رأىسلايدر

القمة العربية-الصينية الاولي.. الفرص والتحديات

استمع الي المقالة

بقلم السفير: محمود علام

سفير مصر الاسبق لدي بكين

تمثل العلاقات العربيه – الصينيه نموذجا حضاريا متميزا عبر الزمن مما ساهم في وضع اساس قوي في الحاضر يمكن البناء عليه في المستقبل، خاصه ان عالمنا اليوم يشهد صراعات وارهاصات تستدعي الحاجه لتشكيل نظام عالمي جديد علي امل ان يتجاوز مافشل في تحقيقه النظام العالمي الحالي من توازن واستقرار وهو ما تشهد عليه قضايا عديده حول العالم.

ويأتي عقد اول قمه عربيه – صينيه تستضيفها غداً المملكه العربيه السعوديه خلال هذا العام فرصة لتحديد اولويات واهداف يمكن للقاده العرب والقياده الصينيه بحثها والاتفاق علي خريطه طريق لتنفيذها ليس فقط لتحقيق مستقبل افضل للعلاقات بين الجانبين في مختلف المجالات ، بل ايضا لمحاوله التوصل لرؤيه مشتركه لمستقبل هذه العلاقات في اطار نظام عالمي جديد يكون اكثر توازانا والسعي للاتفاق علي اليات تساهم في تحقيق مصالح الجانبين بالوصول لمثل هذا النظام.

ويمكن تلخيص بعض ملامح القاعده الراسخه التي بنيت عليها هذه العلاقات والتي يمكن الانطلاق منها لافاق ارحب فيما يلي :

ان الجانبين العربي والصيني ينتميان الي اسره الحضارات الشرقيه العريقه التي ساهمت في تشكيل ملامح الحضاره الانسانيه ، كما ان كلاهما تعرض خلال فترات متقاربه في مسيرته لعوامل ضعف بل وانتهاك للسياده وسلامه الاراضي من جانب قوي خارجيه قبل ان يصلا من خلال كفاح شعوبهما لمرحله التحرر الوطني والاستقلال ليستانفوا مسيره البناء والتنميه.

ساند الطرفان بعضهما البعض في العديد من القضايا المصيريه علي مختلف المستويات في اطار علاقه سادها الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مما ساهم في خلق النموذج المتميز الذي نشهده اليوم.

واصلت العلاقات بين الجانبين نموها المضطرد حتي وصلت لمرحله انشاء منتدي التعاون العربي الصيني عام ٢٠٠٤ وهو الكيان الذي استطاع منذ تأسيسه وعن طريق آلياته المختلفه (الاجتماع الوزاري ، اجتماع كبار المسؤولين ،الحوار السياسي والاستراتيجي ، ومنتدي حوار الحضارات ) ان يخلق البيئه المشتركه المناسبه لتنامي العلاقات والتعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية ومجالات الطاقه والبيئه وغيرها، كما برزت نتائج هذا التعاون في مواجهه وباء كوفيد -١٩ وكذلك التعاون في اطار مبادره الحزام والطريق والتزايد الواضح في حجم التجاره البينية والاستثمارات ويعد ماتضمه البرنامج التنفيذي لعامي ٢٠٢٠-٢٠٢٢ شاهدا علي مستوي هذه العلاقه التي يمكن القول انها تجاوزت مرحلة التعاون الي مرحله الشراكه.

وفي ضوء ماتقدم نري ان انعقاد القمه العربيه-الصينيه الاولي يتم في توقيت حيوي ليس فقط في ضوء ما حققته هذه العلاقات سواء علي المستوي الثنائي او الاقليمي من انجازات ، ولكن ايضا في ضوء ما سيواجه الجانبين من تحديات سواء علي المستوي الاقليمي او العالمي تتطلب التكاتف والعمل المشترك بين الأصدقاء لضمان بناء مستقبل افضل لشعوبهم والعالم اجمع ،ولذلك نري ان من الملفات الرئيسيه التي يمكن طرحها للمناقشه خلال قمه القاده غدا ما يلي :

بحث تطورات واثار الازمه العالميه الحاليه نتيجه الحرب بين روسيا اوكرانيا ليس فقط علي مستوي الامن الاوروبي بل والعالمي وموقف الجانبين العربي والصيني منها.

النظر في ما يواجه النظام العالمي من تحديات تستدعي اعاده النظر في الوضع القائم وفي الحاجه لبناء نظام عالمي جديد يحقق توازن تاريخي في العلاقات بين الاطراف المختلفه -بما في ذلك بين الشرق والغرب وبين الدول الناميه وخاصه الدول الصغري والمتوسطه والدول الكبري- بما يضمن عدم اللجوء الى الهيمنه او لاستخدام القوه في تسويه المنازعات والالتزام بمباديء وقواعد القانون الدولي . وهنا بيبرز -في راينا- اهميه بحث كيفيه التعاون لتحقيق ذلك خاصه في ضوء صعود الصين كدوله كبري وقوه عظمي لديها سجل خال من محاولات غزو اراضي دول اخري ، كما لم تشن حروبا بالوكاله او تسعي لبناء مناطق نفوذ اوتنخرط في اي مواجهه بين كتل عسكريه ، وكذلك في ضوء الأهميه الاستراتيجيه والاقتصاديه للمنطقه العربيه واثر تحقيق الاستقرار والتنميه في دولها علي الامن والسلام العالمي.

دراسة كيفيه بناء وتطوير مرحله الشراكه التي دخلتها العلاقات بين الدول العربيه والصين بصوره تحقق قدر اكبر من التكامل والتكافل ليس في مجالات تبادل الطاقه والتجاره فقط ولكن في جميع نواحي التنمية ،والبناء علي ما تم انجازه وتطويره لافاق ارحب واعمق علي اسس من المعرفه والفهم المشترك ، والاستفاده من نماذج التنميه الناجحه بما يحقق المصالح المشتركه والمتوازنه للجانبين.

بحث تفعيل الدور الذي يمكن ان تقوم به الصين لتحقيق السلام والاستقرار في منطقه الشرق الاوسط سواء بالتوصل لتسويه عادله للقضيه الفلسطينيه او في مناطق النزاع الاخري ، وكذلك ما يمكن ان تقدمه الدول للحفاظ علي حقوق الصين ووحده اراضيها سواء بعوده تايوان او بضمان الاستقرار والسلام في مناطق شرق اسيا او بحر الصين اوالهندو باسيفيك.

تفعيل حوار الحضارات القائم بين الجانبين وتوسيعه ليشمل حوار بين الحضارات الشرقيه المختلفه ليس فقط للحفاظ علي تراثها وتوثيق مساهماتها في بناء الحضاره الانسانيه ولكن لضمان تحقيق التوازن بين تمثيل دول هذه الحضارات وثقافتها وفكرها مقابل الفكر الغربي -السائد منذ القرن التاسع عشر-في اي نظام عالمي جديد يتم تشكيله في المستقبل.

تبادل الاراء حول كيفيه دعم وتطوير كل من مبادره الحزام والطريق ومبادره التنميه العالميه والاستفاده مما يمكن ان توفره من فرص للتنميه في المنطقه العربيه وافريقيا.

بحث سبل التعاون لتحقيق اهداف الحفاظ علي البيئيه والمناخ وكيفيه التعاون في تنفيذ. قرارات مؤتمر كوب ٢٧ الذي استضافته جمهوريه مصر العربيه في مدينه شرم الشيخ مؤخرا.

دراسه كيفيه التفاعل مع مباديء الديمقراطيه وحقوق الانسان كمفاهيم واهداف انسانيه نبيله بمايضمن تنميتها وفقا لظروف كل مجتمع وثقافته والحفاظ علي عدم استغلالها من جانب اي قوه لتحقيق اهدافها ومصالحها الخاصه علي حساب دول ومجتمعات اخري.

** اخيرا نتمني للقمه العربيه الصينيه الاولي التوفيق في رسم الطريق لبناء مستقبل مشرق لصداقه الشعوب العربيه والشعب الصيني استكمالا لمسيرتها ولسجلها الناصع عبر العصور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى