رأى

انه حقا عيد الوحدة الإسلامية

استمع الي المقالة

أحمد مصطفى يكتب

بداية نهنئ كل العالم والبشر بعيد الاضحى المبارك – ويا رب الخير يعم على البشرية جميعا في هذه الأيام المباركات.

تأتي مراسم الحج هذا العام في ظروف مختلفة عن الأعوام السابقة للأسباب التالية:

أولا) جاءت خطبة وقفة عرفات هذا العام خطبة تقريبية لـ (الدكتور/ يوسف بن سعيد) أحد أهم علماء الدين في السعودية والذي حاول من خلالها أيضا بس روح التسامح والتقريب بين المسلمين، وكذلك التحذير من الانجرار مرة أخرى إلى الفتنة التي تفرق المسلمين، كما كان يحدث سابقا – هذا الحوار الذي كان ينادي به شيخ الأزهر السابق ومن خمسينيات القرن الماضي (الدكتور/ شلتوت) والذي كان دائما وأبدا ما ينادي بفكرة التقريب ما بين المذاهب.

وهذا يوجب علينا توجيه الشكر للإدارة السعودية والإيرانية على المصالحة التي حدثت بهندسة صينية ودعم عماني وعراقي والذي بدوره حل كثير من الخلافات الراهنة بل تعمق الى ربما تكوين تحالف أمني خليجي يضم ضفتي الخليج مرة اخرى وتمنع العداء من النيل من إخواننا في الجوار والدين – وكما قال الله في آياته “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”.

والشيء اللافت إقامة مؤتمر الحج في مكة بالشراكة ما بين دول العالم الإسلامي، ولأول مرة لمحاولة علاج جزء من بعض قضايا الامة ومنها الإعلام ودوره في التقريب ما بين الدول الإسلامية والشباب على وجه العموم، والحمد لله كان لي حظا كمتحدث من مصر عن هذا الموضوع ونتمنى استدامته.

ثانيا) حمدا لله لا توجد جوائح تعوق الحجاج من السفر للأراضي المقدسة. وقد اتضح وفقا لتقارير أممية وأمريكية أن الصين ليس لها علاقة بأي جائحة، والمفاجأة أيضا أنه طلب ممن تم تطعيمهم بلقاح فايزر عدم التبرع بالدم لأي شخص ممكن وغالبية هؤلاء في الغرب الذين شككوا في التطعيم الصيني والروسي لغرض ما (لوبي الدواء في أمريكا). مما يؤكد فشل حتى الغرب في حبك لعبته من إنتاج فيروس ثم لقاح لمعالجته لتعويض خسائره الاقتصادية، وأيضا التعتيم على الفشل الاقتصادي الذي يعانون منه.

ثالثا) ايضا المسرحية التي أدارها باقتدار الرئيس (بوتين) أمام العالم هذا الاسبوع، وجعل الغرب في حيرة بحيث أصبحت قوات فاجنر الموالية لـ روسيا في (بيلاروسيا) أي على رأس دول وسط أوروبا، وخصوصا (بولندا) والتي كانت جزءا من الأزمة الأوكرانية، وهي ليست وليدة اليوم. حيث أشار لها تاريخيا الرئيس بوتين في المشروع الإعلامي الخاص لوكالة تاس (20 سؤالا موجهة لبوتين) فبراير 2020 – ووسط تكهنات خبراء استراتيجيين وضباط كبار سابقين غربيين بحتمية هزيمة ليس فقط أوكرانيا في هذه المواجهة، بل الناتو في الأراضي الاوكرانية، إذا استمر الوضع كما هو عليه حاليا.

مع ضرورة أن تتم مفاوضات الصلح والضغط بأي وسيلة كانت على النظام الأوكراني لتسوية النزاع. إلا أن صهاينة ونازيو الديموقراطيين، الذين يقودون بايدن، يرون أن التسوية السلمية تعني هزيمة الحزب الديمقراطي، ثم يلعبون على قضية (الحريات الجنسية والمدنية) لالهاء المواطن الأمريكي المغلوب على أمره عن واقع الأمور.

رابعا) استمرار التضخيم الإعلامي المدار من أباطرة الإعلام في الحزب الديموقراطي تزيد الشرخ بين فصائل الشعب الأمريكي نفسه؛ بل ولا تعالج مواضيع حقيقية مثل (العنصرية) ضد أصحاب البشرة السمراء والمسلمين والتي تسببت حسب تقرير (سيتي جروب 2020) في خسارة الاقتصاد الأمريكي على مدار 20 عاما ما يقرب من (16 تريلليون دولار)؛ والذي يدفع ضرائب لمجموعات غير مؤهلة في الكونجرس للاسف لا تصن له حقوقه ولا تقل له الحقيقة.

ولأن بايدن لا يحكم أمريكا بل هو صورة لمن خلفه، وعليه وبالرغم من الوضع الاقتصادي الكارثي في أمريكا يصرون على المضي قدما في الحرب ضد (روسيا)، غير آبهين بالقتلى الأبرياء من الشعب الأوكراني الذي يساق من الجامعات والحانات والنوادي دون أدنى تدريب لمواجهة أقوى جيش في العالم حسب تقارير غربية أيضا.

خامسا) لا زلنا نؤكد على تخبط الغرب بشكل كبير جدا في سياساته وانتخاباته لأنه استنفذ كافة مرات الرسوب ولم يعالج أي من المشاكل الحقيقية الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف به، على سبيل المثال، المشكلة السكانية في الغرب. فسواء في أمريكا الشمالية أو في أوروبا أو اليابان هناك عجز كبير في النمو الديموغرافي/ السكاني في هذه الدول التي كانت تقود حركة النمو الاقتصادي في العالم حيث يدخل في الولايات المتحدة يوميا حوالي (10000 شخص) إلى عتبة الـ 65 عام.

وبالتالي يزداد عدد كبار السن إلى المواليد حسب الساعة السكانية في أمريكا. وهؤلاء يحتاجون المزيد من الرعاية الصحية والاجتماعية، وحتى إن حاولت هذه الدول إطالة سن التقاعد، هذا لن يحميها من الكارثة التي باتت محدقة في اليابان وألمانيا، وخصوصا مع سيادة الشعور بـ (انعدام الثقة واليقين في المستقبل مع قلة الشعور بالانتماء) حيث بدأت بعض الأكاديميات الغربية في دراسة هذه الظواهر على وجه التحديد لخطورتها.

ولكن أيضا هي مرتبطة بفكرة الأنوية والفردانية التي لا زال يعتنقها الغرب ومتطرفيه من نازيون وصهاينة.

بينما يزداد تعداد العالم الإسلامي ونسبة الشباب فيه هي الغالبة وتصل لحوالي 60% وربما أكثر وهذا يعطينا ميزة نسبية غير موجودة في الغرب يجب أن يحسن استخدامها وخصوصا مع هذه الفرصة السانحة التي أصبح فيها الغرب ضعيفا – فلم تعد تنفعه حتى وصول التيارات اليمينية والشعبوية للسلطة لأنهم لو فكروا بطرد الأجانب – من من هؤلاء المتغطرسين يمكنه القيام بهذه المهن التي يقوم بها المهاجرين وخصوصا اليدوية منها؟

وقد رأينا مدى خسارة بريطانيا بعد حصولها على (البريكس) وحرمان المواطنين البريطانيين من أنواع كثيرة من الخضروات والفواكه مع ارتفاع ثمن المخبوزات بسبب محاولة طرد الأجانب من بلد تدعي كذبا أنها هي أم الحريات والديموقراطية.

ونذكر أنها هي نفس الدولة التي تريد أن تعاقب الشركات التي لا تشتري سلع المستوطنات الاسرائيلية القائمة على مص دماء الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والجولان المحتل – وأيضا هي من احتفلت بمرور 100 عام على وعد بلفور، ولا زالت تؤكد على يهودية اسرائيل. بل وهي من تحبس جوليان أسانج وتحاول تسليمه للولايات المتحدة لمحاكمته هناك، بعد أن فضح الغرب من خلال التسريبات الشهيرة (ويكيليكس). وهي الدولة التي أضعفت (حزب العمال) وأتت بصهيوني على رأسه بعدما كان يترأسه السياسي المحترم (جيرمي كوربن) الذي وقف في صف القضية الفلسطينية (بكل اسف بريطانيا هي الشيطان الأكبر كما قال الزعيم عبد الناصر).

سادسا) عندما تحدث مسئولون سعوديون عن فكرة السلام مع إسرائيل – تحدثوا بذكاء كبير لأنهم ربطوا هذا بمبادرة بيروت للسلام 2002 وإعطاء دولة للفلسطينيين – وقالوا أن السلام الشامل والعادل بين الطرفين يمكن أن يدخل في رؤية المملكة 2030. ولكن الشيء المميز في هذا الطرح أنه ربما مع حلول عام 2030 ربما تكون اسرائيل قد انحلت لأنه لمن لا يعرف “إسرائيل لديهم أزمة وجود في مكان واحد لمدة لا تزيد عن 80 عاما” وهم حاليا قد قضوا في الأراضي المحتلة حوالي 75 عاما. فلا ندري إلى أين سيقودهم هذا الانقسام الحاد داخليا مع الوضع الاقتصادي المتأزم عالميا والذي ينذر بنذير شؤم من حدوث (تسونامي مالي غربي) سيهوي بهم أكثر فتكا من إنهيار 2008 مع وصول سقف الدين الأمريكي لما يقترب من 32 تريليون دولار؟!

كل هذه النقاط أضعها أمام العالم الإسلامي والجنوب وطبعا أمام الصين وروسيا شركائنا، لكي نعيد التفكير وبشكل علمي مدروس وعملي في كافة شؤوننا السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والثقافية، حتى نخرج برؤية نصبح فيها طرف فاعل ومؤثر وله وزن وليس طرف مفعول به.

نخص بالذكر روسيا على مبادرتها روسيا والعالم الإسلامي تلك المبادرة التي تنضج وتكبر يوما بعد يوم منذ أن وضع حجر أساسها في 2005 وحتى الآن – فكما رأيت أن منتدى قازن الاقتصادي كان من انجح المنتديات الاقتصادية التي حضرتها حيث وصل عدد الحضور الى 16000 ضيف من كافة ارجاء العالم الاسلامي.

كما ان للصين مبادراتها القمة الصينية العربية والقمة الصينية الإفريقية، ولدينا قمة روسية افريقية قريبة، اضافة الى منظمة شنغهاي للأمن والتعاون، مجموعة الثمانية التنموية، طبعا مبادرة طريق واحد حزام واحد.

كل هذه المشروعات البديلة للنظام العالمي السابق رائعة ولكن التفعيل مع إعطاء الشباب والشعوب دورا أكبر في هذه المشروعات من أهم النقاط التي يجب التشديد عليها.

في النهاية أكرر – أن عيد الأضحى هذا العام يمكن أن نسميه عيد الوحدة الإسلامية.

يرجى الاسترشاد بما سبق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى