بقلم: عبد العزيز سلام
في الخامس عشر من يونيو، أقيم حفل افتتاح مهرجان تشجيانغ السابع عشر لسياحة المناظر الطبيعية والمهرجان السادس عشر لبدء حرث الحقول المتدرجة، في محافظة يونخه التابعة لمقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين.
قد تم إدراج نشاط بدء حرث الحقول في يوم البذار الصيفي وهو اليوم الأفضل والأنسب لزراعة المحاصيل، ويعد ذلك موروثاً من الحضارة الزراعية التقليدية، كما أنه نشاطا شعبيا محليا تقليديا ، وتم تضمينه علي قائمة المشاريع النموذجية للتراث الثقافي غير المادي في الصين، ويجذب هذا النشاط عددا كبيرا من السياح من أنحاء العالم كل عام.
ومنذ إطلاق مشروع بناء حقول يونخه المدرجة تم استفادت أكثر من 20000 شخص وخروجهم من دائرة الفقر . وفي الوقت الحالي، يعمل عدد كبير من سكان القري المحلية في منطقة الحقول المدرجة السياحية. وتم إقامة أكثر من 164 مزرعة بالقرب من المنطقة مع تشغيل عدد كبير أيضا من الموظفين فيها، ويزيد متوسط الدخل السنوي لكل مزرعة عن 200 ألف يوان. وازداد معدل نصيب الفرد من الدخل للفلاحين المحليين الذين يقيمون بالقرب من المنطقة من 10 ألف يوان عام 2016 إلى 25 ألف يوان عام 2021، بمتوسط معدل نمو سنوي يزيد عن 15 بالمائة .. بالفعل هو مهرجان ساحر ومفيد جدا .
تشتهر محافظة يونخه بجبالها ومياهها وحقولها الزراعية. ومنذ آلاف السنين، شيّد أبناء قوميتي شه وهان المحليون سدودا وفقًا للتضاريس وجودة التربة، ونقلوا مياه الينابيع الجبلية المستمرة على مدار العام إلى الحقول المتدرجة، مما أدى إلى إنشاء أجمل الحقول المدرجة في الصين – حقول يونخه المدرجة. ونظرا لأن درجة الحرارة في المنطقة الجبلية أدنى من منطقة السهل، فيصادف يوم البذار الصيفي يوم بدء حراثة حقول يونخه المدرجة، ويقيم السكان المحليون مهرجان بدء الحراثة في هذا اليوم. وفي هذا المهرجان، يقوم المزارعون باستخدام البوق واستخراج انغام موسيقية تقليدية، كما يتم الاحتفال بالجاموس المشارك في الحراثة، وإقامة مراسم تقديم القرابين لإله الحقول، في سبيل التعبير عن امتنانهم لأسلافهم على استصلاح الأرض عبر الأغاني والرقصات الجميلة، وعن تطلعاتهم إلى الحصاد الوفير وازدهار المواشي والدواجن والوئام العائلي.
وتتميز حقول يونخه بسمات فريدة تتمثل في “وجود ألف طابق، والارتفاع البالغ ألف متر، وتاريخ يمتد لألف عام”، وتتمتع بشروق الشمس بين بحر السحاب، والحقول المتدرجة التي تبدو بمناظر الفصول الأربعة، والقرى التقليدية، والشلالات السحابية، والضباب المتجمد على الأشجار، وغيرها من المناظر الطبيعية الفريدة ذات القيمة الترفيهية العالية، وتعد أكبر مجموعة من الحقول المتدرجة في شرقي الصين، وتشكل المورد السياحي الأكثر تنافسية وتميزًا في يونخه. وتقع الحقول المدرجة في الغرب وتواجه الشرق، فيظهر شروق الشمس بين بحر السحب في أكثر من مائة يوم سنويا. لذا، صارت حقول يونخه موقعا مشهورا عالميًا لتصوير مشهد شروق الشمس بين بحر السحب، وتعد “أجمل الحقول المدرجة في الصين” في عيون المصورين. ومنحتها الرابطة العالمية لمنظمات العلوم والتعليم لقب “القاعدة الدولية لإبداع الفنانين”.
في السنوات الأخيرة، استنادًا إلى التخطيط الحيزي المتمثل في “بلدة واحدة وبحيرة واحدة ومجموعة واحدة من الحقول المدرجة”، طرحت محافظة يونخه بشكل خلاق نمط التنمية بتحويل المحافظة كلها إلى بقعة ذات مناظر طبيعية خلابة على مستوى 5 أ عبر ريادة الحقول المدرجة وبذلت جهودا دؤوبة في تنفيذه المتعمق. في عام 2020، أُدرج مهرجان بدء حراثة الحقول في يوم البذار الصيفي ببلدة مييوان ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي في الصين، وقبل ذلك كانت لا يوجد أي مشروع يتعلق بيوم البذار الصيفي في هذه القائمة. وفي نفس العام، نجحت حقول يونخه في اجتياز مراجعة جودة مناظر مناطق الجذب السياحي ، وفي عام 2021، تم تشغيل مركز استقبال السياح من الدرجة الأولى وأطول قاطرة معلقة في شرقي الصين.
وبفضل مناظرها الطبيعية الفريدة، ومقصدها السياحي تجاوز معدل نمو إيراداتها السنوية بصفتها منطقة جذب سياحي 52 بالمائة لأربع سنوات متتالية. ومع التحسن المستمر لتأثير منطقة حقول يونخه المدرجة السياحية، صارت ورش إنتاج الطلاء وحظيرة الثيران وغيرها من المباني الإنتاجية موارد مهمة لتنمية السياحة وتفعيل قيمة المنتجات الإيكولوجية. وبدأ سكان قرية (كنغقن) التي تقع فيها منطقة حقول يونخه المتدرجة السياحية على تفعيل قيمة المباني الزراعية الخاملة، فانتشرت المباني الإنتاجية بالإضافة إلى المكتبات والمقاهي ، مما ساعد القرويين على كسب الرزق من خلال الاستفادة من الموارد السياحية المحلية.
ومن أجل تعزيز تنمية السياحة الإيكولوجية في محافظة يونخه، وزيادة تأثير العلامة التجارية والشهرة الدولية لمهرجان بدء حراثة حقول يونخه المدرجة، اقترحت يونخه، في حفل افتتاح المهرجان الحادي عشر الذي أقيم في 3 يونيو 2017، إنشاء تحالف عالمي لحماية وتنمية الحقول المدرجة. ومن بين أعضائه حقول يونخه المدرجة، وحقول يوانيانغ المدرجة، وحقول لونغجي المدرجة، والحقول المدرجة في المكسيك وكوريا الجنوبية وغيرهما من الدول الأجنبية. وذلك من أجل تحقيق التعاون بين مناطق الحقول المتدرجة السياحية، وتعلم جوانب القوة عند الآخرين لتلافي ضعف النفس، والاستفادة المتبادلة من الخبرات والبحث المشترك بغية تعزيز حماية الحقول المدرجة وتنميتها سويا. وفي عام 2021، أنشئ في محافظة يونخه مركز فكري عالمي لحماية وتنمية الحقول المتدرجة، بهدف الاستكشاف المشترك للقضايا ذات الاهتمام البالغ مثل استثمار الحقول المدرجة مع حمايتها، وبنائها المعياري، واستخدامها العلمي، وتوفير دعم فكري قوي للتنمية المستدامة للحقول المتدرجة في العالم.