سلايدر

إصرار الحياة والموت.. دلال وسمير والمشاركة العجيبة

استمع الي المقالة

عصام التيجي يكتب

رغم علاقاتهِ النسائيةِ المتعددة ، وميولهِ إلى العزوبيةِ والتحرر من سطوةِ الزواج ، وفشل تجربتهِ في الارتباط لمرتين متتاليتين .. إلا أن دلال عبد العزيز أصرت على أن تكون الثالثة والأخيرة في حياةِ النجمِ الكبير سمير غانم.

قصةُ حبٍ جمعت بين العشقِ والغيرة ، والإصرار إلى حدِ المطاردة ربما تجدها في بعض الأساطيرِ القديمةِ او في مخيلةِ كاتبٍ رومانسي لكنها واقع ملموس تجسد أمامنا.

أبطال هذه القصة النجم الكبير سمير غانم والفنانة دلال عبد العزيز التي روت أولَ مقابلةٍ لها مع زوجِ المستقبل عندما كانت تتنزه على كورنيش الإسكندرية رفقة المربية الخاصة بها أثناء أجازة المصيف السنوي . فأشارت المربية بأبتهاج إلى سمير الذي كان يمر بجانبهم . لتقول لها إنه الفنان سمير غانم أحد نجوم ثلاثي أضواء المسرح وما على الطفلة الصغيرة وقتها إلا وهرولت نحو نجم المسرح لتصافحه . ووضع يده على رأسها بمشاعرِ الأبوة.

موقف تذكرته الراحلة دلال عبد العزيز ضاحكةً لتقول ” سبحان الله طفلة تجري خلف نجم كبير ثم يجمعهما القدر فيما بعد.

قصصُ الحبِ والغرام بين المشاهير ربما تختلفُ كثيراً عنها بين العامة . فبدايتُها عادةً ما تكون نظرة إعجاب بما يؤدونه من أدوارٍ حتي يتحول هذا الإعجاب إلى حب . وعندما تتاح الفرصة تتحركُ المشاعرُ الساكنة التي تخفي وراءها عشقاً جارفاً لا يستطيع الإنسان مقاومته.

هكذا كان الحال عند دلال عبد العزيز . ربما القدر أنزل على فؤادِها الصغير إعجاباً برفيق مستقبلها ومع مرورِ الأيامِ والسنين يكبر بداخلها حلم اللقاء.

ليلعب القدر لعبته الثانية بعد أن تفجرت أنوثتها وكبر معها حب طفولتها لنجمٍ طالما أعجبت بفنه وخفة ظله.

ففي اوائل الثمانينيات وبعد أن أنهت دلال عبد العزيز دراستها الجامعية بكلية الزراعة جامعة الزقازيق التحقت للعمل كممثلة في مسلسل ” أصيلة ” أمام النجمة الكبيرة كريمة مختار والنجم جورج سيدهم الذي أعجب بأدائِها ورشحها لبطولة مسرحية ” أهلا يا دكتور ” ورتب سيدهم ” والقدر من قبله ” مقابلتها مع مخرج العرض حسن عبد السلام والفنان سمير غانم وبعد أن قدمت دلال مشهداً من دورها في المسرحية الجديدة أثنا المخرج والنجم على ادائها الراقي لتنضم بعد ذلك إلى فريق عمل المسرحية . وهنا بدأت أولي خطوات قصةِ الحبِ الحقيقية وبطلتها الصغيرة التي لم تتجاوز وقتها الحادية والعشرين عاماً ومنذ اليوم الأول وعلى مدار أربعِ سنواتٍ متتالية فترة تقديم المسرحية بدأت حدوتة العشق والغرام والاهتمام المتبادل حيث كانت تطلب الفنانة دلال وقتها من سمير توصيلها إلى المنزل بحجةِ عدم امتلاكِها سيارة ومن باب الذوق والاتيكيت كان النجم سمير غانم يفتح لها باب سيارته لتصعد الفنانة الجميلة ويهديها في كل مرة باقةً من الفلِ والزهور . ما الهب مشاعر الحب عند الفنانة الجميلة.

كانت دلال عبد العزيز شديدة الغيرة على سمير غانم ذلك النجم الذي يشعُ بهجةً وله الكثير من المعجبين.

و يُذكر أنه ” أثناء تصوير فيلم ” يارب ولد ” كان المخرج عمر عبد العزيز وطاقم العمل يمزحون معها بأن هناك فتاة تطارد سمير وما بها إلا وتشتعل النار بداخلها وتسبب له الكثير من المشاكل أثناء التصوير ” . وهنا يذكر سمير غانم في حق دلال عبد العزيز أنها كانت فتاة ذكية تجيد المحافظة على حبها والوقوف بجوار من تحبه في كل المحن التي يمر بها.

عشق الفنان سمير غانم إصرار دلال عبد العزيز على الزواج منه وتحدي زملائها الذين كان لهم رأى آخر في هذا الزواج لفارق السن الكبير بينهما الذي تجاوز الثالثة والعشرين عاما حتي سمير كان رافضاً ذلك لنفس السبب غير أنه لم يكن متحمساً لفكرةِ الزواجِ بعد التجربتين السابقتين اللتين جاءتا معه بمحضِ الصدفة وليس لرغبتهِ في الزواج والاستقرار .

فالفتاة الصومالية الأولى التي تزوجها رغم وصفه لها بالجمال إلا أن زواجهما لم يستمر سوى شهرين تقريبا .

 والثانية المصرية التي وصف الزواج منها بالكوميدي لتعرفه عليها في إحدي السهرات مع اصدقائه وانتهت السهرة بالارتباط إلا أنه لم يستمر أكثر من أسبوع .

 فهو يعد من أشهر عزاب الوسط الفني .

ظلت مطاردة دلال عبد العزيز لسمير غانم قرابة الأربع سنوات وهناك الكثير ممن تدخلوا ليتوسطوا في هذا الزواج مثل الفنانة الكبيرة كريمة مختار والفنانة ميرفت أمين إلا أن تدخل وحش الشاشة الفنان الكبير فريد شوقي أثناء تصوير فيلم ” يارب ولد ” حسم الموضوع ووعده سمير بالزواج منها لأجل خاطره .

كانت دلال عبد العزيز كثيرة الإعجاب بطريقة حبها لسمير غانم ومطارتها له حتي أن الوسط الفني كان يعلم ذلك . لدرجة ذكرها في أحد لقاءاتِها التليفزيونية مزاح الفنان الكبير الراحل فؤاد المهندس معها عن قصة حبها لسمير ، عندما سألها ذات مرة عن سعر سيارتها ، فأخبرته أن سعرها ١٢ ألف جنية ، فقال لها ضاحكاً ١١ ألف جنيه من قيمة السيارة مطاردة لسمير .

ورغم الفارق السني الكبير بينهما الذي كان عائقا أمام سمير غانم إلا أن النجمة دلال عبد العزيز استطاعت أن تخلقَ حياةً زوجيةً سعيدة يملؤها الحب و المودة و أسرة أثمرت عن ميلاد نجمتين في سماء الفن بمولد ” دنيا سمير غانم ” هذا الاسم الذي جاء معبرا عن الدنيا الجديدة لسمير غانم بعد الزواج والتي اختلفت تماما عن حياة العزوبية . ومن بعدها جاءت ” أمل ” وهو الاسم الذي اختاره لها والد النجم سمير غانم الذي كان يعمل بوزارة الداخلية برتبة لواء معتبراً ذلك أيضا أنها الأمل الجديد في حياتة بعد دنيته الجديدة لكن دلال وسمير اتفقا على أن يكون اسم الدلع لها ” إيمي ” .

مرت الأيام والسنون وكما شاركت دلال عبد العزيز سمير غانم أفراحه وأحزانه قبل الزواج ، واستطاعت أن تغير مفهومه عن الحياة الأسرية ، شاركته أيضاً في الكثير من الأعمال الفنية وحتى اللقاءات الإعلامية .

كانت معه كظله محافظةً على حياته التي غمرتها بالسعادة والأبناء إلى أن جاءت لحظة المشاركة العجيبة حينما أصيب الأثنان بفيروس كورونا في ذات التوقيت .

تقاسما المرض بمراحله المتعددة واشتركا في تجاوزه أيضا وعانا الأثنان تبعاته .

إلى أن فارق سمير غانم حياة دلال عبد العزيز قبل رحيلها ب ٧٩ يوماً ظلت خلالها دلال في المستشفى تسأل عن رفيق عمرها رغم محنتها فلم يخبرها أحد بوفاته خوفاً عليها . حتى لبت نداء ربها لتلحق بحب حياتها إلى حيث النعيم الدائم .

أصرت دلال عبد العزيز على الزواج من سمير غانم وتحدت عزوبيته وبنت له حياةً كريمة يغمرها الحب والسعادة ،وأصرت على أن تشاركه مراحلها المختلفة وعند الرحيل أبت أن تتركه وحيداً .

فحقاً هي المشاركة العجيبة في الحياة والموت .

رحمة الله عليكِ وعلى من سبقكِ ليبني لكِ داراً في عالم الخلود كما بنيتِ له داراً في الحياة الدنيا.

قد يكون الإصرار في الحياة هدفاً نسعى اليه ، أما الإصرار في الموت فهو قدر لا يعلمه إلا الله.

ودلال عبد العزيز كان هدفها في الحياة أن تكون بجانب من أحبته فقدر الله لها أن تظل بجواره في رحلة البعث والخلود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى