رأى

الحقيقة المشوهة!

استمع الي المقالة

بقلم: أحمد طه الغندور

في كتابهم المعنون: القانون الدولي وسياسة الكيل بمكيالين؛ لـ “باترك هارمن ـ باربرة ديلكور ـ أوليفييه كورتن”، يستشهد “ديلكور وكورتن” بالملاحظة الساخرة والحقيقة لوزير الدفاع الفرنسي السابق “جان بيير شوفينمان” حيث قال: ” أن تكونوا أقوياء أو بؤساء فالنظام العالمي الجديد سيجعلكم إما بيضاً أو سوداً”!
ويكملا قائلين، لقد تمزقت الأستار وظهرت الحقيقة في النهاية لأعين الجميع: خلف كل البنى القانونية، والاحتياطات الدبلوماسية ليس لهذا النظام العالمي سوى دلالة واحدة جوهرية، أنه يعني وجود قوة عظمى واحدة في العالم، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، كل الناس تعرف ذلك، لكن أحداً لم يحدد ويحلل جيداً ما يترتب على ذلك من عواقب”!
نعم؛ منذ أن شن “جورج بوش” عدوانه على العراق في 2003، وبدأت سياسة “الكيل بمكيالين” تتجسد بشكل سافر في الأمم المتحدة؛ من موظفيها، في طلب قراراتها، وفي كافة ممارستها بما يرضي “الغرور الأمريكي”!
ولا زالت ” فلسطين ” تكافح لوجودها كدولة كاملة الأركان، معترف بها ـ رغم الفيتو الأمريكي ـ تُعاني الأمرين من سياسة “الكيل بمكيالين”!
ورغم سنوات الكفاح الدبلوماسي العنيد للفلسطينيين في إثبات الحقوق الشرعية الفلسطينية، وفي استنهاض الضمائر الحية لنصرة القضية الفلسطينية ـ والتي حققت نجاحات مشهود لها ـ فعلى سبيل المثال؛ وخلال هذا الشهر فقط، أستراليا تتراجع عن اعترافها بالقدس عاصمة للاحتلال، وتنهي عملية نقل سفارتها إليها.
النداءات الصادرة عن وزراء خارجية أوروبيين سابقين، والتي وصفت السياسات التي تمارسها “إسرائيل” ضد الفلسطينيين بأنها “جريمة فصل عنصري”.
كما جاء في رسالة نشرتها صحيفة “لوموند” الفرنسية، وأصروا على القول: “لا نرى بديلا سوى الاعتراف بأن السياسات والممارسات التي تنتهجها إسرائيل ضد الفلسطينيين ترتقي إلى جريمة فصل عنصري”!
كما أن لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدّة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، و”إسرائيل” قد توصلت إلى استنتاجات هامة؛ نطرحها كما يُعبر عنها أعضائها!
فقد صرّح عضو لجنة التحقيق، السيّد كريس سيدوتي قائلًا “إن إجراءات الحكومة الإسرائيلية التي نظرنا بها في تقريرنا تشكّل منظومة احتلال وضم غير شرعية ويجب معالجتها”. وأضاف “على النظام الدولي والدول أن تتحرّك وتفي بالتزاماتها بموجب القانون الدولي. ويجب أن يبدأ ذلك بالدورة الحالية للجمعية العامة وإحالة الوضع إلى محكمة العدل الدولية”.
أما السيّدة نافي بيلاي، رئيسة لجنة التحقيق، فقد أوضحت إن “التصريحات الأخيرة من قبل الأمين العام وعدد من الدول الأعضاء أوضحت أن أي محاولة لضم أراضي دولةٍ ما بشكلٍ أحادي الجانب من قبل دولة اخرى يعدّ انتهاكًا للقانون الدولي ويعتبر باطلًا ولاغياً، والأسبوع الماضي، صوّتت 143 دولة عضو، بما في ذلك “إسرائيل”، دعمًا لقرار الجمعية العامة الذي يؤكّد على ذلك”. وأضافت “إذا لم يطبّق هذا المبدأ الأساسي من ميثاق الأمم المتحدّة بشكل عالمي، بما في ذلك على الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلّة، سيصبح لا معنى له”. بمعنى الرفض الواضح والصريح لسياسة “الكيل بمكيالين”!
لكن ما يهم منسق عملية السلام السيد تور وينسلاند؛ شيئاً أخر، فأقصى ما يبحث عنه؛ أن يسعى “الإسرائيليون” والفلسطينيون ـ كأنهما متعادلان في كفة الميزان ـ إلى اتخاذ خطوات ملموسة لخفض حدة التوتر في الضفة الغربية المحتلة”! فهذه بالنسبة له أولوية!
ماذا عن “الاحتلال” وسياساته العنصرية؟!
ماذا عن المطالبة بإدانة، وإنهاء الاحتلال؟!
ماذا عن “عصابات المستوطنين” التي أوشكت أن تكون في “الحكومة”؟!
ماذا عن توفير الحماية الدولية العاجلة للشعب الفلسطيني؟!
أليس المساواة بين ” الضحية ” و “الجلاد” خرقاً فاضحاً لكل المبادئ، بل حتى المشاعر الإنسانية؟!
بل هو التطبيق الأمين لسياسة “الكيل بمكيالين”!
لماذا هذا الإصرار من “مكتبكم” تقديم “الحقيقة مشوهة” لمجلس الأمن؟ إن كان السلام لا ينمو إلا من خلال “الحقيقة المشوهة”، تكرم بإفادتنا وأعذر جهلنا!
لكنه الإصرار على “الفساد” و “الكيل بمكيالين”!
وأود التذكير بمصير سلفكم ” نيكولاي ملادينوف”، فذلك ليس منكم ببعيد!
لك أن تتمتع بـ “الرفض والمقاطعة” من الشعب الفلسطيني وقيادته، حتى الرحيل!
والسبب في ذلك بسيط نحن شعب لا يقبل بـ “الحقيقة المشوهة” لإرضاء أصحاب “الكيل بمكيالين”!
فهل وصلت الرسالة ونحن على أعتاب نظام عالمي آخر؛ يرفض ما اعتادت عليه منظومة “الكيل بمكيالين”!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى