بقلم: حميد حلمي البغدادي
قبل الدخول في الموضوع ، هناك ملاحظة مهمة جداً وهي أن الإنجيل برمته يخلو من ذكر مدينة أور الكلدانيين ، فلا يعرفها الإنجيل ولا يسوع المسيح لا من بعيد ولا من قريب فأور الكلدانيين هدفٌ يهودي بلمسة مسيحية .
يقول القرآن الكريم :
(ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين).
سورة آل عمران آية ٦٧.
ففي آيات عديدة ينفي الرب أن يكون إبراهيم يهودياً أو مسيحياً أو من المشركين ، ولو تمعن القارئ جيداً لرأى أن القرآن يقرن بين اليهود والنصارى والمشركين!
فكيف يُنافق البابا في مسألة نبي الرب إبراهيم وإبراهيم سابق لليهودية والمسيحية بألوف السنين .
يضاف إلى ذلك أن الرب الله أمر إبراهيم ان يخرج من أور ويهاجر وأعطاه أرضاً بدلاً عنها ، ولم يرجع ولم يأمر ذريته أن ترجع لأور بل وضع ذريته في مكة إسماعيل وأمه هاجر كما يعرف الجميع ، ولا يزال مقام إبراهيم في مكة شاهداً على ذلك .
ولكن المسيحية تبحث عن ذرائع لتزرع الشر والتفرقة ، هل عندما يزور البابا الناصرية سوف يسأل عن أحوال المتظاهرين أو حقوقهم أو يتفقد المدينة وما وصلت إليه من تخلف ؟
طبعا كلا ، لأن جناب البابا لا يتدخل في السياسة ولا القضايا الإنسانية .
أينما يضع البابا قدمه سوف تحصل مشاكل ومجازر ومذابح ومؤامرات وانقلابات كما حصل في أفريقيا التي زارها البابا وبعد رحيله بيومين قُتل أكثر من مليوني أفريقي .
لو كان البابا منصفاً وعادلاً لاعترض على ما يجري في الصين وميانمار وكشمير واليمن أو في فلسطين حيث يقوم اليهود بمصادرة أملاك المسيحيين ، فلم يعترض الباب ولم نسمع منه أي احتجاج ، وقبل شهرين منعوا المسيحيين من الصلاة في كنيسة القيامة فلم يتدخل البابا ، بل كل ما فعلهُ البابا في زيارته للقدس أنه (دحس) وضع ورقة في شق جدار الآلام اليهودي .
أنا أشهد بأن ما حصل للمسيحيين في العراق كان بمباركة البابا الذي يكره كل من لم يكن كاثوليكياً .
فهو يكره الأقباط في مصر ، ويكره المارونيين في لبنان ، ويكره الآشوريين في العراق ، ويكره الأرامنة في أرمينيا ، ويكره الأرثوذكس في روسيا ، ويكره اللوثريين في وسط أوربا وشمالها وهم الذين حاكموا لوثر وأعدموه ، والسبب أنهم ليسوا كاثوليكاً مثلما عندكم السني يكره الشيعي ولا يُريد له خيراً (حتى تتبع ملتهم) .
ولا فرق عند الرب بين رجال الدين المسيحي مشعلي الحروب ، أو رجال دين السيك المتسببين لمجازر بحق الناس ولا الهندوس في مجازر أمريتسار معبد هارمندير أو مجازر هاشمبورا ، ولا البوذيين ومجازر الروهينجا ولا الوهابية السلفية التكفيرية ، كل رجال الدين المنحرفين سواءٌ أمام الرب وأمام الناس .
يضاف إلى ذلك فإن كل الحروب كانت بمباركة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في روما .
إن سر زيارة البابا لمدينة أور هو أن البابا يُريد ان يضع سداً وحاجزاً ويدق إسفيناً بين أوربا وإيران وما وراءها روسيا والصين ، لأن العراق مدخل أوربا وهو أهم ممر متعدد الإتجاهات ، فإذا كانت فلسطين قلب العالم الإسلامي فإن العراق هو الجسد الذي يضم هذا القلب بين جناحيه .
فمنذ عهد نبوخذ نصر وإلى هذا اليوم البلد الوحيد في العالم الذي لم يهادن الصهاينة ولم يُسامح المعتدين هو العراق ، سلّ الآشوريين والبابليين والسومريين .
ولذلك فإنهم يعلمون أن العراق مرشّح لأن يكون مركز انطلاق الدولة العالمية المستقبلية التي سوف تقضي على دكتاتوريتهم الممقوتة وعلمانيتهم المسببة للحروب والدمار والخراب .
هناك اسرار رهيبة مخيفة مما يُعدونه للعراق ، كل ما ذكرته التوراة من مصير أسود للعراق يسعون جاهدين لتحقيقه ، فهل سيقوم أبناؤه بحفظه والدفاع عنه ؟
قد تبدو زيارة البابا بريئة ولكنها ليست كذلك ، وقد اقحم البابا السيد السيستاني في برنامجه مستغلاً رحابة صدر السيد السيستاني وحنوّه وأبوته على الجميع لكي يقوم بقطع الألسن التي تتساءل عن سر علاقة البابا بمدينة أور ، والبابا يعلم أن أور كانت وثنية تسببت في طرد الأنبياء فعاقبها الله بأن جعلها أطلالاً وخرائب إلى يوم يُبعثون .
(وقال ـ لإبراهيم ـ أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها) .
سفر التكوين ١٥ : ٧ .
فالبابا يعلم جيداً أن الرب الله هو الذي أخرج إبراهيم من هذه الأرض ويعلم كذلك أن الأرض المقدسة عندهم هي فلسطين لأنها موضع حجهم وعباداتهم كما يزعمون .
أنها الوثنية الجديدة يا سادة ، إنها إحياء للوثنية كما أحيوا الوثنية الهلنسية في روما عبر اتخاذ البانثيون الوثني أكبر مكان للمسيحية في العالم ، إنه الفاتيكان الذي يقبع على رأس تلة البانثيون الوثني الروماني وتحت قبة إنترادوس والذي تحوّل إلى الكنيسة الكاثوليكية العظمى (سانتا ماريا ديلا روتوندا) ، والتي افرخت الديانة المسيحية الوثنية المعاصرة .
وكما يعلم الجميع فإن البانثيون تعني (مجمع الآلهة والديانات الوثنية) .
والبابا يُريد إحياء الإبراهيمية الجديدة بأمر قوى الظلام والشر ابتداءً من مدينة أور في دين التطبيع الجديد الإبراهيمية الجديدة .
هذا الدين الذي سوف يقف بوجه حركة التوحيد القادمة على يد مخلّص البشرية ومنقذها .
كلامي إلى البسطاء من الناس ، وليس إلى المسؤولين الذين يبحثون عن الشرف في زيارة البابا ، وفاقد الشيء لا يعطيه .
لا تكونوا طيبين زيادة فتتدخلوا في أمور لا تستطيعون الخروج منها .
أما اذا قال البعض بأن البابا سوف يلاقي السيستاني ، فأنتم لستم مثل السيستاني الذي يعرف أهداف هؤلاء من الزيارة وهو القادر على إبطال مؤامراتهم وإفشال مشاريعهم وهذا ما أدركتهُ الكنيسة الآشورية المسيحية لعموم المسيحيين في العراق أيام محنتهم مع داعش والبيشمرگة فطلبوا مساعدة السيد السيستاني ولم يطلبوا مساعدة البابا ، فقد توجه البطريارك مار لويس روفائيل الأول ساكو مباشرة إلى النجف ولم يلجأ إلى الفاتيكان لعلمهِ بحقيقة تلك المؤسسة الماسونية الظلامية المرعبة والتي تضم بين جدرانها بقايا (أبادون) وكرسي (الشيطان برغامس) .
ملاحظة :
الحج في المسيحية إلى أماكن عديدة ، فكل مذهب يحج إلى مكان معين ، منهم من يحج إلى قبر القديس بطرس في الفاتيكان ، ومنهم من يحج إلى جبل آثنوس ، ومنهم من يحج إلى روسيا ، ولم يثبت أن مسيحياً حجَّ إلى مدينة أور .
فكل ما نعرفهُ هو أن جماعة *فرقد* ذهبوا إلى أور وقاموا بالطواف هناك مؤدين الحج إلى بيت إبراهيم الذي لا يعرف أحدٌ أين مكانه .