عين إيران.. وعين أمريكا.. وعض الأصابع
اشرف أبو عريف
على ما يبدو عنوان المناورة الكبرى في فيينا .. “عين أمريكا على تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 %.. وعين إيران على الشق الحيوي من العقوبات والجزء الوازن من أموالها المحتجزة”.. نعم الجولة السابعة انطلقت بايجابية لكنها تبشر بمعركة عض أصابع موجعة، وفشلها يعني بالضرورة تصعيد أكبر وأخطر.
ففي الوقت الذي أعلنت فيه إيران موعد عودتها لمفاوضات فيينا حول الملف النووي، لم تتوقف التصريحات الأمريكية والإيرانية بشأن شروطهما لعودة التفاوض والوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.
فمن المنطق المقبول أن تدعو إيران أمريكا إلى الإفراج عن 10 مليارات دولار من أرصدتها المجمدة لديها بسبب العقوبات، وذلك لإظهار حُسن نواياها لاستئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي، بينما واشنطن تدعو اضرورة التزام طهران كشرط للعودة إلى المفاوضات. وهذا بحسب إعلان علي باقري كني، كبير المفاوضين النوويين في إيران، عن اتفاق تم التوصل إليه مع مبعوث الاتحاد الأوروبي لبدء المفاوضات قبل نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وهذا ما أكده كني عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “أجرينا حوارًا جادًا وبناءً مع إنريكي مورا، بشأن العناصر الأساسية لنجاح المفاوضات.. نتفق على بدء المفاوضات قبل نهاية نوفمبر، وسيتم الإعلان عن الموعد الدقيق خلال الأسبوع المقبل”.
المعروف أن السيد/ كني قد التقى، الأربعاء الماضى بإنريكي مورا مبعوث الاتحاد الأوروبي الذي ينسق محادثات إحياء اتفاق 2015 النووي بين إيران والقوى الست الكبرى ورفض السيد/ باقرى لما أسماه سياسة الضغط التي وصفها بالفاشلة، مؤكدا أنها لن تزيل أي عقبات من طرق المفاوضات: “إن استمرار سياسة الضغط الأقصى الفاشلة بالتأكيد لن يزيل أي عقبة في التفاوض، بل سيضيف المزيد إلى تعقيدات المفاوضات الموجودة بالفعل”.
وفى الوقت الذى يرى فيه البعض أن إيران لا تزال متمسكة برفض إبقاء العقوبات أو جزء منها، وترفض التوجه الأمريكي وسياسة العقوبات القصوى، كما ترفض أيضا ضم ملفات أخرى إلى محادثات الملف النووي دور إيران في المنطقة أو برنامجها الصاروخي وأن هناك في الكواليس بعض المفاوضات والتي يمكن أن تكون بشكل غير مباشر، لكن على الأقل وبحسب التطورات الأخيرة يبدو أنها لا تسير في الاتجاه الصحيح، وأن هناك الكثير من العقبات، لا سيما بعد عودة التوتر للمنطقة بين إيران وبين حلفاء أمريكا، وبالتالى من المبكر القول إن هذه المفاوضات قد تؤدي إلى نتيجة يأملها الجميع، مثل العودة للاتفاق النووي الموقع عام 2015.
إلا أن البعض الآخر يرى أن استئناف المفاوضات بين إيران والقوى العالمية في فيينا، من الطبيعي أن تواجه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن معضلة كون الفريق الجديد الذي سيتفاوض غير السابق، وربما ليس مطلعًا على كافة تفاصيل جلسات الحوار السابقة.
وأن الفريق الإيراني الجديد سيكون حذرًا، ولن يشعر بالاطمئنان من المفاوضات، لذلك من الطبيعي أن تكون المحادثات بطيئة، والحذر سيكون مسيطرًا على الفريق الإيراني.
وبشأن الشروط المتبادلة ومستقبل المفاوضات، فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تلهث وراء الوصول لاتفاق معين، ولا يوجد لديها أي خيارات أخرى.
أما إيران، فإنها تتقدم في نسبة تخصيب اليورانيوم، وهذا ما يقلق الغرب بشكل عام، لذلك يستعجلون في عودة إيران لطاولة المفاوضات، ولا يمكن دون تحقيق شروطها.
وبالتالى فإن إيران الآن في موقع القوي، وهذا الموقع يمكنها من طرح شروط بعينها، حتى تحسن من موقعها وموقفها في المفاوضات”.
تصريح المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن “شرط الولايات المتحدة للعودة إلى المفاوضات النووية مع إيران هو الالتزام مقابل الالتزام” وفرض وزارة الخزانة الأمريكية الجمعة الماضية، عقوبات على برنامج إيران للطائرات المسيّرة، في مسعى إلى زيادة الضغط على طهران قبيل إعادة إطلاق المفاوضات بشأن برنامجها النووي، لهو دليل على من يحقق المكسب الأكبر لصالحه.
ويبقى السؤال: هل سياسة عض الأصابع بين إيران وأمريكا ستفضى إلى نزع فتيل بث التوتر المصتنع ،بفعل فاعلين، بين الطرفين، خاصة وأن الإتفاق النووي يتآكل بمرور الوقت ?