رأىسلايدر

هل يستيقظ الإعلام؟!

استمع الي المقالة

بقلم: عبدالمنعم مبروك

مرة أخرى نكتب فى هذا الموضوع إيمانًا منا بخطورة وأهمية الإعلام بكل صوره وأشكاله فى تشكيل وعى الناس والمجتمع فى أى مكان على سطح الأرض وتوجيه نظر المستقبلين للرسالة الإعلامية من خلال الشاشة والميكروفون وعلى وسائل التواصل الاجتماعى إلى اتجاه محدد قد يكون لصالح المجتمع والدولة أو قد يكون عكس ذلك تمامًا .. الأمر الذى يتطلب من الحكومة وأجهزتها المختلفة سرعة الرد والتصحيح دون تردد أو خنوع أو تكاسل.

أتذكر يومًا أن الراحل/ صفوت الشريف عندما كان وزيرًا للإعلام فى عهد مبارك قال فى تصريح واضح “إن الإعلام المصرى يعانى من مشكلة كبرى وهى أنه يتحدث مع نفسه ولا يسمعه الآخرون” وهو ما يعبر عن حالة الإعلام فى مصر منذ زمن طويل وهى حالة مستمرة – للأسف – حتى الآن … الأمر الذى يجعلنى أشفق على الرئيس السيسى وهو يعاتب رجال الإعلام فى مرارة أكثر من مرة … بسبب تجاهل الحديث عن المنجزات بالصوت والصورة، وكيف كان الوضع على أرض الواقع فى السابق وكيف أصبح الآن … كذلك اشتكى الرئيس من عدم قدرة الإعلام – بكل إمكانياته الضخمة الحالية – عن كشف الزيف والمغالطات التى تركز عليها المعارضة فى لندن وتركيا حيث الأبواق التى تديرها جماعة الإخوان المحظورة ويدعمها الغرب والولايات المتحدة حتى كتابة هذه السطور؛ رغبة من المستعمرين الجدد فى تدمير المجتمعات والدول المتماسكة مثل مصر والسعودية ودول الخليج، وذلك من خلال زرع الفتن وبث الشائعات ليل نهار بين أفراد المجتمع باستخدام وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية وجماعات الضغط المختلفة فى الداخل والخارج، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعى التى أُصِرُّ على تسميتها فى كل كتاباتى باعتبارها وسائل للتدمير الاجتماعى وليس للتواصل الاجتماعى … فهى التى دمرت منظومة الأخلاق فى المجتمعات الشرقية والغربية على السواء باعتبارها إحدى أخطر أسلحة الحروب الحديثة لتدمير الدول فى العالم وفى المنطقة العربية بشكل خاص، فضلاً عما نراه حاليًا من حرب ضروس فى أوكرانيا والتى يميل كثير من المفكرين إلى أنها حرب عالمية بين روسيا والغرب على أرض أوكرانيا، وهى الحرب التى يخسر فيها كل الأطراف برغم أن العالم بعد هذه الحرب ليس هو العالم قبل اندلاعها … فهو عالم يتجه نحو التشكل وتعدد الأقطاب.

أقول بكل صراحة إن الرئيس السيسى اختاره الشعب كقائد قبل اختياره كرئيس لإنقاذ الأمة والوطن من براثن الطامعين فى الخارج وإخوان الشياطين المدعومين من المستعمرين الجدد.

الرئيس السيسى هو نفسه الذى طلب من المصريين – كقائد للجيش – إعطاءه تفويضًا شعبيًا للقضاء على الإرهاب … وصدق الشعب العهد بالتفويض … وصدق الرئيس بالوعد فأنقذ مصر بجيشها البطل ومن وراء الجيش الشرطة الباسلة، والشعب المصرى الداعم لهما فى دحر الإرهاب داخليًا وعلى الحدود فى سيناء البوابة الشرقية لمصر.

وإذا كان الرئيس يجلس على مقعد الرئاسة بتفويض شعبى وباعتباره القائد المنقذ للوطن .. فلا يجوز لأى جهة كانت فى الداخل أو فى الخارج أن تنتزع هذا التفويض الشعبى الممنوح للرئيس كقائد لهذه الأمة إلا من خلال صندوق الانتخابات الذى جاء بالرئيس إلى سدة الحكم.

وهنا نقول إن الإعلام مسئول أمام المصريين عن عدم القدرة على المواجهة مع الآخرين المغرضين فى الداخل والخارج … المواجهة بالحجة والبرهان والمنطق … وكما قال الرئيس فى أكثر من مناسبة … لماذا لا تأتى القنوات الإعلامية بما تقوله المعارضة فى الخارج بالصورة التى قدموها وترد عليها بالحجة والصورة المعبرة عن الحقيقة، ومن خلال استضافة الخبراء، وهو ما يؤكد أن الرئيس حريص على الرأى والرأى الآخر.

الرئيس السيسى رجل خلوق ومؤدب ومحترم ويتمتع بالصدق والأمانة والشرف، ويصل الليل بالنهار فى خدمة وطنه، ويتابع مع المسئولين فى كل موقع مصالح الناس فى مصر … ولكن على المواطن مسئولية فى كل موقع بما فى ذلك الإعلام حتى تنهض الأمة وتنجو من محاولات الفشل أو الإفشال كما هو الحال فى الدول المحيطة بمصر فى المنطقة العربية.

نعلم جميعًا، وتعلم القيادة السياسية أن مصر تعانى من أزمة اقتصادية خانقة مثل دول كثيرة فى العالم من حولنا، والرئيس نفسه لا ينكر أن الناس تعانى من الغلاء فى الأسعار، ويسعى بكل طاقاته مع الحكومة لمحاصرة الأزمة الاقتصادية والمالية التى تمر بها مصر وحولها دول العالم تعانى هى الأخرى أزمات اقتصادية طاحنة … انظر إلى الاحتجاجات والإضرابات فى بريطانيا وغيرها من الدول الأوربية رفضًا من المواطنين لغلاء الأسعار وتدنى الأجور، وهى أزمات تجتاح العالم بسبب الحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية وتغيرات المناخ التى تؤثر على إنتاجية المحاصيل والحبوب اللازمة لحياة الناس، فضلاً عن تحكم الشركات متعددة الجنسيات فى أقدار الشعوب والدول والمجتمعات الفقيرة والغنية بفعل الجشع وانهيار منظومة القيم والأخلاق الاجتماعية وتوحش العولمة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى تدمر الأخضر واليابس حول العالم.

إن الإصلاح للدول والمجتمعات لا يتحقق بخروج الناس إلى الشوارع رغم مشروعية الاحتجاجات … ولكن الإصلاح يتحقق بالعمل المنتج والمستمر من خلال تكاتف المواطنين مع الدولة بالمشاركة فى العمل والإنتاج حتى تصبح مصر دولة ناهضة يحسب لها حسابها فى الإقليم، وتصبح قادرة على المشاركة فى إدارة الإقليم مع جاراتها فى المنطقة العربية والشرق الأوسط.

هذه مسئولية جماعية لعناصر التأثير فى المجتمع، ومنها الإعلام والتعليم والصحة والزراعة والصناعة … فنهضة الدول هى بالعمل وليس بالكلام والشعارات كما قال الرئيس أكثر من مرة … بمعنى أن العمل والإنتاج يؤدى إلى التصدير بعد الاكتفاء الذاتى، وهو ما يساهم فى النهاية فى سد العجز للميزان التجارى وإنقاذ الدولة من براثن الديون، فتصبح دولة مؤثرة فى الاقتصاد العالمى مثل الهند والصين والبرازيل وإندونسيا وماليزيا والتى زارها الرئيس السيسى وعبَّر عن إعجابه بتجاربها فى التنمية والنهضة الاقتصادية، وطالب بالاستفادة من هذه الخبرات بالتعاون مع هذه الدول التى أصبح لها قوة تأثير على الساحتين الإقليمية والدولية … أما الدول المستهلكة والتى يعشعش فيها الفساد المالى والإدارى والاقتصادى والاجتماعى- فلن تقوم لها قائمة؛ لأن الفساد أخطر على الدول من الإرهاب.

أقول للذين ينتقدون فكرة مشاركة الجيش فى الاقتصاد المصرى إن البضاعة التى تصدرونها للمصريين هى بضاعة رديئة ولا تسمن ولا تغنى من جوع … لقد زرت الولايات المتحدة أكثر من عشر مرات كمرافق صحفى لوزراء خارجية مصر لحضور اجتماعات الجمعية العامة ولقاء المسئولين الأمريكيين، وتابعت عن قرب بالمعرفة من المصادر الموثوقة أن الجيش الأمريكى يشارك فى الاقتصاد الأمريكى بنسبة أربعين فى المائة على الأقل، كما هو حاصل فى دول كثيرة، الأمر الذى يؤكد أن مشاركة الجيش المصرى فى تحسين قدرات الاقتصاد المصرى هو ميزة كبرى فى ظل ترهل الجهاز الإدارى وعدم قدرته على النهوض بمقدرات الوطن والمواطن بسبب تفشى الفساد حتى النخاع، الأمر الذى أحبط آمال المصريين على مدى سنوات طويلة … وها نحن نرى مساهمات الجيش المتميزة فى إعادة بناء وهيكلة مؤسسات الدولة، ورصف الطرق وتبطين الترع والقنوات المائية لترشيد استهلاك المياه … فضلاً عن إعادة تشغيل كثير من المصانع إلى جانب مشروع “حياة كريمة” فى قرى الصعيد والدلتا، وهى عنوان من عناوين تحسين الحياة للناس، الأمر الذى يؤكد أن القادم أفضل، وعلى الشعب أن يتمسك بالصبر ومكارم الأخلاق والصدق والأمانة والشرف فى العمل والإنتاج حتى يستوعب شبابنا من خلال التعليم والإعلام الدرس الصحيح، ومن خلال الخطاب الدينى الواعى الرشيد البعيد عن التطرف الفكرى.

فى النهاية نقول إن الشعب المصرى الأصيل هو صاحب الإرادة وهو صانع التاريخ … وهذا الشعب لن يترك الرئيس السيسى وحده فى الميدان … ولن يقول له أبدًا “اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون” كما قال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام … نؤكد أن المصريين أصحاب عهد ووفاء لقيادتهم مهما كانت الظروف الصعبة التى يمر بها الوطن العزيز مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى