ما أشبه اليوم بالبارحة!
بقلم: أحمد طه الغندور
قد يبدو للمتابع أن الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني ـ ولا أقول الإسرائيلي ـ يُمعن في محاولاته للتأكيد على صحة مقولته الاستعمارية الأولى والتي زعمت أن فلسطين هي؛ “أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض”، وأنه عاد لممارسة نظرياته وسياساته القديمة من أجل التمكين لعصابته على هذه الأرض.
فما أشبه اليوم بالبارحة!
ففي بدايات القرن الماضي اعتبرت “عصبة الأمم” أن فلسطين وشعبها من الكيانات المؤهلة لتصبح عضواً كامل العضوية في المنظمة الدولية وانتدبت “بريطانيا” للعمل على ذلك، لكن “بريطانيا” خانت النظام الدولي ومنحت فلسطين “لقمة سائغة” لـ “المستوطنين الاستعماريين اليهود” المطرودين من أوروبا بموجب “صك بلفور”!
ويتكرر الموقف اليوم ثانيةً؛ فحين تُجمع دول العالم قاطبة على حق فلسطين وشعبها في الحصول على
العضوية الكاملة ـ والتي أوقفتها إدارة “ترامب” الصهيونية ـ يُعلن “رئيس وزراء بريطانيا ” “بوريس جونسون” موقف بلاده، بشأن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في رسالة إلى “أصدقاء إسرائيل المحافظين” بأن مكتبه يعارض تحقيق المحكمة الجنائية الدولية، لكنه يواصل “احترام استقلال المؤسسات “! وذكر أن المملكة المتحدة تعمل مع دول أخرى من أجل “إحداث تغيير إيجابي في المحكمة”، مبرراً ذلك بأن “تل أبيب” ليست طرفاً في قانون روما الأساسي، و” فلسطين ” ليست دولة ذات سيادة”!
وهنا هل لنا أن نسأل بفعل من هذا؟!
وهل كما يعتقد “جونسون” أن تعيين “كريم خان” سينجح في تقويض دور المحكمة في محاسبة “الاحتلال” و “الاستيطان” أهم عنصرين لـ “الصهيونية”؟!
أما المشهد الأخر الذي يصف اليوم بالبارحة لأساليب “المؤامرة الصهيونية”؛ فهو يتمثل في “المخططات المخزية” و “الجرائم الدولية” التي تُمارس في القدس ـ صبح مساء ـ من تهويد، و “استيطان”، وتهجير، وطرد للسكان في الشيخ جراح وسلوان وسائر أحياء سكانها الأصليين، ويأتي على رأس هذه “الجرائم” المحاولات المستمرة لـ “تدنيس” الأقصى الشريف وهدمه!
وهم طيلة قرن من الزمان يكررون نفس الجرائم، بنفس الأساليب، ونفس الأدوات حتى نفس “العملاء” من المتساقطين أو أحفاد “الرجعية العربية”، فهل أفلح ذلك في الماضي حتى يُفلح اليوم؟!
بالطبع لا! فنضال شعب فلسطين المستمر حال ويحول دون ذلك!
وهناك أمثلة حية على ذلك شاخصة أمام أعيننا! كلنا يدرك من التاريخ المدون والمرئي المستوى الحضاري الذي كانت عليه المدن والمجتمع الفلسطيني قبل “النكبة”، وكيف كانت يافا، وحيفا، وعكا، وبيسان، و ……
وكلنا يعي أحوال ” الضفة الغربية ” و ” قطاع غزة ” زمن “الاحتلال” وكيف هي الأوضاع اليوم بعد انسلاخ “الاحتلال” وكيف جرى إعمارها خلال سنوات قليلة!
ماذا الذي كانت عليه “مظاهر أو إنجازات الصهيونية” في “مستوطناتها الاستعمارية” في غزة على سبيل المثال؟!
مقهى، فندق، نادي ركوب للخيل، عدد من الدفيئات الزراعية، معهد، أيعقل أني نسيت شيئا؟!
في مقابل “الاحتلال”، و “الإرهاب” و “جرائم الحرب”، و “سرقة الموارد الطبيعية” المياه والأثار، وحتى الرمال!
هل تأتيكم صور تلك ” المحررات ” اليوم؟!
المدن الجديدة، الجامعات والمعاهد العلمية حتى كلية الطب! المزارع المتقدمة المعتمدة على أساليب الزراعة المتطورة، هل هناك نوع من الفواكه لم ننجح في زراعته في غزة؟!
ماذا عن مزارع السمك، والصناعات، والمطار الذي جرى مسحه عن الخارطة؟!
هل نجحت “الصهيونية” في تدمير الإبداع الفلسطيني؟!
كم هي “المليارات” و “الأرواح” التي جرى توظيفها لتأكيد أن ” فلسطين أرض بلا شعب “؟!
هل تمكنتم من ذلك؟!
هل تشويه معالم القدس بـ “الحدائق التوراتية” على حطام الأحياء الفلسطينية الأصيلة يجعل منكم “شعباً”؟!
هذا لن يكون، لأنكم لم تكونوا في أي حقبة تاريخية شعباً!
ولأن أساليبكم مهترئة، نجح شعبنا دائماً في تجاوزها بصموده، وصلابته، وإبداعه!
لن يسعفكم “العملاء”، ولا “الرجعية العربية” فشعبنا يدرك تماماً الأسلوب الأمثل لعلاجهم!
بالنسبة لكم ” ما أشبه اليوم بالبارحة “! أما بالنسبة لنا فـ ” كل يوم له قراءة جديدة “!
هل تعتقدون أن الوقت لصالحكم ؟! أم أن الزمن قد أدار لكم ظهره؟!
ليس فقط في “الولايات المتحدة” التي تبحث اليوم “قانون مالكوم” بل في كل بقاع الأرض، فقد مل العالم منكم!