رأىسلايدر

أَحْمَدْ اَلشَّهَاوِي : أَمِيرُ مَمَالِكِ اَلْعِشْق

استمع الي المقالة

بقلم: د.سلوى جودة

أستاذة الأدب الإنجليزى بجامعة عين شمس

أَنَّ تَدَخُّل سَاحَة الشُّعرَاء فَعَلَيْكَ أَنْ تَتَلَطَّف بِمَا يليق بِمَكَانِيَّة وَزَمَانِيَّة الْحَدَث وَان تخَلِّع نَعْلِيُّكَ وَتَدَخُّل بِبَصْمَة قَلْبكَ فَالْوَاد مُقَدَّس وَنَارهُ نُور وَمَلَاَئِكَتهُ حَاضِرُونَ وَخَمْرهُمْ الْمُعْتَق مُنْذُ وِلَاَدَة الشَّاعِر الْأَوَّل حَلَال بِلَا شِبْهُهُ وَقَبْلَ أَنْ أَبْدَأ الكتابه طَلَّبَت مِنْ مُسَاعَدَتي أَنْ تَزِيد أَعْوَاد الرَّيْحَان وَالْيَاسَمِين فِي الْمِزْهَرِيَّات وَأَنَّ تَضُع عَلَى مَكْتَبِيِّ أَوَرَاق غَيْر مسطورة فَالْحَوَاجِز تُعِيق حُرِّيَّتي – فَبِحَوَر الشِّعْر وَاسِعَة حُرّه وَمَعَانِيه تَهُبّ نَفْسُهَا لِمَنْ أَحْسَن وِفَادَتهَا – وَأَنَّ تخَرُّج مِنَ ادراجي قَلَمي الذَّهَبِيّ الَّذِي قَلَّمَا كَتَبَت بِهِ .. والأن اي رِدَاء مَلِكي اِرْتَدِيهِ واي عِطْر يليق بِجَمَال وَجَلَاَل مايمنحه الشَّاعِر مِنْ رَوْحه وَمَنْ مَعَانِيهَا وَمَبَانِيهَا الثقال فِي الْمِيزَان حَتَّى يَصِلنَا ؟
أَنَّهُ اَلشَّاعِرُ اَلْكَبِيرُ أَحْمَدْ اَلشَّهَاوِي اِبْنِ كَفْرِ اَلْمَيَاسْرَة اَلْقَرْيَةُ اَلَّتِي يَحْتَضِنُهَا اَلنِّيلُ مِنْ ثَلَاثَةِ جِهَاتٍ فَتَبْدُو كَشِبْهٍ جَزِيرَة مِنْ اَلْمَمَالِكِ اَلطَّبِيعِيَّةِ لَمْ تَخْدِشْ بَرَاءَتَهَا يَدِ اَلْغَشْمْ بَعْدُ فَفِيهَا لَمْلَمَتْ إِيزِيسْ أَوْجَاعُهَا وَفِيهَا خلْقُ أَوَّلِ صُوفِيٍّ وَأَوَّلِ شَاعِرِ وَأَوَّلَ عَازِفِ نَايْ وَفِيهَا تَشَابَكَتْ اَلْأَبْجَدِيَّةُ فَكَانَتْ أَوَّلَ رِسَالَةِ سَلَامٍ وَفِيهَا يَبْدُو اَلْفِرْدَوْسَ قَرِيبًا بَعْدَمَا نَادَى آدَمْ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ حوَاءَهْ ب ” حَبِيبَتِي ” وَمِنْهَا جَاءَتْ اَلْمَوَاوِيلُ اَلْعَتِيقَةُ نِصْفَهَا دَمْعُ وَنِصْفُهَا دُعَاءُ وَفِيهَا مَوَالِدُ اَلصُّوفِيَّةِ وَأَحْبَابِ اَلشَّاذِلِيَّةِ وَلَيَالِي اَلذِّكْرِ وَالْإِلْهَامِ وَيَحْضُرَنِي وَأَنَا أَرْصُدُ هَذَا اَلْجَمَالِ شُعَرَاءُ اَلنِّصْفَ اَلْأَوَّلَ مِنْ اَلْقَرْنِ اَلتَّاسِعِ عَشَرَ فِي اَلْمَمْلَكَةِ اَلْمُتَّحِدَةِ وَاَلَّذِينَ أَطْلَقَ عَلَيْهِمْ شُعَرَاءُ اَلْبُحَيْرَةِ – نِسْبَةٌ إِلَى اَلْمِنْطَقَةِ اَلَّتِي عَاشُوا فِيهَا – وَاَلَّذِينَ شَكَّلُوا اَلْحَرَكَةُ اَلرُّومَانْسِيَّةُ فِي رِقَّتِهَا وَالثَّوْرِيَّةَ فِي جِدِّيَّتِهَا وَإِخْلَاصِهَا فِي اَلدِّفَاعِ عَنْ اَلْمُعْدِمِينَ وَالْفُقَرَاءِ ضِدَّ اَلطَّبَقَةِ اَلْأُرُسْتُقْرَاطِيَّةِ اَلْمُتَعَجْرِفَةِ أَمْثَالَ وَرُدْثُورْثْ وُكُولْرِيدْجْ وَرُوبَرْتْ سُوثِي وَغَيْرِهِمْ فَكَانَتْ اَلْخِبْرَةُ اَلْجَمَالِيَّةُ مُعَلِّمَهُمْ اَلْأَهَمَّ وَالْأَصْدَقَ وَفِي مِثْلٍ هَذَا اَلْمَكَانِ عَاشَ اَلشَّهَاوِي اَلَّذِي قَدَّمَ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ كِتَابًا فِي أَدَبِ اَلْعِشْقِ وَالتَّصَوُّفِ وَفَلْسَفَةِ اَلدِّينِ وَتُرْجِمَتْ أَعْمَالُهُ إِلَى اَلْإِيطَالِيَّةِ وَالْإِسْبَانِيَّةِ وَالتُّرْكِيَّةِ وَحَازَ عَلَى جَوَائِزَ إِقْلِيمِيَّةٍ وَدَوْلِيَّةٍ وَزَارَ أَكْثَرُ مِنْ 100 دَوْلَةٍ حَوْلَ اَلْعَالَمِ وَبَعْضُهَا زَارَهَا أَكْثَرُ مِنْ 50 مَرَّةٍ وَمِنْ اَلصَّعْبِ أَنْ تُصَنِّفَ أَعْمَالَهُ أُوتَخَضَعَهَا لِجِنْسٍ أَدَبِيٍّ أَوْ تُؤَطِّرُهَا أَوْ حَتَّى تُقَارِنَهَا بِأُخْرَى فَهُوَ اَلَّذِي غَرَسَ زَيْتُونَتَهُ وَهُوَ جَامِعُهَا وَعَاصَرَهَا وَشَجَرَتَهُ مُبَارَكَةَ وَكَوْكَبُهُ دُرِّيْ فَلَدَيْهِ تَجْرِبَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ ومعرفية فَرِيدَةٌ مَمْزُوجَةٌ بِالْيُتْمِ وَالْأَلَمِ ..اِنْتَقَلَتْ أُمُّهُ وَهُوَ فِي اَلْخَامِسَةِ مِنْ عُمْرِهِ وَزَلْزَلَتْهُ مُصِيبَةٍ اَلْفَقْدِ وَالطُّقُوسِ اَلْجَنَائِزِيَّةِ لِنِسَاءِ اَلْقَرْيَةِ مَازَالَتْ عَالِقَةً فِي سَقْفِ ذَاكِرَتِهِ فَلَقَدْ أَعْطَتْهُ اَلْحَيَاةُ مُبَكِّرًا دَرْسَهَا اَلْقَاسْ اَلْأَوَّل :أَنْ يَقُولَ وَدَاعًا وَمِنْ يَوْمِهَا وَهُوَ يَكْتُبُ .. وَهُوَ مِنْ اَلشُّعَرَاءِ اَلْقَلَائِلِ اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ أَسْمَاءُ أُمَّهَاتِهِمْ فِي سِيَاقٍ يَرَى اِسْمَ اَلْمَرْأَةِ عَوْرَةَ فَكُلَّ كَتَبَهُ مُهْدَاةً إِلَى ” نَوَالْ عِيسَى ” فَهِيَ كُلُّ نِسَاءِ اَلْأَرْضِ وَهِيَ اَلْأُمُّ فِي اَلْمُطْلَقِ وَهِيَ سَيِّدَةُ اَلْإِلْهَامِ وَكَبِيرَةً مَلَائِكَةُ اَلْعِشْقِ اَلَّتِي تُمْلِي عَلَيْهِ قَصَائِدُهُ وَمِنْهَا وَلَّدَتْ قَدَاسَتُهُ لِلنِّسَاءِ وَكُلَّمَا تَأَخَّرَ عَنْهُ اَلْإِلْهَامُ اِسْتَدْعَاهَا بِلُطْفِ اَلْبَارَالَذِي يَعْرِفَ اَلطَّرِيقَ لِخَزَائِنِ اَلرَّحْمَةِ وَمُسْتَوْدَعَاتِ اَلْحكْمَة ” كُلَّمَا ضِعْتُ مِنِّي شَمَمْتُ قَلْبُهَا وَرَوَّحَتْ إِلَى سُورَةِ اَلزَّهْرَةِ فِي مِيَاهِ اَلْإِلَهِ ” وَفِي اَلْبَدْءِ كَانَتْ نَوَالْ عِيسَى اَلَّتِي وَرِثَ عَنْهَا اَلْأَسْمَاءُ كُلُّهَا فَهِيَ ظِلُّهُ وَأَنْفَاسُهُ اَلرَّتِيبَةُ وَرَفِيقَتُهُ اَلَّتِي يُحْدِثُهَا كَأَنَّهُ يَرَاهَا فَأَرَاهَا مَعَهُ وَتَتَلَبَّسَنِي وَيَشْحَذ فِينِي اَلْأُمِّ اَلْحُبْلَى مِنْ لَحْظَةِ اَلْمِيلَادِ حَتَّى اَلْفَوَاتِ:
لَكَ وَسَنٍّ وَلَآلِئَ
وَبُيُوتٍ تَمْشِي فِي اَلْمَاءِ
تُغْنِي حِكْمَةَ آلِهَةٍ
كَانُوا أَوَّلَ مِنْ حَلَبُوا غَيْمَةُ قَلْبِيٍّ
اِحْتَارُوا اَلْأَلْفُ بَيَانًا لِلنَّاسِ جَمِيعًا
أَنْتَ كِتَابِيٌّ اَلْأَقْدَمِ
سَفَرِي فِي اَلْأَمْثَالِ سَفَرِي فِي اَلرِّيحِ
وَفِي اَللُّغَةِ اَلْأُمِّ
أَنْتَ اَلْأُمُّ
وَلِأَنَّ اَلْأُمُومَةَ سِرُّ مِنْ أَسْرَارِ اَللَّهِ وَانْ اَلَّتِي نُكَرِّمُ مِنْ أَجْلِهَا فِي اَلْأَرْضِ تَرْعَانَا وَتَرَقُّبُنَا فَلَا أُفُولَ لَهَا وِلَاغْيَابْ وَلَانَ أَنْبِيَاءُ اَلْكِتَابَةِ لَنْ يَكُفُّوا عَنْ اَلْبَوْحِ مَمُوسَقَا أَوْ مَنْثُورًا مُهِمًّا تَكَدَّسَتْ اَلظُّلُمَاتُ فَيحدُثُ اَلشَّهَاوِي أُمَّهُ بِاللُّغَةِ اَلَّتِي يَفْهَمُهَا بِأَنَّ اَلنَّجَاةَ وَالْأَمَلَ فِي اَلْعِشْقِ :
لَمُّ أَخْذِ شَيْئًا مِنْ اَلشِّعْرِ
سِوَى مُنْخُلِ مِنْ اَلْمَاءِ
وَلَمِّ أَخْذِ مِنْ اَلْعِشْقِ سِوَى أَمَلِ مِنْ اَلْخُسْرَانِ
وَيُظْهِرُ اَلْحَكَّاءْ اَلسَّارِدَ اَلْقَدِيمِ بِذَاكِرَتِهِ اَلْمُخْمَلِيَّةِ وَخِبْرَةُ اَلْبِدَايَاتِ فِي أَشْعَارِهِ فَلَقَدْ شَغَلَتْهُ اَلطَّبِيعَةُ اَلْبَرِّيَّةُ لِلْبَشَرِ وَالْمَوْجُودَاتِ بِبَسَاطَتِهَا وَعُلُوّهَا وَصِدْقِهَا وَتَجَرُّدِهَا بِلَا اِفْتِعَالٍ أَوْ تَصْنَعُ فَيُدْخَلُكَ وَاحَةَ اَلنُّسَّاكِ وَالَى ” اَلْمطْرَحْ اَلْأَعْلَى فِي اَلسَّمَاوَاتِ ” وَيُعِيدُكَ إِلَى سِيرَتِكَ اَلْأُولَى , وَلَدَيْهِ مِنْ اَلْإِخْلَاصِ لِقَارِئِهِ مَايجَعَلْكْ مُمْتَنًّا لَهُ وَهُوَ اَلَّذِي يَدْعُوكَ بِكُلِّ مَاأُوتِي مِنْ قُوَّةِ أَنْ تَقْرَأَ نَصَّهُ كَأَنَّكَ كَاتِبُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ فَحَسْبَ بَلْ وَأَنْ تَصْبِرَ عَلَى اَلْحِرَفِ لِأَنَّهُ مِنْكَ فَقَدْ تَجِدُ ” رُوحَكَ غَرْقَى فِي سَطْرِ مَا ” وَصِدْقِ حَدْسِهِ فَلَقَدْ سَقَطَ فِي قَلْبِي نَجَمَ بِحَجْمِ شَاعَرْمَنْذْ بَدَأَتْ قِرَاءَتُهُ .. فَهُوَ يَحْمِلُ تَجْرِبَةً مَغْمُوسَةً بِالْأَلَمِ تُشْبِهُنَا جَمِيعًا – فَنَحْنُ لَسْنَا مُسْتَثْنَوْنَ – وَمَايكْتِبَهْ إِلَّا بَعْضٌ مِنْ تَجَلِّيَاتِهَا بَلْ وَنَارُهَا ” أَنَّ بُورْكْ مِنْ فِي اَلنَّارِ وَمِنْ حَوْلِهَا ” فَيَنْصَحُ بِلِيَاقَةٍ وَحَرَصَ اَلْعَارِفْ أَنَّ ” غَصَّ وَأَغْرَقَ , فَمًا اَلْغَرَقَ إِلَّا نَجَاةً مِنْ غَرَقِ أَفْدَحَ ” , وَيَذْهَبَ إِلَى أَنَّ ” كُلَّ إِنْسَانٍ يَعِيشُ بِلَا حُبٍّ يَعْنِي أَنَّ اَلشَّرَّ مُحِيطَ بِهِ وَانْ اَلْحَقِيقَةِ غَائِبَةً عَنْهُ وَانْ مَوْتَهُ كَامِنٌ فِي وِلَادَتِهِ وَأَنَّهُ فِي اَلْخَلْفِ لَا فِي اَلْأَمَامِ ” فَالْخَلَاصُ لَدَيْهِ مِمَّا تُوَاجِهُهُ اَلْبَشَرِيَّةُ مِنْ صِرَاعَاتٍ وَشُرُورٍ يَكْمُنُ فِي اَلْعِشْقِ فَهُوَ بَوَّابَةُ اَلْإِشْرَاقِ illumination أَيْ ظُهُورِ اَلْأَنْوَارِ اَلْإِلَهِيَّةِ فِي قَلْبِ اَلْإِنْسَانِ فَيَفْقِدُ هُوِيَّتُهُ فِي اَلذَّاتِ اَلْإِلَهِيَّةِ وَيَتَرَفَّعُ عَمَّا يُفْسِدُ هَذِهِ اَلْعَلَاقَةِ اَلنُّورَانِيَّةِ اَلْعُلْوِيَّةِ وَيَقُولُ اَلسُّهْرَوَرْدِي أَحَدَ أَئِمَّةِ اَلصُّوفِيَّةِ ” إِنَّ اَلنُّفُوسَ إِذَا دَامَتْ عَلَيْهَا اَلْإِشْرَاقَاتُ اَلْعُلْوِيَّةُ , تُطِيعُهَا مَادَّةُ اَلْعَالَمِ ..وَالنُّفُوسُ اَلْمُجَرَّدَةُ , وَيَتَقَرَّرَ فِيهَا مِثَالُ مِنْ نُورْ اَللَّهْ وَيَتَمَكَّنُ فِيهَا نُورٌ خَلَّاقٌ . ”
يَأْخُذُكَ اَلشَّهَاوِي بِكُلِّيَّتِكَ بَعْد أَنْ أَصْبَحَت أَنْتَ هُوَ إِلَى مَدِينَةِ اَلرُّوحِ وَيَفْتَحُ لَكَ اَلْأَبْوَابُ وَاحِدٌ تِلْوَ اَلْآخَرِ وَيُجْلَسكَ عَلَى عَرْشِكَ وَيَتْلُو عَلَيْكَ كِتَابُهُ فَيَخْرُجُ اَلْحَيُّ مِنْ اَلَّذِي قَتَلَتْهُ فِيكَ أَسْبَابُ اَلْحَيَاةِ وَخَيْبَاتِ اَلْبَشَرِ وَفِي حَبْكَةٍ دِرَامِيَّةٍ مُحَبَّبَةٍ يُذْكَرُ كَرَامَاتِ وَالِدِهِ اَلَّذِي ظَلَّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً يَكْتُبُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَذْهَبُ كُلُّ بُكُورٍ فَيَجِدُ صَفَحَاتٍ مَتْرُوكَةً أَمَامَ قَبْرِهِ بِكَفْرِ اَلْمَيَاسْرَة حَيْثُ عَاشَ وَمَاتَ وَفِي يَوْمِ مِنْ أَيَّامِ 1990 وَجَدَ صَفْحَةً وَاحِدَةً فَقَطْ يُوصِي فِيهَا : ” اَلْيَوْمُ أَتْمَمْتُ لَكَ كِتَابُ ” دِينِ اَلْحُبِّ ” هُوَ لَكَ إِنَّ شِئْتَ ضَعْ اِسْمَكَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَشَأْ اُنْشُرْهُ عَلَى اَلنَّاسِ . لِأَنَّهُ سَيَجِيءُ يَوْمُ لَنْ يَكُونَ بَعِيدًا , سَيَصِيرُ اَلْحُبُّ غَرِيبًا بَيْنَ اَلنَّاسِ , يَمْشِي فِي اَلشَّوَارِعِ وَحْدَهُ فَلَا يَعْرِفُهُ أَحَدٌ , إِذْ سَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ نَظْرَةُ اَلْعُقَلَاءِ إِلَى اَلْمَجْنُونِ ” صَدَّقَ طَيْفُ وَالِدِكَ وَوَالِدِنَا يَا أَحْمَدْ فَالْحَيَاةِ بِدُونِ اَلْحُبِّ جَامِدَةً قَاسِيَةً مُرْعِبَةً مُخِيفَةً يَسْكُنُهَا أَشْبَاحُ وَأَبَالِسَةَ وَقِطَاعَ اَلْأَحْلَامِ وَسَارِقِي اَلنُّطَفِ وَيَحْكُمُهَا اَلْاَنْطَاعْ وَمَصَّاصِي اَلدِّمَاءِ وَفُقَهَاءِ اَلْغَبَرَةِ وَيُسْقِطُ نُجُومُهَا إِلَى اَلْأَرْضِ وَتَنْفَجِرُ فِيهَا بَرَاكِينُ اَلْغَضَبِ وَتَسِيرُ جِبَالَهَا لَيْلاً إِلَى يَنَابِيعِ اَلْأَنْهَارِ فَتَسُدْهَا وَيَهْرُب قَوْسُ قُزَحٍ بِأَلْوَانِهِ مِنْ دَائِرَةِ اَلْقُبْحِ وَتَغَيَّبَ اَلْأَبْجَدِيَّةَ فَكَيْفَ لَهَا أَنْ تَسْتَقِيمَ بِدُونِ اَلْكَلِمَاتِ اَلْحَبِيبَةِ وَكَيْفَ لِلْأَلِفِ أَنْ تَحْيَا بِدُونِ ” أُحِبّكُ ” . وَيَقُولَ اَلشَّهَاوِي أَنَّ اَلْمَحَبَّةَ هِيَ سَبِيلُكَ إِلَى اَللَّهِ وَأَنَّ ” مِنْ يَعْشَقُ مُبَارَكٌ , وَمُقَدَّسَةٌ رُوحُهُ , وَأَرْضُهُ وَاسِعَةٌ , يَدُ قَلْبُهُ بَيْضَاءً مِنْ غَيْرِ سُوءٍ , حَيْثُ اَلْحُبُّ كِتَابَهُ وَسَنَتَهُ , أَمَّا اَلَّذِينَ يَلْبَسُونَ اَلْحُبُّ رِدَاءً لَهُمْ فَهْمُ نُخَالَةِ اَلْأَرْضِ وَكُنَاسَة دَكَاكِين اَلْهَوَى إِذْ لَا يُمْكِنُ لِلْكُنَاسَةِ أَنْ تَصِيرَ وَاحِدًا صَحِيحًا حَتَّى لَوْ سَكَبَتْ فِي مَصْهَرٍ لِذَهَبِ ” .
إِصْدَارَاتُ أَحْمَدْ اَلشَّهَاوِي هِيَ أَحْوَالٌ وَمَقَامَاتٌ تَأْخُذُ بِتَلَابِيبِ قَارِئِهَا وَلَا تَتْرُكُهُ إِلَّا وَقَدْ أَلْهَمَتْهُ اَلطَّرِيقُ وَسَيَتَوَجَّهُ اَلشِّعْرُ اَلَّذِي لَا حَيَاةَ بِدُونِهِ أَمِيرًا عَلَى عَرْشِ مَمَالِكِ اَلْعِشْقِ فِي عَصْرِنَا هَذَا وَعُصُورٍ قَادِمَةٍ وَعَلَيْكَ أَنْ تَنْتَبِهَ وانت تقرأه إِنَّ كُنْتَ تَبْغِي اَلسَّلَامَةُ فَالْحَيَاةُ قَبْلُهُ لَنْ تَكُونَ كَالْحَيَاةِ بَعْدهُ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى