أشرف أبو عريف
تحتفل جمهورية أذربيجان، اليوم الموافق 26 يونيو، بالذكرى الرابع والمئة لإنشاء أول جيش وطني أذربيجاني، وذلك بعد التحرر من قبضة الإمبراطورية الروسية القيصرية، التي استمرت زهاء 100 سنة، لكي يتمكن الأذربيجانيون من إقامة أول جمهورية ديمقراطية في منطقة الشرق الإسلامي، لكنها لم تستمر إلا عامين فقط، ثم قرر البلاشفة في الاتحاد السوفيتي ضم أذربيجان لتكون جمهورية ضمن جمهوريات الاتحاد ، وذلك لمدة 70 سنة، قبل أن ينهار مطلع التسيعينيات من القرن الماضي.
ويدين الأذربيجانيون بالفضل، إلى الوطنيين من قادة الحركة التحررية، أمثال سمد بك مهمانداروف، وعلي أغا شيخلنسكي، وحسين خان ناختشوانسكي، وإبراهيم أغا أوسوبوف، وكاظم قاجار، وجواد بك شيخلنسكي، وحبيب بك سليموف وغيرهم، حيث لعبوا دورًا كبيرًا في تشكيل قوات الدفاع الوطني، وإعداد الكوادر المتخصصة وتدريبهم، وإنشاء أسس عسكرية؛ حيث وصل عدد مكونات الجيش من العسكريين إلى 40 ألفًا، وبقيادة هؤلاء القادة تمكن الجيش الوطني من تطهير مدينة باكو والمدن الأخرى من احتلال العصابات المسلحة للطاشناك.
ويذكر “بيان الاستقلال” الصادر وقتذاك أن أذربيجان ينبغي لها أن تنشئ قوات مسلحة خاصة بها من أجل الدفاع عن نفسها من أي تدخلات خارجية، وأنشأت الحكومة الجديدة جيشًا قوامه 25 ألف جندي في البداية، وتم تأسيس وزارة الحرب الأذربيجانية وكان خوسو بيك سلطانوف أول وزير دفاع أذربيجاني في الأول من أغسطس 1918، واستطاع الجيش الوطني خلال مدة قصيرة بالتعاون مع الجيش الإسلامي القوقازي تحرير باكو، كما أقيم اول استعراض عسكري في أذربيجان بأراضي مركز المتحف الحالي في العاصمة باكو عام 1919م، ولكن بعد غزو روسيا السوفييتية لأذربيجان عام 1920م ألغيت وزارة الحرب مع إعدام 15 جنرالاً للجيش الوطني رميًا بالرصاص من قبل البلاشفة.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وعودة أذربيجان إلى تنفس رحيق الحرية والاستقلال عام 1991، قرر الزعيم حيدر علييف اعتبار يوم 26 يونيو من كل عام، عيدًا بمناسبة إنشاء أول جيش وطني، كما عمل على رفع كفاءة أفراد الجيش وتسليحه بأحدث المعدات القتالية، فضلاً عن إنشاء مجموعات للإنتاج الحربي والدفاعي، بالإضافة إلى المشاركة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
اليوم، حقق جيشنا الباسل نصرا مبينا بعد حرب مع أرمينيا دامت 44 يوما، حيث أحرز الجيش الأذربيجاني بسواعد ودماء أبناءه نصراً ساحقاً على الجيش الأرميني، وأنهى صراعاً دام سنوات طويلة.
إن مسيرة النصر لجيشنا المجيد بقيادة الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، السيد إلهام علييف، ضمنت الانتصار التاريخي لأذربيجان. احتفل شعبنا، عن حق، بتحرير أراضينا المحتلة لما يقرب من 30 سنة، واستعادة العدالة التاريخية ووحدة أراضي بلدنا بكل فخر وفرح.
لقد دفع الجيش الأذربيجاني، المجهز بمعدات عسكرية محترفة ومدربة ومتطورة ورشيقة، وقادر على تنفيذ أي مهمة عسكرية بنجاح، الغزاة من الأراضي الاذربيجانية التاريخية كقوات مسلحة منتصرة.
كان التنوع التكنولجي أحد أهم عوامل انتصار أذربيجان في الحرب، فالهوة التقنية بين الجيشين المتحاربين كانت واضحة وجلية، حيث شاهدنا طائرات الدرون للقوات الأذربيجانية وهي تضرب بقوة مدرعات ودبابات الجيش الأرميني في حين أن هذا الأخير كان يحارب بمعدات عسكرية سوفيتية خارجة عن العصر، ولم تنفعه تحصيناته وخنادقه في شيء، وقد قدرت قيمة المعدات التي تم تدميرها من قبل الطيران الأذربيجاني بأكثر من 3 مليارات دولار.
أدى الانتصار في ساحة المعركة عسكريا إلى انتصار على الساحة السياسية، فلقد حققت أذربيجان ما تريده سواء في ميدان المعركة أو على طاولة المفاوضات.
باءت خطط ومحاولات للحصول على ما يسمى “جمهورية ناجورنو كاراباخ (أرتساخ)” في قاراباغ بالفشل، إذ أنه نتيجة لمهاراته الدبلوماسية وصفاته القيادية وعلاقاته رفيعة المستوى مع المجتمع الدولي، تمكن الرئيس الأذربيجاني من كسر هذه الخطط وإرسال النظام ما يسمى جمهورية ناجورنو كاراباخ (أرتساخ) إلى الجحيم.