رأىسلايدر

هل هُزم بوتين.. وهل حربه على أوكرانيا بداية نهايته؟

استمع الي المقالة

بقلم: مفيد الديك

دبلوماسى وإعلامى أمريكى سابق

نعم، لقد مني فلاديمير بوتين، سفاح أوكرانيا وقاتل الشيوخ والأطفال ومغتصب النساء، في حربه الهمجية وغير المبررة على الجارة أوكرانيا، الدولة الكاملة العضوية في الأمم المتحدة. وربما كان الخاسرون الأكبر في هذه الحرب التي أوشكت على إنهاء شهرها الثاني، بعد بوتين، هم من أيدوه، وهم قلة في العالم، بمن فيهم جماهير المنطقة العربية. هذا ليس النموذج للقائد الذي ترنون إليه لتحسين أوضاعكم وتحرير المغتصب من أرضكم وكرامتكم.

بوتين فشل في احتلال عاصمة أوكرانيا، كييف، وتغيير حكومتها المنتخبة ديمقراطيا. وقد تقهقر جيشه العرمرم، وانسحب مهزوما ومذلولا من غالبية أراضي أوكرانيا التي كان قد احتلها في بداية الحرب، بعد أن مني بهزيمة ماحقة على يد قوات عسكرية قليلة العدد، ضعيفة التسليح، إنما عالية الروح والمعنويات. وبسبب فشل هذا الجيش الذي كان يُصنف في المرتبة الثانية عالميا بعد الجيش الأميركي قبل الحرب، في احتلال والاحتفاظ بالأرض التي احتلها في بداية الحرب، فقد بدأ يركز على تدمير المباني السكنية والمستشفيات والعيادات الطبية والمدارس ورياض الأطفال والمدنيين بشكل عام للتعوبض عن إخفاقاته في تحقيق أي هدف من أهداف بوتين. جيش بوتين هذا أصبح الآن يُصنف في المرتبة العاشرة أو الخامسة عشرة بعد الأداء المخزي الذي أظهره في حربه على أوكرانيا.

وقد بدأت لجان محكمة الجنايات الدولية في التحقيق في، وتوثيق جرائم الجيش الروسي الذي يتصرف كعصابة همجية يترأسها مجرم حرب وليس كجيش تابع لقوة كان بوتين يتمنى أن يحولها إلى قوة عظمى. وبوتين نفسه سيجد نفسه قريبا ملاحقا من قبل الإنتربول بصفته مجرم حرب ارتكب جرائم حرب بل وجرائم حرب إبادة ضد أوكرانيا. هذا الرجل ليس قدوتكم أبدا.

لقد فشل بوتين في كل فرضياته التي كانت لديه قبل الحرب: فشل في تصور قوة وصلابة المقاومة الأوكرانية له؛ وفشل في فرضية أن الغرب لن يكون موحدا ضده وبهذه السرعة، وفشل في فهم قدرات قواته العسكرية. أداء القوات الروسية في الحرب على أوكرانيا أثبت بصورة لا يمكن ضحدها أن هذه القوات التي كان بوتين يجهزها للقيام بمثل هذه العمليات العسكرية أثبت، حسب كل التقارير العسكرية الأجنبية، أنها قوات عسكرية متخلفة تقنيا وإداريا ولوجستيا. الروايات التي انتشرت عن أداء القوات العسكرية الروسية في أوكرانيا يندى لها الجبين: يدخلون البيوت ليسرقوا الممتلكات الخاصة والمواد الغذائية الشحيحة منها، قتل المدنيين بدم بارد، اغتصاب النساء، أكل الكلاب لعدم توفر الغذاء لأفرادها، تدمير البنية التحتية المدنية، إلخ. والأهم أن بوتين فشل فشلا ذريعا في تغيير الحكومة الأوكرانية أو احتلال أوكرانيا، وهما هدفان كان يتصور بوتين تحقيقهما خلال 96 ساعة على الأكثر.

لم يستطع جيش بوتين العرمرم هذا احتلال مدينة رئيسية واحدة في أوكرانيا رغم أنه سخر جيشا قوامه 200,000 رجل للقيام بغزوه الهمجي لأوكرانيا وتنصيب حكومة موالية له كما فعل في الشيشان وكازخستان وبيلاروسيا. هذه حقيقية. فبعد أكثر من 50 يوما من هذه الحرب الهمجية، خسر جيش بوتين المتوحش أكثر من 50,000 بين قتيل وجريح وأسير، وهو ربع القوة التي كان قد حشدها بوتين لاحتلال كامل أوكرانيا. وبهذا، وحسب تقارير الاستخبارات العسكرية الغربية، فإن أكثر من 25% بالمئة من جيش بوتين العتيد قد أصبح خارج التغطية! هذه حقيقة يجب عليكم أخذها في الحسبان.

وبدلا من إبعاد قوات الناتو عن حدود روسيا، كما قال بوتين لشعبه حين بدأ هذه الحملة العسكرية الفجة والوحشية على أوكرانيا، فإنه أتى بقوات الناتو إلى حدوده مباشرة. فهناك أكثر من 100,000 جندي أميركي منتشرين حاليا بالقرب من حدود بلاده، كما هناك دولتان، وهما السويد وفنلندة تستعدان للدخول إلى عضوية الناتو. كما أن الاتحاد الأوروبي يستعد لقبول أوكرانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي. وبدلا من أن يرفع من شأن بلاده كما كان يحلم، حول بوتين بلاده خلال أقل من شهرين إلى دولة محاصرة اقتصاديا ودبلوماسيا ومهزومة عسكريا. روسيا اليوم هي بلد معزول، محاصر، منبوذ ومدمر وربما الأهم أن روسيا أصبحت اقتصادا على وشك الانهيار الكامل. فقد توقف الطيران الروسي بالكامل. وقد توقفت الغالبية العظمى من الصناعات الروسية، بما فيها الصناعات العسكرية الروسية. وقد ارتفع التضخم في روسيا بنسبة تصل إلى 20% في روسيا خلال أقل من شهرين من الحرب، وانخفضت قيمة الروبل الروسي إلى أقل من نصف قيمتها. هذه هي الحقيقة. ورغم الحركات المصطنعة التي يقوم بها بوتين لتحسين أواضع بلاده الاقتصادية برفع قيمة الروبل بصورة مصطنعة لن تدوم، فإن البنك الدولي يتوقع أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 45% مع نهاية العام. هذه هي حقيقة روسيا التي كان بوتين يريدها أن تصبح قوة عظمى تعامل باحترام على المسرح العالمي.

للجماهير العربية التي تناصر بوتين لأسباب لا علاقة لها بحرب أوكرانيا، أقول: انبذوا هذا المجرم، قاتل الأطفال ومغتصب النساء وسارق الممتلكات الخاصة من المنازل الأوكرانية. أنبذوا هذا المجرم السفاح الذي لا يقل عنصرية وقمعية وإجرامية عن بنيامين نتنياهو وغيره من الزعماء الصهاينة الذين يعيثون بأرض فلسطين خرابا من أكثر من 70 سنة. زعيم العصابة المجرم هذا لن يحرر لكم القدس ولا أي شبر من أراضيكم المحتلة. هذا المجرم له علاقات مع الكيان الصهيوني البغيض أقوى من أي علاقة له مع حركة مقاومة فلسطينية أو عربية. هذا الرجل هو الذي دمر نصف سوريا ونصف ليبيا وهو لا يهمه لا فلسطين ولا غيرها. هذا ليس رئيسا من قادة الاتحاد السوفياتي السابق. هذا رجل عصابات، هذا رجل قومي عنصري، قاتل وسفاح، يصبو لأن يكون قوة عظمى على أسس قومية، لاعقائدية ولكنه لن يستطيع. لو كنت مكانكم لرفضت هذا الزعيم حتى لو حرر لكم القدس والجولان، ولكن هذا هو آخر همه.

هذا الرجل هو حليف الديكتاتور بشار الأسد في سوريا وحليف خليفة حفتر في ليبيا وحليف بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت في إسرائيل. هذا ليس حليفكم. كفى أوهاما وعودوا إلى رشدكم. هذا رجل فاشل وقاتل وسفاح ومجرم، وهو رجل يرسخ قدرات بلاده لقمع شعب آخر ومسح استقلال شعب آخر اختار الحرية على القمع والديكتاتورية. أما أنتم فتطمحون إلى الحرية والاستقلال والكرامة. أنبذوا هذا القاتل المجرم، وابحثوا عن قائد آخر ليكون قدوتكم في معركة الاستقلال والحرية والكرامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى