WAFA – انطلقت، ظهر اليوم الأحد، أعمال الجلسة الأولى من مؤتمر “القدس صمود وتنمية”، في مقر جامعة الدول العربية في العاصمة المصرية القاهرة، وسط تمثيل عربي وإقليمي ودولي رفيع المستوى.
وتحدث في الجلسة الافتتاحية في المؤتمر الذي يهدف إلى دعم وتعزيز صمود أهل القدس، باعتبارهم خط الدفاع الأول عن المدينة، رئيس دولة فلسطين محمود عباس، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي ، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
العاهل المغربي: القدس تحظى بمكانة متميـزة في وجدان الشعوب العربية والإسلاميـة
أكد رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، في كلمة نيابة عن العاهل المغربي محمد السادس، أن مشاركة المملكة المغربية، يؤكد التزامها المتجدد والثابـت، بدعم القضية الفلسطينية بشكل عـام، والقدس بشكل خـاص، والتي نوليها أهمية قصـوى، من منطلق الأمانة التي نتقلدهـا، بصفتنـا رئيسا للجنة القـدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامـي، حيث جعلناها في مستوى مكانة قضيتـنا الوطنية الأولـى، وأحد ثوابت سياستنا الخارجيـة، كما أكدنا على ذلك في مناسبات مختلفـة.
وتابع: “ما يضفي أهمية خاصة على هذا اللقاء الهـام، كونه ينعقد في ظروف صعبة تمر بها القضية الفلسطينيـة، وقضية القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحيـة، وفي مقدمتها المسجد الأقصـى المبـارك، وهو ما يلقي على عاتقـنا مسؤولية جماعيـة، في إطار أجندة العمل العربي المشتـرك، وتوحيد الموقف العربـي، لمواجهة الانتهاكـات التي تتعرض لها المدينة المقدسـة، ومحاولة طمس هويتها الحضارية الفريـدة، وتغيير طابعهـا القانونـي، الذي تعهدت قرارات مجلس الأمن الدولي بحمايتـه”.
وشدد أخنوش على أن التدابير الأحاديـة، التي من شأنها إضفاء واقع غير شرعي على القدس ومحيطهـا، تعتبر تهديدا للوضع القانوني للمدينـة، وتركيبتها الديمغرافيـة، وطابعها التاريخي القائم على تعدد الثقافات والأديـان، إضافة إلى ذلـك، فإن الإجراءات الممنهجة والمتعارضة مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحـدة، لا تساعد على بناء الثقـة، بل تقوض كل أسس التوصل إلى حل دائـم، يقوم على وجود دولتين تعيشان جنبا إلى جنـب، في أمن وسـلام.
وقال: إن حماية مدينة القدس من مخططات تغيير الوضع التاريخي والقانوني فيهـا، ينبغي أن يكون عملا صادقا ومخلصـا، بعيدا عن نطاق الشعارات الفارغـة، والمزايدات العقيمـة، والحسابات الضيقـة.
وأضاف أخنوش، “أكدنـا، أكثر من مـرة، أن مدينة القدس تحظى بمكانة متميـزة في وجدان الشعوب العربية والإسلاميـة، ما يجعلها أمانـة على عاتقنا جميعـا، فالدفاع عنها لا يجب أن يكون عملا ظرفيا أو مناسباتيـا، إنما ينبغـي أن يشمل التحركات الدبلوماسيـة المؤثـرة، والأعمال الميدانيـة الملموسـة، داخل المدينة المقدسـة”.
وأوضح أن العمل الميداني الذي تقـوم به وكالة بيت مال القـدس الشريـف، وهي الذراع الميدانية للجنة القـدس، التابعة لمنظمـة التعاون الإسلامـي، منذ 25 عاما، يهدف إلى دعم المدينة المقدسـة، والحفـاظ على طابعها الحضـاري، من خلال تنفيذ مشاريع اجتماعية وتنموية تهم جميع فئات المجتمع المقدسـي.
وتابع: استطاعـت الوكالـة تنفيـذ ما يزيد على 200 مشـروع، بكلفـة تُقدّر بحوالي 65 مليون دولار، بتمويل مغربي كامل، من ميزانيتها في صنف تبرعات الـدول، وحوالي 70%، في صنف تبرعات المؤسسات والأفـراد.
وشدد أخنوش على ضرورة تضافر الجهود العربية والإسلاميـة، من أجل الانخراط في مسار حماية ودعم مدينة القدس، والدفع في اتجاه تحقيق انفراج سياسـي، من شأنه أن يفتح آفاقا للتفاؤل بمستقبل يسوده السلم والأمن والازدهار بالمنطقـة.
وجدد الدعوة إلى إقامة تحالف عالمي يجمع كل القوى الحيـة، الملتزمة بالسـلام، والمؤمنة بقيم التسامح والتعايـش، لإنقاذ مدينة السـلام، والحفاظ على موروثها الحضاري والإنساني المشتـرك، انسجاما مع النداء الذي أطلقناه بالرباط عام 2009، لمناسبة المؤتمر الدولي حول القـدس.
وأكد أن المغـرب، يظل مقتنعا أن القضية الفلسطينيـة، هي قضية سياسية جوهريـة، وهي مفتاح الحل الدائم والشامل من أجل إرساء السلام والاستقرار في منطقة الشـرق الأوسـط، ويتعين إيجاد تسوية عادلة لها في إطار الشرعية الدوليـة، ووفق مبدأ حل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولـي.
وتابع أخنوش: “إيمانا منا بأن السلام في منطقة الشـرق الأوسط يبقى خيارا إستراتيجيا لا محيد عنـه، ستواصل المملكة المغربية جهودهـا، مستثمرة كل إمكانياتهـا، والعلاقات المتميزة التي تجمعها بكل الأطراف والقوى الدولية الفاعلـة، من أجل المساهمة في أي جهد دولي يهدف إلى إعادة إطلاق مسار الحوار والمفاوضـات، باعتبار ذلك السبيل الوحيد لوضع حد للنـزاع، وتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء بمنطقة الشرق الأوسـط.”
وأكد الدعم الكامل لدولة فلسطين بقيـادة الرئيـس محمـود عبـاس، في جهوده لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني، إلى ما يصبو إليه من حرية واستقـلال، ووحدة وازدهـار.
الرئيس الجزائري: نؤكد مواصلة وتكثيف الجهود للدفاع عن القدس
أكد رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون مواصلة وتكثيف الجهود والمساعي للدفاع عن القدس المحتلة في وجه القمع الإسرائيلي الممنهج، الذي يستهدف المدينة، وأهلها، ومقدساتها.
وشدد وزير الخارجية رمطان لعمامرة في كلمة نيابة عن الرئيس الجزائري، أن السياسات العنصرية المدانة التي يسعى الاحتلال لفرضها في مدينة القدس ومحاولاته طمس هويتها العربية الإسلامية والمسيحية، والمساس بالوضع القائم فيها أو تدنيس مقدساتها في سياق ما شهدناه مؤخرا من استفزازات، لن تحقق إلا مكاسب وهمية تجافي التاريخ والشرعية والديمغرافيا، لترهن التعايش الذي ميز هذه المدينة على مدى قرون من الزمن، وتقوض آفاق إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط.
وأكد في كلمته تمسك الجزائر بمبادرة السلام العربية كأساس لحل الصراع العربي-الإسرائيلي وفق مبدأ “الأرض مقابل السلام”، وجددنا العزم على مواصلة وتكثيف جهودنا ومساعينا للدفاع عن القدس المحتلة، في وجه القمع الإسرائيلي الممنهج الذي يستهدف المدينة، وأهلها، ومقدساتها.
وعبر عن إدانة الجزائر الشديدة ورفضها المطلق لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة، بفرض سياسة الأمر الواقع التي تجاوزت الحاضر لتمتد إلى الماضي، عبر تزوير الحقائق، وتغيير المسميات.
وجدد تمسك الجزائر التام بدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، على خطوط الرابع حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشريف.
كما ثمن الخطوات الإيجابية التي تم تحقيقها مؤخرا على الصعيد الدبلوماسي، لا سيما اعتماد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتفعيل دور محكمة العدل الدولية في تكريس حقوق الشعب الفلسطيني.
ودعا إلى مواصلة الجهود مثلما تم الاتفاق عليه في قمة الجزائر، لا سيما لتبني ودعم توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وعلى الصعيد السياسي، أشار إلى أن الجزائر تواصل التنسيق مع الجميع للم الشمل، وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار مسار المصالحة الذي كلل بتوقيع الأشقاء الفلسطينيين على “إعلان الجزائر”، والتزامهم بالعمل على تجسيد الاستحقاقات المتضمنة فيه.
وقال: قناعتنا تبقى راسخة أنه أمام التحديات الوجودية التي تواجهها القضية الفلسطينية اليوم، لابد من الإسراع في إعادة توحيد الصف الفلسطيني، للتعبير بصوت واحد عن التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني الأبي، وعن حقه الأكيد والراسخ في نيل حريته واستعادة سيادته.
وأشار إلى أن تمسك الجزائر بالدفاع عن القدس الشريف بكل ما يحمله ذلك من معاني الانسجام والتلاحم مع تاريخها الوطني ومبادئ ثورتها التحريرية المجيدة، ليمثل بالنسبة للأجيال الحاضرة امتدادا لجهود أسلافهم الميامين، الذين نستذكر منهم العالم المجاهد والولي الصالح “سيدي أبي مدين شعيب الغوث التلمساني”، الذي اقترن اسمه بالقدس الشريف وبالأوقاف التي تركها مع رفاقه المجاهدين، لتشهد على روح الأخوة والتآزر بين أبناء الأمة الواحدة.
وأثني على المقترحات البناءة الموضوعة قيد الدراسة اليوم، بأبعادها الاقتصادية والقانونية والدبلوماسية، والتي ترمي كلها إلى تفعيل جميع السبل الكفيلة بدعم وتعزيز صمود أهلنا في القدس الشريف، وتوفير الحماية اللازمة لمقدساتنا.
وجدد دعم الجزائر المطلق، واستعدادها التام للمساهمة بفعالية في هذا الجهد الجماعي، خدمة لقضيتنا المركزية، ووفاءً لمسؤولياتنا التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق