رأىسلايدر

تنفيذ الرؤية الحضارية المتمثلة في المساواة والاستفادة المتبادلة والحوار وتقُبل الغير والتكاتف لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية

استمع الي المقالة

بقلم: يانغ رونغ هاو

مدير المركز الثقافي الصيني بالقاهرة

مصر والصين دولتان ناميتان كبيرتان لهما حضارة عريقة رائعة تمتد لآلاف السنين. مثلما قال الرئيس السيسي ذات مرة: “مصر … نقطة التلاقي الجامعة للحضارات”، اشتهرت الحضارة الصينية بانفتاحها وشمولها أيضا منذ العصور القديمة، وكانت تشع باستمرار حيوية جديدة من خلال التبادلات والتعلم والاستفادة المتبادلة من الحضارات الأخرى. إن الزخم الحضاري العميق وتاريخ التنمية المميز لمصر والصين يثبتان تمامًا أنه لا يمكن فصل التطور والتقدم البشري عن التواصل والتبادل والتلاحم بين الحضارات. يحفز التنوع تبادل الحضارات، والذي بدوره يعزز الاستفادة المتبادلة وتطورها.

إن مراقبة ودراسة التطور الحديث والتبادلات الودية بين الحضارتين القديمتين لمصر والصين، والنظرات الحضارية الحديثة لهما، يعتبرا أمرًا مهمًا للغاية لتعزيز إصلاح نظام الحوكمة العالمي وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. ومن ثَم، بصفتي كمدير للمركز الثقافي الصيني بالقاهرة، يسرني ان اشترك مع الأصدقاء المصريين والعرب رؤية الرئيس الصيني شي جينبينغ حول الحضارة الإنسانية المتمثلة “المساواة والاستفادة المتبادلة والحوار وتقبل الغير”.

المساواة بين الحضارات

“تتمتع كل من الحضارة الصينية والحضارة العربية الإسلامية بخصوصياتها ونظامها المتكامل. ننظر إلى بعضنا البعض بعين الإعجاب ونتدارس ونستفيد من الجوهر الثقافي لبعضنا البعض بكل احترام وتواضع.” “ستواصل الصين دعمها بثبات لجهود دول الشرق الأوسط والدول العربية في الحفاظ على ثقافتها وتقاليدها الأصيلة، وترفض التمييز والتحيز بأي شكل من الأشكال بحق عرق أو دين بعينه.”

إن المساواة بين الحضارات هي أساس التبادلات الحضارية. تدرك الصين تماما أن كل الحضارات البشرية هي تراكم لعمل البشرية وحكمتها عبر التاريخ الطويل. إنهم متساوون في القيمة، لا توجد حضارة جيدة وأخرى سيئة، بل توجد فقط حضارات مختلفة في الخصائص والمناطق. فمن المهم تبادل الاحترام، واحترام الاختلاف والاستقلال والتنوع للحضارات المختلفة.

الاستفادة المتبادلة بين الحضارات

“كانت الحضارة الصينية والحضارة العربية تتلألأن في الماضي، واليوم، يجب علينا الاستفادة من حكمة الجانب الآخر وإمكانياته بشكل أكبر.” “ترجع الاستفادة المتبادلة بين الحضارة الصينية والحضارة العربية إلى زمن بعيد.” “يجب على دول العالم تحقيق التعايش السلمي على أساس الاحترام المتبادل والسعي للأرضية المشتركة، وتعزيز التواصل والاستفادة المتبادلة بينها، بغية إضفاء قوة دافعة على مسيرة تقدم الحضارة البشرية.”

الاستفادة والتعلم المتبادل مطلب لتقدم الحضارات. تعي الصين تماما أن كل حضارة في المجتمع البشري تعبر عن جمال الفكر وجمال الحياة وجمال الإبداع، كل منهم له معانيه الفريدة، وهم كنوز روحية للبشرية. يجب أن نتعلم من بعضنا البعض، وأن نستفيد من نقاط القوة لدى بعضنا البعض، من خلال المنافسة السلمية والمقارنة، وأن نحقق تقدمًا من خلال التعلم المتبادل.

الحوار بين الحضارات

“لكل من الحضارة الصينية والحضارة العربية خصوصياتها ونظامها، إلا أنهما تحتويان على مفاهيم ومساعي مشتركة جاءت متراكمة في مسيرة التقدم والتطور للبشرية… يجب علينا إجراء الحوار بين الحضارتين والحث على قبول الغير والاستفادة المتبادلة، والعمل سويا على إحياء مزيد من القيم الإيجابية الواردة في ثقافتنا وتقاليدنا القومية الأصيلة التي تتماشى مع عصرنا اليوم.”

الحوار بين الحضارات هو السبيل لتطور الحضارات الانسانية. تدرك الصين تماما أنه لا يمكن للحضارات أن يكون لها حيوية وتأثير دائم إلا من خلال التطوير والابتكار القائم على الحوار. من الضروري الحفاظ على التبادلات، وتعميق التفاهم والاعتراف المتبادل بين الحضارات، وأن نكون انتقائيين ونختار ما هو أفضل وسط الانفتاح والشمول، ونتبع مسار التنمية الحضارية طويلة المدى.

تقبل الغير

“طالما نتمسك بتقبل الآخرين، سيختفي الصدام الحضاري، وسيتحقق التعايش المتناغم بين الحضارات المختلفة.” “كان التباين في التاريخ والثقافة والنظام الاجتماعي لدول العالم موجودا في المجتمع البشري منذ القدم، وهو ميزة متأصلة للحضارة البشرية. لن يكون هناك حضارة للبشرية بدون التنوع الذي يعد واقعا موضوعيا سيبقى للمدى الطويل. إن التباين بذاته لا يدعو إلى القلق… وما يثير الهواجس هو محاولة فرض التاريخ والثقافة والنظام الاجتماعي على الآخرين.”

تقبل الغير هو القوة الدافعة للتبادلات الحضارية. تعي الصين تماما أن الحضارات تتواصل من خلال التنوع، وتسعى إلى التنمية من خلال التعايش. علينا أن نتقبل الحضارات المختلفة، وأن نتعامل مع الحضارات الأخرى بعقلية أرحب من السماء، لكي تتعايش جميع الحضارات في وئام وتتكامل فيما بينها.

يشهد الشعبان المصري الصيني اللذان ترجع التبادلات الودية بينهما إلى زمن بعيد على الرفقة المخلصة على طريق الحرير القديم، والمشاركة في السراء والضراء في النضال من أجل الاستقلال الوطني، والتضامن والمساندة في مسيرة بناء الوطن. بدخول العصر الجديد، قد حققت العلاقات الثنائية التي يعتبر التبادل والتعاون الثقافي بين مصر والصين جزءًا مهمًا فيها قفزةً جديدةً إلى الأمام، حيث أقامت مصر والصين فعاليات “العام الثقافي المصري الصيني” في البلدين، وتم تبادل زيارات ثقافية رفيعة المستوى، وتوافد الفرق الفنية والرياضية للمشاركة في المهرجانات الفنية الدولية والفعاليات الرياضية والمنتديات الدولية. كما أقيمت أنشطة وفعاليات في مختلف المجالات مثل “الاحتفال بعيد الربيع السعيد”؛ “مهرجان الفنون العربية”؛ معرض “قصة السيلادون الصيني المصري”؛ ومسابقة وندوة الفيديو القصير للشباب الصيني والمصري، مما أرسى أساسًا قويًا لتطور علاقة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.

أولئك الذين يتواصلون مع القلوب، تدوم صداقتهم. بفضل قيادة وارشاد الرئيس شي جينبينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي، تحرص الصين على مواصلة الجهود الدؤوبة مع مصر، للتمسك بالرؤية الحضارية المتمثلة في المساواة والاستفادة المتبادلة والحوار وتقبل الغير، ولتجاوز الحواجز الحضارية بالتبادل الحضاري وتجاوز التصادم الحضاري بالاستفادة المتبادلة حضاريا وتقبل الآخر وتجاوز التفوق الحضاري بالتعايش الحضاري، بالاستفادة المتبادلة، للمضي قدما على الطريق نحو إقامة مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية في العصر الجديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى