رأىسلايدر

رثــــــاء.. لمسة وفاء واجبة

استمع الي المقالة

بقلم: عبد المنعم مبروك

كاتب ومحلل سياسى ومستشار إعلامى

قديمًا قال أحد شعراء الزهد – أبو العتاهية – مخاطبًا نفسه حتى لا يصيبها الغرور:

يا نَفسُ قَد أَزِفَ الرَحيلُ.. وأَظَلَّكِ الخَطبُ الجَليلُ

فَتَأَهَّبي يا نَفسِ.. لايَلعَب بِكِ الأَمَلُ الطَويلُ

توقف القلم عن الكتابة في رثاء أعز الأصدقاء عندى … ولم أستطع الإمساك به لكتابة سطورى هذه إلا اليوم بعد مرور أربعين يومًا عن رحيله عن دنيانا .. الرجل الفارس الخلوق المتواضع ابن البلد والبار بأهله .. العزيز على قلبى وأسرتى الراحل المستشار الدكتور رفيق سلام .. أخط كلماتى وسطورى هذه عزاءً لرحيل أغلى من عرفت من الأصدقاء على قلبى، كما كان – رحمه الله – عزيزًا على أسرته وعائلته .. كان الفقيد من خيرة الناس المؤمنين المتقين الصوامين القوامين … إنه الراحل الذى فارق دنيانا إثر أزمة قلبية فاجأته بموعد الرحيل للقاء الله.

ومن دواعى حزنى أننى لم أتمكن من المشاركة في جنازة صديق عمرى الراحل لأننى كنت أمر بوعكة صحية شديدة وفوجئت بابنى أحمد – والحزن يملأ قلبه – بإبلاغى برحيل صديق الأسرة المرحوم بإذن الله الدكتور رفيق سلام فكلفته بحضور الجنازة والعزاء نيابة عنى وعن أسرتى وتقديم العزاء لأسرته وابنه الغالى المستشار طاهر سلام مع تمنياتى للأسرة أن يديم الله عليهم الصبر والسلوان … الصبر على الفراق يخفف الألم والحزن؛ لأننا نحسبه عند الرفيق الأعلى وإلى جواره مع المؤمنين الصالحين المسبحين بحمد ربهم راجين المولى أن يلحقنا به على خير سبحانه وتعالى، وهو الذى كتب لنفسه البقاء، وكتب على خلقه الفناء.

كان المستشار الجليل المرحوم رفيق سلام أبًا لطاهر وعُمر واثنتين من البنات، وكان مثالاً يحتذى في العمل الجاد والدأب، والتواضع والصدق والوفاء، والعلم والأخلاق منذ تعارفنا في عام 1986، وظلت العلاقة قائمة على المحبة والمودة والرحمة بيننا وفعل الخيرات؛ حيث كان الراحل رمزًا من رموز القضاء المصرى ومحراب العدالة وفى فرع مهم، وهو القضاء الإدارى، وكان محاضرًا متميزًا في مجال القانون بفروعه المختلفة لأبناء السلك القضائى بمعهد تدريب القضاة، وكذا ضباط الشرطة بأكاديمية الشرطة، وكان – رحمه الله – يعمل مساعدًا لوزير العدل الحالى المستشار الجليل عمر مروان رجل القضاء هادئ الطباع المتواضع والخلوق والبارع في علوم القانون.

عمل الصديق الراحل المستشار رفيق سلام بوزارة العدل لسنوات طويلة بعد خدمته المتميزة لسنوات قبلها في هيئة النيابة الإدارية مع فرسان القضاء الإدارى، وكان يتمتع باحترام وتقدير معالى الوزير المستشار الجليل وزير العدل عمر مروان والمسئول الأول عن حماية حقوق المصريين مع زملائه القضاة في مصر، والذى يهمنى في هذه السطور أن أرسل لسيادته ولأسرته خالص العزاء في صهره الراحل المستشار رفيق سلام.

كان الوفاء وقيم الأخلاق والتواضع وتقوى الله والمعاملة الحسنة لكل المحيطين به سمة في شخصية الراحل، ورأيت ذلك بأم عينى خلال لقاءاتى معه بوزارة العدل وهو يتعامل بتواضع مع البسطاء من معاونى الخدمة، وكم كانت المعاملة مليئة بالعطف والسؤال على أسرهم، كما كان الراحل والصديق عفَّ اللسان خلوقًا مع من يعرف ومن لا يعرف، ولم يكن ذلك غريبًا على الرجل؛ حيث كان يؤمن معى بوصية نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم (افعلوا الخير في أهله وفى غير أهله).

رحل الفارس في صمت إلى جوار ربه تاركًا لدى أسرته وعائلته سيرةً عطرةً وطَيِّبةً بكل معانى المحبة … أسرة الفقيد بالقليوبية ثم عائلته … عائلة سلام بالباجور منوفية، والراحل هو ابن الفلاح المصرى الأصيل، والذى لا تغادر صورته مختيلتى ومخيلة أشقائه بعد زوجته وأبنائه .. والعزاء موصول لأشقائه السادة/ عبد الفتاح، السيد، سعيد شفاه الله، وشقيقه أيضًا الصديق المستشار/ سلام عبد الله سلام – وكيل وزارة الإسكان والذين أقدم لهم جميعًا خالص العزاء في مصابهم الأليم.

رحل القاضى الجليل إلى رحاب الله باطمئنان وهدوء، وأخد معه العمل الصالح بإذن ربه، وترك لأسرته وعائلته ومحبيه وأصدقائه وزملائه السمعة الطيبة والتاريخ المشرف في العمل.

إنها الحياة .. مهما طالت فهى قصيرة، وكما علمنا الحبيب المصطفى “إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح”.. وصدق رب العزة الذى قال في محكم التنزيل (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) كما قال لنبيه في آية أخرى (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ).

نسأل الله لهذا الوطن السلامة من كل شر وأن يحفظ مصر وشعبها وجيشها وشرطتها حماة الوطن الذى أشرف بأن يكون ابنى واحدًا منهم، كما أدعو الله أن يحفظ قضاة مصر الأجلاء للعمل من أجل صيانة حقوق الناس وحمايتها تحت قيادة الرئيس المخلص والقائد لهذا الوطن الذى يعمل ليل نهار في خدمة شعب مصر ونهضته الرئيس/ عبد الفتاح السيسى.

في النهاية أقول لنفسى “عودى إلى الله راضية مرضية إن شاء الله في الموعد الذى حدده سبحانه” وأقول لقلبى المكلوم على صديقى الغالى الراحل المستشار الدكتور/ رفيق سلام أقول له “يا قلبى لا تحزن .. فكلنا راحلون .. وإنا لله وإنا إليه راجعون .. والبقاء دائمًا وإلى الأبد لله الواحد الأحد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى