رأى

بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للاجئين ..رابطة العالم الإسلامي تواصل مبادراتها الرائدة في رعاية اللاجئين

استمع الي المقالة

بقلم: د. محجوب بن سعيد

باحث في علوم الاتصال والحوار الثقافي / المغرب

    تحت شعار” معاً نتعافى ونتعلم ونتألق” احتفل العالم هذه السنة باليوم العالمي للاجئين الذي يصادف 20 يونيو من كل عام، والذي يتزامن مع مرور 60 عاما على اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين. وفي هذه المناسبة دعت الأمم المتحدة إلى دعم اللاجئين حول العالم وتوفير الحماية لهم وإدراجهم في أنظمة الرعاية الصحية والتعليمية والرياضية. وفي بيان أصدرته مفوضية اللاجئين أكدت أنها تسعى إلى توسيع قدرة اللاجئين على الوصول إلى سبل الرعاية الصحية الأولية والثانوية، وخدمات الصحة الإنجابية والصحة النفسية، وتمكين الأطفال اللاجئين من الوصول إلى التعليم الجيّد لكي يتمكنوا من السعي لحياةٍ أفضل. ويعد اللاجئون من بين الأفراد الأكثر حاجة إلى الحماية ، كما أن مشكلتهم من بين أكثر القضايا تعقيدا اليوم المعروضة على المجتمع العالمي ، لارتباطها بقضية حقوق الإنسان وانتهاك حقوق الأقليات .

      وبسبب الانتشار المهول لجائحة كورونا ، تفاقمت أزمة اللاجئين عبر العالم، حيث أكدت بيانات الأمم المتحدة أن عددهم تجاوز 80 مليوناً حول العالم في منتصف العام الماضي. وأكد تقريرحديث للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ارتفاع عدد الأشخاص الفارين من الحروب والعنف والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان حيث بلغ 82 مليون شخص. ومن المنظمات الدولية التي اهتمت بمشاكل اللاجئين ، بغض النظر عن دينهم وانتمائهم الثقافي والجغرافي ، تجدر الإشارة إلى ما تقوم به رابطة العالم الإسلامي ، التي تحرص على مد جسور التعاون الإسلامي والإنساني مع الجميع، انطلاقا من ميثاقها الذي يدعو ” الأمم عامة إلى التسابق في ميدان العمل لخير البشرية وإسعادها وتحقيق العدالة بين أفرادها وايجاد المجتمع الإنساني الأفضل، ومساندة كل ما يدعو إلى الخير ” .

       وفي هذا الإطار ، نفذت رابطة العالم الإسلامي كثيرا من المبادرات الخيرية عبر أقطار العالم لفائدة اللاجئين ، في إطار مساعيها الهادفة إلى التعريف بالقيم الإسلامية الصحيحة والنبيلة في بعدها الإنساني والحضاري وفي تطابقها التام مع القيم الإنسانية المشتركة . كما حرصت على ترسيخ مفهوم الأسرة الإنسانية الواحدة التي تقوم على المحبة والتعاون في بناء المجتمع الحضاري، ومحاربة أي شكل من أشكال الإساءة إلى هذه الأسرة في وئامها وتقاربها وتعاونها وتحابها بمختلف أديانها وأعراقها وثقافاتها ودولها.

     وفي مناسبات عديدة أكد الأمين العام للرابطة ، الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى ، أن خدمات الرابطة ” لا تفرق بين دين ودين، ولا عرق وعرق، بل تقدم خدماتها الإنسانية للجميع أياً كانت أديانهم، وأياً كانت أعراقهم وأياً كانت بلدانهم، وأن هذا يمثل قيمة أخلاقية عليا في دين الإسلام تترجمها أكثر أن الإسلام لا يساوم في ما يبذل لوجه الله تعالى ولا ينتظر ثناء ولا شكرا من أحد”.ذ

    في هذا السياق ، حرصت الرابطة على تحقيق ما دعت إليه وثيقة مكة المكرمة التي أكدت أن ” تعزيز مبادرات وبرامج مكافحة الجوع ، والفقر ، والمرض، والجهل ، والتمييز العنصري ، والتدهور البيئي ، منوط بتضامن الجهات المسؤولة كافة ، الحكومية والأممية والأهلية والناشطين ذوي الصلة في خدمة العمل الإنساني، وصيانة كرامة الإنسان وحفظ حقوقه “

 ‫ وتفعيلا لتوجهات وثيقة مكة المكرمة ، وقعت رابطة العالم الإسلامي في أغسطس 2020 اتفاقية تعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدعم مشروع بعنوان ( عش وتعلم وشارك ). وينص الاتفاق على تنفيذ هذا المشروع على مدى ثلاث سنوات في عدد من الدول الإفريقية بميزانية إجمالية قدرها 14 مليون دولار أمريكي، لفائدة اللاجئين وطالبي اللجوء المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة ، والأطفال تحت عمر 18 سنة ومنهم الأطفال المنفصلون عن ذويهم . ويسعى المشروع إلى تحقيق عدد من الأهداف التنموية والتعليمية والصحية من بينها تعزيز الحلول المستديمة ، وتوفير فرص عيش آمنة وكريمة للاجئين ، وتوفير بيئة وقائية مناسبة للأطفال والشباب عبر تعزيز الأنشطة التعليمية والإنمائية، وتحسين مهارات الشباب من الناحية العلمية والتدريب المهني.

       ومما لا شك فيه أن توقيع هذه الاتفاقية يعد قيمة مضافة لرصيد الأعمال الإنسانية والإغاثية التي تقوم بها رابطة العالم الإسلامي خاصة في المنطقة الإفريقية ، حيث استفاد من هذه المبادرات الخيرية أكثر من 30 مليون شخص في مجالات تعليم القرآن الكريم ، والقطاعات الاجتماعية والتربوية والصحية والهندسية ، وتنمية المجتمع والإغاثة العاجلة. كما أن اختيار المنطقة الإفريقية مجالا جغرافيا لتنفيذ بنود هذه الاتفاقية يكتسي أهمية بالغة ويمثل اختيارا استراتيجيا موفقا للرابطة والمفوضية لاعتبارات عديدة من أهمها أن دول منطقة الساحل وجنوب الصحراء في افريقيا تواجه أزمات النزوح الأسرع نمواً في العالم. كما أن العمليات الإرهابية الإجرامية التي ترتكبها الجماعات المسلحة ضد المدنيين أجبرت أكثر من 2.5 مليون شخص على الفرار عبر المنطقة، سواء داخل البلدان أو عبر الحدود، حسب إحصائيات رسمية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

     وتستهدف الاتفاقية كذلك فئات الأطفال والشباب والعناية بتعليمهم وصحتهم وتحسين ظروف وهو اختيار مهم وموفق وضروري. لقد أكد إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين أهمية التعليم كعنصر أساسي في الاستجابة الدولية للاجئين ، وشدد على أن التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، واتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين. وتعمل الأمم المتحدة من خلال وكالاتها المتخصصة على إقناع المجتمع الدولي بأن التعليم يحمي الأطفال والشباب اللاجئين من التجنيد القسري في الجماعات المسلحة وعمالة الأطفال والاستغلال الجنسي وزواج الأطفال، ويعزز من صمود المجتمع، و يمنح اللاجئين المعرفة والمهارات اللازمة ليعيشوا حياة منتجة ومثمرة ومستقلة.

       خلاصة القول إن توقيع رابطة العالم الإسلامي اتفاقية شراكة وتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تعد مبادرة حضارية وإنسانية بالغة الأهمية تكتسي بعدا استراتيجيا يوسع من الإشعاع الدولي للرابطة ، ويعزز موقعها بين المنظمات الدولية الفاعلة ، ويبرز دورها في نشر مبادئ السلم والأمن وتعزيز قيم التضامن الإنساني .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى