت بريطانيا فلسطين وهي ملتزمة بوعد بلفور، وبذلك أصبح الاستيطان اليهودي يتم تحت رقابة دولة عظمى عملت على مساندته ودعمه.

في هذه المرحلة خضع الاستيطان لاعتبارات سياسية، فأقيمت مستوطنات في مناطق إستراتيجية، وكانت على شكل مجتمعات مغلقة “غيتوهات”.

ومع صدور الكتاب الأبيض سنة 1930، الذي أقر تقسيم الدولتين، وحدد أعداد اليهود المسموح لهم بالهجرة خلال السنوات الأربع اللاحقة، قررت المنظمات الصهيونية الإسراع في عمليات الاستيطان في المناطق التي لم يسكنها اليهود، لتشمل أوسع مساحة جغرافية ممكنة في حالة حصول تقسيم لفلسطين.

وتميزت السياسة الاستيطانية خلال فترة الانتداب بتوزيع المستوطنات الزراعية توزيعا إستراتيجيا على حدود الدول العربية المتاخمة لفلسطين، حيث أقيمت 12 مستوطنة على حدود الأردن، ومثلها على حدود لبنان، وأقيمت ثماني مستوطنات على حدود مصر، وسبعة على حدود سوريا.

وكثفت المنظمات الصهيونية في السنوات السابقة لقيام إسرائيل الاستيطان في السهل الساحلي بين حيفا (شمال غرب القدس) ويافا (غربا)، كما تملكت مساحات كبيرة في القسم الشمالي من فلسطين وخاصة في سهل الحولة، وإلى الجنوب من بحيرة طبريا على طول نهر الأردن وعند مصبه.

وتوسعت أملاك اليهود في منطقة القدس، وفى ضواحي بئر السبع، والنقب الشمالي وقطاع غزة، ففي الفترة ما بين 1939-1948 أقيمت 79 مستوطنة على مساحة تجاوزت مليونا دونم.

أدرك الفلسطينيون والعرب مخاطر الاستيطان وهجرة اليهود، وسعوا لمواجهة هذا المخطط في وقت مبكر، فأسسوا عدد من الأحزاب والجماعات، لمقاومة الهجرة اليهودية، وتأسست في بيروت جمعية تحت مسمى “الشبيبة النابلسية”، شكلت بدورها جمعية “الفاروق” التي اتخذت من القدس مقر لها، وهدفت إلى الكشف عن الخطر الصهيوني بالمنطقة ومجابهته.

لكن اليقظة الفلسطينية والعربية لم تمنع تزايد الهجرة، لأن موقف الحركة الوطنية في حينه، كان يراهن على إمكانية تغير موقف الحكومة البريطانية الداعم للمشروع الصهيوني من جهة، كما أن الأحزاب السياسية الفلسطينية كانت تعيش صراعا على القيادة أضعف دورها في مواجهة مخطط التهويد.

عمل اليهود خلال مراحل الاستيطان على تكوين منظمات لتأمين المستوطنين وتدريبهم على القتال، وكان من أبرز هذه المنظمات (الهاغاناه، البالماخ، الأرغون، شتيرن).

تعتبر الهاغاناه النواة الأولى للجيش الإسرائيلي، وقد أنشئت في القدس سنة 1921 للدفاع عن اليهود وممتلكاتهم، وتدريب المنضمين لها على القتال، وكان من حصيلة عملها إنشاء خمسين مستوطنة يهودية في أماكن مختلفة من فلسطين، والمساعدة في تهجير عدد كبير من اليهود بطريقة غير سرية.

وفور تأسيسها انضم إليها عدد كبير من أفراد الفيلق اليهودي الذي حلّته سلطات الانتداب البريطاني عام 1921، بعد أن قاتل إلى جانبها في البلقان عامي 1917 و1918 إبان الحرب العالمية الأولى.

أنا الأرغون فقد تشكلت سنة 1931 من مجموعة من المنشقين عن الهاغاناه بزعامة الروسي أبراهام تيهومي، الذي كان ساخطا على القيود البريطانية المفروضة على الهاغاناه في تعاملها مع الثوار الفلسطينيين، وقد نفذت هذه المنظمة أكثر من ستين عملية عسكرية ضد الفلسطينيين، إضافة إلى مهاجمتها قوات الاحتلال البريطاني.

وتلقّت الأرغون دعما سريّا من بولندا ابتداء من العام 1936، وذلك لرغبة الحكومة البولندية في تشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين.

وفي عام 1931 وضعتها الحكومة البريطانية على قوائم المنظمات الإرهابية، وفي العام 1943 تولى مناحيم بيغن -الذي أصبح رئيسا لوزراء إسرائيل فيما بعد- قيادة المنظمة، التي تم حلها مع غيرها من المنظمات العسكرية لتكوين الجيش الإسرائيلي.

المسلمون في شمال فرنسا.. بين الرقابة الذاتية والهجرة إلى الخارج

لكن شتيرن، فقد أسسها اليهودي البولندي أبراهام شتيرن سنة 1940 وأطلق عليها اسم “المحاربون من أجل حرّية إسرائيل” عرفت باسم “شتيرن” نسبة إليه.

وكان شتيرن وأتباعه يرغبون في العمل المستقل خارج نطاق وتوجيهات المنظمة الصهيونية العالمية، وبعيدا عن مظلة الهاغاناه. كما كان يرى ضرورة محاربة الانتداب البريطاني في فلسطين لإنهائه وإقامة دولة إسرائيل.

وكان أعضاء الحركة يرفضون الانضمام لصفوف الجيش البريطاني. وتعد شتيرن من أكثر المنظمات شهرة وشراسة، وكانت تميل إلى التحالف مع ألمانيا النازية بدلا من بريطانيا.

وقد شنت هذه المنظمة هجمات على القوات البريطانية ونسفت عددا من معسكراتها، ولقي مؤسسها مصرعه على يد القوات البريطانية سنة 1942. كما شاركت في مذبحة دير ياسين غربي القدس، التي وقعت سنة 1948.

وقد ذابت المنظمة في الجيش الإسرائيلي، وصرفت الحكومة الإسرائيلية رواتب تقاعدية لمنتسبيها ومنحت بعضهم نياشين “محاربي الدولة”.

أما البالماخ، فقد بدأت البلماخ (جند العاصفة) نشاطها في 19 مايو/أيار 1941، وكانت هي القوة المتحركة الضاربة للهاغاناه. وقد لعبت هذه المنظمة دورا هاما في إقامة إسرائيل، من خلال عمليات نسف خطوط السكك الحديدية والغارات الخاطفة على القرى الفلسطينية، وذلك قبل أن يدمجها رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفد بن غوريون ضمن قوات الجيش.

ضمت البالماخ تسع فرق تلقى أفرادها تدريبات شاقة على أعمال النسف والتخريب والهجوم الصاعق لترويع السكان الفلسطينيين وإجبارهم على مغادرة مدنهم وقراهم، والقيام بأعمال ضد قوات الانتداب البريطاني إذا وقفت عقبة أمام تحقيق حلم إقامة إسرائيل.

وكان إسحق سادي الضابط السابق في الجيش القيصري الروسي أحد مؤسسيها الأوائل مع موشيه ديان (الذي أصبح وزيرا للدفاع الإسرائيلي) وإسحق رابين (الذي أصبح رئيسا للوزراء) وإيغال آلون (الذي أصبح نائبا لرئيس الوزراء) وعزرا وايزمان (الرئيس السابق لإسرائيل).

وكان للبالماخ مخابرات جيدة التنظيم استطاعت بمساعدتها التسلل إلى بعض معسكرات أسرى الحرب الألمانية لأغراض التجسس، كما تخفى كثير منهم بالزي العربي واستقروا في سوريا ولبنان للهدف نفسه.

عملت قوات البالماخ ضد الانتداب البريطاني بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ولعبت دورا رئيسيا في حرب 1948 في الجليل والنقب وسيناء والقدس.

وقبيل إعلان إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 على قرار تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية (56% من مساحة فلسطين الكلية)، ودولة عربية (43% من المساحة) فلسطينية وتدويل منطقة القدس (1% من المساحة).

وفيما رحب اليهود بالقرار، أعلن العرب والفلسطينيون رفضهم له، وشكلوا “جيش الإنقاذ” بقيادة الضابط السوري فوزي القاوقجي، لطرد الجماعات اليهودية من فلسطين.

ومع إعلان العرب عزمهم التدخل في فلسطين، تم تكليف القائد العام المساعد للجيش الإسرائيلي يغال يادين بوضع خطة لمواجهة هذا التدخل، عرفت بالخطة (دالت).

وفي منتصف الليل بين 14 و15 مايو/أيار 1948 أنهت الحكومة البريطانية وجودها في فلسطين، وقبل إنهاء الانتداب بساعات أعلن المجلس اليهودي في تل أبيب قيام دولة يهودية في فلسطين بمجرد إنهاء الانتداب، دون إعلان حدود لهذه الدولة.

في سبتمبر/أيلول 1947 حاولت جامعة الدول العربية توفير احتياجات الفلسطينيين، فشكلت “اللجنة العسكرية الفنية” لتقييم الوضع العسكري، وأكدت اللجنة أن الفلسطينيين لا يملكون القوة ولا التنظيم الذي يمكنهم من مجابهة اليهود، ودعت الدول العربية للتعبئة الكاملة.

وكان رئيس اللجنة الفنية اللواء إسماعيل صفوت قد حذر من أن التغلب على القوات اليهودية بقوات غير نظامية أمر مستحيل، وأن العرب لن يتحملوا حربا طويلة.

وفي الفترة ما بين 8-17 ديسمبر/كانون الأول 1947، أعلنت الدول العربية أن تقسيم فلسطين غير قانوني، وفي خطوة أولى لمجابهة قيام إسرائيل، وضعت مبلغ مليون جنيه إسترليني وعشرة آلاف بندقية، وثلاثة آلاف متطوع بينهم نحو 500 فلسطيني، تحت تصرف اللجنة العسكرية الفنية، فيما عرف بجيش الإنقاذ، ثم أرسلت جيوشا من خمس دول عربية لخوض الحرب.

شاركت مصر في هذه الحرب بعشرة آلاف جندي تحت قيادة اللواء أحمد علي المواوي، وزادت عدد الجنود إلى نحو عشرين ألفا. وتمثلت هذه القوات في خمسة ألوية مشاة، ولواء آلي واحد، ولواء مجهز بـ16 مدفعا عيار 25، ولواء مجهز بثمانية مدافع عيار 6، ولواء مجهز بمدفع آلي متوسط.

ولم يكن لدى العرب قاذفات للقنابل، فعمل اللواء طيار مهندس عبد الحميد محمود أثناء الحرب على تحويل طائرات النقل إلى قاذفات للقنابل لتساهم في الحرب، كما أصلح سربا من طائرات “الكوماند” تركه الأميركيون في مطار القاهرة عام 1945، وحوله إلى قاذفات للقنابل، فأصبح لدى القوات الجوية سرب كامل من الطائرات.

وتكوّن الجيش الأردني من أربعة أفواج ضمت نحو ثمانية آلاف جندي، ارتفع عددهم إلى 12 ألفا خلال الحرب، وكان مركزه مدينة الزرقاء (شمال شرق عمان). وتولى قيادته ضابط إنجليزي يدعى جون باغوت غلوب (غلوب باشا). أما القيادة الميدانية، ومركزها مدينة نابلس (شمال الضفة الغربية) فتولاها البريطاني العميد نورمان لاش.

وضمت القوة الأردنية بطاريتي مدفعية، كل واحدة بها أربعة مدافع 25 رطلا بريطانية الصنع. وأرسل العراق قوة عسكرية بقيادة العميد محمد الزبيدي ضمت ثلاثة آلاف فرد إلى شرق الأردن، وارتفع عدد هذه القوة فيما بعد إلى 15 ألفا. أما سوريا فأرسلت ألفي جندي، تحت قيادة العقيد عبد الوهاب الحكيم، وصلوا فيما بعد إلى خمسة آلاف.

وعلى حدوده الجنوبية حشد لبنان كتيبتي مشاة في كل منها ثلاثة سرايا بنادق، وتكونت كل سرية من ثلاثة فصائل، وضمت الكتيبة الواحدة 450 جنديا، وفصيل مدفعية هاون ومدافع رشاشة، وبطارية مدفعية من أربعة مدافع عيار 105 ميلمترات. كما أرسلت أربع عربات مدرعة وأربع دبابات خفيفة، وكانت هذه القوات تحت قيادة العميد فؤاد شهاب.

وشاركت المملكة العربية السعودية في هذه الحرب بنحو 3200 مقاتل، قادهم العقيد سعيد بيك الكردي ووكيله القائد عبد الله بن نامي، وقاتلت إلى جانب القوات المصرية.

مع نهاية 1947 كانت أعداد منظمة الهاغاناه قد وصلت إلى نحو 45 ألفا وثلاثمائة فرد، بينهم 2200 من البالماخ، وفق المصادر الرسمية الإسرائيلية، وعقب قرار التقسيم انضم لها نحو ثلاثين ألفا من يهود فلسطين، وعشرون ألفا من يهود أوروبا، حتى إعلان قيام دولة إسرائيل.

وحينما اندلعت الحرب ارتفعت أعداد الهاغانا في الأسبوع الأول من يونيو/حزيران 1948 إلى نحو 107 آلاف.

هاجمت الجيوش العربية المستوطنات اليهودية بفلسطين، كما هاجم الجيش المصري تجمعي “كفار داروم، ونيريم” بمنطقة النقب.

وفي 16 مايو/أيار عبرت ثلاثة ألوية تابعة للجيش الأردني نهر الأردن إلى فلسطين، ثم عبر لواء رابع وعدد من كتائب المشاة خلال الحرب.

آنذاك كانت الجبهة الأردنية الإسرائيلية أقوى الجبهات وأهمها، نظرا لعلو تدريبات الجيش الأردني وتكتيكاته التي مكنته من خوض ثلاثة معارك كبرى (باب الورد، اللطرون، جنين). فيما عانت الجيوش العربية ضعفا شديدا في اتخاذ القرارات الحاسمة على المستوى التكتيكي، وعجزت عن القيام بمناورات تكتيكية.

 وضم الجيش الأردني نحو خمسين ضابطا بريطانيا، وألحق بالإسرائيليين خسائر كبيرة، واحتفظ بالقدس والضفة الغربية كاملة حتى انتهاء القتال.

أما الجيش العراقي فخاض معارك شرسة في مدينة جنين شمال الضفة الغربية مدعوما بمقاتلين فلسطينيين، وتمكن من إخراج كافة القوات اليهودية منها وعلى رأسها قوات الهاغانا سنة 1948. كما اقترب من تحرير مدينة حيفا (شمال غرب القدس) بعد أن حاصرها، ولكنه توقف بسبب رفض القيادة السياسية في بغداد إعطاءه أمرا بتحرير المزيد من الأراضي.

وخلد الفلسطينيون ذكرى القتلى العراقيين حيث بنوا مقبرة للشهداء العراقيين (مثلث الشهداء) في إحدى قرى مدينة جنين.

وبدورها استولت القوات النظامية اللبنانية على قريتي المالكية وقَدَس في الجليل الأعلى جنوب الحدود اللبنانية (الجبهة الشمالية للقتال)، وواصلت القتال حتى فرض مجلس الأمن الدولي على لبنان وقفا لإطلاق النار في 10 يونيو/حزيران 1948، وحظر تزويد أطراف الصراع بالأسلحة، سعيا لإيجاد حل سلمي.

https://youtu.be/2Bqw-msoTM8?si=6AVrRZ3KoMljvNGH

وعانى الجيش المصري (أكبر الجيوش العربية في هذه الحرب) من مشاكل تنظيمية ونقص في الأسلحة، رغم أنه قاتل بقوة في معركة الفالوجة التي كانت أهم معاركه، حتى حاصرته القوات الإسرائيلية.

وكان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ووزير دفاعه المشير عبد الحكيم عامر، بين من حوصروا، كما شارك في الحرب أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين من مصر وسوريا والأردن والعراق وفلسطين.

وتعتبر قضية الأسلحة الفاسدة هي واحدة من أشهر القضايا التي ارتبطت بهزيمة مصر في حرب فلسطين عام 1948، وتم الترويج لأنها كانت أحد أسباب قيام مجموعة الضباط الأحرار بثورة يوليو/تموز 1952 على الملك فاروق الأول.

وكان الملك فاروق قرر دخول الحرب قبل نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين بأسبوعين فقط، ثم أقر البرلمان المصري دخول الحرب قبلها بيومين فقط.

ودفع نقص التسليح وضيق الوقت القيادة المصرية لتشكيل لجنة “احتياجات الجيش” في 13 مايو/أيار1948، ومنحها صلاحيات واسعة لشراء السلاح وتحديد مصادره وأنواعه، في أقرب وقت، دون رقابة.

ومع حظر مجلس الأمن بيع الأسلحة للدول المتحاربة في فلسطين، لتحجيم قدرة الدول العربية على القتال، لجأت الحكومة المصرية لعقد صفقات مع شركات السلاح تحت غطاء أسماء وسطاء مصريين وأجانب، للتحايل على القرار.

وقد أصدر ديوان المحاسبة تقريرا سنة 1950، حمل مخالفات مالية جسيمة شابت صفقات أسلحة للجيش تمت في عامي 1948 و1949.

وقدم المسؤولون عن هذه الصفقات للمحاكمة، بعد ضغوط كبيرة، لكنهم حصلوا جميعا على البراءة في 10 يونيو/حزيران 1953 (بعد الإطاحة بالملك)، ما عدا متهمين اثنين حكم عليهما بغرامة مائة جنيه على كل منهما، وهما القائم مقام عبد الغفار عثمان والبكباشي حسين مصطفى منصور.

وتشير كثير من شهادات الجنود والضباط إلى أن الأسلحة الفاسدة لم يكن لها تأثير في مجريات حرب 1948.

فعندما وجدت لجنة احتياجات الجيش أن الوقت ضيق جدا للحصول على السلاح الذي يحتاجه الجيش للحرب، قررت اللجوء لمصادر كثيرة ومنها مصادر سريعة وغير مضمونة لتوريد السلاح وتمثلت في تجميع أسلحة ومعدات من مخلفات الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية واختيار الصالح منها وإرساله إلى الجيش، وأدى استخدام عدد منها إلى وفاة جنود.

وتجدر الإشارة إلى أن لجنة احتياجات الجيش قد نجحت في توريد أسلحة أخرى كثيرة متطورة أنقذت الجيش المصري من هزيمة أبشع، ومن سقوط قتلى أكثر مما حدث.

بعدما فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على لبنان قرار وقف إطلاق النار يوم 10 يونيو/حزيران 1948 وحظر تزويد أي من أطراف الصراع بالأسلحة، توقف القتال بين الجيش الإسرائيلي والجيوش العربية النظامية، فيما واصل جيش الإنقاذ عملياته العسكرية في منطقة الجليل.

تم تحديد هدنة لمدة أربعة أسابيع، وعلى الرغم من حظر التسليح أو إرسال أي قوات جديدة لجبهات القتال فإن إسرائيل لم تلتزم بهذا الشرط، وسعت لتعويض خسائرها، وانهالت عليها الأسلحة بصورة ضخمة، وخصوصا الطائرات، كما تطوع كثيرون من يهود أوروبا للقتال.

خرقت إسرائيل الهدنة، تحت مسمع ومرأى من الأمم المتحدة، وزحفت جنوبا نحو الفالوجة (التي كانت بها القوات المصرية) لتوسيع رقعة الأراضي التي احتلتها وتطويق الجيش المصري المتمركز بها، وإضعاف الجبهة الجنوبية التي كانت تقترب من تل أبيب.

وفي 8 يوليو/تموز 1948 استأنف الجيش الإسرائيلي القتال في جميع الجبهات رغم محاولات الأمم المتحدة تمديد الهدنة.

ومع انتهاء الهدنة اتخذت المعارك مسارا مختلفا، وتعرضت القوات العربية لسلسلة من الهزائم مكنت إسرائيل من بسط سيطرتها على مساحات واسعة من أراضي فلسطين التاريخية.

وفي 21 يوليو/تموز توقفت المعارك بعد تهديدات من مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات قاسية على طرفي المعركة. وقد قبل العرب هدنة ثانية، وكان هذا القبول بمثابة اعتراف بالهزيمة.

وفي 7 يناير/كانون الثاني 1949 انتهى القتال بعد أن استولى الجيش الإسرائيلي على معظم منطقة النقب وطوق القوات المصرية التي كانت موجودة حول الفالوجة في النقب الشمالي. ثم بدأت المفاوضات في جزيرة رودس اليونانية حيث توسطت الأمم المتحدة بين إسرائيل من جانب، وكل من مصر والأردن وسوريا ولبنان من جانب آخر.

في الفترة ما بين 24 فبراير/شباط و20 يوليو/تموز 1949 تم التوقيع على اتفاقيات الهدنة الأربع، وفيها تم تحديد الخط الأخضر، وكان مجلس الأمن قد أوصى في 7 مارس/آذار 1949 بقبول إسرائيل عضوا كاملا في الأمم المتحدة. وفي 11 مايو/أيار 1949 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه التوصية.

يرجع المؤرخون سبب هزيمة العرب في هذه الحرب إلى أسباب عسكرية وأخرى سياسية. أما العسكرية فأبرزها وجود فارق كبير في خبرة القتال والعدد والتسليح بين العرب واليهود.

كما ساهمت بعض القرارات في الهزيمة ومنها:

انسحاب القوات الأردنية من مواقعها بأمر من قيادتها السياسية، وهو ما تسبب في خسارة أراض واسعة كانت مخصصة للدولة العربية وفقا لتقسيم فلسطين، ومنها الجليل الأعلى والنقب، كما أدت إلى كشف المواقع المصرية ومحاصرتها من قبل الإسرائيليين.

فارق الخبرة العسكرية والعدد والعدة بين الجيش المصري وجيش الهاغاناه اليهودي، فلم تكن لدى قيادة الجيش المصري سابق خبرة في قيادة أي معارك حربية، فآخر الحروب التي خاضها الجيش المصري كانت بقيادة إبراهيم باشا في الشام سنة 1839، ومنذ ذلك الحين لم يشارك الجيش المصري في أي معارك حربية، في المقابل شارك مقاتلو منظمة الهاغاناه في الفيلق اليهودي في الحرب العالمية الأولى، ثم في الحرب العالمية الثانية، فاكتسب اليهود خبرات كبيرة في هذه الحروب متعددة الجبهات.

ونقل مؤرخون عسكريون أن القوات الإسرائيلية كانت تفوق القوات المصرية في العدد بنسبة 2 إلى 1، وبلغت نسبة تفوق القوات الإسرائيلية على المصرية في المعدات والذخائر من حيث الكم والكيف نسبة 3 إلى 1.

ضعف فرق المقاومة الفلسطينية، وقلة تسليحها وخبرتها التنظيمية.

أما الأسباب السياسية والتي تعتبر العامل الأكبر لهذه الهزيمة فتمثلت في:

مساندة إنجلترا والولايات المتحدة وفرنسا إقامة دولة يهودية في فلسطين، من خلال تشجيع هجرة اليهود بأعداد ضخمة إلى فلسطين، وإمدادهم بالأسلحة والذخيرة، وتدريبهم، ومنع كل ذلك عن العرب. ورغم موافقة إنجلترا على دخول الدول العربية الحرب بجيوشها، إلا أنها كانت تعلم أن القوات العربية بتسليحها وقدرتها لن تحقق نصرا على قوات اليهود، كما أنها مارست ضغطا كبيرا على حكومات الدول العربية لتضمن قيام دولة يهودية في الأراضي التي خصصت لها بموجب قرار التقسيم.

غياب إستراتيجية واضحة لدى القيادة السياسية في مصر، التي لم تكن لديها الدراسات السياسية والعسكرية والتاريخية عن فلسطين وخطورة المخطط اليهودي، وطبيعة وأسباب وأبعاد المساندة الغربية لقيام هذا الكيان فوق أرض عربية.

انسحاب القوات الأردنية من مواقعها بأوامر من قيادتها السياسية، وهو ما أدى لخسارة أراض واسعة كانت مخصصة للدولة العربية وفقا لتقسيم فلسطين، وهي الجليل الأعلى وصحراء النقب. كما أن الانسحابات الأردنية أدت إلى كشف المواقع المصرية ومحاصرتها من قبل قوات العدو كما حدث في الفالوجا.

تقدر الإحصائيات الرسمية الفلسطينية قتلى فلسطين في هذه الحرب بنحو 15 ألفا، فيما يقدر عدد قتلى الجيوش العربية الأخرى بما بين 3700 إلى سبعة آلاف جندي.

ووفقا للإحصائيات الإسرائيلية فإن عدد قتلى اليهود في هذه الحرب وصل إلى نحو 5600 قتيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى