رأى

من عاش بمدح الناس .. مات بذمهم “تعاطف بعقل”

استمع الي المقالة

بقلم: محمد محسوب السنباطي

وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا قَائِلاً: “إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضاً حَتَّى فِي يَوْمِكِ هَذَا مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ. وَلَكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْك فَإِنَّهُ سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ.”

جميعنا متعاطفون مع غزة، جميعنا مؤمون بالقضية الفلسطينة، فاضت أعيننا بالدمع وبكت قلوبنا مع كل نازلة أصابت روح بريئة طاهرة صعدت إلى ربها شهيدة راضية مرضية بإذن ربها، إلا أنني وقفت مفكرا أمام ثلاثة مشاهد أرتأيت أن أناقشها علنا في محاولة يائسة منى للوصول إلى الحقيقة، ودون إطالة لنستعرض سويا تلك المشاهد:

1. المشهد الأول: صلاح ورمضان وباسم يوسف

• صلاح: لم يعلق على الأحداث فتم اتهامه بالخيانة .. نزل لسابع أرض بعد ما كنا بنقول عليه رفع راية مصر و فخر لأي عربي ، صلاح قام بمشاركة فيديو مع محبيه انقسمنا ما بين “أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي ابداً” وما بين ” يا ريتك ما اتكلمت .. كلامك مايع” .. والسؤال هنا: وأنت قاعد في بيتك آمن على نفسك وأسرتك، هل جربت تسأل نفسك: لو أنا مكانه كنت اتصرفت إزاي؟ وقبل ما ترد بسرعة خليك متأكد إنك مش شايف الصورة زي ما هو شايفها، صلاح زي أي واحد فينا ممكن يكون خايف، خوف مبرر لشخص مش حابب يكون طرف في نزاعات أكبر منه لا هايعرف يتعامل معاها ولا مع تباعيتها.

• ملحوظة: لازم تبقى عارف وانت بتعامل الناس انك مش واقف قدام مرايتك، دول ناس تانية بتجارب تانية بخبرات تانية مش لازم تستنى منهم نفس طريقتك انت في التعامل، من الصح إنك تتوقع شوية ضبابية، وان الرؤية مش دايماً هتبقى واضحة، لأنك مش دايما شايف الصورة واضحة ولا عندك معلومة كاملة.

• رمضان: ممثل تم اتهامه بنشر العنف وإفساد الذوق العام وغيرها … نشر مقطع ليه اتكلم عن الحكومة وطلب فتح المعبر و ….، الفنان نسي إنها مش عركة في فيلم ممكن إعادتها و عمل مونتاج لجميع اللقطات الخطرة لخروجها بشكل مبهر .. بس ولسبب غيرمعلوم ناس بقت بتشكر فيه و فموقفه .. بالنسبة ليا مقطع رمضان وغيره باعتبره جزء من ركوب الموجة عشان أكسب معجبين والريتش بتاع الصفحة يعلى ويكبر.

• باسم يوسف: أسلوبك فى عرض القضية مع Piers Morgan كان فوق الرائع، بس سؤال صغير بجد محتاج إجابة ليه: مش غريبة شوية إنه يطلع وينتقد بالشكل العلني ده فنفس التوقيت اللى بيتم حجب فيديوهات أبسط من على وسائل التواصل الاجتماعي .. يعني دولة الحريات سمحت لباسم فقط دون الباقي؟ وارد جدا بس اتمني ما يكنش تمهيد شيء .

خلاصة المشهد الأول: سهل جدا يتم توجيهنا إلى طريق ما، سهل جدا نتبع عاطفتنا في الوقت المفروض فيه نحتكم إلى العقل، لكن الأكيد إن كل واحد فينا مطلوب منه يتعامل وفقا وما يجعله راضيا عنه نفسه وعن قناعاته بغض النظر على رأي الآخرين فيه، لأن في الآخر محدش هايشيل الشيلة غير صاحبها.

2. المشهد الثاني: المقاطعة والمنتجات البديلة: من أكتر البوستات اللى بدأت تنتشر بشدة الفترة اللى فاتت بعد دعوات المقاطعة ” يعني كل المنتجات دي تبعه؟ واحنا عندنا ويندوز وكتاكيتو بس؟” في إشارة لكثرة المنتجات الواردة لنا من الخارج وقلة المنتج المحلي، في حين إن الواقع إن المنتج المحلي موجود وليس منتج واحد بل منتجات عديدة ومتنوعة يمكن الاستعانة بها ليس لتفعيل المقاطعة ولكن لتنشيط المنتج المحلى، مثل تلك البوستات من وجهة نظرى هي وسيلة لاضعاف العزيمة وتهبيطها، أما فيما يخص المقاطعة فاعتقد أنها تحتاج إلى مقال ومساحة لسرد وجهة النظرالكاملة.

خلاصة المشهد الثاني: مش خايف على بلدنا من العدو الخارجي اللى بياكل وجبات من مطعم وجابات سريعة لأن جيش بلدنا بياكل عقارب وتعابين، خايف على بلدي من العاطفة الزيادة والانسياق وراء شعارات هدفها باطل بس تم تصوريها في صورة حق.

3. المشهد الثالث: العاطفة والمعبر وطريقة الدعم: حروب الجيل الرابع والخامس لا تعتمد على المواجهة المباشرة جيش قصاد جيش وإنما تعتمد على خلق الآزمات الداخلية واستخدام المواطن لتحقيق مصالح دول أخري، اعتمادا على العاطفة الجياشة، وهنا يتحول المواطن إلى الدب الذي قتل صاحبه خوفا عليه، على سبيل المثال نشر خبر مغلوط بحذف اسم جزيرة سيناء من خرائط جوجل وخلق حالة من البلبلة لتشتيت الانتباه، أيضا نشر بوستات من نوعية “أقولك الحقني بأموت تقولي هابعت لك إعانات” وكأن المقصود هو الضغط على الجانب المصري لفتح المعبر ودخول اللاجئين .. ولايوجد أبلغ من تعقيب السيد الرئيس ” الفلسطينين يدخلوا سيناء .. يضربوا إسرائيل .. إسرائيل تضرب سيناء المصرية .. مصر تدخل حرب” .. والسؤال هنا صادم: هل فكرت حماس في رد الفعل العنيف الغاشم وأخذت بالأسباب لحماية المدنيين أم أنها هجمة عنترية حققت مكسب قصير الأجل؟

أقسم أنني متعاطف ومؤمن بالقضية ولكنني أقسم أيضا أنني مواطن مصري عاشق لتراب بلده .. نعم متعاطف ولكنني “متعاطف بالعقل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى