سلايدرسياسة

لدى القمة 160لمجلس وزراء الخارجية العرب.. أبو الغيط يحذر من عودة صراعات القوى الكبرى بسبب حرب روسيا – اوكرانيا

استمع الي المقالة

أشرف أبو عريف

ألقى السيد/  أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية اليوم كلمة في الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري الدورة العادية (160) والتى جاءت على النحو التالى:

معالي السيد ناصر بوريطة

وزير الشئون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة

المقيمين بالخارج للمملكة المغربية

رئيس الدورة العادية (160) لمجلس الجامعة على المستوي الوزاري

أصحاب السمو والمعالي الوزراء،

السيدات والسادة،

اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بالتهنئة لكم معالي الأخ الوزير، على تولي المملكة المغربية رئاسة أعمال الدورة 160 للمجلس الوزاري مُتمنياً لكم كل التوفيق والنجاح.. كما أتقدم بالشكر لمعالي السيد سامح شكري وزير خارجية جمهورية مصر العربية على رئاسته للدورة 159 من أعمال المجلس، بكل حكمةٍ واقتدار.

السيدات والسادة،

لا يخفى علينا جميعاً ما يكتسبه العمل العربي المشترك من أهمية مضاعفة، وقيمة أكبر، في ظل ما تشهده الساحة الدولية من ارتباك واضطراب وانعدامٍ لليقين.. إن الحرب المستمرة منذ 19 شهراً في أوكرانيا، تمثل عودة مخيفة لصراعات القوى الكبرى.. بكل ما تنطوي عليه هذه النوعية من الصراعات الضارية من انعكاسات خطيرة على السلم العالمي.. في أبعاده الأمنية والسياسية والاقتصادية على حدٍ سواء.

وتُشير تطورات الفترة الماضية إلى أن التعامل مع تبعات هذه الصراعات يقتضي تعزيزاً للعمل الجماعي بين الأطراف المختلفة.. لتنسيق المواقف بين الدول الراغبة في الحفاظ على استقلالها الاستراتيجي .. وتوفير منصات للعمل المشترك الذي يتناول القضايا التي تتعلق بصيانة المصالح الوطنية.

وأحسب أن الجامعة العربية قد نجحت خلال الشهور الماضية في التحرك، على أكثر من صعيد، من أجل تعزيز شراكاتها مع القوى الدولية المختلفة.. باعتبار أن هذه الشراكات تُمثل رصيداً استراتيجياً مهماً لدولنا.. وأُشير في هذا الصدد، على سبيل المثال، إلى القمة العربية الصينية الأولى التي استضافتها المملكة العربية السعودية في ديسمبر الماضي.. وأخيراً وليس آخراً، الدورة الثالثة للحوار العربي الياباني التي انعقدت بالأمس.. ونتطلع في نوفمبر القادم إلى القمة العربية الافريقية التي تستضيفها المملكة العربية السعودية، باعتبارها خطوة ضرورية وفي وقتها لترسيخ العلاقات مع شركائنا وأصدقائنا في افريقيا التي تموج بتحولات نتابعها جميعاً.

إن هذه الشراكات وغيرها تعكس حركية مطلوبة.. بل وضرورية لوضع المنطقة العربية على تماسٍ مع كتل وقوى دولية مختلفة.. في أكثر من اتجاه.. وحول كافة القضايا التي تتعلق مباشرة بمصالح المواطن العربي وهمومه.

السيدات والسادة،

إن الأزمة في السودان لا زالت تتوالى فصولها، مُخلفةً كُلفةً هائلة بما يفوق الاحتمال على أبناء الشعب السوداني.. فمع استمرار القتال في المدن السودانية، على النحو المؤسف الذي نتابعه، تتزايد أعداد الذين يفرون ويتركون بيوتهم.. وتصير الحياة مستحيلة للسكان المدنيين.. وتتداعى مؤسسات الدولة ومرافقها التي تُقدم الخدمات الأساسية.. ونقترب أكثر من حالة الحرب الأهلية الشاملة التي لا نريد للسودان وأهله أن ينزلقوا إليها.

 ونُدرك جميعاً أن المطلوب الآن هو التحرك على نحوٍ عاجل من أجل تحقيق الحل الشامل للأزمة الذي يقتضي -ابتداءً- وقفاً مستداماً لإطلاق النار في كافة المدن السودانية، وبما يهيئ السبيل للعودة للمسار السياسي الذي يضمن وحدة الدولة ووحدة مؤسساتها، ووحدة قواتها المُسلحة.

 وبرغم أولوية هذه الأهداف، والحاحها، فإننا نضع الاستجابة الإنسانية العاجلة أيضاً في مقدمة أولوياتنا… وفى هذا الصدد أطلقتُ، بعد التشاور مع المنظمة العربية للتنمية الزراعية (التي أعدت دراسة تحصر الاحتياجات العاجلة للقطاع الزراعي السوداني).. أقول أطلقتُ مبادرةً لإنقاذ الموسم الزراعي، حيث دعوت وزراء الزراعة العرب الشهر الماضي للنظر فيما يمكن أن تقدمه دولهم لدعم المبادرة بهدف تحصين الأمن الغذائي للمواطن السوداني… وآمل أن تحظى هذه المبادرة بما تستحقه من دعمٍ من الدول العربية.

وفي اليمن.. وبرغم خفض التصعيد، وتراجع حدة العمليات العسكرية في الشهور الماضية… فإن الوقف الشامل لإطلاق النار، فضلاً عن التسوية السياسية، ما زالت أهداف بعيدة المنال.. وما زال الطرفُ الحوثي يضع العراقيل تلو العراقيل أمام مسار الحل.. وكأنه راغبٌ في استمرار الوضع الحالي، بما ينطوي عليه من انقسام للبلد، ولمؤسساته، واضعاف شديد لاقتصاده وقدراته… إن الحفاظ على يمنٍ موحد، ذي سيادة على كامل ترابه الوطني، بعيداً عن التدخلات الخارجية .. هو الهدف الذي نسعى إليه جميعاً.. وهو هدفٌ قابل للتحقق إذا أدرك الطرف الحوثي أن بإمكانه أن يكون جزءاً من عملية سياسية شاملة، وليس متحكماً أوحد بقوة السلاح.

وفي سوريا.. شهدنا خلال الشهور الماضية تطوراً مهماً، نُرحب به جميعاً ونوجه التحية للدول الأعضاء التي أسهمت في استكماله.. أتحدث عن استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة.. وما صاحبه من استعادة للانخراط العربي في أزمتها.. وفي التعامل مع أسبابها وكذا تبعاتها الصعبة التي يعاني منها اخوتنا أبناء الشعب السوري في المقام الأول، كما تمس دول جوار سوريا، وتتعلق بالأمن القومي العربي في مفهومه الشامل.. وأرحب في هذا الخصوص باستمرار الانخراط العربي البناء، الذي انعكس في اجتماع لجنة الاتصال الوزارية الأخير الذي عُقد بالقاهرة الشهر الماضي، وما تمخض عنه من تعزيز لمواكبة الجامعة العربية لسوريا في كافة جوانب أزمتها، وتهيئة سبيل واضح للخروج منها وفق نهج تدريجي، وعلى أساس مبدأ خطوة مقابل خطوة، والقرار الأممي 2254.

السيدات والسادة،

تواجه القضية الفلسطينية، قضيتنا جميعاً، تحدياتٍ خطيرة على رأسها المواقف التي تتبناها حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل.. إنها حكومة برنامجها يقوم على الاستيطان لا السلام.. وتسعى لضم الأراضي لا لحل الدولتين… إنها جزء من المشكلة لا الحل.. وهي تخلق، كل يوم، بسياساتها الاستفزازية، ما يُزيد الموقف في الأراضي المحتلة اشتعالاً.

إن على المجتمع الدولي مسئولية كبيرة نحو وقف هذا الوضع المتدهور.. والذي يُنذر بانفجار لا يتمناه أي طرف… فلا ينبغي أن يُسمح لحكومة الاحتلال بتصدير أزماتها الداخلية إلى الساحة الفلسطينية.. وتتعين مواجهة العناصر المتطرفة في هذه الحكومة وعدم التسامح مع خطابهم العنصري وعنف المستوطنين الذي يحرضون عليه، وسياسات الأبارتايد التي يروجون لها، ويباشرون تنفيذها في المدن والبلدات والقرى الفلسطينية كل يوم.

السيد الرئيس،

إن المرحلة القادمة تحتاج لتكثيف العمل العربي على كافة الأصعدة.. بما يتفاعل مع المتغيرات ويسمح بالتكيف معها … ولا شك أن الأزمات الاقتصادية التي يُعاني منها العالم، ومنطقتنا بطبيعة الحال، تُمثل أولوية متقدمة على أجندة دولنا جميعاً.. وأشير في هذا السياق إلى القمة الاقتصادية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة.. والتي ينتظر أن تستضيفها موريتانيا قبل نهاية العام تحت شعار “الأمن الغذائي ضمانٌ للسيادة”.. وهو موضوع يكتسب أهمية متزايدة في ضوء الاضطراب الواضح في سلاسل توريد الحبوب جراء الحرب في أوكرانيا، فضلاً عن تهديدات أخرى خطيرة، مثل الجفاف، الذي ضرب دولة الصومال لأعوام متوالية.. وقد بحث المجلس الاقتصادي والاجتماعي مشروع جدول أعمال تلك القمة، وتلقت الأمانة العامة عدداً كبيراً من المبادرات المتعلقة بالأمن الغذائي والاقتصاد الأخضر والحماية الاجتماعية وغيرها.. ونقوم الآن ببلورة هذه المبادرات لتنسجم مع الشعار الأساسي للقمة التي نرجو جميعاً أن تُشكل نقطة فارقة في العمل العربي المشترك في هذا الملف المهم.

وأخيراً.. فإنني أتمنى لأعمال اجتماعنا كل النجاح والتوفيق.. شكراً لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى