مكتسبات جديدة للمرأة المصرية والعُمانية في الانتخابات البرلمانية 2015

مهند أبو عريف
تكتسب انتخابات مجلس النواب المصري التي ستجرى جولتها الأولى بدءاً من يومي 18 و19 أكتوبر الحالي، وانتخابات مجلس الشورى بسلطنة عُمان في دورته الثامنة والتي ستجرى يوم 25 أكتوبر الحالي أهمية كبيرة، ليس فقط بالنسبة للتزامن العجيب بين موعد الانتخابات في البلدين “أكتوبر 2015” ـ والذي ربما يحمل دلالات سياسية معينة منها التشاور والتنسيق المشترك في كافة القضايا ـ وإنما الأجواء السياسية المشتركة في كلا البلدين والتي تسبق العملية الانتخابية، فتأتي الانتخابات المصرية عقب ثورة 30 يونيو 2013 لتكتمل خريطة الطريق المصرية، وتأتي انتخابات مجلس الشورى العُماني لفترته الثامنة ( 2015ـ 2019م ) بعد حالة من الحراك السياسي غير المسبوق، والتي عاشتها البلاد منذ عام 2011 جنباً إلى جنب مع التطورات السياسية في دول الجوار، الأمر الذي يعطي الانتخابات المقبلة خصوصية واضحة مقارنة بالانتخابات التي عرفتها كل من مصر وسلطنة عُمان منذ التسعينيات وحتى الآن.
وتحظى المرأة باهتمام كبير من جانب القيادة السياسية في كل من مصر وسلطنة عُمان إدراكاً لمكانتها وتقديراً لدورها الاساسي والبارز في البناء والنهوض بالمجتمع في جوانبه المختلفة.
نحو دور ومكانة أقوى للمرأة
في هذا السياق يمكن استعراض ما حققته المرأة في البرلمان المصري والعُماني خلال الفترة الماضية والمكتسبات الجديدة التي يمكن أن تحققها خلال الانتخابات المقررة في الشهر الجاري.
أولاً: ما حققته المرأة في البرلمان المصري: بدأت الحياة البرلمانية للمرأة المصرية عام 1957حيث رشحت ست نساء أنفسهن للبرلمان فازت منهن اثنتان، وفي 17نوفمبر 1962صدرت القرارات الإشتراكية والتي نصت علي تمثيل المرأة بنسبة 5% من إجمالي أعضاء المؤتمر القومي للقوي الشعبية البالغ عددهم 1500عضو. ومع إعلان الإتحاد الإشتراكي في 4 يوليو 1964حرص النظام علي إشراك المرأة في العديد من هيئاته.
وتعتبر الفترة (1970-1986) الإنطلاقة الجوهرية لعمل المرأة السياسي في مصر، حيث حصلت 1309إمرأة في مايو 1971علي عضوية الوحدات الأساسية للاتحاد الاشتراكي، وتقرر تكوين التنظيم النسائي للإتحاد الإشتراكي في 7سبتمبر 1975الأمر الذي خلق النواة الأساسية لمشاركة المرأة في المنابر الثلاثة التي قرر الرئيس “محمد أنور السادات” إنشائها عام 1976والتي تحولت إلي أحزاب سياسية وفقاً لقانون الأحزاب السياسية رقم (40) عام (1977).
وجاء تعديل قانون الانتخابات رقم 38لسنة 1972بالقانون رقم 21لسنة 1979بتخصيص ثلاثين مقعداً للنساء كحد أدني وبواقع مقعد علي الأقل لكل محافظة ولم يسمح هذا القانون للرجال بالتنافس علي هذه المقاعد في الوقت الذي سمح فيه للنساء بالتنافس مع الرجال علي باقي المقاعد الأخري، الأمر الذي دفع نحو 200 إمرأة للترشيح في انتخابات 1979وقد فازت ثلاثون منهن بالمقاعد المخصصة للنساء وبثلاث مقاعد أخري من المقاعد غير المخصصة لهن بالإضافة إلي ذلك، عين رئيس الجمهورية سيدتين ضمن قائمة العشرة أعضاء التي يحق لرئيس الجمهورية تعيينهم حسب الدستور، وبهذا أصبح إجمالي النائبات خمسا وثلاثين بنسبة 8 %من إجمالي الأعضاء.
وخلال الفترة (1986-2005) ورغم إلغاء تخصيص المقاعد للمرأة في مجلس الشعب، إلا أن نسبة تمثيلها ظلت مرتفعة نسبياً، والتي بلغت نحو 3.9% حيث ارتفع عدد النائبات في البرلمان إلي 18نائبة من إجمالي 456عضواً في مجلس1987 وذلك بسبب الأخذ بنظام القوائم الحزبية النسبية، وانتهي هذا الوضع بالعودة لتطبيق نظام الانتخاب الفردي، مما ترتب عليه تراجع نسبة تمثيل المرأة في المجالس المتعاقبة، كما شهدت تلك الفترة تضاعف نسب قيد المرأة في جداول الانتخاب من 18% عام 1986إلي 40% عام 2007.
وفي عام 2009 صدر القانون رقم 149لسنة 2009الخاص بزيادة عدد الدوائر البرلمانية وتخصيص مقاعدها للمرأة، وهو ما أسفر عن تخصيص 46 مقعداً للمرأة، مع الإبقاء علي إمكانية ترشحها للمقاعد العامة.
وفي انتخابات عام 2010 جاء قرار مجلس الشعب بتخصيص كوتة للمرأة تصل إلي 64 مقعداً للمرأة، مع الإبقاء علي إمكانية ترشحها للمقاعد العامة، الأمر الذي أدى إلي إحداث إنطلاقة كبيرة في مكانة المرأة سياسياً. ووصل تمثيل المرأة إلى 12.5 % في برلمان 2010.
وفي برلمان الثورة 2011 / 2012 ومع الأخذ بالنظامين الفردى والقوائم وعلى ثلاث مراحل، لم تفز أية امرأة على جميع المقاعد الفردية في المرحلة الأولى، وكان نصيب المرشحات على القوائم الحزبية هزيلا، فبينما لم يتجاوز عدد المرشحات بالمرحلة الأولى 376 مرشحة، فازت ثلاث فقط بثلاثة مقاعد على القوائم الحزبية. وفي المرحلة الثانية، فازت ثلاث مرشحات فقط من بين 328 مرشحة. أما في المرحلة الثالثة والأخيرة، والتي اختزل عدد المرشحات فيها إلى 280 مرشحة، فلم يتم الإعلان رسميا عن فوز أى منهن حتى جولة الإعادة.
والمثير في الأمر أن هذه النتائج المتواضعة لم تتناسب بأي حال مع الوجود الفعلي للمرأة في المجتمع المصري، والذى ينعكس بشكل لافت في ثقلها الديمغرافي حيث تمثل نسبة 50% تقريبا من إجمالي عدد السكان، و25% من قوة العمل، و49% من طلاب الجامعات و40% من مجموع الناخبين المسجلين في جداول الانتخابات.
وفي انتخابات 2015 تأمل المرأة المصرية أن تحقق طموحاتها رغم أن قانون الانتخابات الحالى منحها 56 مقعدا على مستوى الجمهورية، على عكس ما قبل الثورة، حيث اشترط في مجلس الشعب 2010 نحو 64 مقعدًا تحت بند “كوتة المرأة”، وفي مجلس شعب2011 / 2012 أوجب القانون أن تتضمن كل قائمة على مرشحة من النساء على الأقل.
ثانياً: ما حققته المرأة في البرلمان العُماني: حظيت المرأة العُمانية بإهتمام كبير من جانب السلطان قابوس منذ عام 1970انطلاقاً من قناعاته ببناء المواطن أولاً، وأنها تسهم بجانب الرجل في عملية التنمية ولذلك تم تقنين التشريعات القانونية التي كفلت لها الانخراط الى سوق العمل ومنحها المناصب الادارية والوزارية والتمثيل الرسمي.
ويتكون البرلمان في سلطنة عُمان” مجلس عُمان” من جناحين، الأول هو مجلس الشورى والثاني هو مجلس الدولة، وقد تمكنت المرأة العُمانية من ممارسة حقها في الانتخاب والترشح على قدم المساواة مع الرجل، وكان لها الريادة على صعيد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمشاركتها في عضوية مجلس الشورى منذ عام 1994م. إذ لم يحظى المجلس بالحضور النسائي خلال فترته الاولى عام (1992-1994)م.
وفي الفترتين الثانية والثالثة في الأعوام (1995-1997)م و (1998-2000)م فازت أول إمرأتان في عضوية مجلس الشورى وهما طيبة بنت محمد المعولي عن ولاية السيب وشكور بنت محمد الغماري عن ولاية مسقط. ومباشرة تم تعيين الأخيرة في عضوية مجلس الدولة بعد انتهاء فترتها في مجلس الشورى في عام 2000م. واستمر عضويتها في الفترة الثانية والثالثة والرابعة أي من عام 2000م وحتى 2011م . وشاركت المرأة العمانية بداية من الفترة الثالثة ولأول مرة كمرشحة في جميع ولآيات السلطنة بعد ان كانت مشاركتها تقتصر في الترشيح بالنسبة لولايات محافظة مسقط فقط.
كما فازت أيضا إمرأتان بعضوية مجلس الشورى في الفترة الرابعة التي بدأت في عام (2000-2003)م.في هذه الفترة ارتفعت نسبة مشاركة المرأة لتصل الى 30% من مجموع المدعوين للترشيح واختيار ممثلي الولايات أي بزيادة ثلاثة امثال الذي شاركت به في الانتخابات السابقة. وقد تنافس في الانتخابات 540 مرشحاً بينهم 21 امرأة على 83 مقعداً.
وفي الفترة الخامسة (2004-2007)م فازت نفس المرأتان بعضوية مجلس الشورى وهما لجينة بنت محسن بن حيدر درويش ممثلة عن ولاية مسقط ورحيلة بنت عامر بن سلطان الريامي ممثلة عن ولاية بوشر، ومباشرة بعد انتهاء المدة تم تعيين رحيلة الريامية في عضوية مجلس الدولة خلال الفترة الرابعة والخامسة أي منذ عام 2007م وتنتهي في العام 2015م .
أما في الفترة السادسة وهي في عام (2007-2011)م فقد شهدت غياب العنصر النسائي من عضوية الشورى رغم ما سجلته المرأة الناخبة حضورا بارزا واقبال كبير لصناديق الاقتراع حيث لم تنجح ولا إمرأة واحدة بحصد الأصوات الكافية لفوزها رغم ترشح 21 إمرأة من بين 717 مترشحا يمثلون 61 ولاية في جميع ارجاء السلطنة.
وفي انتخابات الفترة السابعة 2011 ـ 2015، بلغ عدد المرشحين 1133 مرشحاً بينهم 77 امرأة للفوز بعضوية المجلس، ورغم ذلك نجحت إمرأة واحدة فقط في الفوز بمقعد في عضوية المجلس وهي سعادة نعمه بنت جميل البوسعيدية.
وفي الفترة الثامنة 2015 ـ 2019 والمقرر لها أن تبدأ في 25 أكتوبر، أفرزت الإحصائية النهائية لعدد المرشحين بعد انتهاء فترة تقديم طلبات سحب الترشح يوم 25 من أغسطس الماضي عن 596 مرشحا بينهم (20) امرأة، وخلال الفترة التي تسبق الانتخابات، تشهد السلطنة الكثير من الندوات التوعوية والتثقيفية لأهمية مشاركة المرأة ومكانتها وضرورة التصويت لها باعتبارها شريكة الرجل في بناء الوطن.
أما الجناح الثاني للبرلمان في سلطنة عُمان فهو مجلس الدولة وكان للمرأة العُمانية حضوراً في هذا المجلس، حيث بلغت نسبة المشاركة النسوية في الفترة التأسيسية الاولى للمجلس من العام (1997 – 2000)م (10%) مقارنة بمجموع الرجال وهو (41) عضوا مقابل (4) نساء.
أما في الفترة الثانية من العام (2000 – 2003)م برغم ارتفاع عدد أعضاء المجلس الى (54) عضوا وزيادة عدد النساء الى (5) عضوات لكنها شهدت تراجع طفيف في نسبة مشاركتها الى (9%) مقابل زيادة عدد الأعضاء الذكور الى (49) عضوا.
وشهدت الفترة الثالثة ارتفاع طفيف في تمثيل المرأة بالمجلس الذي زاد عددهن الى (9) نساء وبنسبة (15%) مقابل (51) رجل من بين العدد الاجمالي وهو (60) عضوا.
أما أعلى ارتفاع شهده المجلس في تمثيل المرأة فكان في الفترة الرابعة (2007 – 2011)م بنسبة (20%) ويرجع ذلك كردة فعل من الحكومة بعدما فشلت المرأة العُمانية في الفوز بمقعد لها في عضوية مجلس الشورى ولتعويض تلك الخسارة فقد قام السلطان قابوس بتعيين (14) إمرأة في عضوية مجلس الدولة من ضمن (71) عضوا .
أما بالنسبة للفترة الخامسة فقد ارتفع إجمالي أعضاء المجلس الى (83) عضوا وتم تعيين (15) إمرأة بنسبة 18% مقابل (68) رجل .
ولم يقتصر دور المرأة في كل من مصر وسلطنة عُمان على المشاركة في البرلمان، بل باتت المرأة وزيرة وسفيرة، وهو ما يعكس الحرص على تمكين المرأة سياسياً. وتنامي دورها في الحياة العامة وتزايد معدل مشاركتها في المواقع التنفيذية والجهاز الإداري للدولة.