أشرف أبو عريف
برعاية السفير عبدالله بن ناصر الرحبى.. سفارة سلطنة عمان تحتفل بعيدها الوطني 52 وبمرور 50 عاما على العلاقات العُمانية المصرية
على ضفاف نهر النيل العظيم ، أقامت سفارة سلطنة عمان احتفالها بالعيد الوطنى الثانى والخمسين وفى نفس الإطار إحتفالا بمرور خمسين عاماً على عُمر العلاقات المصرية العُمانية.
حضر الإحتفالين سفراء البعثات الدبلوماسية فى القاهرة كسفير المملكة العربية السعودية السيد/ أسامة بن أحمد نقلى وسفير جمهورية أذربيجان وغيرهم، وسياسيون كأمين عام الجامعة العربية الأسبق السيد/ عمرو موسى ، وممثلوا الإعلام.
وافتتح الاحتفالين السفير عبدالله بن ناصر الرحبى سفير سلطنة عمان بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية. كما شارك كلا من وزراء خارجية سلطنة عمان السيد/ بدر بن حمد البوسعيدي ونظيره المصرى/ السفير سامح شكري بكلمتين عبر التليكونفرس على النحو التالي:
* أولاً: كلمة الافتتاح للسفير/ عبدالله بن ناصر الرحبى:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أصحاب المعالي والسعادة .. الحضور الكريم
يسرنا أن نلتقي مرةً أخرى اليوم لنحتفل معاً بمناسبة عزيزة على نفوسنا .. وهي ذكرى العيد الوطني الثاني والخمسين لسلطنة عمان التي قاد مسيرتها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس – طيب الله ثراه – متأملين حجم الإنجازات التي تحققت خلال خمسين عاماً مضت والتي وضعت عمان في خارطة العالم وإستعاد بحكمته ورؤيته السياسية الثاقبة دور عمان الحضاري الذي أسهم في الحضارة الإنسانية.
واليوم نحتفل بهذه المناسبة بعد مرور سنتين من إنطلاقة نهضة عمان المتجددة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – لنحتفي بإنجازات أخري تضاف إلى سجل التنمية العمانية على الرغم من التحديات التي مرت على بلادنا جرّاء الإنعكاسات التي أفرزتها جائحة كورونا والإضطرابات الإقتصادية التي لا زالت آثارها تلقي بظلال سلبية على الإقتصاد العالمي إلا أنه استطاعت عمان أن تتجاوز تلك الظروف والتحديات وحققت إنجازات طموحة بحكم السياسات التي إتخذها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، فقد كان من نتائج تلك السياسات تحقيق عدد من النتائج الإيجابية. فقد إرتفع التصنيف الإئتماني مرتين خلال العام الجاري كما صُنِّفت سلطنة عمان بين أفضل خمس دول عربية في التنمية البشرية في عام 2022 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مؤخراً وهذا المؤشر يرصد مدى تمتع الناس بحياة صحية ومعيشية لائقة ومدى الإهتمام بالمعرفة في دول العالم.
وقد أكد جلالة السلطان هيثم في لقاءاته وإجتماعاته على ضرورة السعي على رفعة مكانة عمان والإرتقاء بها ورفع مستوى الإنسان لحياة أفضل.
وعمان تحصد عدد من الإنجازات يأتي في مقدمتها ضبط وترشيد الإنفاق وإعادة هيكلة الجهاز الإدارى للدولة بهدف رفع مستوى الأداء الحكومى ليأتي متواكباً مع رؤية عمان 2040.
والتأكيد على سياسة إقتصادية عمادها التنوع الإقتصادي لمصادر الدخل وعدم الإعتماد على سلعة واحدة وذلك للسعي على جذب الإستثمارات والترويج لصادرات البلاد.
وتماشياً مع ما يشهده العالم من تغير مناخي فقد أولت حكومة سلطنة عمان هذا الأمر جلّ العناية من حيث وضع الإستراتيجيات والخطط، فقد أعلنت سلطنة عمان في مؤتمر المناخ والذي إنعقد في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية الشقيقة تاريخاً لتحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2050م بهدف إتخاذ خطوات سريعة للعمل على دعم حماية البيئة والحفاظ على المناخ.
أصحاب المعالي والسعادة … الحضور الكرام
لا يمكن تحقيق التنمية والإستقرار والعدالة ما لم يكن هناك منظومة قضائية تحقق هذه العدالة في أعلى مستوياتها بكل المقاييس. فقد حرص جلالة السلطان – حفظه الله – على هذا الأمر وأولاه الأهمية والإهتمام، فقد تم إنشاء مجلس أعلى للقضاء في توحيد الجهاز القضائي والإدعاء العام لتحقيق نهج إداري سليم. كما أكد جلالته على أهمية إشراك المجتمع في الر أي تطبيقاً لمبدأ الشورى على أهمية التواصل واللقاءات مع شيوخ وأعيان محافظات وولايات سلطنة عمان بهدف الإستماع المباشر منهم دعماً لخطة التنمية 2040.
أصحاب المعالي والسعادة .. الحضور الكرام
لقد إحتفلنا قبل يومين بمرور خمسين عاماً من العلاقات الحديثة بين سلطنة عمان وجمهورية مصر العربية الشقيقة تحت رعاية دولة رئيس الوزراء المصري وحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة، هذه العلاقات التي إستندت إلى تاريخ عميق يعود إلى أكثر من 3500 عام مرت بمراحل ومحطات هامة كان أساسها الإحترام المتبادل والثقة وسط منعطفات تاريخية صعبة، وظلت عمان مؤمنة بدور مصر ولم تتوانى يوماً في التضحية من أجله والدفاع عن قضايا العرب والإسلام. إنها لجديرةٌ بكل تقدير.
إن هذه المسيرة من العلاقات عميقة الجذور – منذ حضارة وادي النيل للمصريين القدماء وحضارة مجان بزخمها هي علاقة أصلها ثابت ثبات الجبال العمانية وراسخ رسوخ أهرامات مصر دفّاقةً بالخير كما هو نيل مصر الخالد وأملاج عمان المعطاءة.
ترفرف عليها روح المحبة وترويها ينابيع التعاون المشترك.
أصحاب المعالي والسعادة … الحضور الكرام
لقد شكل جلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – بأخيه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي – حفظه الله – في مسقط في السابع والعشرين من يونيو الماضي من هذا العام شكّل دافعاً قوياً للعلاقات بين البلدين الشقيقين لتحقيق المزيد من التعاون المشترك في مختلف المجالات من خلال عدد من مذكرات التفاهم والإتفاقيات التي جرى توقيعها أثناء الزيارة الكريمة لفخامة الرئيس السيسي والتي من المؤكد أنها سوف تفتح المزيد من الآفاق والعمل المتدفق دوماً في شرايين التوأمة الحضارية بين البلدين والشعبين دافعة إلى آفاق رحبة هي جديدة بها نبضات قلوبنا واحدة ونسيج آمالنا وطموحاتنا لهذه العلاقة لا يعرف الحدود.
ويمكن الإشارة هنا إلى أن نتائج تلك الجهود بدأت تثمر عن بدء زيارات متبادلة بين رجال الأعمال من كلا البلدين وتوقيع مذكرات تعاون وإتفاقيات في البدء لعدد من الأنشطة في المجالات الصناعية والسياحية والتجارية.
وقد تم مؤخراً على هامش قمة المناخ توقيع مذكرة تفاهم بين أكوا باور السعودية مع جهاز الإستثمار العماني ليكون مستثمراً في مشروع طاقة الرياح بالسويس بجمهورية مصر العربية الشقيقة بحجم إستثمار 1.5 مليار دولار يمتلك جهاز الإستثمار العماني 10% من قيمة المشروع.
أصحاب المعالي والسعادة … الحضور الكرام
نتطلع أن تكون هذه المبادرات والزيارات المتبادلة بين زعيمي البلدين زاداً جديداً لمسيرة علاقتنا الأخوية الأزلية بإذن الله.
في الختام أتوجه لمصر الشقيقة قيادةً وشعباً بالتحية والتقدير لما نلقاه من رعاية وعناية وتسهيل لأعمالنا من قِبل الحكومة المصرية، والشكر موصول لكم أيها الحضور الكريم متمنين أن تقضوا معنا أجمل الأوقات مع فقرات برنامج حفلنا هذا وكل عام وأوطاننا في تقدم وإزدهار وأمن وأمان والبشرية في سلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* ثانياً: كلمة وزير الخارجية العُمانى السيد/ بدر بن حمد البوسعيدي
حضورنا الكريم
حين احتفت بلادنا الحبيبة: سلطنة عٌمان بزيارة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوم الاثنين السابع والعشرين من يونيو 2022م كانت التاريخ يغرد في فضاء واسع وثري من العلاقات الممتدة بين حضارتين عظيمتين.
حضارة “مجان” العٌمانية وحضارة وادي النيل المصري، يتحدث التاريخ بلغة الاخوة، حضارة مجان العمانية وحضارة وادي النيل المصرية. يتحدث التاريخ بلغة الأخوة التي يفوح من أركانها شذى اللبان العمانية وأبخرته المتصاعدة في معابد حضارة وادي النيل، كذلك في العلاقات بيننا لا يمكن أن تكون إلا حيث ينبغي أن تكون، حيث يليق بحضارتين شامختين منذ الأزل. لابد أن تكونا في الصدارة والجدارة.
نعم. ظلت هذه العلاقة مصانة بين هذين القطرين المباركين، مصر التي باركها الله في كتابه على لسان نبيه يوسف “ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين”، وبين قول رسول الله في عمان وفي أهلها: “ولو أن أهلَ عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك”. تلك المكانة التي طبعت علاقاتنا كانت، كما نلمح بين والحديث هو الأمن والتحضر والرقي. كذلك، ستبقى علاقاتنا تستمد من الحضارة روحها ومن الأخوة عروتها ومن العروبة هويتها. ذلك ما آمنا به في سلطنة عمان وسنبقى إن شاء الله مؤمنين به وبمصر، كما قال جلالة السلطان قابوس – طيب الله ثراه – “لقد ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أن مصر كانت عنصر الأساس في بناء الكيان والصف العربي، ولم تتوان يومًا ما في التضحية من أجله والدفاع عن قضايا العرب والإسلام وإنها لجديرة بكل تقدير”.
واليوم ونحن نحتفي بمرور خمسين عامًا من العلاقات الدبلوماسية، نحتفي بتلك الروح التي تقاسمناها وعشناها معًا، ومسيرتنا التي بصمت الحكمة بختمها تمضي نحو المستقبل، بثبات وإرادة وعزم، وقيادة سياسية واعية، ومدركة لمفردات الحضارة وقواسم العلاقة العمانية المصرية الراسخة.
نسأل المولى جلت قدرته أن يحف بلدينا وشعبينا الشقيقين بمزيد من الترابط والتآلف والتراحم والتعاضد، وأن تعم هذه الروح الطيبة سائر علاقات التعارف والصداقة بين الأمم.
* ثالثاً: كلمة معالي وزير خارجية جمهورية مصر العربية السفير سامح شكري
الإخوة والأخوات، السيدات والسادة الحضور.
يطيب لي أن أتوجه لكم بحديثي هذا بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لتدشين العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عمان الشقيقة وجمهورية مصر العربية. أننا نحتفل اليوم بعلاقات اتسمت على مدار تاريخها وعلى مختلف مستوياتها الرسمية والشعبية بخصوصية وتميز واضحين، حيث سادت فيها روح المودة والتعاون والتقارب في الرؤى، وتقديم ضرورات حفظ أمن واستقرار المنطقة ودعم قدرات شعوبها والالتزام الصادق من كلا البلدين بأمن واستقرار الآخر وبقيم الأخوة والعروبة، وعلى النحو الذي جعلها بصدق نموذجًا يحتذى به للعلاقات الدبلوماسية المستقرة والمثمرة.
لقد مرت هذه العلاقات بمحطات عديدة تأكدت خلالها هذه المعاني على نحو واضح لا لبس فيه. فلازلنا نذكر بكل تقدير واعتزاز ما أبدته السلطنة وجلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد رحمه الله من تمسك بالعلاقات الدبلوماسية القائمة بين البلدين، ورفض شجاع للتماشي مع دعوات انطلقت لمقاطعة مصر في مرحلة من المراحل. كما يمكن أن نلمس قوة العلاقات والحرص المتبادل على التنسيق عالي المستوى من خلال متابعة وتيرة الزيارات المتبادلة بين القادة، وآخرها زيارة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلطنة في شهر يونيو 2022، ولقائه بأخيه جلالة السلطان هيثم بن طارق، وما أحاط بها من ود وتفاهم أخوي ملموس.
لقد جسدت هذه الزيارة وما دار بها من بحث وتداول معمق حول الموضوعات الإقليمية والثنائية وما شهدته من توقيع على عدد كبير من مذكرات التفاهم، تقارب رؤى قيادتي البلدين وحرصهما الواضح على دعم العلاقات وتعميق التعاون المشترك في مختلف المجالات. ولايمكن الحديث عن خصوصية العلاقة وتميزها، دون التطرق إلى وجود جالية مصرية متميزة تحظى برعاية نقدرها من السلطات العمانية. وتلعب في الوقت ذاته دورًا حيويًا وملموسًا كجسر حضاري بين البلدين وروابط ويبقة بين الشعبين الشقيقين.
السيدات والسادة
إن انطلاق الاحتفالية بمرور خمسين عامًا على العلاقات الدبلوماسية لهو شاهد جديد على احتفاء البلدين واعتزازهما بما يجمعهما من روح الأخوة. كما أننا أيضًا نعتبرها فرصة للتأكيد على الاعتزام المشترك على تطوير العلاقات القائمة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية، وغيرها من المجالات، لنأخذ تلك العلاقات إلى آفاق أرحب، وعلى نحو يدعم قاطرة التنمية والتقدم التي يقودها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر، وجلالة السلطان هيثم بن طارق في سلطنة عمان الشقيقة.
أجدد التهنئة للجميع بهذه المناسبة الطيبة.
وتقبلوا تحياتي ومودتي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته