بيروت – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن الحكومة المصرية تقنن استهلاك الكهرباء في جميع أنحاء البلاد، ما يهدد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للناس.
يبدو أن تخفيض التغذية يستمر لفترات أطول في المناطق الريفية، التي فيها معدلات أعلى للفقر، ما يحرم الكثيرين من التيار الكهربائي وسط ارتفاع درجات الحرارة، ويعيق قدرتهم على أداء وظائفهم، كحال بعض الكوادر الطبية، ويحرمهم من المياه. ينبغي أن تعترف الحكومة بحق كل فرد في كهرباء نظيفة، ومتاحة، وميسورة التكلفة.
قال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “لطالما طالبت الحكومة المصرية ضمنيا المصريين بالتضحية بحقوقهم المدنية والسياسية مقابل الازدهار الاقتصادي. لكن انقطاع الكهرباء يقلص بشدة قدرة الناس على الحصول على حقوقهم، بما فيها الحق في الغذاء، والماء، والرعاية الصحية”.
قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن التقنين، الذي بدأ في 22 يوليو/تموز 2023 بعد أسبوع من الانقطاعات المفاجئة للتيار الكهربائي، يهدف إلى تخفيف الضغط على البنية التحتية للكهرباء في البلاد جرّاء زيادة الطلب. إلا أن مسؤولين حكوميين قالوا أيضا إن أزمة الكهرباء نتجت عن عدم كفاية إمدادات الغاز لتشغيل محطات الطاقة. تخطط الحكومة منذ أغسطس/آب 2022 على الأقل لتقنين الكهرباء حتى تتمكن من تصدير الغاز الطبيعي كوسيلة لدعم احتياطها من العملات الأجنبية.
في 27 يوليو/تموز، أعلنت الحكومة عزمها تمديد خطة التقنين حتى سبتمبر/أيلول على الأقل، بعد تصريحات رئيس الوزراء في 19 يوليو/تموز أن الانقطاع المتكرر سينتهي بحلول 25 يوليو/تموز. لمعالجة الأزمة، أعلنت الحكومة إجراءات عدة، منها تكليف بعض موظفي القطاع العام بالعمل من المنزل أيام الأحد، وهو يوم عمل في مصر.
نشر أشخاص فيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي يشتكون فيها من أن التقنين يعيق أداء وظائفهم، ما يهدد حقهم في العمل. صرّح عضو في البرلمان خلال استجواب برلماني لوزير الكهرباء والطاقة المتجددة أن انقطاع التيار الكهربائي حال أحيانا دون وصول المياه إلى الطوابق العليا في المباني السكنية في ست مدن بمنطقة القاهرة.
أعلنت الحكومة أن المستشفيات معفاة من التقنين، على عكس العيادات الخاصة. قال طبيب لـ “بي بي سي عربية” إنه اضطر إلى إعادة إجراء عملية تنظير البطن لأن التيار الكهربائي انقطع. أضاف أن حتى المولد الاحتياطي في العيادة لم يعمل كما يجب بسبب تقلب التيار الكهربائي.
أفادت وسائل الإعلام أن التقنين سيستمر لفترات أطول في بعض المناطق. بحسب “العربي الجديد”، تُقنّن الكهراء في مناطق القاهرة الكبرى أربع مرات في اليوم لمدة ساعة في كل مرة، في حين تُقنن في الصعيد والدلتا خمس مرات. قال أحد أعضاء البرلمان إن الكهرباء وصلت سكان بعض المناطق في حي العمرانية بالجيزة لساعتين فقط خلال 15 ساعة، ما تسبب في إتلاف أجهزتهم الكهربائية.
نقلت صحيفة “الشروق” المحلية عن مسؤول بوزارة الكهرباء قوله إن الانقطاع قد يستمر حتى ساعتين في المدن، لكن قد يصل إلى ثلاث ساعات في القرى. أرجع المتحدث باسم مجلس الوزراء السفير نادر سعد فترة التقنين الأطول في بعض القرى إلى خطأ بشري ومسائل فنية، إذ قال: “ربما الشخص المسؤول فصل الكهرباء ونسي أن يرجع التيار”.
في 31 يوليو/تموز، أصدر مجلس الوزراء جداول التقنين في جميع أنحاء البلاد، باستثناء محافظات مرسى مطروح والبحر الأحمر وجنوب سيناء، والتي اعتبرها معفاة نتيجة استهلاكها المحدود للطاقة. قال أيضا إن المناطق السياحية والساحلية ستُستثنى لأنها تدرّ إيرادات عامة.
بناء على الجداول الزمنية، سيكون التقنين في جميع الأحياء لفترة ساعة يوميا، باستثناء محافظة الإسكندرية، والتي يمكن أن يصل التقنين فيها إلى 140 دقيقة. لم تقدم الحكومة أي تبرير لهذا التفاوت.
وإمداداتها بشكل كاف ومستدام، والتعاون الدولي لضمان توفير كهرباء موثوقة، وميسورة التكلفة، ومتاحة للمستخدم النهائي.
نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في مصر تقريبا مصدرها إنتاج الكهرباء والحرارة، والتي يُولَّد 90% منها من الوقود الأحفوري، ويشكّل الغاز الجزء الأكبر منه. قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للسلطات المصرية اتخاذ خطوات فورية وعاجلة لضمان حصول جميع السكان على تغذية بكهرباء مستمرة ونظيفة وميسورة التكلفة، ولا تُسهم في أزمة المناخ، مع التركيز على زيادة قدرة التوليد من الطاقة الكهرومائية، والرياح، والطاقة الشمسية. كلما كان الانتقال إلى الطاقة المتجددة أسرع، زاد توفير مصر للأموال، وخُلقت فرص عمل أكثر، وقلّت مساهمة مصر في أزمة المناخ.
قال كوغل: “تعلم الحكومة منذ فترة طويلة أن صادرات الغاز الطبيعي المخطط لها تتعارض مع احتياجات المصريين من الكهرباء، ومع ذلك تفضل اللجوء إلى تقنين الكهرباء بدل الاستثمار في الطاقة المتجددة لتعويض الفارق. إذا اضطرت الحكومة إلى قطع الكهرباء، ينبغي لها على الأقل توزيع التقنين بالتساوي ودون تمييز”.