عبدالله مصطفى
صحفي مصري مقيم في بروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي
تغيرت الاولويات والاهتمامات الاوروبية خلال الايام القليلة الماضية في ظل المخاوف من حدوث اكثر من ازمة او كارثة حسب وصف المسئولين الاوروبيين في تصريحاتهم بشأن تطورات ملف الهجوم الروسي على اوكرانيا فلم يعد الاهتمام الاوروبي حاليا يتركز على مساعدة اللاجئين الاوكرانيين فقد قامت الدول والمؤسسات التابعة للاتحاد الاوروبي باقصى الجهود للتعامل مع هذا الملف لدرجة انه تقريبا وبشكل يومي كان يتم الاعلان عن مخصصات مالية لمساعدة اللاجئين عقب الغزو الروسي او تعديل تشريعات اوروبية لصرف مبالغ من صناديق مخصصة لمساعدة الفقراء وتحويلها لصالح الفارين من الحرب في اوكرانيا واخيرا اصدرت المفوضية الاوروبية توصية للدول الاعضاء للاعتراف بالشهادات الاوكرانية تمهيدا لتشغيل اللاجئين الاوكرانيين وفقا لشهاداتهم بدلا من الحاقهم باعمال اقل من مؤهلاتهم.
وفي نفس الوقت يواصل الاتحاد الاوروبي مسلسل العقوبات ضد موسكو واعلنت بروكسل عن عقوبات اوروبية جديدة ضد مسؤلين روس وعائلاتهم وقطاعات اقتصادية وقرر الاتحاد الاوروبي فرض تدابير تقييدية على 217 فردًا إضافيًا و 18 كيانًا وذلك ردًا على العدوان العسكري الروسي المستمر وغير المبرر ضد أوكرانياو من بين الأفراد المدرجين في القائمة مسؤولين رفيعي المستوى في الكرملين – ورجال أعمال بارزين آخرين يشاركون في قطاعات اقتصادية رئيسية مثل الطاقة والتمويل والإعلام والدفاع وصناعة الأسلحة ، فضلاً عن مؤيدي المعلومات المضللة. والتلاعب بالمعلومات ، وتشمل القائمة أيضًا أفراد عائلات الأفراد الخاضعين للعقوبات بالفعل ، في ضوء حقيقة أنهم يستفيدون من النظام أو لمنع الالتفاف على عقوبات الاتحاد الأوروبي. وتشمل ، بنات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأخيرا، تشمل الكيانات الـ 18 الخاضعة للعقوبات أربعة بنوك روسية كبرى ) ، و شركة نشطة في قطاع النقل ، وشركات في صناعة الدفاع العسكري التي لعبت تقنيتها أو منتجاتها دورًا مهمًا في الغزو. والقرار الاخير هو حزمة خامسة من العقوبات والتي تشمل الان ما مجموعه 1091 فردًا و 80 كيانًا.
اما الان اصبح التركيز الاوروبي على مواجهة كارثتين احداهما يمكن ان تحدث في أي وقت والاخرى ستحدث في غضون الاشهر القليلة القادمة.
اما الاولى فهي امكانية وقوع أي هجوم يستهدف اماكن تضم مواد او اسلحة نووية او كيماوية او غيرها ولهذا أنشأ الاتحاد الأوروبي مخزونًا استراتيجيًا من الأدوية والموارد الأخرى لعلاج المرضى الذين قد يتعرضوا لمواد مشعة أو للمواد الكيميائية أو البيولوجية. كما تم شراء وتخزين المطهرات وأقراص اليود للحماية من كارثة نووية. وأعلن ذلك المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش. مضيفا انه تم إرسال ثلاثة ملايين حبة يوديد البوتاسيوم مباشرة إلى أوكرانيا.تبلغ قيمة مخزون الأصول “لمعالجة التهديدات الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية أو الحماية منها” 540.5 مليون يورو ، و “تم إنشاؤه جزئيًا بدافع القلق بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا والتهديد بنشر أسلحة نووية . “أو غيرها من الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية “.
اما الكارثة الثانية ستكون مع حلول الخريف واقتراب برودة الطقس في اوروبا التي يحتاج فيها الناس الى التدفئة سواء في البيوت او المستشفيات او اماكن العمل المختلفة . وبدأت الدول الاعضاء تفكر في هذا الامر ليس فقط من الان وانما من قبل نشوب الحرب في اوكرانيا ورأينا رئيس مجلس الاتحاد الاوروبي شارل ميشال يزور عدد من الدول الهامة في اسواق الغاز والنفط وفي هذا الصدد ايضا وعلى سبيل المثال تفكر السلطات الفرنسية في إدخال تخفيضات مستهدفة في إمدادات الغاز من أجل التعامل مع الانقطاع المحتمل لإمدادات الغاز الروسية في الشتاء المقبل. جاء ذلك في مرسوم نشر في الجريدة الرسمية الفرنسية ، وكانت الحكومة وشبكة توزيع الغاز قد أعلنا الأسبوع الماضي أنهما يأخذان مثل هذا السيناريو في الاعتبار. وقالت وزارة التحول البيئي “هذا هو الملاذ الأخير”.هذا يتعلق فقط بأكبر المستهلكين ، الذين يستهلكون كميات كبيرة . وفقا للحكومة ، لن يتأثر الأفراد العاديون في الوقت الحالي. إذا لزم الأمر ، سيتم تنفيذ هذه الانقطاعات بترتيب الأولوية ، مع ضمان ان المدارس أو المستشفيات أو دور المسنين لن تعاني من التأثر أو الحرمان .
والخلاصة ان التصرفات والاولويات الاوروبية تتغير وفقا لتطورات الامور مع تفضيل مصلحة الدول الاعضاء فوق كل اعتبار في ظل مخاوف قادة الدول الاعضاء والمؤسسات التابعة للاتحاد الاوروبي من ردة فعل المواطنين في حال فشلت السياسات الاوروبية او كان لها اي تداعيات سلبية يمكن ان تزيد من شعبية التيارات المتشددة الرافضة للمشروع الاوروبي الوحدوي وخاصة ان القادة يعلمون جيدا ان حدوث ازمة في الغاز خلال الشتاء القادم تعني حالة من الغضب وعدم الثقة في القيادات الحالية وقد يكون له نتائج سلية للغاية ومنها ان يعود الحديث من جديد عن امكانية ان تسير بعض الدول الاعضاء على طريق بريطانيا في الخروج من عضوية الاتحاد وقد يكون مؤشرا على تفكك التكتل الموحد ويكفي الهزة العنيفة والانتقادات التي تعرض لها قادة دول الاتحاد مع بداية ازمة تفشي وباء كورونا وطريقة التعامل مع الامة . اما فيما يتعلق بالمخاوف من استخدام اسلحة نووية او كيماوية فهذا الامر يتطلب استعدادت مختلفة في مقدمتها توفير ادوات الحماية والوقاية وهذا يعني تخصيص مبالغ مالية لتوفيرها وهو امر سهل للغاية ولايشكل اي مشكلة نظر لتوفر الاموال لدى التكتل الموحد الذي يبرز دائما في الاحداث الدولية عبر تبرعاته المالية والمساعدات التي يقدمها في مناطق مختلفة من العالم.