رأى

اتصال بايدن مكافأة لجرائم المستوطنين؟!

استمع الي المقالة

بقلم: أحمد طه الغندور

 من الواضح بأن عدم اتصال الرئيس بايدن بـ “ناتنياهو” إلى الأن قد أصاب “سلطات الاحتلال” بالجنون لدرجة أن يقوم “سفيرهم” السابق في الأمم المتحدة “داني دانون” قام بنشر رقم هاتف “ناتنياهو” عبر “توتير” مناشداً الرئيس الأمريكي الاتصال به!

لكن لماذا يقبل الرئيس بايدن الخضوع للابتزاز، ويسارع للاتصال مع “ناتنياهو” وهو يعلم أنه يعارض الكثير من سياساته الخارجية، ويسعى إلى فرض سياسات “ترامب” غير القانونية على الإدارة الأمريكية الجديدة في الشأن الفلسطيني عبر تحريض “المستوطنين” على ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين، بالإضافة إلى محاولاته إشعال حرب جديدة في الخليج العربي!

فهل على “بايدن” أن يسارع إلى الاتصال به؟!

ففي جريمة جديدة ذات أبعاد أيدلوجية تنطلق “العنصرية الصهيونية” لتضرب من جديد في فلسطين، وفي ” الأغوار ” من الضفة الغربية تحديداً؛ صباح هذا اليوم لتقتل مواطناً فلسطينياً، وتصيب عدداً أخر منهم وُصفت جراح إثنين منهم بالخطيرة، حيث قام “مستوطن احتلالي” بدهسهم بسيارته التي كان يقودها بسرعة عالية حسب شهود الواقعة!

الفقيد، والمصابون كانوا ضمن فريق من الشباب المشاركين في المسار البيئي، في مسعى منهم للدفاع عن منطقة ” الأغوار ” الفلسطينية المهددة بالمصادرة وفقاً لـ “خطة ترامب” و “تعليمات ناتنياهو” التي أطلقت سلسلة “جرائم المستوطنين” الأخيرة في المنطقة!

فما يحدث في ” الأغوار الفلسطينية ” من الواضح أنه تنفيذ لخطة استراتيجية “صهيونية”؛ تلاقت فيها سياسات “الحكومة اليمينية الإسرائيلية” بقيادة “ناتنياهو” مع “مستوطنيها المتطرفين” القائمة على تسريع وتيرة “الاستيطان”، والعمل على طرد وترهيب أهل الأرض الأصليين من الفلسطينيين!

وفي ذات الوقت، بات الحديث الأن بصوت عالٍ في الضفة الغربية وبين كافة الفرقاء ” عرباً أو “يهوداً” عن جرائم مجموعة من “المستوطنين الصهاينة” تُعرف باسم “شبيبة التلال”؛ فالفريق الأول يُحذر السكان الفلسطينيين منها، بينما “الفريق الثاني” هو الذي أنشأها ويغذي سطوتها اعتقاداً منه أن وجود هذه “القوة المتطرفة” هو الملاذ الآمن لـ “الكيان الصهيوني”، مستمراً في عقيدته منذ النشأة الأولى حول دور “العصابات الصهيونية” مثل؛ “البالماخ” و “الهجاناه”، و “الأرجون” و “شتيرن” التي ارتكبت المجازر ضد السكان الفلسطينيين، وعملت على تهجيرهم من مدنهم، وبلداتهم، وقراهم الأصلية!

هذه المجموعة التي يرى البعض ـ وهم محقون في ذلك ـ أنها ليست استثناء في الحالة الإسرائيلية بل هم يُشكلون القاعدة السائدة، لما لا وهم لهم قيادات معروفة، ويحظون بالدعم السياسي، والمادي، واللوجستي، وحتى القضائي للتهرب من التحقيق الجنائي أو الاستخباري إذا ما لزم الأمر، كما كشف التحقيق في جريمة قتل ” عائشة الرابي “!

كيف لا وهم يعملون على تحقيق “إرادة الله” في تخليص الأرض من الفلسطينيين من خلال أنشطتهم التي تُعرف باسم “تدفيع الثمن”، كما كشفته جريمة حرق وقتل ” عائلة دوابشة “، أو جريمة تعذيب وقتل الطفل الفلسطيني ” محمد أبو خضير ” حيًّا حتى الموت، بعدما اختطفوه من بلدة بيت حنينا في القدس!

فلما لا تستغلهم “حكومة ناتنياهو” في حرق المساجد، وأشجار الزيتون والممتلكات الفلسطينية، أو حتى الكنائس، فهم يُشكلون الورقة الرابحة لهذه الحكومة للاستمرار في الحكم!

وبالتالي أمسى حديث الخارجية الأميركية؛ مساء الخميس الماضي، حول ملامح السياسة الأمريكية في الشأن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، “أن وضع مدينة القدس يخضع لمفاوضات الحل النهائي، وأنه من الضروري تجنب الإجراءات الأحادية التي تغذي التوتر وتقوض الجهود المبذولة لدفع حل الدولتين، بما في ذلك الضم والبناء الاستيطاني والهدم”، وأن المساعدات للفلسطينيين مطروحة على بساط البحث، كذلك قضية استعادة العلاقات الدبلوماسية بمستوياتها السابقة مع فلسطين.

 كل ذلك يُطلق شرارة الجنون في عقل “ناتنياهو” ـ الذي يحاول النجاة من المحاكمة ـ، و “حكومته المتطرفة”، و “عصابات المستوطنين”، وهم يعلمون حق اليقين بأنه مهما بلغت درجة العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية، فلا حظوة خاصة لهم لدى “بايدن” تُمكنهم من “تدفيعه الثمن”، فهو ليس “ترامب” ليمضي في مخالفة القانون الدولي، أو يمضي في فرض عقوبات غير قانونية على قضاة المحكمة الجنائية الدولية، ومدعيها العام “فاتو بنسودا” التي ستغادر منصبها بعد انتهاء ولايتها في منتصف يونيو/حزيران المقبل.

فها هو الاقتراع السري ينطلق لاختيار المدعي العام الجديد بعد أن فشلت الدول الأعضاء في المحكمة في التوافق حوله، ولا ندري هل سيحظى القادم الجديد ـ القاضي الإسباني كارلوس كاستريسانا، أو الأيرلندي فيرغال غاينور، أو المدّعي الإيطالي فرانشيسكو لو فوي، أو الأوفر حظاً المحامي البريطاني كريم خان ـ بمباركة “الكيان الصهيوني” والولايات المتحدة رغم كونهما ليستا عضوتين في المحكمة؟!

في الختام، على “حكومة الاحتلال” أن تُدرك أنه مع غياب شمس العشرين من يناير المنصرم، وخروج “ترامب وفريقه” ـ سيء السمعة ـ من البيت الأبيض بأن السياسة الأمريكية للإدارة الجديدة تناقض ما قبلها، وتختلف عن سابقاتها، وأن “بايدن” ليس نسخة مكررة عن سابقيه في البيت الأبيض!

فإن هاتف “ناتنياهو” أو تحدث إليه، أو فضّل ألا يفعل ذلك؛ فالرسالة وصلت كاملة!

واللبيب بالإشارة يفهمُ!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى