ثقافة السلام فى سلطنه عمان تثبت قيمتها وجدواها دوما

مهند أبوعريف
بحكمة بالغة ووعي عميق ، اختار السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان قيمة السلام ، لتكون واحدة من القيم العليا التي تعمل سلطنة عمان على تحقيقها وترسيخها ، سواء على الصعيد الداخلي ، او على كل الاصعدة الخليجية والاقليمية والدولية الاخرى ، وذلك ادراكا لقيمة السلام ، ليس فقط كهدف تتطلع كل الشعوب الى تحقيقه والعيش في ظله ، ولكن ايضا كنهج وسبيل لحل مختلف القضايا والمشكلات ، والانحياز دوما للسبل والوسائل السلمية ، لتجاوز الخلافات ، والتوصل الى توافقات والتقاء في المصالح بين الاطراف المختلفة بالنسبة لهذه القضية أو تلك ، وصولا الى حلول تعود بالخير على كل الاطراف المعنية ، وهو ما يفيد بالضرورة الأطراف الأخرى ذات الصلة او المصلحة بتلك القضايا بدرجة او بأخرى .وانطلاقا من هذه الارضية الراسخة ، فإنه ليس من المبالغة في شيء القول بأن السلطنة استطاعت ، على امتداد العقود الماضية ، ان تقدم نموذجا ناصعا ، وناضجا أيضا ، للإيمان العميق بالسلام ، والعمل على تنمية وتوسيع نطاق ثقافة السلام ، على كل المستويات ، محلية وخليجية وإقليمية ودولية ، بل وتقديم الكثير من المواقف والنماذج العملية ، التي اثبتت دوما اهميتها وقيمتها بالنسبة للاطراف المعنية بها ، وذلك فيما يتعلق بالكثير من المشكلات والتطورات ، التي شهدتها وتشهدها المنطقة ، خليجيا وعربيا ودوليا كذلك .والامثلة في هذا المجال اكثر من ان تحصى ، سواء بالنسبة للسلطنة ذاتها ، او بالنسبة للكثير من الاشقاء والاصدقاء ، ومن احدث الامثلة ، وليس آخرها بالتأكيد ، نجاح الجهود العمانية في العثور على المواطنة الفرنسية ” ايزابيل بريم ” ، التي كانت مفقودة في اليمن واعادتها الى فرنسا ، وقد اعرب الرئيس والحكومة الفرنسية عن تقديرهما البالغ للسلطان قابوس وللجهود العمانية .
جدير بالذكر ان ثقافة السلام ، والعمل من اجل حل الخلافات بالطرق والوسائل السلمية ، ولصالح كل الاطراف ، لا تعني ابدا انسحابا او ابتعادا عن المشكلات والخلافات التي تعصف بالمنطقة ، وتعرض كل دولها وشعوبها لمخاطر متزايدة ، ولكنها تعني في المقام الاول ، ثقة ويقينا بأن الجهود السلمية المخلصة قادرة دوما على الوصول الى نقاط التقاء وتفاهم وتوافق بين الاطراف المعنية ، اذا توفرت الارادة السياسية والرغبة الصادقة في التغلب على الخلافات ، مهما كانت كبيرة ومعقدة .وتذخر خبرة السلطنة في هذا المجال بنماذج وامثلة عديدة ، تحقق فيها النجاح ، وبالطبع هناك اخرى لم تصل الى هذه العتبة ، لانه لم يتوفر لها المقومات الضرورية لذلك ، ومع ذلك فان السلطنة لا تدخر وسعا ، ولا تتردد في بذل أية جهود من اجل العمل لحل اية خلافات او للوصول الى نقاط التقاء وتواف بقدر او بآخر ، طالما استشعرت جدية ورغبة الاطراف الاخرى في الوصول الى نتائج تعود بالفائدة على كل الاطراف المعنية . وما اشد حاجة المنطقة الى تفهم وادراك معنى وقيمة ثقافة السلام وضرورتها لحاضر ومستقبل كل دول وشعوب المنطقة .