بقلم:نرمين الحوطي
في مساء يوم الجمعة الماضي دق ناقوس المسرح العربي لينعى أ.د.فوزي فهمي، رحمه الله، دقائق ودوى الخبر أسمع العالم بأكمله، فكان صدمة لكل محبيه وتلاميذه، لكن هذا أمر الله عز وجل ولا نمتلك إلا الدعاء له بأن ينزله خير المنزل ويثبته عند السؤال ويسكنه فسيح جناته، اللهم آمين.
وداعا.. يا والدي ومعلمي.. كان أول لقاء بيني وبينه «أثناء الغزو الغاشم» عندما قام بفتح باب أكاديمية الفنون لكل أبناء الخليج الذين كانوا يتلقون تعليمهم ودراستهم في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت وأوقفت الدراسة بسبب الغزو الغاشم، فقمنا بالتوجه إلى أرض الكنانة التي فتحت سماءها وأرضها لنا للعيش والدراسة لحين عودة موطنا وتحرره من يد الغزاة، سهل كل أوراقنا ليس لي أنا فقط بل لجميع الخليجيين، لم يقتصر على هذا فقط كرئيس للأكاديمية بل أصبح يجمعنا بحبه كأب ويتناقش معنا في الكثير من القضايا، كان يوهن علينا مصيبتنا عن فقدان موطنا، كيف أنسى ضحكتك التي كانت تهون الكثير علينا؟ كيف أنسى مشاركتك لنا احتفالنا عند عودة الكويت وحضورك وفرحتك معنا وموافقتك بقيام الاحتفالات بالأكاديمية بعودة عروس الخليج؟
وداعا.. يا والدي ومعلمي.. الكثير يستغرب تحليلي للنص وقراءة ما بين السطور! الإجابة: هذا ما غرسه فينا أ.د.فوزي فهمي، فعندما كان يقوم بتدريسنا مادة «فن كتابة» وأخص نص بيت الدمية لإبسن، لم يكن النص مجرد الدراسة بل كان نصا لتعليمنا معنى التفكيك والتحليل للشخصية والكلمة والحركة والإرشادات المسرحية، علمنا الاتجاه الآخر والرأي الآخر بمعني بألا نأخذ فقط بما كتب عن النص وما قيل عليه ولكن! لابد أن نقوم بقراءته وتحليله وتحليل شخصياته من خلال فكرنا وحصيلة ما تعلمناه عن المسرح، وأنه لابد أن يكون لنا نظرة فيما نقرأ حتى لو اختلفت عن آراء الآخرين، فالمسرح رأي ولابد أن يحترم ذلك الرأي على أن يكون هذا الرأي مبنيا على أسس فكرية ومسرحية وليست شخصانية، هذا هو والدي ومعلمي رحمه الله الذي تعلمت من الكثير ليس فقط في قاعات
الدراسة بل أيضا خارج أسوار الأكاديمية، فلم يقفل بابه أو تلفونه في وجه أحد أراد منه المشورة والمساعدة، هذا هو أ.د.فوزي فهمي، رحمه الله.
مسك الختام: لن يعود الغائب.. ولكن سيظل الفارس النبيل في ذكرى المسرح وأبناء وتلاميذ المسرح باقية للأبد.