أشرف أبو عريف
في تقدير عالمي جديد وتتويجاً للجهود والخُطوات العُمانية في المجالات الصحية، أعلنت مُنظَّمة الصحَّة العالميَّة اختيار مختبرات الصحَّة العامَّة المركزيَّة بالسَّلطنة مركزًا متعاونًا في مجال الأمراض المُعْدية النَّاشئة والمُستجدة، وهو ما يُعدُّ الأوَّل من نَوْعه على مستوى إقليم الشَّرق المتوسِّط، ويُمثِّل إضافةً جديدة في سِجلِّ إنجازات السَّلطنة في المجال الصحِّي، وهو اختيار يُمثِّل إنجازًا مُهمًّا للسَّلطنة، حيث سيخدم المركز إقليم الشَّرق المتوسِّط، وسيكون له دَوْرٌ عالمي ضِمْنَ المراكز المُتعاونة والمُعتمدة عالميًّا، حيث سيقوم بدعم الإقليم وبعض الدُّول على مستوى العالم في مجال التصدِّي للأوبئة النَّاشئة والمُستجدة وأيضًا في مجال التدريب وبناء القدرات، وهو ما سيجعل السَّلطنة مركزًا إقليميًّا في المجال الطِّبي عمومًا، والمُختبرات البحْثيَّة على وجْه الخصوص.
وقد برزت أهميَّة تلك المُختبرات محلِّيًّا وعالميًّا، مع الانتشار السَّريع لفيروس كورونا المُستجد “كوفيد19″، حيث أظهرت هذه الجائحة، التي ضربت العالم أجمع، أهميَّة الاكتشاف المُبْكِرُ لهذه الأمراض المُعْدية، التي تُشكِّل تهديدًا على الصحَّة ليس في أماكن ظهورها فقط، لكنْ على مستوى العالم الذي أضحى بفعل التواصُل العالمي قريةً صغيرة تتأثَّر الدُّول بما يحدث لغيرها، لذا فوجود مُختبرات تعمل ضِمْنَ مستويات مُناسبة من السَّلامة الحيَوية، ولدَيْها القدرة على تقديم تشخيصات دقيقة لمُسبِّبات الأمراض الفيروسيَّة والبكتيريَّة النَّاشئة، أضحى من الضروريَّات، واعتماد مُختبرات السَّلطنة المركزيَّة سيجعل منها قِبلة في هذا المجال على المُستوى الدولي والإقليمي، وسيُعطي زخمًا لتبادل الخِبرات في العديد من الأنشطة الطِّبية وحتَّى غير الطِّبية، فالعالم المُتقدِّم يتعاون دائمًا مع من يملك العِلم والخِبرة، ويمنحه مقابلًا لِمَا يملكه من تميُّز دائم.
ولا شك أن السَّلطنة حرصت منذُ انطلاق نهضتها الحديثة على إقامة منظومة صحيَّة ذات جودة عالية، مُؤمِنةً ـ في سبيل تحقيق ذلك ـ بأنَّ توفير الرعاية الصحِّية اللازمة حقٌّ لكُلِّ مواطن على هذه الأرض الطيِّبة، وأنَّ الإنسان الصَّحيح المُتعافي وحده قادر على تحقيق المُنجز تلو الآخر، وسعت ـ في سبيل تحقيق تلك الغايات ـ إلى بناء منظومة تُواكِب التطوُّر العالمي في المجال الطِّبي، وتعمل على تطوير ذاتها بأحدث التقنيَّات العالميَّة، ولم تكتفِ فقط بتوفير رعاية صحيَّة مُميَّزة، لكنَّها سعت ـ بما تملكه من قدرات ـ إلى بناء منظومة بحْثيَّة مُتطوِّرة، قائمة على أحدث المُختبرات ذات المُواصفات العالميَّة.
وقد أدركت السَّلطنة منذُ وقت مبكر أنَّ الاكتشاف المُبْكِرُ لهذه الأمراض يحتاج إلى وجود مختبرات تعمل ضِمْنَ مستويات مُناسِبة من السَّلامة الحيَوية، ولدَيْها القدرة على تقديم تشخيصات دقيقة لمُسبِّبات الأمراض الفيروسيَّة والبكتيريَّة النَّاشئة، وتتطلَّب عمليَّات الاكتشاف والتَّوصيف والتعقُّب النَّاجحة لهذه الأمراض نظامًا فاعلًا لمختبرات الصحَّة العامَّة (PHL)، ليس فقط على المستوييْنِ المحلِّي والوطني فحسْب، بلْ أيضًا على المستوييْنِ الإقليمي والدولي، لذا عملت على إقامة هذه المُختبرات ذات المُواصفات الخاصَّة؛ ليس بهدف خدمة المواطن العُماني في الدَّاخل وحسْب، لكنْ ليكون لها دَوْرٌ في وقْف انتشار مِثْل تلك الأمراض إقليميًّا ودوليًّا، وذلك من منطلق عموميَّة الخُطورة التي تُشكِّلها تلك الأمراض، وتأثيرها على جميع البَشر، فالسَّلطنة ليست بمعزل عن محيطها الإقليمي والدولي، فنهضتها المُباركة قائمة على الانفتاح على العالم والتَّعاطي معه سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا.