رأى

اوروبا والقارة السمراء.. والسباق العالمي لتقسيم التورتة

استمع الي المقالة

بقلم: عبدالله مصطفى

صحفي مقيم في بروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي

ايام منتدى الاعمال بين الاتحاد الاوروبي وافريقيا 2021  ، حول الانتقال الى الطاقة الخضراء ، بدأت منذ الجمعه 16 ابريل وستواصل عبر الفيديو فعالياتها يومي 20 و21 ابريل ، وترى المفوضية المفوضية الاوروبية في بروكسل ، ان المنتدى ، بمثابة منصة رئيسية للعلاقات المتجددة بين الاتحاد الاوروبي والقارة السمراء ، ويشارك في الفعاليات 2000 شخصية من الشخصيات رفيعة المستوى بالاضافة الى ممثلو الهيئات الاقليمية والادارات العامة والجمعيات التجارية وشركات الطاقة .
التركيز في هذه الفعاليات  ينصب على اولويات قصوى للحكومات والشركات في كل من اوروبا وافريقيا وابرزها الانتقال الى الطاقة الخضراء والوصول الى الطاقة النظيفة وسيوفر المنتدى فرصة للحوار رفيع المستوى بين القطاعين العام والخاص وفرص الاعمال الملموسة ومطابقة الطلب على تمويل المشروعات مع العرض سواء من المصادر العامة او الخاصة
وبدأت الفعاليات يوم 16 ابريل بمشاركة نائب رئيس المفوضية الاوروبية فرانس تيمرمانس في المحادثات رفيعة المستوى بين الجانبين الاوروبي والافريقي لتسريع الشراكة من اجل انتقال الطاقة الخضراء الى افريقيا وخلال يومي 20 و21 ابريل سوف ينظم المنتدى سوقا افتراضيا لاصحاب مشاريع الطاقة الخضراء في افريقيا واوروبا وبمشاركة 34 شركة من القطاعين العام والخاص وسيتم خلال هذا الحدث تبادل الافكار واستكشاف الشراكات والسعي الى الحصول على تمويل لمشروعات للطاقة الخضراء في افريقيا
وستختتم الفعاليات قبل يومين فقط من حدث اخر تنظمة الرئاسة البرتغالية الدورية الحالية للاتحاد الاوروبي  تحت عنوان منتدى الاستثمار الاخضر وتشكل كل هذه الفعاليات فرصة للنقاش واصدار التوصيات بما يغذي النقاشات السياسية في القمة المقبلة للاتحادين الاوروبي والافريقي.
وقد ذهب البعض الى القول بان مايجري مؤخرا في اطار الطاقة  الخضراء هو محاولة من الجانب الاوروبي لتقديم الدعم لافريقيا في مجال الانتقال الى الطاقة النظيفة ،  في اطار استراتيجية جديدة ونهج جديد للعب دور عالمي اكثر فعالية ، وربما يكون ذلك تحركا اوروبيا في اطار المشاركة في تحقيق الاهداف الانمائية للامم المتحدة ولكن هناك من يشكك في الامر من منطلق نوايا قوى دولية اخرى تسعى جاهدة لتحقيق وجود قوي لها في القارة السمراء  طمعا في ثروات القارة الافريقية
و قمة الاتحاد الأوروبي ـــ افريقيا التي كانت مقررة 2020  تم تأجيلها إلى خريف 2021. واستراتيجية افريقيا الجديدة لم يُصادق عليها من طرف الدول الأعضاء،  ووفقا للبعض من المراقبين وحسب تقارير اعلامية اوروبية هذا لا يعود فقط لأوروبا. فحتى بلدان افريقية كانت مؤيدة لتأجيل القمة ـ ليس فقط بسبب كورونا. فالإحباط حول العلاقة الحالية مع أوروبا كبير.
في مارس من العام الماضي عرض منسق السياسة الخارجية جوزيف بوريل  استراتيجية افريقيا الجديدة. وقال  ان “الاتحاد الأوروبي هو أهم شريك لإفريقيا في جميع الموضوعات الممكنة: التجارة الاستثمارات والتنمية والتعاون والأمن. ونحن نريد أن يبقى الحال على ما عليه ونريد توطيد ذلك وجعله أكثر فاعلية” بينما ذهب البعض الى القول ان المسألة تحتاج الى اعادة انطلاق من جديد وليس تطوير الوضع الحالي  .
واتذكر هنا بعض نقاط الخلاف التي تستدعي هذه الانطلاقة الجديدة بحسب ما ورد في تقرير اعلامي اوروبي وجاء فيه “العلاقات بين أوروبا وافريقيا لم تكن أبدا عادلة. رغم مفاهيم مثل التعاون الدولي ظلت علاقة غير متوازنة تلعب فيها أوروبا دور المحرك وافريقيا دور التلميذ”، كما تقول الباحثة النيجيرية ليندا ارولو من معهد غيغا لدراسات افريقيا. والكثير من الساسة الافارقة يفكرون بنفس الطريقة وكذلك ممثلون للمجتمع المدني. فحسب استطلاع للرأي أخير بين 221 موظفا في منظمات غير حكومية افريقية يفيد نصفهم أن التعاون مع أوروبا غير جيد أو لا يسير بشكل جيد.
ويتحدث العديد من المراقبين عن وجود نقاط خلاف ، فمثلا  العلاقات الاقتصادية. بالنسبة إلى افريقيا يكون الاتحاد الأوروبي بـ 31 في المائة من الصادرات و 29 في المائة من الواردات من جهة أهم شريك تجاري. ومن جهة أخرى تبقى العلاقة غير متكافئة للغاية. فالدول الأوروبية تستورد من افريقيا في الغالب مواد أولية وتصدر في آن واحد بضاعة قيمة مثل المنتجات الصناعية. وعلى هذا النحو لا يتخلص اقتصاد افريقيا من دوامة التبعية. “البنية الأحادية لا يمكن أن تساعد في إزالة مشاكل القارة: بطالة عالية وقطاع غير رسمي كبير”، يقول خبير افريقيا الألماني روبرت كابيل، مؤلف دراسة حديثة حول العلاقات الأوروبية الافريقية.
والهجرة هي نقطة خلاف ثانية. فالاتحاد الأوروبي يضغط على البلدان الافريقية لتأمين حدودها بشكل أفضل. فالحكومات وجب عليها منع توجه مهاجرين غير نظاميين إلى أوروبا. ومن يتعاون يحصل على المال والتجهيزات من أوروبا. “نظام الهجرة الأوروبي انطلاقا من بنيته وتنفيذه مبني على استثناء الأفارقة”، كما تنتقد الباحثة ارولو في حديث مع دويتشه فيله. لكن بطريقة قانونية يكون من المستحيل على كثير من الافارقة الذهاب إلى أوروبا ـ ما عدا اليد العاملة المختصة التي تحتاجها أوروبا.
وهذا يغضب الكثير من الحكومات الافريقية. لأن العائدين الذين لهم تكوين جيد عامل مهم لتنمية الاقتصاد المحلي والكثير من العائلات تعيش من التحويلات المالية لأقارب في الخارج.  وحتى استراتيجية افريقيا الجديدة التابعة للاتحاد الأوروبي تولد قليلا من الشغف في افريقيا.
وفي خمسة مجالات يعتزم الاتحاد الأوروبي التعاون بشكل أقوى مع افريقيا: الاقتصاد الأخضر والرقمنة والنمو والوظائف المستدامة والسلام والأمن والهجرة.. فهل سيكون عام 2021 عام افريقيا الجديد؟ فهناك فرص إذا ما نُظمت القمة في الخريف كما هو مبرمج. والجانب الحاسم هو أن يتفاهم الساسة من كلا الطرفين على المضامين.
ولكن هل يأتي التحرك الاوربي اتجاه القارة  السمراء في اطار السباق الذي دخلت فيه الصين والولايات المتحدة الاميركية وروسيا والهند وغيرها ومنذ سنوات ؟ وهل نسى الجميع ان هذا السباق للحصول على موارد افريقيا المتعددة والاستفادة منها  كان سببا رئيسيا في نشوب الحرب العالمية الاولى؟ . يبدو ان القوى العالمية لم تتعلم الدرس جيدا وربما تتجاهل ذلك في سبيل الفوز بنصيب الاسد من الثروات الموجودة في القار ة السمراء ، حتى لو أدى الامر الى الدخول في  الصراع والحرب ، مع الاخذ في الاعتبار ان  الحروب اختلفت  الان عن الماضي من حيث الطرق والاسلحة والتنفيذ .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى