عبدالله مصطفى
صحفى مصرى مقيم في بروكسل..عاصمة الإتحاد الأوروبي
هل هو تصرف مقصود من انقره ، لاهانة واحدة من ابرز قيادات المؤسسات التابعة للاتحاد الاوروبي في بروكسل وهي اورسولا فون ديرلاين رئيسة المفوضية ..وهي الجهاز التنفيذي للتكتل الموحد ؟ وبالتالي جس نبض التكتل الموحد للتعرف على مدى قوة رد الفعل او امكانية التورط في اي موقف قد يثير مشكلة جديدة مع انقره في هذا التوقيت .. ام هي محاولة من الاتحاد الاوروبي لتوجيه رسالة الى تركيا وبالتحديد الى الرئيس طيب اردوغان تفيد ان الاخطاء تكررت ولن يستمر صبر الجانب الاوروبي الى مالانهاية ؟ وسائل الاعلام في بروكسل وصفت الامر بالمهزلة وان رئيسة المفوضية وجدت نفسها في موقف محرج للغاية ورأى البعض ان البروتوكول هو امر سياسي في مثل هذه الاجتماعات ولايمكن ان يكون هناك اعذار لاي اخطاء في هذا الصدد.
وهو الامر الذي جعل رئيس الوزراء الايطالي، ماريو دراغي يقول إن “إذلال” رئيسة المفوضية الاوروبية أورسولا فون دير لاين “أثار إستيائه”، في تعليق له بشأن حادثة اضطرارها إلى الجلوس على مقعد جانبي خلال اجتماع رفقة رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة قبل ايام قليلة.
واضاف دراغي “أنا لا أتفق تمامًا مع سلوك أردوغان تجاه رئيسة المفوضية فون دير لاين، وأعتقد أنه لم يكن مناسبًا. أسفت جدًا للإذلال الذي تعرضت له فون دير لاين”.وأردف دراغي: “ينبغي مراعاة أنه مع هؤلاء الدكتاتوريين، الذين يتعين العمل معهم بشكل مشترك أو بالأحرى التعاون، يجب على المرء أن يكون صريحا في التعبير عن اختلاف الآراء والسلوكيات والرؤى، ولكن ابداء الاستعداد للتعاون من أجل المصلحة” المتبادلة
ومن جانبه رأى وزير الداخلية الايطالي الاسبق، ماركو مينّيتي أن الحادثة التي تعرضت لها رئيسة المفوضية الاوروبية، في أنقرة “ليست هشاشة بروتوكول بل مسألة سياسية ضخمة”. وعقب تلك التصريحات استدعت الخارجية التركية السفير الإيطالي لدى أنقرة
وخلال الايام الثلاثة الماضية تواصل في بروكسل الجدل حول طريقة معاملة السلطات التركية لرئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين وجاء الجدل على خلفية ما بات يُعرف إعلاميا بـ”فضحية المقعد الناقص” بعد تداول صور ومقاطع فيديو لفون دير لاين في حالة “ذهول وحرج” اثر اكتشافها عدم وجود مقعد مخصص لها إلى جانب كل من أردوغان وميشيل.
وفي ردود الفعل الاوروبية ايضا تمسكت المفوضية بموقفها القائل بأن رئيستها فضلت التركيز على مضمون الرسالة المراد ايصالها لأردوغان، بدل اثارة مشكلة بروتوكولية علناً، بينما طالبت مجموعات برلمانية بنقاش يشارك فيه المسؤولان الأوروبيان المعنيان.
وعبر كل من رئيس مجموعة الديمقراطيين المسيحيين مانفريد ويبير (ألمانيا)، ورئيسة مجموعة الاشتراكيين ايراتكس بيرز (إسبانيا)، عن صدمتهما لـ”الصورة المؤسفة” التي ظهرت بها مؤسسات الاتحاد في تركيا.وأخذ البرلمانيان الأوروبيان على كل من فون دير لاين وميشيل عدم قدرتهما على التحرك بشكل موحد وإدانة حدث من قبل الطرف التركي، وقالا: “ننتظر الأفضل من السياسة الخارجية الأوروبية”.هذا وتتقاذف مختلف الأطراف الأوروبية والتركية المسؤولية عن “الخطأ” في تأويل البروتوكول، و يلقي كثيرون هنا باللوم على رئيس المجلس الاوروبي، والذي عجز أو تجاهل مساندة رئيسة المفوضية. وتعرض ميشيل لانتقادات من اعلام بلده ” بلجيكا “.
وكان ميشيل أصدر بياناً عبر فيه عن أسفه لما حدث، مشيراً إلى أنه لم يتجاهله بل فضل التركيز على مضمون الزيارة وليس شكلها، وهو ما لم يقنع الكثيرين في بروكسل والعواصم الأوروبية.من جهتها، سارعت وزيرة الخارجية البلجيكية صوفي ويلمس، عن مساندتها لمواطنها ميشيل، مشيرة إلى أنه “مدافع شرس” عن المساواة بين الجنسين.أما أنقرة، فقد دافعت عن نفسها عبر وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، الذي أكد أن الاتراك احترموا بدقة طلبات الطرف الأوروبي بالنسبة لترتيبات الزيارة، واصفاً الاتهامات الموجهة لبلاده بتعمد “إذلال” فون دير لاين بـ”المغرضة والكاذبة”.
الزيارة جاءت بالتزامن مع جدل اخر حول تمديد الاتفاق الاوروبي التركي للتعاون في مجال مكافحة الهجرة غير لاشرعية وتدفق اللاجئين من مناطق الصراعات وهو الاتفاق الذي جرى التوصل اليه قبل اكثر من خمس سنوات وحصلت تركيا بموجبة على المليارات الاوروبية واعلنت المفوضية الاوروبية في بروكسل مؤخرا نيتها الاعلان عن الخطط المتعلقة بهذا الصدد في غضون الاسابيع القليلة القادمة وخاصة بعد ان نجحت الضغوط الاوروبية خلال الفترة الماضية ورسائل التهديد من بروكسل في اقناع اردوغان بالتراجع عن التصعيد في منطقة شرق المتوسط وتفادي الصدام مع اليونان وقبرص وفي المقابل لم تنجح ضغوط اردوغان في تغيير الموقف الاوروبي الرافض لاستئناف المحادثات مع انقره حول امكانية حصول تركيا على عضوية التكتل الموحد وايضا الغاء تجميد خطوات تحرير التأشيرة للاتراك لدخول اراضي الاتحاد الاوروبي.
وينتظر الجميع ماسوف يتم الاعلان عنه في قمة بروكسل خلال يونيو القادم بشأن مستقبل العلاقات مع تركيا بعد ان رضخت انقره للضغوط في عدة امور ومنها ما يتعلق بالتوترات في شرق المتوسط وايضا عدم التصعيد في ليبيا واخراج المقاتلين الاجانب للحفاظ على وقف اطلاق النار في البلاد والامتثال لقرار الامم المتحدة بحظر الاسلحة الى ليبيا وهي مطالب سبق ان اعلنت عنها بروكسل قبل اتخاذ اي قرار بشأن مستقبل العلاقات مع انقرة.
وخلاصة القول ان اردوغان ربما يكون قد نجح في الحصول على اموال اوروبية بحجة وقف ارسال اللاجئين السوريين والابقاء عليهم في معسكرات على الاراضي التركية ولكن الاهداف الاستراتيجية التي يطمع اردوغان في تحقيقها وهي الحصول على عضوية الاتحاد او تحرير تاشيرة الاتحاد الاوروبي للمواطنين الاتراك لم يتحقق منها شئ، بعد ان غابت الثقة المطلقة بين الطرفين في ظل تراجع اردوغان مرارا وتكرارا عن وعوده للاوروبيين واضطر الطرف الاوروبي الى استخدام سياسة النفس الطويل لتحقيق مصالحه وخاصة في ملف مكافحة الهجرة غير الشرعية واللاجئين الفارين من مناطق الصراعات.