رأىسلايدر

الإعلام الغربي.. وحرية التعبير الوهمية!

استمع الي المقالة

بقلم: د. سهيلة زين العابدين

يتشدَّق الإعلام الغربي بحرية التعبير عندما تصدر الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والعرب والمسلمين، في وقت يُعاقِب كل مَن يُبيّن جرائم المحتلين الصهاينة تجاه الفلسطينيين طبقًا لقانون معاداة السامية، الذي أقره الكونجرس الأمريكي والرئيس جورج بوش عام 2004، كما تعتبر معاداة السامية جريمة يُعاقِب عليها القانونين الألماني والفرنسي، وقوانين دول أخرى.

الكل في دائرة الاتهام والإدانة بمعاداة السامية ودعم الإرهاب إذا ما انتقد أحدهم إسرائيل، وفي المقابل ثمة شريعة الغاب في معاداة العرب والمسلمين واستباحة ديارهم وثرواتهم ومؤسساتهم وإمكاناتهم.. ونجد تعتيمًا إعلاميًا في وسائل الإعلام الغربية على ما يرتكبه الإسرائيليون من جرائم ضد الفلسطينيين.

إنّ حرية التعبير تصمت أمام جرائم الصهاينة المحتلين، وكذلك أمام السخرية من أوروبا وتبعيتها لأمريكا، وقد كشف هذه الحقيقة الرسم الكاريكاتيري الذي نشرته السفارة الروسية على حسابها في «تويتر»، حيث انتقد ماكرون، أثناء مؤتمر صحفي عقده عقب قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، نشر السفارة الروسية هذا الرسم، مشددًا على أنَّ هذه الخطوة غير مقبولة.وردَّت متحدثة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، على قناتها الرسمية في «تيليغرام»، على كلام ماكرون بالقول: (حقا؟ أليس رؤساء ووزارة خارجية فرنسا هم الذين كانوا يعلّموننا بأنّ أي رسوم كاريكاتورية أمر طبيعي، حتى تلك الفظيعة التي نشرتها «شارلي إبدو»؟، لقد قررنا اتباع نصيحتهم واستخدام الهجاء الذي يعتبرونه دليلًا على حرية التعبير، والآن لا يعجبهم شيء).

وفي قولها هذا إشارة إلى قول ماكرون عن الرسوم المسيئة للرسول الكريم: «لن نتخلى عن حرية التعبير والبرلمان الفرنسي يبحث تجريم تداول صور المسؤولين، وقال عن الرسومات المسيئة أيضًا للرسول عليه الصلاة والسلام: «آسف.. لكن لا نستطيع منعها».. بينما نجده منع الرسم الكاريكاتيري الروسي الساخر من أوروبا.

لقد أعطى الغرب لنفسه ولإسرائيل حق الإساءة إلى الإسلام والعرب والمسلمين، باسم حرية التعبير، وما عدا ذلك فلا حرية للتعبير، ولذلك نجد تعتيمًا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وما تضمنه مناهجه الدراسية من زرع الكراهية للفلسطينيين، وتزييف التاريخ، فحسب الدِّراسة التي أعدّها الباحث الإسرائيلي «إيلي بوديا» فإنَّ كُتب التَّدريس الإسرائيليّة أشعلت جذوة الصِّراع الإسرائيلي العربي، وكرَّست حالة الحرب، وحالت دون التَّوصُّل للسَّلام.. ووصف «بوديا» مناهج التَّدريس اليهوديَّة بالمنحرفة، وأنها سبباً لزرع كراهية الفلسطينيين في نفوس التَّلاميذ الإسرائيليين، ولفت الباحث إلى أن تلك الكتب وصفت الصراع بطريقة شوَّهت وشيطنت العرب، وجرَّدتهم من إنسانيتهم، مما أدَّى إلى ترسيخ صورة نمطيَّة للعرب لدى الإسرائيليين بأنهم «الخونة العدوانيين المتخلِّفين والمجرمين والخاطفين القذرين والمبادرين دومًا نحو التدمير».

ومناهج التدريس الإسرائيلية تمحورت فقط حول تاريخ أرض إسرائيل والشعب اليهودي والصراع العربي اليهودي. وقد وُضعت هذه المناهج على يد مؤلفين؛ إمَّا أنّهم امتداد للصهاينة الحاقدين الكارهين لكل ما هو مسلم وعربي، وإمَّا أنَّهم لا يفهمون شيئًا عن العرب والمسلمين.

لذلك تضمَّنت كتب التاريخ معلومات مشوَّهة ومزوَّرة في أكثر الأحيان، وتذكر الدِّراسة قصّة الاستيطان الإسرائيلية فتقول في كتاب رحلة مع المستوطنات الأولى للصفوف الدنيا جاء الوصف التالي عن اللقاء الأول مع العرب الفلسطينيين في قرية عربية مجاورة: «كان النَّاس نحيفين، وجوههم صفراء، والذباب يتنزَّه عليها دون أن يُحاولوا طرده.. وكثير منهم كانوا عميانًا، يمشون وهم يمسكون بأيدي بعضهم البعض، يتحسَّسون طريقهم بالظلمة، أمّا الأولاد فساروا حفاة، وعيونهم مريضة، وبطونهم منفوخة، وآثار لسعات الحشرات بادية على أجسادهم، وتتكرر الأوصاف التي تؤدي لنشوء الأفكار المسبقة عن العرب في عشرات الكتب، ويقول مؤلف الدراسة إنَّها جاءت من أجل تثبيت مقولة: «فلسطين أرض بلا شعب، لشعب بلا وطن».

هذه شهادة – من باحث إسرائيلي – تُوصم الغرب بالانحياز لإسرائيل، وكراهيتهم للعرب والمسلمين، ويُؤكِّد هذا؛ الدراسات الاستشراقية الأوروبية والأمريكية للإسلام والسيرة النبوية، وافتعالهم أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وإلصاقها بعرب ومسلمين لاتهام الإسلام بأنَّه دين إرهابي ومحاربته، بل اتهام الأبجدية العربية أنّها تُحرِّض على الإرهاب، وظهرت دعوات كتابة اللغة العربية بأحرف لاتينية، مع النيل من الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال رسوم كاريكاتيرية، وإطلاق بابوية الفاتيكان حملة: «مليون منصِّر ضد محمد»، وإشاعة الفرقة والانقسام بين العرب والمسلمين، وتقسيمهم طائفيًا ومذهبيًا وعرقيًا. وهكذا نجد أنَّ حرية التعبير التي يتشدَّق بها الغربيون، تتعلق فقط بحرية تعبير النيل من الإسلام والعرب والمسلمين، وحجب كل ما يُخالف أهدافهم وسياساتهم ومصالحهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى