عبدالله مصطفى
صحفي مصري مقيم في بروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي
مع بداية ازمة تفشي وباء كورونا في مطلع العام 2020 اختفت انباء التطرف والارهاب في اوروبا والعالم بأسره ولم نسمع عن عملية تفجيرية او استهداف اشخاص سواء بعمليات طعن او دهس بالسيارات وكأن التطرف والارهاب لديهما حساسية ضد كورونا.
وما ان بدأت الدول الاوروبية تستفيق من خمول وهدوء فترة مواجهة الوباء عادت من جديد اخبار التطرف والارهاب ..ولكن البداية جاءت من اليمين المتطرف الذي يسعى لاستفزاز المسلمين سواء عن قصد او دون قصد ولكن الواضح للجميع انهم يرفعون شعار ” ضد أسلمة اوروبا”.
ولاسباب أمنية وخوفا من وقوع أعمال عنف..منعت الشرطة البلجيكية ، أمس الجمعه ، كل من زعيم اليمين المتشدد البلجيكي فيليب ديونتر ونظيره الهولندي خيرت فيلدرز ،من التجول في أحياء ببروكسل يعيش فيها غالبية من المهاجرين من أصول إسلامية وخاصة حي مولنبيك وحي اندرلخت ، وبالتالي يتكرر ماحدث في عام 2017 ، وقال ديونتر انه سيلجا للقضاء.
وهذا التصرف من وجهة نظر قيادات الجالية المسلمة هو محاولة من اليمين المتشدد لاستفزاز المسلمين وبالتالي تقع اعمال عنف وشغب ومواجهات تجعل الاعلام يروج لان هؤلاء الاشخاص الذين جاءوا من خارج دول الاتحاد الاوروبي لايستحقون العيش في الدول الاوروبية لانهم لايحترمون القيم والتقاليد الاوروبية ، بحسب مايروج اليمين المتشدد دائما، والذي يستغل اي هجوم ارهابي يتورط فيه عناصر من اصول اسلامية للترويج لافكار اليمين المتشدد المتشددة وتبرير مايفعلونه تحت شعار ” ضد اسلمة اوروبا “.
وغاب عن قيادات اليمين المتشدد ان العناصر التي ترتكب حماقات وعمليات ارهابية هم من مواليد دول الاتحاد الاوروبي وتعلموا في مدارسهم واختلطوا بالاطفال الاوروبيين منذ صغرهم وانحرف منهم البعض وعرفوا طريق الجريمة والفساد ووجدوا اسهل الطرق للحصول على المال هي الانضمام الى جماعات اجرامية ومتطرفة ووقع البعض الاخر منهم ضحية لعمليات غسيل مخ وتأثروا بالفكر المتطرف وسمحت لهم سلطات الدول الاوروبية بمغادرة مطاراتها للسفر الى دول تشهد صراعات للانضمام الى الجماعات الارهابية هناك رغم ان عدد من هؤلاء الشبان كانوا اقل من السن القانونية ولايسمح لهم بالسفر.
وعندما تتجول في شوارع بروكسل ، تجد مقهى ومطعم يحمل اسم مدينة تطوان المغربية و اخر يحمل اسم العاصمة المصرية “القاهرة”، ومحلات أخرى تحمل أسماء السلام والايمان والرسالة وغيرها ، كلها اسماء عربية موجودة على واجهات مطاعم ومقاهي ومحلات تجارية في العاصمة بروكسل وغيرها من المدن البلجيكية ، وهو امر طبيعي من وجهة نظر ابناء الجاليات العربية والاسلامية في البلاد في ظل وجود لافتات اخرى مكتوبة بلغات مختلفة منها الانجليزية والصينية والهندية والعبرية على الجانب الاخر يصف اليمين المتشدد الامر بانه محاولة لتعريب واسلمة عاصمة اوروبا الموحدة ، ونشر المسئولون في حزب فلامس بلانغ المتشدد فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي ،يظهر احد قادة الحزب وهو يحاول اخفاء معالم احد الاسماء العربية من على واجهة احد المحلات.
وتحدثت انا شخصيا مع برلماني من حزب فلامس بلانغ وقال لي حول هذا الامر” هذه مشكلة كبيرة حيث نرى الأسماء العربية في المدن الكبرى وعبارات مثل جزارة حلال اومدارس تحفيظ القرأن انها محاولة لتعريب واسلمة المجتمع الذي نعيش فيه وتلقينا شكاوي كثيرة من المواطنين البلجيكيين لدرجة ان البعض منهم اضطر الى الرحيل من بعض الاحياء ونحن نرى انه لابد من احترام لغة البلد وماقمنا به وجاء في الفيديو هو لاظهار رفضنا لنشر عبارات باللغة العربية في شوارعنا” . وتشتهر بروكسل بالتنوع والتعدد الثقافي للسكان ويعيش فيها مايزيد عن مائة وثمانين جنسية كما تشير الدراسات الى ان اكثر من نصف سكان العاصمة في افق الفين وخمسين سيكون من المسلمين.
وفي ابريل من العام 2016 اي بعد ايام من تفجيرات بروكسل في 22مارس والتي خلفت 32 قتيلا و300 مصاب ، قال حزب ” فلامس بلانغ ” اليمين المتشدد في بلجيكا” انه ينوي تدشين موقع جديد على الانترنت تحت عنوان ” شاهد الاسلام ” والهدف منه هو التعريف بمحاولة أسلمة اوروبا والتي تأتي من خلال محاولة أسلمة المجتمع بنشر الفكر والثقافة الاسلامية بدلا من الاوروبية من خلال بناء المزيد من المساجد وأماكن الذبح الحلال والفصل في السباحة بين الرجال والنساء وغير ذلك.
وقال اليمين المتشدد في بيان انه بعد هجمات بروكسل لم تقم الحكومة بمعالجة الاسباب الجذرية للمرض وانما تعمل على علاج الاعراض بدلا من علاج المرض نفسه وهو الاسلام ” حسب ماجاء في البيان والذي اشار الى ان السياسيين يكررون نفس التصريحات، وهي ان الارهاب هو نتيجة التطرف من جانب قلة ممن يسيئون فهم الاسلام وقال البيان ” هذا امر مأساوي لان هذه التصريحات عبارة عن تحليل قصير النظر ولايعرض الحلول مما سيؤدي الى مزيد من التفجيرات وقتل عدد اكبر من الناس. والمح اليمين المتشدد الى ان جوهر المشكلة ان اسلمة المجتمع والثقافة ـ تتزايد بشكل كبير واسلمة المجتمع تعني الهيمنة على جوانب هذا المجتمع وثقافته ووفقا لقواعد الشريعة الاسلامية، وقال البيان ان الارهاب هو الوسيلة لتحقيق الغاية وهي الخلافة.
وفي خريف العام 2018 قال فيليب ديونتر زعيم اليمين المتشدد البلجيكي ، ان اوروبا في حالة حرب مع الاسلام وعلى الشعب ان ينظم نفسه ويوجه ضرباته، وجاء ذلك في احياء الذكرى الرابعة لتأسيس الحركة الوطنية المعادية للاسلام في المانيا ” بيغيدأ ” وكان ديونتر يتحدث امام تجمع من مناصريها يضم اربعة الاف شخص في مدينة دريسدن بالمانيا ، والقى اليميني البلجيكي المتشدد خطابه بالالمانية و قال ديونتر “ اذا كان السياسيون لايريدون ان يسمعوا الى راي المواطنين فعلى الشعب ان يتحدث ويتصرف ، وحركة بيغيدا هي الامل الاخير للالمان في المانيا والاوروبيين في اوروبا “ مضيفا ” لقد جلبنا الاعداء الينا عبر الهجرة الجماعية وهم حصان طروادة بالنسبة للارهاب الاسلامي والان اوروبا في حرب مع الاسلام ” وتمادى في خطابه وشبه الاسلام بالحيوان المفترس، دائما على استعداد لمهاجمة الضحية الضعيفة “كما هاجم ديونتر التعدد الثقافي في المجتمعات الاوروبية.
الى جانب ديونتر تحدث ايضا عدد من قيادات اليمين المتشدد في دول اوروبية اخرى واعتادوا على توجيه انتقادات للاسلام ومنهم قيادات يمينية متشددة من المانيا وجمهورية التشيك وبريطانيا . وجاء ذلك بعد ان نظم المناهضون لحركة بيغيدا ، ثلاث تظاهرات في دريسدن الالمانية ، ورفعوا لافتات مكتوب عليها ان الكراهية ليست هي البديل “ وتنشط حركة بيغيدا في عدد من الدول الاوروبية وتقوم بتنظيم تظاهرات ضد الاسلام منذ ان تأسست في 2014 ، بعد وقت قصير من الاعلان عن الغاء معرض للرسوم الكارتونية المسيئة للرسول الكريم ، كان ينوي زعيم اليمين المتشدد في هولندا خيرت فيلدرز المعروف بمواقفه المناهضة للاسلام ، اقامته في مقر البرلمان الهولندي نظمت حركة “أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب” والمعروفة اختصارا باسم “بيغيدا”، تظاهرة مناهضة للمسلمين أمام أحد المساجد في مدينة أنسخديه الهولندية. وعرضت الحركة أمام المسجد الذي يمثل المغاربة معظم مرتاديه فيلما مناهضا للإسلام، وردد المتظاهرون هتافات منددة بالدين الإسلامي ، وفيلدرز هو زعيم حزب “من أجل الحرية اليميني المتطرف في هولندا، وهو من أنشأه عام 2006، وهو نائب في البرلمان الهولندي منذ 1998. و يثير فيلدرز قلق المؤسسات الرسمية في هولندا، خاصة وأن المجتمع الهولندي من أكثر المجتمعات الأوروبية استضافة للمسلمين والعرب، لا سيما من دول المغرب العربي . وخضع فيلدرز مرتين للمحاكمة ، الأولى في عام 2011 وبرأته المحكمة من تهمة إثارة الكراهية والتمييز ضد المسلمين، واعتبرت أن تصريحاته المعادية للمسلمين جزءاً من نقاش سياسي حول علاقة المجتمع الهولندي بالإسلام. والثانية في عام 2016 حيث أدانته محكمة في أمستردام بارتكاب جريمة الحض على الكراهية، على خلفية ترديده هتافات مناهضة للمواطنين الهولنديين من أصل مغربي، لكن الحكم لم يمنعه من الترشح للبرلمان، ولم يحرمه من عضويته النيابية، بل يعتقد مراقبون أن الحكم ساهم في زيادة شعبيته.