رأى

العالم الأعور؟!

استمع الي المقالة

بقلم: أحمد طه الغندور

 قد يندهش المواطن الفلسطيني من موقف العالم؛ وخاصة الدول الغربية من الحرب الدائرة في “أوكرانيا”، وهي الحرب التي مضى عليها شهر واحد فقط.

ودون النظر في تفسيرات هذه الحرب التي أوجبت على “روسيا” القيام بها، وبغض النظر عن ردود “أوكرانيا” الرافضة لها، نجد أن “الغرب” عن “بكرة أبيه” قد تجند ضد “روسيا”، ووظف في ذلك كل المؤسسات الدولية الفاعلة، وعلى رأسها “الأمم المتحدة” وكافة المؤسسات، والأجهزة المنضوية في إطارها!

بل أكثر من ذلك؛ لم تبقَ أية “عقوبة” في معجم العقوبات الدولية إلا تم فرضها على “المجتمع الروسي” دون إتباع للآليات الواجبة التطبيق بشأنها!

أكثر من ذلك؛ اللجوء إلى تشكيل “فرق المرتزقة” من أجل وقف “الغزو” و “الاحتلال” الروسي!

فكيف اكتشف “العالم” في أيام معدودة أن ما تقوم به “روسيا” هو؛ غزو، وعدوان، واحتلال! وأن ” بوتين ” هو “مجرم حرب” ـ حسب وصفهم ـ دون وجود إدانة من محكمة دولية!

كثر في العالم “البكاء والعويل” على “الضحايا” الأوكرانيين، وجرى ويجري فتح “ممرات إنسانية”، ودشنت خطوط جوية عاجلة لنقل “اليهود” منهم إلى “تل أبيب” ومنحوا شرف “الاستيطان” في “فلسطين”، والمحظوظة من فتياتهم لها “امتياز العمل في الدعارة” دون غيرها، مكافأة لها على نجاتها من “الحرب”!

هكذا يرى “العالم الأعور” ما يدور في “أوكرانيا”!

ولكن كيف يرى هذا “الأعور” ما يدور في ” فلسطين ” قرابة قرن من الزمن!

هل استخلص من الأحداث “المهولة”، والحروب، والغزو، والعدوان، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والانتهاكات للمواثيق والقرارات الدولية؛ بأن هناك “احتلال استيطاني عدواني غير شرعي في فلسطين” من النهر إلى البحر، ومن الشمال إلى الجنوب، وليس على حدود حرب 1967 فقط!

فلو نظرنا إلى أخر تقرير أممي صدر بالأمس فقط، وهو تقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان “ميشيل باشليه”، فيما يخص “التقرير السنوي” حول حالة حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، بالإضافة إلى تقريرها حول الاستيطان، المقدم إلى مجلس الحقوق الإنسان في “جنيف”، ومن الجدير بالذكر؛ أنه من العجيب ـ ألا يرد أي خبر بخصوصهما في الموقع الرسمي للمؤسسة الدولية بعدـ!

وحيث أن التقريران يناقشا الوضع العام لحقوق الإنسان، والآثار الحقوقية المترتبة على الاستيطان الإسرائيلي، واستخدام “قوات الاحتلال” القوة المفرطة والغير مبررة ضد المدنيين الفلسطينيين، بالإضافة إلى الانتهاكات الخاصة بالقانون الإنساني الدولي خلال “العدوان الإسرائيلي” على غزة، وسياسة العقاب الجماعي، والاعتقال التعسفي، وسوء المعاملة، والقيود المفروضة على حرية التنقل والأنشطة المدنية، وتشريد السكان الفلسطينيين من منازلهم”!

وقبل هذا التقرير بيوم أصدر المقرر الأممي الخاص “مايكل لينك” تقريره عن الحالة في فلسطين والذي يؤكد فيه أن الوضع في فلسطين “يرقى إلى مستوى الفصل العنصري”! وهو عين الأمر الذي أكدته “منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي الصادر في فبراير الماضي عندما تحدثت بإسهاب عن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة!

إذن؛ هل هناك أي داعٍ أن يبصر “العالم الأعور” بأن هناك “احتلال إسرائيلي” في فلسطين؟ وأنه يجب فرض عقوبات فورية من أجل إنهاء الاحتلال؟!

أم أن الوسيلة الأفضل بـ “فرض مزيد من العقوبات على الضحية” على الفلسطينيين؟!

لعل ما يمكن وصفه ـ بالأكثر رقة ـ منها؛ ما كان من “الاتحاد الأوروبي” مؤخراً، والقاضي بوقف المساعدات الاقتصادية؛ بحجة اعتراض “المجر” على المنهاج الفلسطيني؛ الداعي إلى الكراهية والتحريض!!!

فهل تريد سياسة “النقاق الأوروبي” أن يعود الفلسطينيون إلى “الكتاتيب”؟! وهل تعلمون ما هي “الكتاتيب”؟!

أم هي وسيلة من “العالم الأعور” لتبرير غضه الطرف عن “الاحتلال الأقبح” في تاريخ البشرية، فلا يلجأ إلى معاقبته، وإنصاف الفلسطينيين؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى