حق علينا شكرهم
بقلم: أحمد طه الغندور.
تُرى هل من المقبول أن نُقدم الشكر لـ ” المخابرات “؟!
هذه الكلمة مُؤرقة جداً وقد تكون مكروهة لجموع الفلسطينيين في كافة أصقاع المعمورة، بمن فيهم الأباء المؤسسين لهذا الجهاز، ويرجع ذلك لكثرة ما عاناه الفلسطينيون من أصناف العذاب والاضطهاد من هذه الأجهزة القمعية من الاحتلال، والعديد من دول العالم التي نظرت لـ ” الفلسطيني ” أنه “عدو” أو على أحسن الأحوال “تهديد محتمل”، فعليه أن يخضع في كل مطار، أو معبر، أو مخفر لم يؤدي أية مهمة في يوم من الأيام إلا أن يتربص بهذا ” الفلسطيني ” لينتظر بالساعات والأيام، ويتعرض للتحقيق والابتزاز، والتنكيل والحرمان من أبسط حقوقه الإنسانية فقط؛ لإنه يُذكرّهم بأنه ” الحر ” الأخير على هذا الكوكب!
لكن حديثي اليوم يدور حول ” المخابرات الفلسطينية ” هذه المؤسسة الوطنية التي تعمل في غاية الصمت، وهي مُشبعة في حالةٍ من نفي الذات، جاهدة لتنفيذ مهمتها الأساسية، المتمثلة في هدفين ساميين؛ أولهما اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية ” دولة فلسطين ” عند وجود أعمال تعرض الدولة للخطر، وثانيهما كشف الأخطار الخارجية والتي تمس بـ ” الأمن القومي الفلسطيني “، كالتجسس والتآمر والتخريب.
ولكن ما الدافع وراء هذا المقال؟!
ولماذا السؤال حول توجيه الشكر لهم؟!
الإجابة المباشرة على السؤالين السابقين أن بعض العائلات وجهت شكرها لـ ” جهاز المخابرات ” في استعادة بناتها من قبضة “الجماعات المتطرفة” على الأراضي السورية، وقبلها القبض على “أجنبي” قتل مواطنة فلسطينية في “تركيا” وفر إلى “اليونان” وجرى تسليمه للجهات المختصة وفق الأصول المرعية.
إضافة إلى عمليات أخرى لـ ” تحرير رهائن ” داخل وخارج الوطن لمواطنين فلسطينيين أو أجانب تمتد على مساحة الخريطة الدولية، البعض تم الإعلان عنه، وأخرى لم يتم الإشارة إليها!
فالعاطفة دفعت هذه العائلات الكريمة، بل حتى جهات دولية إلى توجيه الشكر إلى ” المخابرات الفلسطينية ” على جهودها ” الاستثنائية “!
نعم ” جهود استثنائية “، لأن عمليات ” تحرير الرهائن ” عامة، وبشكل خاص من قِبل “إرهابيين” خارج الوطن تعني الكثير من الجهد الاستخباراتي، والعملياتي والتي قد تفشل فيها دول “كبرى” وأجهزة أمنية لها سمعة توازي “رنة الطبل” كما نقول!
وإن كان هذا صنف واحد من “المهمات” التي تقوم بها ” المخابرات “، فماذا عن الحروب المستعرة بشكل يومي، وعلى مدار الساعة بين الأجهزة حول “الاختراق”، و “تجنيد العملاء”، “التخريب المادي، والإلكتروني”، والدعاية المغرضة والمضادة إلى ما لا يمكن حصره مهددات في ” كافة ” جوانب الحياة الإنسانية!
حقيقةً يجب علينا أن نتوجه بالشكر الجزيل لـ ” المخابرات الفلسطينية ” ورجالها الميامين ـ وهم الجنود المجهولون ـ على جهودهم الوطنية المخلصة!
ولكن كيف ذلك؟!
هذا سؤال كبير يجب أن ” يطرق ” تفكير كل مواطن شريف يؤمن بهذا الوطن، ويؤمن بحقنا المطلق فيه!
علينا أن نُعيد نظرتنا إلى ” مؤسستنا ” الوطنية كونها البوصلة التي تقودنا إلى الطريق القويم!
لم تبدأ ” مخابراتنا ” في العام 1994 والعودة للوطن! ولم تُسمى “مخابرات” حينها، كانت ” جهاز الرصد “، وكانت ” الأمن الموحد “!
سبق أبطال اليوم، الأباء المؤسسون ـ هنيئاً لمن يتنسم رائحة كف من بقي منهم ـ هؤلاء القامات الكبير، وقيادات العمل الثوري والوطني لم يخجلوا أن يكونوا تلاميذ لدى ” إخوانهم ” في ” المخابرات العامة المصرية ” لشهور، ودورات كي يتمكنوا من تشكيل النواة الأولى!
ثم كانوا سادة في الميدان؛ يحسب لهم ألف حساب، وكان الشهداء حتى من القادة؛ أبو إياد، أبو الهول، أبو محمد، أبو الحسن ” أميرنا الأحمر “، عاطف ….
علينا أن نُدرك أن هذه المؤسسة ” العملاقة ” ذات تاريخ حافل ـ للأسف لم يجري تدوينه ـ وأن جنودها المجهولون إلى جوار كل فلسطيني أينما كان، حتى ذلك الطالب الذي يبحث عن كتاب في مكتبة الجامعة، بينما العدو يسعى إلى اقتناصه!
شكرنا الحقيقي لـ ” مؤسستنا ” الوطنية بأن نكون من المؤمنين بها، وعوناً لها لا لإعدائها!
أخيراً وليس بأخر، أتوجه إلى السادة الأجلاء في ” مؤسستنا الوطنية ” العمل على تجميع الأرشيف الخاص بالعمل الأمني الاستخباري الفلسطيني قبل أن يندثر من الذاكرة، لغياب شخوصه!