احتفالا بيوم القدس العالمي، ألقى سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ناصر كنعانى، كلمة على مدعويه ساسة.. دبلوماسيين.. إعلاميين بعد تناول إفطار رمضان والتى جاءت على النحو التالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
ایها الأخوة والأخوات الأعزاء، السادة الحضور المحترمين، أهنئكم جميعًا بشهر رمضان الكريم وأسأل الله عز وجل أن تحفنا جميعًا بركات هذا الشهر المبارك وخاصة ليالي القدر وأن يغشانا برحمته سبحانه وتعالى ويتقبل منا ومنكم الصيام والقيام والدعاء إن شاء الله.
لقد سنحت لنا فرصة قيمة في آخر أيام هذا الشهر المبارك حتى نجتمع سويًا بمناسبة يوم القدس العالمي ونتبادل الآراء فيما بيننا.
إن يوم القدس العالمي هو ذكرى قيمة تركها لنا مؤسس الجمهورية الإسلامية الفقيد الإمام الخميني، حيث دشن هذا اليوم منذ 44 عامًا في يوم الثالث عشر من رمضان من عام 1399 هجرية الموافق 1979 ميلادية بالتزامن مع تجدد الهجمات التي يشنها الكيان الصهيوني العنصري المحتل على جنوب لبنان، وأصدر الإمام الخميني بيانًا ورسالة لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته، وفي هذه الرسالة أسمى يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك بيوم القدس العالمي.
من وجهة نظر الإمام الخميني، الكيان الصهيوني هو خطر على جميع الدول والشعوب الإسلامية، والقضية الفلسطنیية هي القضية الأهم للعالم الإسلامي وتحرير فلسطين يحتاج إلى وحدة الأمة الإسلامية، وفي رسالته أكد الإمام الخميني بشكل خاص على نقطتين هامتين:
الأولى: لقد حذرت عموم المسلمين من خطر الكيان الصهيوني الغاصب خلال سنين طويلة.
الثانية: أطلب من جميع مسلمي العالم والحكومات الإسلامية أن يتحدوا سويًا لقطع أياد هذا الكيان الغاصب وداعميه.
كانت هذه تصريحات الإمام الخميني منذ 44 عامًا.
بالنظر إلى هذه التصريحات وأيضًا إلى التحولات الجارية في المشهد الفلسطيني والتحولات الجارية في جميع العالم الإسلامي أستطيع القول أن القضية الفلسطينية تواجه عدة تحديات هامة في الوقت الحالي:
التحدي الأول: غفلة الكثير من الحكومات الإسلامية عن خطر إسرائيل.
الثاني: هناك عدد من الحكومات والشعوب الإسلامية يعتبرون القضية الفلسطينية هي قضية بين فلسطين وإسرائيل وبدلًا من دعم وحماية المظلوم يمدون يد الصداقة للكيان الصهيوني الغاصب، بل ويعتبر البعض أن إسرائيل شريكًا في السلام أو التنمية! هذا بينما نرى أن حياة وبقاء الكيان الصهيوني مرهونان بنشر الفوضى واللا أمن في المحيط الإسلامي والعربي.
الثالث: التحدي الآخر الذي يواجه القضية الفلسطينية هو ثقة بعض الأطراف العربية والإسلامية في أمريكا، بينما نرى أن أمريكا وخلال العقود المتمادية كانت داعمًا وحاميًا بكل ما فيها من قوة للكيان الصهيوني ولها دور أصلي ومباشر في استمرار الاحتلال والجرائم التي يرتكبها يوميًا، فكيف للواثقين بأمريكا أن يعتبروها جزءًا من الحل أو مساعدًا لإحقاق الحقوق الحقة للشعب الفلسطيني!
الرابع: هذا التحدي هو الخلافات الداخلية بين الفلسطينيين، والمتسفید الوحيد في هذه الخلافات هو الكيان الصهيوني الغاصب.
الخامس: أريد أن أشير أيضًا إلى عملية التطبيع، إن تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني ليس لها أي مبرر أخلاقي ولا إنساني، ومن الناحية السياسية فإن منطق التطبيع هو منطق ضعيف ولا يُمكن الدفاع عنه، فالخطوة الأخيرة التي أقدمت عليها بعض الدول الإسلامية بإقامة علاقات شاملة مع الكيان الصهيوني هي بمثابة تأييد للاحتلال ودعم للظالم ضد المظلوم.
إنه وبناءًا على الرؤية الحكيمة للإمام الخميني الفقيد مؤسس الثورة الإسلامية وأيضًا في ضوء التوجيهات والإرشادات الحكيمة لقائد الثورة الإسلامية آية الله الخامنئي وأيضًا وفقًا لفهمنا الإستراتيجي لماهية الكيان الصهيوني، تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذا الكيان تهديدًا مشتركًا للعالم الإسلامي وتعتبر أيضًا أن تحرير فلسطين هي أهم أولوية للعالم الإسلامي، كما أن الدعم الذي تقدمه الجمهورية الإسلامية الإيرانية للشعب الفلسطيني ليس بالسياسة قصيرة المدى والتكتيكية أو التي تريد من وراءها منفعة، بل يعلم الجميع أن الجمهورية الإسلامية قد تحملت الكثير والكثير بسبب عدائها للكيان الصهيوني.
يحاول الكيان الصهيوني أن يضع إيران أمام العالم العربي ويُقدمها بصفتها تهديد مشترك لإسرائيل والعرب، وهذا من أجل إبعاد وشرد أذهان مسلمي العالم عن القضية الفلسطينية.
أتمنى أن تصطف الفصائل الفلسطينية بكافة أطيافها وتوجهاتها مع الشعب الفلسطيني وتوحد قدراتها في مواجهة العدو الصهيوني، ولحسن الحظ أن الشعب الفلسطيني اليوم في الثلاث مناطق قطاع غزة والضفة الغربية والأراضي المحتلة منذ عام 1948م يبدو أكثر اتحادًا في رؤية أن المقاومة والكفاح ضد الكيان المحتل أكثر ضرورة من أي وقت مضى، الشعب الفلسطيني يتجاهل التقسيمات المصنطعة داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة ويوحد قواه تدريجيًا لدرجة أن المحتلين اليوم لم يعودوا يشعرون بالأمان لن نقول في قطاع غزة والضفة الغربية فقط، بل في الأراضي المحتلة منذ عام 1948م وحتى في قلب تل أبيب.
لا شك في أن الشعب الفلسطيني لم ولن يُقصر في السعي نحو تحرير وطنه والدفاع عن المقدسات الدينية والإسلامية في الأراضي الفلسطينية، إن هذا الشعب مظلوم ولكنه مقاوم وعلى الرغم من مُضي أكثر من سبعة عقود على احتلال أراضيهم إلا أنهم اليوم أكثر قوة واقتدارًا في وسط الميدان وأصبح يُمثل تحديًا أمام المحتلين الصهاينة في جميع الأراضي الفلسطينية، لقد تحولت معادلة القوى الإستراتيجية اليوم لتصب في مصلحة الفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى، وأصبح انهيار إسرائيل أمرًا محتومًا لا فرار منه وهو مسئلة وقت فقط، وهذا الخطر يبدو قريبًا جدًا من الصهاينة لدرجة أن الكثير من النخب والقادة الصهاينة في الوقت الحالي يُحذرون علنًا وبشكل صريح من هذا الخطر الداهم عليهم.
أتمنى أن تُعوض الحكومات والشعوب الإسلامية الأخطاء والغفلة الماضية التي وقعوا فيها ويصطفوا ليقفوا بجانب الشعب الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين.
وفي الختام أجدد لكم جزيل الشكر على قبول دعوتنا والمشاركة في هذه الأُمسية الودية في آخر جمعة من شهر رمضان المُبارك بمناسبة يوم القدس العالمي.