كرسالة طمئنة صادقة وسط إنجازات نوعية هائلة.. طهران تستعد لإطلاق النسخة 3 للمؤتمر الدولي الإقليمى تحت عنوان “سياسة إيران تجاه العالم الإسلامى.. جيرانها.. آسيا.. وأبعادها الأمنية والثقافية والإقتصادية”
هل تشارك مصر فى المؤتمر بناءاً على دعوة إيران؟
رئيس التحرير يكتب
لا شك أن بلسمة الجراح بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية واستعادة العلاقات الثنائية بين البلدين تجذيراً للعلاقات التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين طهران والرياض قد ألقى بظلاله الإيجابية على منطقة الشرق الأوسط عموماً والعرب خصوصا.. وباتت دول عربية وإسلامية تبدى استعدادها لإعادة النظر فى استئناف علاقاتها مع إيران.. ومن بين هذه الدول مصر التى شاركت مؤخراً فى مؤتمر مكافحة العواصف الرملية فى طهران خاصة وأن مصر تتتميز بخصوصيتها الإقليمية والدولية فى شتى المجالات.
* إنجازات فائقة.. وحصار 43 سنة!
وفى نفس الوقت، كون إيران أمست قوة إقليمية ودولية لافتة فى شتى المجالات، خاصة الانجازات العلمية: الرابع عالمیا فی انتاج الایثانول..الثالث عالميا فی انتاج ابراج وأعمده نقل الکهرباء.. السادس عالمياً فی انتاج الغواصات.. الثانی عالمياً لإنتاج مراوح الکومبوزیتیه لصناعة المروحیات.. الثامن عالمياً فى المجال النووی.. البلد الوحید الذی ینتج ایمبلنت حیویة.. الأولی فی مجال تقانه النانو.. من هنا استطاعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية باقتدار كسر الحصار الظالم المفروض عليها منذ ثلاثة وأربعين عاماً وقدرتها على كسر أنف قُوىَ الإستكبار واستعادة 10 مليارات دولار من أصولها المجمدة بوساطة قطرية وعُمانية مقابل تسليم أسرى أمريكيين.
* المؤتمر.. رسالة طمئنة
واليوم، تجرى الإستعدادات على قدم وساق فى الجمهورية الإسلامية الإيرانية لانطلاق النسخة الثالثة للمؤتمر الدولي الإقليمى أيام التاسع عشر والعشرين من شهر كانون الاول ديسمبر 2023 فى طهران تحت عنوان “سياسة إيران تجاه العالم الإسلامى.. جيرانها.. آسيا.. وأبعادها الأمنية والثقافية والإقتصادية”.. يأتى هذا فى الوقت الذى تتسابق فيه دول الغرب لإحكام السيطرة على العالم بأسره خاصة دول النفط العربى لأسباب عديدة منها فتح المجال أمام إسرائيل لإنفاذ معاهدات التطبيع المبرمة التى تعيش مرحلة فتور بعد تسلم حكومة نتنياهو العنصرية مقاليد الحكم.
* ترحيب
وبالتالى ليس غريباً أن تعيد دول المنطقة، ومن بينها مصر العربية، بناءاً على رغبة صادقة من جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجلت فى وساطة سلطان عُمان مؤخراً وترحيب من جانب الرئيس عبدالفتاح السيسى لما يتمتع به من بُعدْ نظر وأنه قد آنَ الآوان لرأب الصدع بين دول المنطقة وذلك لدى مصافحة الرئيس رجب طيب أردوغان للرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء افتتاح مهرجان كأس العالم فى قطر مؤخراً بوساطة قطرية.
* قُوىَ ذا طابع خاص
عن مفاوضات عودة العلاقات المصرية – الإيرانية، فإن جمهورية مصر العربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية دولتين مؤثرتين في منطقة الشرق الأوسط لما تتمتع به كل منهما بإمكانيَّات ماديَّة وثقافيَّة وسياسيَّة واستراتيجيَّة مميزة، فإيران تتفهم أهميَّة مصر المستندة لموقعها بين الدول العربيَّة والإسلاميَّة، وما تمتلكه من إرث حضاري وثقافي عريق ومكانة جيوسياسيَّة واقتصاديَّة خاصَّة، فهي قوَّة بارزة بين الدول العربيَّة وعامل فعَّال في أمن واستقرار دول المنطقة وبوابة للقارة الأفريقيَّة، ويمكن لإيران أن تستفيد منها في تقوية مكانتها في المنطقة وكسر الحصار المفروض عليها من جانب الغرب وأمريكا. كما تتفهم مصر أيضًا أهميَّة إيران لموقعها الجغرافي البارز في منطقة الخليج، وقربها من آسيا الوسطى وجمهوريات القوقاز، وامتلاكها موارد هائلة من النفط والغاز، واتساع أسواقها التي يمكن أن تستقبل البضائع المصريَّة، ومكانتها بالنسبة للتجمعات والكيانات الشيعيَّة في العالم.
* سياسات مصر الإقليمية أولاً..
وعلى الرغم من إيمان الطرفين بأهميَّة كلٍّ منهما للآخر فإن العلاقات بين البلدين واجهت تقلبات حادة في عصور مختلفة، إلا أن العلاقات بين البلدين شهدت شكلًا من أشكال التقارب في بعض الملفات الثنائيَّة والإقليميَّة والدوليَّة في السنوات العشر الأخيرة لالتقاء المصالح. وعليه، فإن إشارات إيرانية تؤكد الرغبة في تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين وكذلك تأمل القاهرة في تطور العلاقات الثنائية مع إيران بشكل يتسق مع المحددات السياسية الرئيسية التي تحكم سياسات مصر الإقليمية.
* رغبات واستعدادات صادقة..
ولعل الإشارات الإيرانية المتكررة بشأن تطوير العلاقات مع مصر وجدت صدى، مذكّرة بما قاله وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في يوليو (تموز) الماضي، بأن «تعزيز العلاقات بين طهران والقاهرة يصبّ في مصلحة دول المنطقة وشعبي البلدين»، والتي أعقبها في الشهر نفسه تغريدة كتبها السفير محمد حسين سلطاني فرد رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة، على حسابه الشخصي، أشاد فيها بما وصفه «موقف مصر المعارض لمشروع تحالف أميركي ضد إيران»، واستكمل سلطاني التلويح بتحسن العلاقات بين القاهرة وطهران، عبر مقال نشره في صحيفة «إيران ديلي»، ونقلته وكالة الأنباء الإيرانية نهاية الشهر نفسه، قال فيه إن «التطورات الراهنة تقتضي رفع العلاقات الثنائية بين البلدين من مستوى رعاية المصالح، إلى المستوى السياسي المنشود».
وفى برقية أرسلها سفير مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة السيد/ محمد حسين سلطانى فرد إلى وزارة الخارجية المصرية معرباً فيها عن خالص الشكر والتقدير لفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإعادة إعمار مساجد آل البيت.. السيدة نفيسة.. الإمام الحسين.. السيدة زينب.. ومتمنياً للرئيس موفور الصحة والسعادة.. فضلاً عن الإشادة بدور مصر العظيم فى إرساء مبادىء التعايش السلمى والوحدة بين الأديان وتقريب وجهات النظر بين المذاهب.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، رحّب وزير الخارجية الإيراني، بمقترح من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يهدف إلى «إطلاق حوار بين القاهرة وطهران». وقال عبداللهيان إن «رئيس الوزراء العراقي أبدى خلال لقائهما في الأردن، على هامش الدورة الثانية لـ(مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة)، الرغبة في بدء محادثات إيرانية – مصرية على المستويين الأمني والسياسي؛ ما يؤدي إلى تعزيز العلاقات بين طهران والقاهرة»، معرباً عن «ترحيبه بالفكرة».
وفي السادس من مارس (آذار) الماضي، أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عن رغبة بلاده في «توسيع العلاقات مع جيرانها»، وقال خلال مؤتمر صحافي «ننظر إلى توسيع العلاقات مع الدول الصديقة وحل المشاكل وسوء التفاهم معها، ومصر ليست منفصلة عن هذه القاعدة، وإيران تستغل كل الفرص لتحسين العلاقات الخارجية، بما في ذلك مع مصر».
وبعدها بأيام أعاد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، والذي كان مسؤولاً عن مكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة قبل تولي منصبه الحالي، ناصر كنعاني، طرح الدعوة لاستئناف العلاقة بين الجانبين. ورحّب المرشد الإيراني علي خامنئي، خلال لقائه بسلطان عمان هيثم بن طارق آل سعيد، اليوم (الاثنين) بـ«تحسين العلاقات الدبلوماسية مع مصر». ووفق الموقع الرسمي لـ«المرشد الإيراني»، فإن سلطان عُمان، أبلغ الإمام خامنئي «رغبة مصر في استئناف العلاقات مع إيران»، وهو ما رد عليه المرشد بالقول «نحن نرحب بهذا الموقف وليست لدينا مشكلة في هذا الصدد».
* التطبيع بين مصر وإيران يخدم إسرائيل
وبلا شك إن عودة العلاقات الثنائية بين مصر وإيران سيخدم معضلات مزمنة وبالأخص مع الجانب الإسرائيلى نظراً لحنكة النظام السياسى المصرى وقدرته على حل الأمور العالقة كما نرى دوما فى قدرة مصر وقف الإقتتال بين المقاومة الفلسطينية المدعومة إيرانياً وبين الجانب الإسرائيلى وهذا بحسب دراسة لمعهد الأمن القومي الإسرائيلي INSS الذى قال: أن نجاح التطبيع بين القاهرة وطهران لن يكون بالضرورة ضارا بشكل كبير لإسرائيل لأنه يمكن أن يخدم المصالح الإسرائيلية الحيوية، السياسية والأمنية والاقتصادية.
*** والسؤال: هل تستثمر دول المنطقة والعالم بأسره فرصة المؤتمر وبدئ صفحة جديدة فى استئناف العلاقات الثنائية وتجنيب العالم ويلات الصراع بكافة انواعه خاصة النووى فى الوقت الذى تكشر فيه تقلبات الطقس عن أنيابها ؟!