رأىسلايدر

محكمة العدل الدولية والعدالة الدولية!

استمع الي المقالة

بقلم: دكتور نبيل أحمد حلمي

بمناسبه مخالفة اسرائيل لاتفاقية منع جريمة الاباده الجماعية عام ١٩٤٨ ونظرا لاهمية الموضوع فقد قررت المحكمة عقد جلسة استماع عاجلة لفحص طلب جنوب افريقيا واصدار الامر باتخاذ تدابير مؤقته لوقف اي عمليات غير انسانية لحين الفصل في اصل الموضوع.
ان محكمة العدل الدولية لم تقوم بعد بدراسة الجوانب الموضوعية للمشكلة الوارده في طلب جنوب افريقيا لانها تاخذ مده طويلة للوصول الى الحقيقة والاستماع الى الاطراف المعنية في هذا الطلب.
ولكن قامت بفحصها وفقا للماده ٤١ في فقرتها الاولى من النظام الاساسي للمحكمة والتي نصت على مايلي:
” تكون للمحكمة سلطه ان تبين، اذا رأت أن الظروف تتطلب ذلك، أي تدابير مؤقته ينبغي اتخاذها للحفاظ على الحقوق الخاصة بأي من الطرفين“
وهذا معناه ان المحكمة خلال هذه المرحله مكلفة بفحص مدى استطاعتها في ان تقوم باتخاذ إجراءات مؤقته لحماية الاطراف اذا كان هناك خطر عليهم ثم تخطر الامم المتحده لاتخاذ اللازم من خلال اجهزتها المختلفه.
وقد نصت الفقرة الثانية من الماده ٤١ من النظام الاساسي للمحكمة على مايلي:
”ريثما يتم اتخاذ القرار النهائى، يجب على الفور إبلاغ الاطراف ومجلس الامن بالتدابير المقترحة“
ومن ثم يتضح ان المحكمة مازالت حتى الان تخضع للفقرة الاولى من الماده ٤١ والخاصة بالتدابير المؤقته وحيث ان الطلب الذي تقدمت به جنوب افريقيا يشمل جانبين رئيسيين وهما الاول طلب اتخاذ تدابير مؤقته والثاني تاكيد اتهام إسرائيل بقيامها بجرائم الحرب وخاصة جريمة الاباده الجماعية ضد المدنيين والابرياء من النساء والاطفال الفلسطينيين والمقيمين تحت الاحتلال في غزة. وبعد انتهاء الفقرة الاولى ستنتقل المحكمة الى الفقرة الثانية من الماده ٤١ والخاصة باتخاذ القرار النهائي الموضوعي وهو فحص الاتهامات الموجهة لاسرائيل بشأن الجرائم الدولية التي ارتكبتها بالمخالفة للقانون الدولي وخاصة القانون الدولي الانساني وقد تقرر المحكمة اذا لزم الامر تشكيل ”دائرة جنائية“ لنظر الجانب الجنائي في الجوانب الموضوعية. وفي الغالب ان القرار النهائي عند عرضة على الامم المتحده وخاصة مجلس الامن فسيكون من الصعب استخدام حق الاعتراض (الفيتو).

ومن ناحية اخرى وتعليقا على القرارات التي صدرت بالفعل من المحكمة وتوضيحا لبعض الجوانب القانونية الدولية فإن محكمة العدل الدولية ليس من اختصاصها اتخاذ اي قرار بوقف اطلاق النار لان هذا فقط من اختصاص مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة. وقرار المحكمة الذي اتخذ بالفعل هو أعلى سقف يمكن للمحكمة ان تتخذه في إطار اختصاصها. ولذلك يجب الترحيب بالقرارات المؤقتة التي صدرت من المحكمة تطبيقا للماده ٤١ في فقرتها الاولى (قرارات مؤقته).
ويمكن الآن في ضوء هذه القرارات ان تقوم كثير من دول المجتمع الدولي بتقديم مشروع قرار الى مجلس الأمن بالمطالبة بوقف اطلاق النار على غزة والبدء بارسال شاحنات الى غزة فورًا بالمعونات الكافية لكي تحرج إسرائيل اذا تجرأت بضرب هذه الشاحنات وفي حالة عدم اتخاذ القرار المطلوب من مجلس الأمن ان تتقدم بنفس القرار الى الجمعية العامة للامم المتحده وان تسعى لتطبيق مبدأ ”الاتحاد من اجل السلم ” الذي يتناول فحص الموضوع بسلطات ”مجلس الامن“ عند ثبوت فشل المجلس في تحقيق السلم والامن الدوليين .ومن ناحية اخرى فمن المتوقع ان يقوم المجتمع الدولي بتجنب التعامل مع اسرائيل اعتمادا على قرارات محكمة العدل الدولية. وقد يصل الامر لقطع العلاقات المتعدده او تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع اسرائيل .
واخيرا وليس اخرا لابد ان نشير الى بعض الجوانب القانونية الهامه التي وردت في قرار محكمة العدل الدولية تاييدا للطلبات التي قدمت من جنوب افريقيا في هذا النزاع.
وعلى الرغم من ان قرار المحكمة لم يطلب وقف العدوان الا ان به الكثير من الجوانب التي يمكن ان تشكل انتصارات لجنوب أفريقيا والعرب والفلسطينيين ومنها على سبيل المثال
١- المحكمة ترى ان هناك نزاع يستحق النظر.
٢- المحكمة ترى ان طلب جنوب أفريقيا ببحث وقوع اعمال بواسطة اسرائيل مجرمة في ظل معاهدة منع الابادة الجماعية، جاء من طرف له حق التقاضي.
٣- سجلت المحكمة بعض صور تلك الأعمال المجرمة ومنها منع الماء والكهرباء،،،
٤- سجلت المحكمة صور الدعوة إلى الابادة الجماعية في تصريحات المسئولين الإسرائيليين.
٥- طلبت المحكمة من إسرائيل التوقف عن تهديد المدنيين وتعريضهم للخطر.
٦- طلبت المحكمة من إسرائيل منع إعمال جريمة الابادة الجماعية و كذا ان تعاقب من يقوم بها.
٧- طالبت المحكمة إسرائيل بان تقدم تقريرا عن الاستجابة لطلبات محكمة العدل خلال شهر من تاريخه.
وبناء على ذلك فان قرار المحكمة هو مؤشر قانوني بادانة اسرائيل واحراج معظم الدول المؤيده لها وخاصة الولايات المتحده الامريكية وبعض الدول الاوروبية وغيرهما ويمثل ايضا ادلة مبدئية في طريق ادانة اسرائيل وخاصة ان امام جنوب افريقيا طريق واضح لمزيد من الادلة على جرائمها اللا انسانية
وقد يتوقع البعض ان اسرائيل لن تقوم بتنفيذ معظم ما ورد في قرار المحكمة وهذا يدعم خط سير المحكمة في الادانه الموضوعية لاسرائيل وتاكيد لارتكابها جريمة الجرائم في القانون الدولي وهي جريمة الاباده البشرية وما تشمله من جرائم متفرعة ومن اهمها جريمة التهجير القسري وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانيّة وغيرها من الجرائم الوارده في اتفاقيات القانون الدولي الانساني وخاصة ما ورد في اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين تحت الاحتلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى