ثقافة

إعلان منطقة بحر “آرال” منطقة للابتكارات والتقنيات البيئية

استمع الي المقالة

بقلم: أحمد عبده طرابيك

       طرح رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف، مبادرة إعلان منطقة بحر آرال منطقة للابتكارات والتقنيات البيئية، لأول مرة في اجتماع قادة رؤساء الدول المؤسسة للصندوق الدولي لإنقاذ بحر آرال، والذي عُقد في أغسطس  2018 بمدينة تركمنباشي، في جمهورية تركمانستان. وفي كلمته أمام الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2020، ناشد الرئيس شوكت ميرضيائيف، الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، إلى إعداد واعتماد قرار خاص حول هذه القضية. وشدد رئيس أوزبكستان في بيانه على تركيز المبادرة على تهيئة الظروف الملائمة لجذب الاستثمارات في تطوير وتنفيذ الابتكارات عالية التقنية، والتقنيات الصديقة للبيئة والموفرة للطاقة والمياه، والتطبيق المتكامل لمبادئ الاقتصاد الأخضر، ومنع المزيد من تدهور الأراضي والتصحر والهجرات البيئية، وتنمية السياحة البيئية وتنفيذ التدابير الأخرى المتعلقة بالبيئة والتقنيات الحديثة.

     في 18 مايو 2021، خلال الجلسة العامة للدورة 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وطبقا لاقتراح رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف، تم اعتماد قرار خاص بالإجماع حول إعلان منطقة بحر آرال منطقة للابتكارات والتقنيات البيئية. وقد شارك في صياغة القرار حوالي ستين دولة من مختلف مناطق العالم، بما في ذلك: أذربيجان، الجزائر، أفغانستان، بنجلاديش، بيلاروسيا، المجر، فيتنام، جورجيا، مصر، الهند، الأردن، إيران، الصين، المغرب، نيبال، سلطنة عمان، باكستان، باراجواي، روسيا، رواندا، رومانيا، السنغال، سنغافورة، طاجيكستان، تركمانستان، تركيا، اليابان، وغيرها.

      قامت وزارة الخارجية والبعثة الدائمة لجمهورية أوزبكستان بالأمم المتحدة، بالتعاون مع الوزارات المعنية في البلاد، بعمل واسع النطاق فى إطار التطبيق العملي لمبادرة أوزبكستان بجعل منطقة بحر آرال منطقة للابتكارات والتقنيات البيئية. ففي 25 أكتوبر 2019، تم تنظيم مؤتمر دولي رفيع المستوى في نوكوس، تحت عنوان “منطقة بحر آرال- منطقة للابتكارات والتقنيات البيئية”، تم خلاله تقديم مشروع القرار لأول مرة. وفي رسالته عبر الفيديو إلى المشاركين في المنتدى، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، اختفاء بحر آرال بأنه أحد أضخم الكوارث البيئية في العصر الحالي.

      خلال فترة زمنية قصيرة، وعلى الرغم من القيود الكبيرة المرتبطة بتفشي وباء COVD-19 على نشاط الجمعية العامة للأمم المتحدة، قامت وزارة الخارجية والبعثات الخارجية لأوزبكستان، بعقد العديد من المباحثات مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتوضيح جوهر ومضمون القرار، وتردد صدى أهميته بصورة دورية متصدرًا شتى المنتديات رفيعة المستوى، والاجتماعات العامة والخاصة للأجهزة الرئيسة للأمم المتحدة. كما تم تنظيم سلسلة من المشاورات غير الرسمية، وذلك بمشاركة عدد كبير من أعضاء الأمم المتحدة، للاتفاق على نص القرار. وقامت وفود الدول الأعضاء فى منطقة المحيط الهادئ الآسيوية، وأوروبا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية، الذين شاركوا بنشاط في المناقشات حول مشروع الوثيقة، بالإعراب عن بالغ تقديرهم لمبادرة رئيس أوزبكستان، كما شددوا أيضًا على أهميتها القصوى لكل من دول آسيا الوسطى وبقية دول وشعوب العالم. وتضمن القرار المعتمد من اللجمعية العامة للأمم المتحدة علي: 

أولًا: الإعلان عن الدعم الكامل للتدابير والمبادرات الإقليمية التي تهدف إلى تحسين الوضع البيئي والاجتماعي والاقتصادي والديموجرافي في منطقة بحر آرال.

ثانيًا: تشجيع العمل الاستشاري العلمي والبحثي من أجل الاستمرار فى استعادة البيئة المحيطة وتحسينها، والحفاظ على الموارد الطبيعية وتحسين نوعية الحياة لسكان منطقة بحر آرال.

ثالثًا: التأكيد على أهمية تكثيف التعاون الإقليمي في تنفيذ التدابير المشتركة، للتغلب على عواقب أزمة بحر آرال، واستقرار الوضع البيئي في منطقة بحر آرال، ومنع المزيد من التصحر، وتخفيف الآثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية السلبية، وذلك من خلال التطبيق المستدام لأساليب استصلاح الغابات ذات التكوينات الرملية في القاع الجاف لبحر آرال، الذى تعرض لعمليات ترسب الرماد والأملاح والغبار، فضلاً عن أهمية الدفع بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والتكيف مع تغير المناخ، وتطوير السياحة البيئية والقيام بمختلف التدابير الأخرى.

رابعًا: مناشدة الدول الأعضاء وصناديق وبرامج التمويل، والوكالات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، والمؤسسات المالية الدولية والأطراف المعنية الأخرى، إلى اجراء البحوث المشتركة متعددة التخصصات، وإقامة روابط التعاون العلمي والمبتكر في منطقة بحر آرال، وتطوير وإدخال التقنيات الصديقة للبيئة، وتعزيز التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة بيئيًا، وتطبيق تقنيات صديقة للبيئة واستحداث تقنيات توفير الطاقة والمياه طبقا لخطة التنمية المستدامة لعام 2030.

       تعكس الوثيقة التقدير الكبير والدعم العالي المقدم من جانب الأمم المتحدة لمبادرة أوزبكستان، لإنشاء مركز الابتكار الدولي لمنطقة بحر آرال التابع لرئيس جمهورية أوزبكستان، وتأسيس الصندوق الإنماني متعدد الشركاء لسلامة الانسان لمنطقة بحر آرال، تحت رعاية الأمم المتحدة، والمخصص للتغلب على الأوضاع السلبية للكارثة البيئية في منطقة بحر آرال، وتنفيذ المشاريع الاجتماعية والاقتصادية. كما تم الترحيب بالقرارين اللذين قدمتهما أوزبكستان، وتم الموافقة عليهما بالإجماع، الأول حول “تعزيز التعاون الإقليمي والدولي من أجل ضمان السلم والاستقرار والتنمية المستدامة في منطقة آسيا الوسطى”، والثاني “السياحة والتنمية المستدامة في آسيا الوسطى”. وبذلك تعد منطقة بحر آرال هي المنطقة  الأولى في العالم التي تمنحها الجمعية العامة للأمم المتحدة مثل هذه المكانة المهمة، بوصفها منطقة الإبتكارات والتقنيات البيئية. وليس من قبيل المبالغة الاعتراف بأن مبادرة رئيس أوزبكستان لإقامة مثل هذه المنطقة، سوف يكون لدي أصداء واسعة والاقتداء بها لإنشاء مناطق مماثلة لها في مختلف مناطق العالم، وذلك باعتبارها جزءًا من الجهود المبذولة المشتركة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة عام 2030.

     لقد أصبحت منطقة بحر آرال تحظي بمكانة مهمة باعتبارها منطقة الابتكارات والتقنيات البيئية. حيث يهدف اعتماد قرار خاص من الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى توحيد الجهود من أجل تهيئة الظروف والحوافز لجذب الاستثمارات في تطوير وتنفيذ الابتكارات عالية التقنية، والصديقة للبيئة، والاعتماد علي الطاقة النظيفة، وتقنيات توفير المياه، والتطبيق المتكامل. من مبادئ الاقتصاد “الأخضر”، ومنع المزيد من التصحر والهجرة البيئية، وتنمية السياحة البيئية وغيرها من التدابير. وستسمح الوثيقة أيضًا بتوحيد الجهود وضمان اتساق برامج ومشاريع الوكالات المتخصصة والصناديق والبرامج التابعة لمنظومة الأمم المتحدة لدعم أولويات التعاون والتكامل الإقليمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى