وعاد اردوغان من جديد يخطب ود الاتحاد الاوروبي
عبدالله مصطفى
صحفي مقيم في بروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي
المحادثات التي اجراها وزير خارجية تركيا مولود جاويش اوغلو نهاية الاسبوع الماضي ، لم تسفر عن جديد يذكر على ارض الواقع بين كل من الاتحاد الاوروبي وتركيا، واثبتت التصريحات التي صدرت عقب انتهاء زيارة اوغلو الى بروكسل ، عدم التوصل الى نتائج ملموسة … والسؤال هنا لماذا حضر اوغلو الى بروكسل ؟
والاجابة هي رغبة نقره في تحسين العلاقات التي عرفت توترا ملحوظا خلال الفترة الماضية وخاصة العام الماضي على خلفية التوترات في شرق المتوسط وتهديد انقره لمصالح قبرص واليونان .
ولكن المتابع للشأن التركي وتصرفات انقره يعلم جيدا ان الرئيس رجب طيب اردوغان يطلق تصريحات نارية ثم مايلبث ان يتراجع في المواقف ، ويعمد دائما على ان يظهر في البداية كانه اسد مفترس ثم يعود بعد وقت قصيرة ويظهر في صوره مغايرة
وهناك العديد من الامثلة ومنها موقفه من عدم مصافحة الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز على هامش منتدى دولي بسبب ماحدث اثناء توجه سفينة تركية الى سواحل فلسطين تحمل مساعدات انسانية ، ومقتل عدد من الناشطين الاتراك على متن السفينة ، بعد اطلاق النار عليهم من جانب الجيش الاسرائيلي، وبعد ان رفض اردوغان مصافحة بيريز ليظهر للجميع انه صاحب موقف شجاع وقوي ومدافع عن القضية الفلسطينية ، يتراجع عن موقفه وذلك بعد ان حصل على تعويضات بالملايين عن ضحايا الحادث من اسرائيل
و وايضا موقفه من مقتل السعودي عدنان خاشقجي على تراب نركيا ، والتزام اردوغان الصمت احيانا والتلويح بالاعلان عن التفاصيل احيانا اخرى دون ان يكون له موقف واضح ومحدد. ودون اسباب منطقية .
وغير ذلك من تصريحاته النارية ضد الاتحاد الاوروبي، وتهديده من حين الى اخر بفتح الطريق امام اللاجئين من سوريا والعراق للوصول الى سواحل اوروبا ، بعد ان حصل على ستة مليار يورو من اوروبا ، وهو يعتقد انه ضحك على الاوروبيين ولكن الامر مغاير لهذا تماما فقد خسر الاتراك اكثر من ذلك نتيجة لتراجع التعاون الاوروبي التركي في مجالات عدة وتجميد مفاوضات حصول انقره على عضوية الاتحاد والغاء هدية اوروبية كانت تتمثل في تحرير التأشيرات للاتراك لدخول الاتحاد الاوروبي ، وبدأت النتائج السلبية تظهر على الاقتصاد التركي ، والان يعود اردوغان ويخطب ود الاوروبيين ويظهر استعداده للحوار وحل القضايا العالقة مع اليونان
ويبدو ان قادة دول الاتحاد الاوروبي قد سئموا من هذا التقلب في المواقف وارسلوا اكثر من رسالة تحذير الى انقره وايضا فرضوا عقوبات على شركات تركية ويستعدون لفرض عقوبات قاسية نجحت المانيا طوال العام الماضي في تأجيلها رغم الدعم الفرنسي للعقوبات
و” لحظ الأوروبيون عزم الرئيس التركي تهدئة العلاقات التي أصبحت مضطربة مع الاتحاد الأوروبي، إلا أنهم حذرون من “إعلان النوايا” هذا ويريدون “أفعالا ملموسة”، حسبما قال بيتر ستانو الناطق باسم بوريل .
وقال جان أسيلبرون وزير خارجية لوكسمبورغ “نأمل أن تتحول أقوال الرئيس التركي سريعا إلى أفعال ملموسة ودائمة تثبت إرادته الحسنة الفعلية حيال الاتحاد الأوروبي”. لكنه حذر من “أن أحدا لن يغض الطرف. فالاتحاد الأوروبي لا يزال عازما على الدفاع عن مصالحه ومصالح الدول الأعضاء فيه، فضلا عن المحافظة على الاستقرار الإقليمي”. ويمكن القول ان هذا الكلام كان ابرز ما تضمنته الرسالة التي حملها اوغلو بعد عودته الى اردوغان.
وقرر قادة الدول الأوروبية الشهر الماضي فرض عقوبات على تركيا لاستمرارها في عمليات التنقيب عن الغاز في المنطقة المتنازع عليها مع قبرص، وما زال إعداد قائمة الجهات التي ستتعرض للعقوبات قيد الإعداد، ومن المقرر إعلانها الاثنين المقبل.كما قرر الاتحاد الأوروبي منح أنقرة مهلة شهرين لإثبات حسن نواياها، وسيعرض بوريل تقريرا حول العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين الاتحاد وتركيا على القادة الأوروبيين خلال قمة تعقد في مارس/آذار المقبل.و
على هامش محادثاته في بروكسل لم يحصل وزير الخارجية التركي على اي رد فعل ايجابي ملموس من التكتل الاوروبي الموحد رغم انه حضر يحمل دعوة لقادة مؤسسات الاتحاد الاوروبي لزيارة انقره وفق ماصدر من تصريحات على هامش الزيارة ولم يجد اوغلو مايقوله سوى الاشارة الى اهمية استمرار الحوار لحل الخلافات .
والتقى اوغلو في بروكسل جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية الاوروبية ورئيس الاتحاد شارل ميشال وايضا رئيسة المفوضية الاوروبية اورسولا فون ديرلاين وفي معرض تعليقها على اللقاء، قالت دير لاين في تغريدة: “تبادلنا وجهات النظر حول الخطوات التالية في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا”.وتابعت: “الحوار ضروري، لكننا نتوقع أيضًا تصرفات ذات مصداقية على الأرض”.
وفي تغريدة له حول اللقاء مع بوريل، قال تشاووش أوغلو: “نريد فتح صفحة جديدة مع الاتحاد الأوروبي”.وأضاف: “من الضروري تجديد مذكرة تفاهم 18 مارس 2016 (المبرمة بين تركيا والاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة غير النظامية)”.وأردف قائلا: “يجب أن نعمل (تركيا والاتحاد الأوروبي) معًا من أجل أجندة إيجابية”
ويأمل الأوروبيون من أنقرة أن تتقدم بشكل جدي على طريق الحوار لحل المشاكل العالقة مع اليونان، الانخراط بشكل جدي في الجهود الرامية لاستئناف المحادثات الخاصة بحل مشكلة جزيرة قبرص تحت راية الأمم المتحدة، والعمل على خفض التصعيد في شرق المتوسط والمنطقة بأسرها.كما يطالب الأوروبيون، حسب بوريل، تركيا بإظهار الالتزام بعملية سياسية لحل الصراعات في ليبيا، سورية وناغورنو كاراباخ. وبالإضافة لمشاكل السياسة الإقليمية والدولية، يرغب الأوروبيون بإثارة موضوعات الوضع الداخلي في تركيا ووضع هذا البلد كمرشح للانضمام للاتحاد.
ويسعى مسؤولو المؤسسات الأوروبية إلى العمل من أجل وضع صورة متكاملة لعلاقاتهم مع تركيا تُناقش مع زعماء الدول الأعضاء خلال قمة آذار/مارس القادم ليتم على أثرها اتخاذ قرار حول مستقبل التعامل مع انقرة.وعلى خط مواز، يعمل خبراء ودبلوماسيو المؤسسات على التحضير لعقوبات ضد تركيا ستفرض في حال اجماع الدول الـ 27 الأعضاء عليها.