إقتصاد

إبراهيم عيسى يكتب : مأساة أن يحدد ملك السعودية قرارات شيخ الأزهر !

استمع الي المقالة

19071427-v2_xlarge

● هل سوف يطاطئ الجميع رؤوسهم تواطؤًا وسكوتًا علي وثيقه ويكيليكس التي تكشف ان شيخ الأزهر ينتظر راي وقرار ملك السعوديه في التقريب بين المذاهب؟

● هل عرفتم الان لماذا يتقاعس الازهر عن مهمه تجديد الخطاب الديني وكيف اخترقت الوهابيه بضيق افقها ومذهبيتها المقيته مؤسسه الازهر؟

لعل الرئيس السيسي قد عرف الان ان الازهر لن يخطو خطوه واحده في التجديد الديني الذي يدعو له الرئيس وينيط مسؤوليته بمنتهي البراءه الي مشيخة الأزهر.

لعل الرئيس قد عرف (لو لم يعرف تبقي مصيبه علي اجهزته المعلوماتيه) ان وثائق ويكيليكس قد كشفت هذه العلاقه المتينه التي ارهقنا انفسنا كثيرًا في كشفها وتحليلها بين الازهريه والوهابيه.

نعم الوهابيه بضيق افقها وتعصبها المذهبي المقيت وكراهيتها للاخر، سواء غير مسلم او غربي او امراه او مذهب ديني اخر، قد اخترقت الازهر بل وتدير عقليته من فوق ومن تحت.

الوثيقه التي ساعتبرها صحيحه طالما ان بيان وكيل الازهر لم ينف ما فيها،

وان برر كالعاده ما بها، موجهه الي خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الوزراء «يحفظه الله»، وموقعه من وزير خارجيته سعود الفيصل بانه:

«اتشرف بالاشاره الي الامر الكريم رقم 22184 وتاريخ 26/4/1433، بشان ما ابلغه شيخ الازهر للسفير في القاهره خلال لقائه بمكتبه في 14/9/1431 بان الايرانيين يضغطون بالموافقه علي عقد اجتماع للتقارب بين المذاهب وانه لا يرغب في الانفراد باتخاذ قرار بهذا الشان قبل التنسيق مع المملكه حياله، وعبر عن رغبته في توجيه الدعوه الي معالي رئيس مجلس الشوري ومعالي رئيس المجلس الاعلي للقضاء، وما قضي به الامر الكريم بشانه اري اذا استحسن النظر الكريم ابلاغ شيخ الازهر بهذا المنظور عن طريق السفير في القاهره، ويقترح عليه التفاهم سويًّا في هذا الموضوع وتقديم دعوه لفضيلته لزياره المملكه، للتفضل بالاطلاع والتوجيه، والله يحفظكم ويرعاكم ويديم عزكم».

انتهت الوثيقه ولن تنتهي جروحها

شيخ الازهر هنا يطلب التنسيق (الحمد لله انه لم يقل انه يطلب الاذن) مع ملك السعوديه في شان من شؤون الازهر.

الازهر الذي يقول عن نفسه انه مستقل عن الدوله المصريه، هو فعلا مستقل عنها، لكن يبدو انه ينسق مع دوله اخري هي السعوديه، حتي انه يطلب اذنه في الموافقه علي عقد اجتماع، مجرد عقد اجتماع ليس الا، ما بالك بما سيقوله او ينتهي اليه الاجتماع، فاذا كان مجرد عقد الاجتماع يطلب قرارًا ورايًا (هل اقول اذنا!) من ملك السعوديه فلا بد ان مجريات الاجتماع ونتائجه تحتاج الي اكثر من التنسيق (لا اقول امرًا!)

شيخ الازهر لا يتخذ قرارًا ولا يحرك امرًا هامًّا ورئيسيًّا من صلب مهمه الازهر الا بالتنسيق مع المملكه.

خذ بالك انه يطلب من الملك وليس من جهه دينيه مباشره او هيئه علميه مناظره.

ولننتبه فهو يستنسق (لا اقول يستاذن) في شان ازهري صميم، بل ومرتبط ارتباطًا وثيقًا بتاريخه في الحض علي التقريب بين المذاهب واعلاء قيم الحوار والتسامح.

هذه وثيقه مخجله سوف يطاطئ الجميع رؤوسهم تواطؤًا علي السكوت عليها.

بل للاسف سوف يصطنع لها المصطنعون اسبابًا ويختلقون لها مبررات كلها تراوغ عن حقيقتها المفجعه ان الامر ليس امر تنسيق بل امر استئذان.

تراوغ عن حقيقتها المفجعه ان الامر ليس امر تنسيق بل امر استئذان.

ان الوهابيه التي هي عكس ونقيض الاسلام الوَسَطِي الذي يتبناه الازهر، هي التي تتحكم لاسباب كثيره بالازهر وسياسته.

ليعرف الان من لا يعرف ومن لا يريد ان يعرف، ان صيحات الفتنه المذهبيه التي تخرج من جنبات الازهر وان اشعال نار الصراع المذهبي بين المسلمين الذي نري اواره من وراء اسوار الازهر يتماشي تمامًا مع المهمه الوهابيه الرهيبه المموله والمدفوعه بالمليارات من الريالات، التي تمزق الوطن العربي بين سنه وشيعه، وتدعم الجماعات والجمعيات والحركات والوعاظ والدعاه من مشعلي الحرائق المذهبيه.

اثق في ان شيخ الازهر باخلاقه السامقه لن يكذب فينكر او يتنكر لهذه المعلومات الوارده في الوثيقه.

واثق في ان الرئيس السيسي بدماثه اخلاقه وادبه الجَم لن يصارحه ولن يواجهه بفحوي هذه الوثيقه ودلالتها.

واثق تمامًا في ان الازهر بهذا التوجه وبذلك الاداء قد احال كثيرًا من ابنائه وقياداته (وقد راينا فيهم الاخوان والسلفيين الاقحاح) الي شيوخ للجمود العلمي والتخشب الفقهي والتعصب المذهبي.

ان الازهر الذي يعاند رئيس جمهورية مصر العربية في الاستجابه لتجديد الخطاب الديني، حتي ان الرئيس نفسه اشتكي في حديثه الشهري السابق من هذا التلكؤ، هو نفسه الازهر الذي ينسق شيخه مع ملك السعوديه.

احَرَامٌ يا مشيختنا علي بلابله الدوحُ، حلالٌ للطير من كل جنس؟!

سلموا لي علي تجديد الخطاب الديني!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى