رأى

سافر المسلمون الى اوروبا واستقروا فيها ولكن .. هل تمسكوا بعادة حب السلطة والبقاء على الكرسي؟

استمع الي المقالة

عبدالله مصطفى

صحفي مقيم في بروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي 

سافر العرب والمسلمون الى دول اوروبا في اعقاب الحرب العالمية الثانية للمساهمة في اعادة بناء مادمرته الحرب وكان معظمهم من المغاربة والاتراك وجنسيات اخرى  واستقروا  في بلاد المهجر وانجب هؤلاء  اطفالا وحرص اعداد كبيرة من الاباء  على تربية الابناء  وفق عاداتهم وتقاليدهم

 وبالتالي اصبح هناك اجيالا متعاقبة من المهاجرين من اصول عربية واسلامية وصار منهم نماذج مشرفة وسفراء وواجهة للعالم الاسلامي في دول الغرب بالعلم والعمل والكفاح والشرف بعد ان حصلوا على الفرص او قامو هم بانفسهم بالحفر في الصخر لاثبات وجودهم  ووفقا لما تعلموه من الاباء من القيم الاسلامية الصحيحة

 ولكن هل توارث الابناء بعض العادات والتقاليد السيئة من الاباء ؟  وهي عادات وتقاليد موجودة في الدول العربية والاسلامية وفي مقدمتها حب السلطة والسعى الى تولي المناصب والتمسك بالكراسي السيادية ؟

وجاء على بالي هذا السؤال في اعقاب الازمة الاخيرة التي تعرضت لها الجالية المسلمة في بلجيكا والتي تمثلت في الاعلان عن وجود تدحل خارجي في عمل المنظمات الاسلامية وان هناك انشطة يجري تنظيمها تدعو الى الفكر المتشدد وكان التركيز في هذا الاعلان على الهيئة التنفيذية للمسلمين التي ترعى شئون الجالية المسلمة  واستدعى الامر صدور تصريحات من كبار السياسيين والمسئولين في الحكومة البلجيكية انتقدوا فيها غياب الشفافية ووجود الخلافات  داخل المنظمة الاسلامية الرسمية التي تعتبر حلقة الوصل بين الجاليات والمنظمات الاسلامية وبين الحكومة

وحقيقة المشكلة من وجهة نظر العديد من المراقبين تكمن في امرين الاول يتعلق بالخلافات الموجودة داخل الجالية المسلمة نفسها في ظل التنافس والتناحر من اجل شغل مناصب في المؤسسات والمنظمات التي تدير شئون الجالية ، وللاسف من ينجح ينتقد من يخسر والعكس صحيح واصبحت هناك حروب خفية وعلنية بين من يشغل منصب في هذه الهيئات و لجانها وبين من يريد اجراء تغيير او ينتقد غياب الشفافية ووجود مصالح لمن يشغل هذه المناصب  ومحاولة هؤلاء الاحتفاظ بالمناصب ولايتركون الفرصة للاخرين لخدمة الجالية المسلمة ويدلل اصحاب ها الرأي  على ذلك بان الجمعية العامة للهيئة التنفيذية مسلمين التي اختيرت من جانب ابناء الجاليات المسلمة منذ سنوات ،  عملها معطل منذ فترة،  والجمعية العامة هي  التي اختارت فيما بينها اعضاء الهيئة التي تتولى تسير الامور ، ويتساءل هؤلاء كيف يمكن للهيئة ان تستمر في عملها بعد ان عطلت عمل الجمعية العامة التي اختارتهم.

 ويرد اصحاب الرأي الاخر بالقول انهم يعملون بامانة وبدون اي مكاسب وان الغرض الرئيسي لهم هو خدمة شئون الجالية المسلمة وان من ينتقدهم ويهاجمهم انما من اجل مصالح شخصية ويريد فقط شغل المنصب، ويدللون على ذلك بالنجاح في حل العديد من المشاكل السابقة ومنها  على سبيل المثال مشكلة من يتولى رئاسة اللجنة والتي اصبحت بالتناوب بين المغاربة والاتراك كما اصبح في الهيئة من يمثل الاقليات المسلمة المختلفة الاخرى ومنها الباكستانية والشيشانية وغيرهم .

 اما الوجه الثاني للمشكلة فيراه البعض يكمن في رغبة السلطات البلجيكية احكام قبضتها على المنظمات الاسلامية وخاصة بعد ان نجحت خلال السنوات الماضية في تنفيذ خطة على مراحل لاعادة قبضتها على المراكز والهيئات الاسلامية من خلال قوانين وتشريعات تلزم تلك الهيئات ان تعتمد على التمويل الحكومي وليس التمويل الخارجي او جمع التبرعات فقط والزمت الجميع بتحديد مصادر اي اموال تنفق او تصل الى المساجد او المؤسسات الاسلامية

 وبالتالي استفادت السلطات من التناحر الموجود بين الشخصيات الاسلامية وتشوية كل طرف لصورة الاخر املا في الحصول على ثقة الجهات الحكومية لقيادة العمل الاسلامي في البلاد  وهذا ما جعلني افكر في السؤال الذي طرحته في البداية هل سافر المسلمون الى اوروبا واستقروا فيها ومع ذلك تمسكوا بأفة حب السلطة والمناصب ؟

واعود الى  الازمة الاخيرة التي تعرضت لها الجالية المسلمة في بلجيكا والتي تمثلت في الاعلان عن وجود تدحل خارجي في عمل المنظمات الاسلامية وان هناك انشطة يجري تنظيمها تدعو الى الفكر المتشدد وخصصت الحكومة البلجيكية جظءا من  نقاشات لها داخل البرلمان لهذا الملف

 وزاد رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو من حدة لهجته  اتجاه السلطة التنفيذية لمسلمي بلجيكا.” بحسب وصف وسائل اعلام محلية ” ودعا دي كرو المؤسسة التي تمثل المسلمين والتي تستفيد من التمويل العام إلى توحيد صفوفها وإظهار الاحتراف والشفافيةوجاء  هذا التصريح ذلك في رده على  أسئلة برلمانية من احزاب N-VA و فلامس بيلانغ و Open Vld. و أشار النواب على وجه الخصوص إلى تقرير أمن الدولة  الذي كشف عنه برنامج VRT والذي علق على المسجد الذي يديره رئيس الهيئة التنفيذية محمد اشتون  في هوزدن-زولدر بمقاطعة ليمبورغ والدور الذي يلعبه في نشر الأفكار المتطرفة.وأشار وزير العدل  إلى أن أمن الدولة هو المسؤول عن إجراء تحقيق شامل. أما إعانة 250 ألف يورو المستحقة لتدريب الأئمة فستعلق.وأضاف رئيس الحكومة “وأعتقد أنه سيتم الإشارة أيضًا إلى مراجعة مالية”

وكشف وزير العدل فنسنت فان كويكنبورن عن خططه بعد بث الشريط الوثائقي الاستقصائي Pano على شبكة VRT ، والذي كان يبحث في التأثير الأجنبي على الهيئة التنفيذية.وقال وزير العدل في البرنامج “مجرد الاستمرار مع نفس الأشخاص بنفس الطريقة لن يحل المشكلة”. وأضاف: “من الصعب جدًا العمل معهم ألاحظ نقصًا في الاحتراف وانعدام الشفافية ورفض أي شكل من أشكال الابتكار “. وقال: “لقد طلبت الآن صراحة من أمن الدولة إجراء تدقيق على الهيئة التنفيذية”.و إن الهدف من المراجعة هو تحديد مدى التدخل الأجنبي في شؤون السلطة التنفيذية لمسلمي بلجيكا.وتوجد تقارير من داخل هذا البلد ، و من الخارج ، تُظهر أن منظمات مثل ديانيت “المديرية الرسمية للشؤون الدينية في تركيا” وتجمع المسلمين البلجيكيين هي وسائل للحكومات الأجنبية للسيطرة على الجالية المسلمة

. . ”وقال كويكنبورن،  إنه يأمل في الحصول على نتائج التدقيق بحلول نهاية العام.وتابع: “إذا أظهر ذلك وجود مشكلة ، فيمكننا إلغاء المرسوم الملكي لعام 2016 ، الذي ينظم الاعتراف والدعم للسلطة التنفيذية لمسلمي بلجيكا”.وواصل: “بشكل ملموس ، هذا يعني أننا نعلق التمويل والاعتراف بالسلطة التنفيذية. ثم يمكننا العمل على منظمة جديدة وجذب أشخاص جدد ، من خلال الانتخابات بالطبع

. ” من جهتها نفت الهيئة التنفيذية وادانت اي مزاعم بالتزوير واكدت ان الهيئة تعمل في هدوء من اجل التجديد واكد رئيس الهيئة في بيان ان هناك ميزانية تدار دائما بطريقة قانونية ويتم التدقيق في الحسابات سنويا من قبل هيئات رسمية  ولم تكن الحسابات يوما خارج نطاق سيطرة السلطات مضيفا ان عمليات التجديد مستمرة في الهيئة ومبانيها وهياكلها .

ويظل الجميع الان في حالة ترقب لما سوف تسفر عنه الايام والاسابيع القادمة وخاصة ان ماحدث اثار من جديد حالة الجدل التي تظهر بين الحين والاخر، وتساؤلات لدى البعض  هل يجب ان تهاجم الاطراف المتناحرة داخل الجالية المسلمة  بعضها البعض تحت راية اظهار الحقيقة وتسليط الضوء على اوجه الفساد ، ام يجب اللجوء الى الحوار والتفاهم وانهاء الخلافات بعيدا عن اي تدخل خارجي ، واعطاء الفرصة للافضل لتولي المسئولية ؟

و سنعود الى نقطة الصفر عندما نتساءل ماهي الجهة التي يمكن ان تحدد ” الافضل ” ؟وخاصة ان كل شخص يتطلع لمركز قيادي يرى نفسه الافضل وبالتالي سنظل ندور في حلقة مفرغة لانه لو سلمنا جدلا ان الجالية المسلمة هي من ستختار الافضل سنكرر ماحدث في الماضي وينتهي دور من اختير من جانب الجالية بمجرد اختيار اعضاء الهيئة التنفيذية ، التي تسيطر على الامور،  ويتم تحجيم دور من اختارهم ابناء الجالية في الجمعية العامة للهيئة وهكذا يتجدد الصراع والخصام والتنافس على الكراسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى